الاثنين، 10 أبريل 2023

تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء عليهم الصلاة والسلام المؤلف: حمزة بن الحسن الأصفهاني (المتوفى: 360 هـ)

تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء عليهم الصلاة والسلام

المؤلف: حمزة بن الحسن الأصفهاني (المتوفى: 360 هـ

عدد الأجزاء: 1

الناشر: دار مكتبة الحياة - بيروت

تاريخ الطبع: 1961م

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أعده للشاملة: محمود الجيزي - عفا الله عنه 

[مقدمة المؤلف]

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه ربّ العالمين والعاقبة للمتّقين، والصّلاة على نبيه وحبيبه محمّد وآله أجمعين.

قال حمزة ابن الحسن الاصبهاني رحمه اللّه: هذا كتاب تواريخ سني ملوك الأرض والأنبياء أولي الأمر عليهم السّلام؛ وبوّبته عشرة أبواب:

الباب الأوّل: في سياقة تواريخ سني ملوك الفرس. 9

الباب الثّاني: في سياقة تواريخ سني ملوك الروم. 52

الباب الثّالث: في سياقة تواريخ سني ملوك اليونانيّين. 64

الباب الرّابع: في سياقة تواريخ سني ملوك القبط. 66

الباب الخامس: في سياقة تواريخ سني الإسرائيليين. 67

الباب السّادس: في سياقة تواريخ لحم ملوك عرب العراق. 74

الباب السّابع: في سياقة تواريخ غسّان ملوك عرب الشام. 89

الباب الثّامن: في سياقة تواريخ حمير ملوك عرب اليمن. 97

الباب التاسع: في سياقة تواريخ ملوك كندة. 111

الباب العاشر: في سياقة تواريخ قريش ملوك عرب الإسلام. 113

وأقدّم على سياقة هذه التواريخ مقدمة يستدل منها على تنقل أحوال التواريخ، ليتعرف بها ما قد عراها من الفساد وعرض فيها من الشبه، وأذكر فيها خطط الأمم الكبار من وجه الأرض ومحال الأمم الصّغار فيما بينهم، ليبين منها اقتدار بعضهم على بعض، وانتساخ دول بعضهم عند انتهاء زمانها بإقبال دول قوم آخرين، حتى صارت هذه الحوادث سببا لفساد التواريخ. ثم أذكر على اقتصاص ما في الأبواب التي قدّمت ذكرها وأقفل الأبواب العشرة بباب يحوي فنونا من أسباب التّواريخ، لم يصلح أن يتلبس بما في الأبواب المتقدّمة ان شاء اللّه عزّ وجلّ.

واعلم أن المسكون من ربع الأرض على تفاوت أقطاره مقسوم بين سبع أمم كبار وهم: الصين والهند والسودان والبربر والروم والترك والأريان. فالأريان من بينهم، وهم الفرس، في وسط هذه الممالك، وقد أحاطت بهم هذه الأمم الستّ لأن جنوب مشرق الأرض في يد الصين، وشماله في يد الترك، ووسط جنوب الأرض في يد الهند، وبحذائهم الروم في وسط شمال الأرض، والسودان في جنوب مغرب الأرض، وبإزائهم البربر في شمال مغرب الأرض. فهذه الممالك الستّ موقعها كلها في أطراف عمران الأرض حوالي مملكة الأريان في الوسط بينهم. ولهذه الأمم السّبع تواريخ لسني ملك ملوكهم بينها في تنسيق السنين وبين عمر ما مضى من أيام الدنيا وما يذكر من ابتداء التناسل تفاوت كثير، تروي كل أمة منهم حكاية من يليها باطلة كحلم النائم.

وأنا أقتصّ من أقاويل هذه الفرق جملا تغني عن التفصيل، ثم أتبع ذلك بالأبواب المجردة للتاريخ، فأحكيها تقليدا لرواتها فأقول: إن الناس على وجه الدهر إنما عرفوا الشهور في عنفوان الزمان، من

(1/6)

كثرة ما رفعوا رؤوسهم للأهلة، وعرفوا السنين من اختلاف فصول الزمان الاربعة عليهم، بتنقل الشمس في أرباع الفلك ودوّرّانها عليهم مرّة بعد مرّة. ثم لتطاول الأيام وتكاثرها وصعوبة الأمر عليهم في ضبطها قيّدوا السنين بالتواريخ، وجميع من على وجه الأرض من الأمم أخذوا تواريخ من مسير النّيّرين، يعني الشمس والقمر فالآخذون بسير الشمس خمس أمم، والآخذون بسير القمر خمس أمم. فأما الآخذون بسير الشمس فهم: اليونانيون والسريانيون والقبط والروم والفرس، وأما الآخذون بسير القمر فهم: الهند والعرب واليهود والنصارى والمسلمون.

وهؤلاء الأمم كلهم كانوا في قديم الدهر- قبل ظهور الشرائع الدينية- صنفا واحدا، مسميّن باسمين: سمينيّين وكلدانيين.- فالسمينيون كانوا سكّان جانب المشرق، وبقاياهم السّاعة بأطراف الهند وأرض الصّين، وأهل خراسان يسمونهم الساعة شمنان، ويسمى الواحد منهم شمن. والكلدانيّون كانوا سكان جانب المغرب،- وبقاياهم الساعة بمدينتي حران والرها، وقد أسقطوا عن أنفسهم هذا الاسم منذ أيام المأمون، وتسموا بالصابئين لأمر يطول شرحه، ولهم ذكر في التوراة واسمهم بالسريانية كلداي، واسم الواحد منهم كلدايا وهؤلاء الأمم العشر سنوهم كلهم ناقصة عن سني مسير الشمس الذي به يكون الليل والنهار. فسنوهم كلهم بنقصانها عن مسير الشمس لدور من أدوارها محتاجة الى الكبيسة، لكي تعدل فصول الزمان الاربعة. فيكون مبدأ كل فصل لكل زمان بالغا ما بلغ في يوم بعينه من أيام الدهر، يكون المرجع إليه في متأنف السنين.

والكبيسة في زماننا هذا مستعملة في سني الاسكندرانيين من اليونانيين، وفي سني عرب الاسلام المسماة المعتضدية، وفي سني

(1/7)

الإسرائيليين فحسب. وقد كانت للفرس كبيسة دامت لهم من أول الدهر إلى أن تصرّم أيام ملكهم بالعرب، كما كان لعرب الجاهلية كبيسة تسمى النسى، فنسخه الإسلام، فغبرت سنو الفرس غير مكبسة مايتين واحدى وثمانين سنة إلى أن وضع المعتضد في اثنتين وثمانين ومايتين كبيسة، فاعتدلت بها، وعلى سني المعتضد معوّل أهل العراق. والذي يلجي ء الأمم إلى استعمال الكبيسة في سنيها هو أن كون الأيام والليالي إنما هو بحركة الشمس في وقت طلوعها في يوم من أيام الدهر إلى وقت طلوعها في اليوم التالي له. والشمس إذا رجعت من أماكن الفلك سائرة من المغرب إلى المشرق، فانها تعود إلى ذلك المكان في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم. فيصير هذا الرّبع في كل أربع سنين يوما واحدا، يجب أن يزاد على عدد أيام السنين الأربع. فهذا الربع هو الذي يضطر الأمم إلى أن يكبسوا سنيهم.

وأما لفظ التاريخ فمحدث في لغة العرب لأنه معرّب من ماه روز. وبذلك جاءت الرواية، فروى فرات بن سلمان عن ميمون بن مهران أنه رفع إلى عمر بن الخطاب صك محله في شعبان فقال: أيّ شعبان؟ هذا هو الذي نحن فيه أم الذي هو آت؟ ثم جمع وجوه الصحابة وقال: إن الأموال قد كثرت وما قسمنا منها غير موقت، فكيف التوصل إلى ما نضبط به ذلك؟ فقالوا: يجب أن يتعرف ذلك من رسوم الفرس. فبعد ذلك استحضر الهرمزان وسأله عن ذلك فقال: إن لنا حسابا نسميه ماه روز، ومعناه حساب الشهور والأيام. فعربوا الكلمة فقالوا: مؤرخ. ثم جعلوا مصدره التاريخ واستعملوه. ثم طلبوا وقتا يجعلونه أصلا لتاريخ دولة الإسلام فاختلفوا، ثم اجتمعوا على أن يكون مبدأ سنيهم من سنة الهجرة، فهذا منتهى صدر الكتاب ومبتدأ سياقة الأبواب.

(1/8)

الباب الأول في سياقة تواريخ سني ملوك الفرس على طبقاتهم الأربع، وما حدث في أزمنة ملكهم من ظهور الأنبياء عليهم بجانب المغرب وهو خمسة فصول.

الفصل الاول من الباب الأول في ذكر طبقات ملوك الفرس الأربع ذكرا مرسلا مجردا من الأخبار والسير والأوصاف.

وملوك الفرس على تطاول أيام ملكهم مع اجتماع كلمتهم، كان يلزم طبقاتهم الأربع أربعة أسماء: الفيشدادية والكيانية والاشغانية والساسانية، وتواريخهم كلها مدخولة غير صحيحة، لأنها نقلت بعد ماية وخمسين سنة من لسان إلى لسان، ومن خط متشابه رقوم الإعداد إلى خط متشابه رقوم العقود، فلم يكن لي في حكاية ما يقتضي هذا الباب ملجأ الا إلى جمع النسخ المختلفة النقل، فاتفق

(1/9)

لي ثماني نسخ وهي: كتاب سير ملوك الفرس من نقل ابن المقفع، وكتاب سير ملوك الفرس من نقل محمد بن الجهم البرمكي، وكتاب تاريخ ملوك الفرس المستخرج من خزانة المأمون، وكتاب سير ملوك الفرس من نقل زادويه بن شاهويه الأصبهاني، وكتاب سير ملوك الفرس من نقل أو جمع محمد بن بهرام بن مطيار الأصبهاني وكتاب تاريخ ملوك بني ساسان من نقل أو جمع هشام بن قاسم الأصبهاني، وكتاب تاريخ ملوك بني ساسان من اصلاح بهرام بن مروان شاه مؤبد كورة سابور من بلاد فارس. فلما اجتمعت هذه النسخ ضربت بعضها ببعض حتى استوفيت منها حق هذا الباب.

وقال أبو معشر المنجم: التواريخ أكثرها مدخول فاسد، والفساد إنما يعتريها من أجل أن يأتي على سني أمة من الأمم من الأزمنة وتطول أيامه، فإذا نقلوه من كتاب إلى كتاب أو من لسان إلى لسان، وقع فيه الغلط بالزيادة فيه أو النقصان منه، كالغلط الذي وقع لأهل ملة اليهود في السنين التي بين آدم ونوح وبين غيرهما، ممن اقتصوه في التاريخ من الأنبياء والأمم، فانهم مختلفون فيها. وكثير من أهل- نواحي الأرض يخالفونهم في ذلك أيضا، وكذلك سنو ملوك الفرس وتاريخهم مع اتصال أيام ملكهم من أول الدهر إلى أن زال ملكهم، قد بان فيها تخليط كثير وفساد. بين ذلك، أنهم يزعمون أن الأرض مكثت سنين كثيرة مرّة بعد مرّة، وليس لها ملك منهم ولا من غيرهم.

فأما المرّة الأولى فزعموا أن الأرض مكثت بعد وفاة كيومرث، والد البشر، مائة ونيفا وسبعين سنة، وليس لها ملك حتى ملكها هوشنك فيشداد. وأما المرّة الثانية فبعد ما رجع افراسياب التركي إلى أرض الترك في مرّنه الأخرى، وكان قد ملك الأرض اثنتي عشرة سنة، بقي فيها أرض الأريان بلا ملك عدة سنين لا يدري كم هي.

(1/10)

وأما المرّة الثالثة فإنه لما توفي زاب اضطربت الدنيا سنين كثيرة مجهولة العدد، ولا ملك لها إلى أن ملكها كيقباد.

ويذكرون أيضا ان الملك قد خرج عنهم من أول الدهر إلى أن انتقل إلى العرب مرات، ملكهم فيها قوم ليسوا منهم فإختلف عليهم من أجل ذلك سنو تواريخ ملوكهم المتقدمين، من تلك المرة الأولى في زمان فيوراسب، والمرّة الثانية في زمان افراسياب، والمرّة الثالثة في زمان الأسكندر، والمرّة الرابعة في تنقل الملك إلى العرب.

قال أبو معشر: وهم مختلفون أيضا في أعمار ملوكهم، فزعم بعضهم أن كيقباد ملك الأرض مائة وعشرين سنة، وبعضهم زعم أنه ملكها بضع عشرة سنة فقط.

قال أبو معشر: وكذلك سنو اليونانيين فيها من الاختلاف مثل ما في سني الفرس، وذلك أن سنيهم وتواريخها القديمة نقلت من العبرانية وان العبراني مختلف فيه لأن الذي منه في أيدي السامرة مخالف لما في أيدي عامة اليهود، والمنقول إلى اليوناني مختلف فيه أيضا لأن نقل السبعين يخالف نقل غيرهم.

قال: والاختلاف في عدد السنين من إبتداء التناسل إلى سنة الهجرة قائم. فاليهود تسوق ذلك حكاية عن التوراة إلى أربعة آلاف واثنتين وأربعين سنة وثلاثة أشهر. والنصارى تسوق ذلك حكاية عن التوراة أيضا إلى خمسة آلاف وتسعماية وتسعين سنة وثلاثة أشهر. والفرس تسوق ذلك عن الكتاب الذي جاء به زردشت المسمى ابستا، وهو كتاب دينهم، إن من عهد كيومرث والد البشر إلى سنة ملك يزدجرد أربعة آلاف وماية واثنتين وثمانين سنة وعشرة أشهر وتسعة عشر يوما.

قال: وأهل النجوم يأتون بما يغمر هذا كله، ويزعمون أنه قد

(1/11)

مضى من عمر الدنيا، منذ أول يوم سارت فيه الكواكب من رأس الحمل إلى اليوم الذي خرج فيه المتوكل إلى دمشق، أربعة آلاف الف الف ثلاث مرات، وثلاثمائة الف الف وعشرون الف الف لسني الشمس. وإن الذي مضى من الطوفان إلى صبيحة ملك يزدجرد بن شهريار يوم الثلاثاء ماه فروردين روز هزمر من طلوع شمسها إلى طلوع الشمس، من أول يوم من المحرم سنة أربع وأربعين ومايتين، هو أول يوم خروج المتوكل إلى دمشق، وكان ذلك ماه فروردين روز هرمز أيضا ثلاثة آلاف وسبعماية وخمس وثلاثين سنة وعشرة أشهر وإثنتين وعشرين يوما.

فهذه مدة عمر الدنيا، ومن ها هنا سياقة تواريخ سني ملوك الفرس وإبتداؤها بسم اللّه. فالفرس كلها بأسرها تزعم ان إبتداء التناسل كان من رجل يقال له كيومرث ملك الطين أي كلشاه، وبقي على الأرض أربعين سنة.

الطبقة الاولى الفيشدادية وعددهم تسعة، ومدة زمان ملكهم مع سني كل شاه ألفان وأربعماية وسبعون سنة

فملك الدنيا او شهنج فيشداد، وهو أول الملوك، أربعين سنة. ثم ملك طهمورث بن ويونجهان ثلاثين سنة. ثم ملك أخوه جم بن ويونجهان سبعماية وست عشرة سنة. ثم ملك بيوراسب بن اروند اسب الف سنة. ثم ملك افريدون بن اثفيان خمس ماية سنة. ثم ملك منوجهر بعده ماية وعشرين سنة. ثم ملك افراسياب التركي اثنتي عشرة سنة.

(1/12)

ثم ملك زاب بن سوماسب ثلاث سنين. ثم ملك كرشاسف مع زاب تسع سنين، وهو «1» اعلم بالصواب.

الطبقة الثانية الكيانية وعددهم عشرة، ومدة زمان ملكهم سبعماية وثمان وسبعون سنة

ثم ملك كيقباد ماية وستا وعشرين سنة. ثم ملك كيكاوس ماية وخمسين سنة. ثم ملك كيخسرو ثمانين سنة. ثم ملك كيلهراسب ماية وعشرين سنة. ثم ملك كي كشتاسب ماية وعشرين سنة. ثم ملك كي بهمن ماية واثنتي عشرة سنة. ثم ملكت هماي جهر ازاد ثلاثين سنة.

ثم ملك اخوها دارا بن بهمن اثنتي عشرة سنة. ثم ملك ابنه دارا بن دارا أربع عشرة سنة. ثم ملك الاسكندر أربع عشرة سنة.

الطبقة الثالثة الاشغانية وعددهم أحد عشر، ومدة زمان ملكهم ثلثماية وأربع وأربعون سنة

ثم ملك أشك بن أشك اثنتين وخمسين سنة. ثم ملك ابنه شابور ابن أشك اربعا وعشرين سنة. ثم ملك ابنه كودرز بن شابور خمسين سنة. ثم ملك ابن اخيه ونحن بن بلاش بن شابور احدى وعشرين سنة. ثم ملك ابنه كودرز الاصغر بن ونحن تسع عشرة سنة. ثم ملك أخوه نرسي بن ونحن ثلاثين سنة. ثم ملك عمه هرمزان بن بلاش بن شابور سبع عشرة سنة. ثم ملك ابنه فيروزان بن هرمزان

______________________________

(1) اللّه

(1/13)

اثنتي عشرة سنة. ثم ملك ابنه خسرو بن فيروزان أربعين سنة. ثم ملك أخوه بلاش بن فيروزان أربعا وعشرين سنة. ثم ملك ابنه اردوان بن بلاش بن فيروزان خمسا وخمسين سنة.

الطبقة الرابعة الساسانية وعددهم ثمانية وعشرون، ومدة زمان ملكهم أربع ماية وتسع وعشرون سنة وثلاثة أشهر وثمانية عشر يوما

ثم ملك اردشير بن بابك أربع عشرة سنة وسنة أشهر. ثم ملك شابور بن اردشير ثلاثين سنة وشهرا الا يومين. ثم ملك هرمز بن شابور سنة وعشرة أيام. ثم ملك بهرام بن هرمز ثلاث سنين وثلاثة أشهر وثلاثة أيام. ثم ملك بهرام بن بهرام سبع عشرة سنة. ثم ملك بهرام بن بهرام بن بهرام أربعة أشهر. ثم ملك أخوه نرسي بن بهرام تسع سنين. ثم ملك هرمز بن نرسي سبع سنين وخمسة أشهر. ثم ملك شابور بن هرمز اثنتين وسبعين سنة. ثم ملك أخوه اردشير بن هرمز أربع سنين. ثم ملك شابور بن شابور خمس سنين وأربعة أشهر. ثم ملك بهرام بن شابور احدى عشرة سنة. ثم ملك يزدجرد الأثيم بن بهرام احدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وستة عشر يوما. ثم ملك بهرام جور بن يزدجرد ثلاثا وعشرين سنة. ثم ملك يزدجرد بن بهرام كور ثمان عشرة سنة وأربعة أشهر وثمانية عشر يوما. ثم ملك فيروز ابن يزدجرد سبعا وعشرين سنة ويوما. ثم ملك بلاش بن فيروز أربع سنين. ثم ملك قباد بن فيروز ثلاثا وأربعين سنة. ثم ملك كسرى انوشروان بن قباد سبعا واربعين سنة وسبعة أشهر. ثم ملك هرمز بن كسرى احدى عشرة سنة وسبعة أشهر وعشرة أيام. ثم ملك كسرى

(1/14)

برويز بن هرمز ثمانيا وثلاثين سنة. ثم ملك شيرويه بن كسرى ثمانية أشهر. ثم ملك اردشير بن شيرويه سنة وستة أشهر. ثم ملكت بوران دخت (بنت) كسرى سنة وأربعة أشهر. ثم ملك حشنشبنده، ولم يكن من أهل بيت الملك، شهرين. ثم ملكت ارز ميدخت بنت برويز سنة وأربعة أشهر. ثم ملك خرزاد خسرو شهرا واحدا. ثم ملك يزدجرد بن شهريار برويز عشرين سنة. فجميع ما ملك ملوك الفرس أربعة آلاف واحدى وسبعون سنة وعشرة أشهر وتسعة عشر يوما، ملك فيها ستون ملكا.

(1/15)

الفصل الثاني من الباب الأول في إعادة ذكر بعض ما مضى في الفصل الأول من التاريخ مع شرح له،

أتى به موسى بن عيسى الكسرويّ في كتابه. (قال: إني نظرت في الكتاب المسمى خداى نامه، وهو الكتاب الذي لما نقل من الفارسيّة إلى العربية سمي كتاب تاريخ ملوك الفرس، فكررت النظر في نسخ هذا الكتاب وبحثتها بحث استقصاء فوجدتها مختلفة، حتى لم اظفر منها بنسختين متفقتين، وذلك كان لأشتباه الأمر على الناقلين لهذا الكتاب من لسان إلى لسان. فاجتمعت مع الحسن بن علي الهمدانيّ الرقام بالمراغة عند رئيسها العلاء بن احمد، وكان أعلم من لقيته بهذا الشأن، وقابلنا سني مملكة الطبقة الثالثة والطبقة الرابعة من ملوك الفرس الذين ملكوا بعد الاسكندر، وهم الاشغانية والساسانية، بتاريخ الاسكندر الذي هو مضبوط بحساب المنجمين في الزيجات. فطلبنا ما بين إبتداء سني الاسكندر إلى إبتداء سني الهجرة لنجعله أصلا، فوجدنا ذلك مثبتا في زيج الرصد على ما أنا حاكيه في هذا الموضع. وزعم المنجمون إن الذي بين سني الاسكندر وبين سني الهجرة، وذلك من نصف نهار يوم الأثنين أول يوم من تشرين الأول إلى نصف نهار يوم الخميس من المحرم ثلثماية ألف واربعون ألفا وتسعماية يوم ويوم واحد. فيكون هذه الأيام سنين قمرية تسعماية وإحدى وستين سنة،

(1/16)

وماية وأربعة وخمسين يوما. ويكون سنين كلدانية، على ان السنة ثلاثماية وخمسة وستين يوما وربع يوم، تسعماية وإثنتين وثلاثين سنة ومايتين وتسعة وثمانين يوما، تبلغ هذه الأيام تسعة أشهر وتسعة عشر يوما. فزدنا عليها لما بين ابتداء الهجرة إلى انقضاء دول الفرس، هلك ملكهم يزدجرد أربعين سنة. فبلغت مدة ذلك تسعماية وإثنتين وسبعين سنة، ومايتين وتسعة وثمانين يوما. فحططنا عن ذلك لمدة ملك الأشغانيين مايتين وستا وستين سنة. فحصل لمدة ملك الساسانية من مبدأ ملك اردشير إلى وقت هلك يزدجرد سبعماية وست وثمانين سنة، ومايتان وتسعة وثمانين يوما.

فلما صح لنا من سني ملك بني ساسان الجملة عدلنا منها إلى التفصيل فاعتبرنا عدد ملوكهم ثم اسماءهم ثم مدة سني كل ملك منهم، فأضفنا ثلاثة أسماء لم يذكرها الناقلون. وإنما أتوا في ذلك من أجل تشابه الفاظ الأسماء مثل يزدجرد ويزدجرد وبهرام وبهرام. وذلك أن يزدجرد الأثيم والد بهرام جور وهو يزدجرد بن يزدجرد بن بهرام بن شابور، فيزدجرد الذي اغفلوه وأسقطوا اسمه كان أجلّ من إبنه يزدجرد الأثيم، وهو صاحب شروين الدستني لا الأثيم. وكان ذا سياسة مرضية ورحمة وعطف بخلاف إبنه. وبلغ من وفائه أن ملكا من ملوك الروم كان في زمانه حضرته الوفاة، وله ابن صغير، فأوصى إلى يزدجرد هذا أن ينفذ من رجال مملكته خليفة له إلى بلاد الروم من يضبط على إبنه عمله إلى أن يبلغ مبلغ الرجال. فأنفذ إليها شروين برنيان رئيس كورة دستنى، وملّكه على بلاد الروم فضبطها عشرين سنة. ثم ادّى الأمانة في رده مملكة الروم على إبنه واسترداده شروين منها، بعد ان اختط مدينة بها وسماها باشروان، وهي التي لما عرب اسمها قيل لها باجروان. وقد أسقط الناقلون أيضا من اسمين متفقي سني ملوك الارض- 2

(1/17)

اللفظ اسما واحدا وهو بهرام بن بهرام بن بهرام وأسقطوا أيضا بهراما آخر، وهو بهرام بن يزدجرد بن بهرام جور، والد فيروز. وأنا أسوق سني ملوك بني ساسان على النسق ليظهر منه عوار ما في النسخ، إن شاء اللّه عزّ وتقدس!

(1/18)

بسم اللّه المهيمن المتعال!

[ملك اردشير بن بابك تسع عشرة ... ]

ملك اردشير بن بابك تسع عشرة سنة وستة أشهر. ثم ملك إبنه شابور الجنود إثنتين وثلاثين سنة وأربعة أشهر. ثم ملك إبنه هرمز ابن شابور سنة واحدة وعشرة أشهر. ثم ملك إبنه بهرام بن هرمز تسع سنين وثلاثة أشهر. ثم ملك بهرام بن بهرام ثلاثا وعشرين سنة، ويقال: ملك سبع عشرة سنة. ثم ملك بهرام بن بهرام بن بهرام ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر. ثم ملك أخوه نرسي بن بهرام بن بهرام تسع سنين. ثم ملك هرمز بن نرسي ثلاث عشرة سنة. ثم ملك شابور ذو الأكتاف ابن هرمز إثنتين وسبعين سنة.

ثم ملك اردشير بن هرمز حتى أدرك إبنه وخرج عن حدّ الطفوليّة أربع سنين. ثم ملك شابور بن شابور، وهو الذي عقد التّاج على بطن أمه، إثنتين وثمانين سنة. ثم ملك إبنه بهرام بن شابور بن شابور إثنتي عشرة سنة. ثم ملك إبنه يزدجرد اللين بن بهرام بن شابور، صاحب شروين الدستني، إثنتين وثمانين سنة. ثم ملك إبنه يزدجرد الحشن بن يزدجرد إثنتين وعشرين سنة. ثم ملك إبنه بهرام جور بن يزدجرد ثلاثا وعشرين سنة. ثم ملك إبنه يزدجرد بن بهرام جور ثمان عشرة سنة وخمسة أشهر. ثم ملك إبنه بهرام بن يزدجرد ستا وعشرين سنة وشهرا. ثم ملك إبنه فيروز بن بهرام تسعا وعشرين سنة ويوما واحدا. ثم ملك إبنه بلاش بن فيروز ثلاث سنين. ثم ملك أخوه قباد

(1/19)

ابن فيروذ ثمانيا وستين سنة. هكذا هو في السير الكبير، وفي السير الصغير ثلاثا وأربعين سنة كما وجد. ثم ملك إبنه كسرى انوشيروان سبعا وأربعين سنة وسبعة أشهر وأياما. ثم ملك إبنه هرمز بن كسرى ثلاثا وعشرين سنة، ويقال ثلاث عشرة سنة. ثم ملك إبنه كسرى ابرويز بن هرموز ثمانيا وثلاثين سنة. ثم ملك إبنه شيرويه بن كسرى ثمانية أشهر. ثم ملك إبنه اردشير بن شيرويه سنة واحدة.

ثم ملك شهريزاد، ولم يكن من عنصر الملك، ثمانيا وثلاثين يوما ثم ملكت بوران دخت بنت كسرى ابرويز، وهي التي ردت خشبة المسيح على الجاثليق، سنة وأياما. ثم ملك بعدها حشنشبنده، ولم يكن من عنصر الملك، شهرين. ثم ملك خسرو بن عاد بن هرمز بن انوشيروان عشرة أشهر. ثم ملك فيروز وكان من ولد اردشير بن بابك شهرين. ثم ملكت ارزمين دخت بنت كسرى ابرويز أربعة أشهر ثم ملك فرخ بن خسرو ابرويز شهرا وأياما. ثم ملك يزدجرد بن شهريار عشرين سنة. فجميع من ملك بعد كسرى ابرويز في مدة أربع سنين وستة أشهر ثمانية نفر تاسعهم يزدجرد بن شهريار. فهذه جملة تواريخ الساسانية من ملوك الفرس، قد تعبت في البحث عنها أشد التعب حتى نسقتها على هذا الشرح.

فأما تواريخ من كان قبل الساسانية من ملوك الأشغانية فلم اشتغل بها للآفات المعترضة فيها كانت في ازمنة أولئك الملوك، وذلك ان الاسكندر لما استولى على أرض بابل وقهر أهلها حسدهم على ما كان اجتمع لهم من العلوم التي لم تجمع قط لأمة من الأمم مثلها، فأحرق من كتبهم ما نالته يده، ثم قصد إلى قتل الموابذة والهرابذة والعلماء والحكماء، ومن كان يحفظ عليهم في اثناء علومهم تواريخهم حتى أتى على عامتهم، هذا بعد ان نقل ما احتاج إليه من علومهم إلى لسان

(1/20)

اليونانيين فغاب الفرس بعد ذلك طول أيام الأشغانية المسمين ملوك الطوائف وليس لهم من يعيد علما أو يعني بشي ء من الحكمة، إلى ان عادت إليهم دولتهم بظهور اردشير.

فلما تمكن اردشير من الملك لم تؤرخ الا بإبتداء أيام ملكه، ثم جرى من بعده من ملوك بني ساسان على منهاجه فأرخ كل ملك منهم يسني ملكه، فاضطربت بما فعلوا تواريخهم. ونعم الرأي ما أتفق الملوك العرب في اجرائهم تواريخ سني أيامهم على الولاء، من ابتداء الهجرة إلى ما يبلغ من السنين.

فهذه جملة ما سرده الكسروي، وذكر أنه بحثه بحث استقصاء حتى حصل له من مدة سني بني ساسان ما يوازي مثله من سني الاسكندر والذي ذكره الكسروي وادّعى أنه تولى تصحيحه هو أيضا مدخول غير موافق لسياقة تواريخ سني الاسكندر لأنه ساق السنين في التفصيل إلى مبلغ ستماية وست وتسعين سنة وتسعة أيام. فبين ما خرج لي من الاعتبار بحساب الزيج وبين ما خرج للكسروي تسعون سنة وتسعة أشهر وعشرة أيام.

(1/21)

الفصل الثالث من الباب الأول في اعادة ذكر كل ما مضى في الفصل الأول من التاريخ مع شرح له.

[الطبقة الاولى]

أتى به بهرام بن مردان شاه موبذ كورة شابور من بلد فارس.

قال بهرام الموبذاني: جمعت نيفا وعشرين نسخة من الكتاب المسمى خداي نامه حتى اصلحت منها تواريخ ملوك الفرس من لدن كيومرث والد البشر إلى آخر أيامهم، بانتقال الملك عنهم إلى العرب.

فأول انسان كان على وجه الأرض رجل يسميّه الفرس كيومرث كلشاه اي ملك الطين، فكان ملكه على الطين فحسب ثلاثين سنة، وخلف ابنا وإبنة يقال لهما مشى ومشيانة، فعبرا سبعين سنة لا يولد لهما، ثم ولد لهما ثمانية عشر ولدا ذكرانا واناثا في مدة خمسين سنة، ثم ماتا وبقيت الدنيا على غير تملك أربعا وتسعين سنة وثمانية أشهر.

فكان مدة زمان عدم التملك، من لدن ملك كيومرث إلى ابتداء ملك اوشهنج فيشداد، مايتين وأربعا وتسعين سنة وثمانية أشهر. ثم ملك اوشهنج بن فروال بن سيامك بن مشى بن كيومرث أربعين سنة. ثم ملك طهمورث بن نوبجهان بن ايونكهذ بن اوشهنج الإقاليم السبعة ثلاثين سنة. ثم ملك أخوه جم بن نوبجهان الأقاليم السبعة ستماية وست عشرة سنة. ثم غبر هاربا من بيوراسف ماية سنة. ثم ملك بيوراسف

(1/22)

الأقاليم السبعة الف سنة. ثم ملك افريدون بن اثفيان اقليم هنيرة خمسماية سنة. ثم ملك بعده منوشجهر مع ما تملك افراسياب التركي مملكته بالقهر والغلبة ماية وعشرين سنة. ثم ملك زو بن تهماسب، وفي أيامه ملك كرشاسب على بعض النواحي، أربع سنين.

فذلك جملة مدة الطبقة الأولى من ملوك الفرس، وكانوا تسعة ملوك الفان وسبعماية وأربع وثلاثين سنة وستة أشهر.

الطبقة الثانية

ثم ملك كيقباد ماية سنة. ثم ملك كيكاوس بن كيقباد ماية وخمسين سنة. ثم ملك كيخسرو بن سياوش بن كيكاوس ستين سنة ثم ملك كيلهراسب ماية وعشرين سنة. ثم ملك كييشتاسف بن كيلهراسف ماية وعشرين سنة. ثم ملك كي اردشير بن اسفنديار كشتاسب، ويسمى بهمن أيضا، ماية واثنتي عشرة سنة. ثم ملكت لعماي جهرازاد إبنة بهمن بن اسفنديار، وهي حامل بدارا بن بهمن ثلاثين سنة. ثم ملك دارا بن بهمن إثنتي عشرة سنة. ثم ملك دارا بن دارا بن بهمن أربع عشرة سنة. فذلك جملة ملوك الطبقة الثانية، وكانوا تسعة، سبعماية وثمان عشرة سنة.

ثم ملك الاسكندر الرومي أربع عشرة سنة. ثم ملك جماعة من الروم ووزرائهم من الفرس أربعا وخمسين سنة. فذلك ثمان وستون سنة، وهو «1» أعلم.

______________________________

(1) اللّه.

(1/23)

الطبقة الثالثة

وبعدهم ملك أشك بن دارا بن دارا عشر سنين. ثم ملك أشك ابن اشكان عشرين سنة. ثم ملك شابور بن اشكان ستين سنة. ثم ملك بهرام بن شابور احدى عشرة سنة. ثم ملك بلاش بن بهرام احدى عشرة سنة. ثم ملك هرمز بن بلاش تسع عشرة سنة. ثم ملك نرسي ابن بلاش أربعين سنة. ثم ملك فيروز بن هرمز سبع عشرة سنة. ثم ملك بلاش بن فيروز اثنتي عشرة سنة. ثم ملك خسرو بن ملادان أربعين سنة. ثم ملك بلاشان أربعا وعشرين سنة. ثم ملك اردوان بن بلاشان ثلاث عشرة سنة. ثم ملك اردوان الكبير بن اشكانان ثلاثا وعشرين سنة. ثم ملك خسرو بن اشكانان خمس عشرة سنة. ثم ملك بها فريد بن اشكانان خمس عشرة سنة. ثم ملك بلاش بن اشكانان إثنتين وعشرين سنة. ثم ملك كودرز بن اشكانان ثلاثين سنة. ثم ملك نرسي بن اشكانان عشرين سنة. ثم ملك اردوان الآخر ويقال بالفارسية افدم احدى وثلاثين سنة.

فذلك جملة مدة الطبقة الثالثة، وكانوا مع الاسكندر عشرين ملكا، أربعماية وثلاث وستين سنة كما وجد في الكتب.

الطبقة الرابعة

ثم ملك اردشير بن بابك، بعد ان بقي في حرب ملوك الطوائف ثلاثين سنة، أربع عشرة سنة وعشرة أشهر. ثم ملك شابور بن اردشير ثلاثين سنة وخمسة عشر يوما. ثم ملك هرمز بن شابور سنتين. ثم ملك بهرام ابن هرمز ثلاث سنين وثلاثة أشهر. ثم ملك بهرام بن بهرام سبع عشرة

(1/24)

سنة. ثم ملك بهرام بن بهرام بن بهرام أربعين سنة وأربعة أشهر ثم ملك نرسي أخو بهرام بن بهرام تسع سنين. ثم ملك هرمز بن نرسي سبع سنين. ثم ملك شابور بن هرمز إثنتين وسبعين سنة. ثم ملك اردشير أخو شابور أربع سنين. ثم ملك شابور خمس سنين.

ثم ملك بهرام بن شابور كرمانشاه احدى عشرة سنة. ثم ملك يزدجرد الأثيم بن بهرام احدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وثمانية عشر يوما.

ثم ملك بهرام جور بن يزدجرد تسع عشرة سنة وأحد عشر شهرا.

ثم ملك يزدجرد بن بهرام جور أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وثمانية عشر يوما. ثم ملك فيروز بن يزدجرد سبع عشرة سنة. ثم ملك بلاش بن فيروز أربع سنين. ثم ملك قباد بن فيروز احدى وأربعين سنة. ثم ملك كسرى بن قباد ثمانيا وأربعين سنة. ثم ملك هرمز بن كسرى إثنتي عشرة سنة. ثم ملك كسرى بن هرمز بن كسرى ابرويز ثمانيا وثلاثين سنة. ثم ملك قباد بن كسرى بن شيرويه ثمانية أشهر.

ثم ملك اردشير بن شيرويه سنة وستة أشهر. ثم ملكت بوران دخت ابنة كسرى سنة وأربعة أشهر. ثم ملك فيروز المسمى حشنشبنده أياما. ثم ملكت ارزمين دخت بنت ابرويز مع أيام حشنشبنده ستة أشهر ثم ملك خورزاد خسرو بن ابرويز سنة واحدة. ثم ملك يزدجرد بن شهريار عشرين سنة.

فذلك جملة مدة الطبقة الرابعة، وكانوا ثمانية وعشرين ملكا سوى ثلاثين سنة، التي كانت مدة زمان حرب اردشير بن بابك مع ملوك الطوائف وهي اربعماية وست وخمسين سنة وشهر واثنان وعشرين يوما.

وجميع ذلك من زمان ابتداء التناسل إلى آخر أيام ملك الفرس، وكانوا ستة وستين ملكا، أربعة آلاف وأربعماية وتسع سنين وتسعة أشهر وإثنين وعشرين يوما.

(1/25)

الفصل الرّابع من الباب الأول في الاقتصار على ذكر أخبار ملوك الفرس،

فصار يليق بمجاورة سياقة التواريخ وتناسب ما في كتب السير.

أوشهنج فيشداد:

هو أول ملوك الفرس ومعنى فيشداد أول حاكم، لأنه أول من حكم في الملك، وعقد له باصطخر فقيل لاصطخر كذا بوم شاه اي أنه أرض الملك. وزعم الفرس أنه كان هو وأخوه ويكرت نبيين.

ومما ابدع أنه استخرج الحديد وانفذ الحيلة في اتخاذ السلاح وبعض أدوات الصناع، وأمر الناس بقصد السباع وقتلها.

طهمورث زيباوند:

معنى زيباوند أنه شاكي السلاح وبنى مدينة بابل وقهندز مرو وفي بعض النسخ أنه بنى كردينداد وهي مدينة من مدن المدائن السبع. وأنا أقدّر كرداباد التي عليها دستان اندرسوا كرداباد، فصحفوا لفظة الاسم. وبنى باصفهان بنيتين عظيمتين سمى احداهما مهرين والأخرى سارويّه. فاما مهرين فانه صار من بعد اسما لرستاق تحت هذه البنية

(1/26)

كان يسمى قبل ذلك كوك. وأما سارويه فانه احاط بها بعد الوف سنين سور مدينة جي، وهما بعد قائما الأثر.

وفي زمانه حدثت عبادة الأصنام وتصوير الأوثان، وكان سبب ذلك أن ناسا أصابهم ثكل أحبتهم، فاتخذوا على صورهم تماثيل ليتسّلوا بالنظر إليها، فامتدت بهم الأيام حتى زيّن لهم عبادتها فعبدوها متقولين بانها وسائط بينهم وبين اللّه تقربهم إليه زلفى. وفي زمانه حدث الصوم وكان المبدع له قوما فقراء من أتباع رجل كان يقال له يوداسف، والسبب في ذلك كان تعذّر الطعام، فدبروا أن يطووا النهار على الطوى ثم يتناولون ماء ما يمسك الرمق. فاعتادوا ذلك زمانا ثم اعتقدوه ديانة وعبادة للّه، وسمي أولئك الفرق كلدانيين، وسموا أنفسهم في زمان دولة الإسلام صابئين. والصابئون في الحقيقة فرقة من النصارى ينزلون بين البادية والبطيحة مخالفون لجمهور النصارى ومعدودون في مبتدعيهم ويقولون أن طهمورث كان يقول: كل حزب معجبون بديانتهم فلا تتعرضوا لهم. وهذا الرسم باق بأرض الهند إلى يومنا هذا.

جمشيد:

ومعنى شيد النير ولذلك يقال للشمس خورشيد. فيزعمون انما سمي بذلك لأنه كان يسطع منه نور، وهو جم بن فنونهكان بن اهنكهذ ابن اينكهذ بن اوشهنج فيشداد. ومن آثاره أشياء قد حشى بها كتب السير، فتركت ذكرها لئلا يطول قصة هذا الفصل. ومن بدائع ما احدثه قنطرة وعقدها على دجلة، فبقيت دهرا داهرا إلى ان خربها الاسكندر، ثم رام الملوك اعادتها فعجزوا عنها وعقدوا على عقد الجسر عليها، وأثر تلك القنطرة باق في أخافير دجلة بالعبر الغربي من مدينتي المدائن، فيحيد عنه الملاحون إذا نضب الماء، وهو الذي اختط مدينة طيسفون وهي اكبر المدائن السبع.

(1/27)

بيوراسب ده آك ده آك:

اشتقاقه اسم لعقد العشرة، وآك اسم للآفة، والمعنى أنه كان ذا عشر آفات أحدثها في الدنيا وليس هذا موضع ذكرها. وهذا لقب في نهاية القبح، فلما عربوه صار في نهاية الحسن لان ده آك لما عرّب أنقلب إلى ضحّاك، وبه يسمى في كتب العربية وهو بيوراسف بن ارونداسف ابن ريكاون بن ماده سره بن تاج بن فروال بن ساميك بن مشى بن كيومرث. وتاج جده الذي صار العرب من ولده، ولذلك قيل لهم تاجيان، وكان بيوراسف ينزل ببابل فاتخذها دارا على هيئة كركي وسماها كلنك ديس، وسماها الناس دمن حت.

فريدون:

هو فريدون بن اثقيان، ملك اقليم هنيرة خمس مائة سنة. وعلى رأس ثلاثين سنة من ملكه ظهر ابراهيم الخليل النبي عليه السلام. فيما يذكرون قالوا: وفي زمان منوشجهر ظهر موسى وأخرج بني إسرائيل من أرض مصر. وفي أيام كيخسرو ملك سليمان على بني إسرائيل، وفي أيام لهراسب توجه بخت النصر إلى أرض المغرب، فخرب مدينة اليهود اورشليم وسباهم إلى أرض المشرق، وقسمهم على بلدانها للمهن وفي زمان كتشاسب ظهر زردشت. وفي زمان دارا بن دارا ظهر الاسكندر على أرض المغرب. وفي زمان شابور بن أشك ظهر المسيح وفي زمان شابور بن اردشير ظهر ماني. وفي زمان قباد ظهر مزدك.

قالوا: وقسم فريدون مملكته بين ثلاثة أولاده، وهم: سلم وطوج وايرج، فجعل العراق وما ينقسم إليها من البلدان مع أرض المغرب وبلاد الهند إلى ايرج أصغر أولاده، وخصّه بالتاج والسرير وجعل أرض الروم إلى بلاد افرنجة مع بلاد المغرب إلى سلم أكبر أولاده.

(1/28)

وجعل التبت والصين وبلاد المشرق إلى طوج، أوسط أولاده.

فحسد طوج وسلم ايرج فاقبلا إلى قتله. وفريدون أحدث الرقي وابدع الترياق من جرم الأفاعي، واسس الطب ودل من النبات ما يدفع الآفات عن أجسام ذوي الأرواح، وانزى الحمير إلى الخيل ليتركب منها البغال جامعة لقوة الحمير وخفة الخيل، وكان ينزل بأرض بابل وهو «1» أعلم.

منوشجهر:

كان منوشجهر من أولاد ايرج بن افريدون، وهو الذي كرا نهر الفرات ونهر مهران وهو اكبر من الفرات، وشق من الفرات ودجله انهارا كبارا. وفي ست سنين من ملكه أخرج موسى عليه السلام بني إسرائيل من أرض مصر. فمكث في المفازة المسماة التيه سائسا لأمور بني إسرائيل أربعين سنة، وفيها كتب لهم التوراة. ثم في أيام ملكه أيضا رحل خليفته يوشع من المفازة حتى اورد بني إسرائيل فلسطين. ونقل منوشجهر من الجبال إلى الأقرحة انواعا من الرياحين، واحاط عليها، فلما فاحت روائحها سمى تلك الحيطان بوستان، ومعنى الكلمة معادن العرف والروائح.

وفي زمان ملكه تغلب افراسياب التركي على بلدان مملكته إثنتي عشرة سنة، وازعجه عن سرير ملكه واحجره في غياض طبرستان.

وبقي افراسياب في سني غلبته على مملكة ايران شهرا يهدم المدن وينسف الحصون ويدفن الأنهار، ويطم القنى ويعوّر العيون. وفي سنة خمس من سني غلبته قحط الناس فبقوا فيه إلى آخر أيامه. فغارت المياه في مدة أيامه، وتعطلت العمارات وبطلت الزراعات، إلى أن قمعه اللّه، وبنى افراسياب بناء من حائط مرو ما بين القهندز إلى المنعرج من باب نيق، وهو «2» أعلم بالعلانية والسرائر.

______________________________

(1) اللّه.

(2) اللّه.

(1/29)

زو بن طهماسب:

لما ملك زو أمر باعادة ما كان خربه افراسياب من المدن والحصون وحفر ما دفنه من الأنهار، ورفع عن الناس الخراج والوظايف، وعمرت البلاد وعادت إلى احسن ما كانت عليه، وكرا بأرض السواد نهرين يسميان الزابين فأعذب بهما ماء دجلة. وعلى عهده نشأ كيقباد والد الملوك الكيانية، وفي أيام مملكة زو ملك كرشاسف.

كيقباد:

لما ملك كيقباد أخذ الناس بعمارة الأرضين واداء العشر من غلاتها وصرفها على أرزاق جنده وإلى سد الثغور، ودفع العدو عن البلاد.

وكانت اصفهان مكوّرة على كورة واحدة مثل الري، فزاد فيها كيقباد كورة أخرى، وسماها استان ايرانو ثارث كواذ، وهي الكورة التي فيها الرساتيق المجوزة إلى عمل قم في أيام الرشيد.

كيكاوس:

كان ينزل ببلخ، وقرأت في بعض كتب السير أنه أحدث ببابل وبنى بنية شاهقة في الهواء، وأنا اقدرها البنية التي وراء بغداد المسماة بالعقرقوف، فانه أحدث الآيات في الأرض، ويذكر بعض الرواة أن البنية تسمى الصرح، فان يكن لذلك حقيقة فان للقصر في لسان نبط العراق وجرامقة الشام اسمين وهما صرحا ومعدلا، وقد عربا فقيل: صرح ومعدل.

كيخسرو:

زعمت الفرس انه كان نبيا، وذكر انه نزل ببلخ، وفي أخبارهم أنه أنهى إليه أن فيما بين آخر فارس وأول اصفهان جبلا أحمر يسمى

(1/30)

كوشيد، وان فيه تنينا قد أتى على الحرث والنسل، فسار إليه وجمع الرجال من ذروة الجبل وانتصب هو له في حضيضه حتى قتله، ونصب في جانب الجبل النار المعروفة بنار كوشيد.

كيلهراسب:

كان لهراسب خليفة كيخسرو على مملكته وابن عمه لأنه كان لهراسب بن كياوجان بن كيمنش بن كيفشين بن كيافوه، وهو أوّل من وضع ديوان الجند، وجعل للمرازبة سررا وحلاهم بالأسورة واتخذ السرادقات، وفي سنة ستين من ملكه أغرى بختنصر بن ويوبن جودرز فلسطين حتى خرب مدينة اورشليم، وسبى منها اليهود وصيّرهم خدما وخولا لأهل بلدان مملكته، وقد كان بعث إليهم قبل بختنصر سخاريب النينوي، فلم يرتفع على يده فتح. وفي حياته سلم الملك إلى إبنه كشتاسب.

كي كشتاسب:

كشتاسب كان في سنة ثلاثين من ملكه وخمسين من عمره أتاه زردشت اذربيجان يعرض عليه الدين فقبله، ثم بعث له وفودا إلى الرّوم ودعاهم إليه، فأخرجوا إليهم كتابا من افريدون صلحا على ان يدينوا بما أحبوا من الأديان، فانقبض عنهم كراهيته لنقض ما في ايديهم وبنى بكورة دارا بجرد من بلد فارس مدينة مثلثة، وسماها رام وشناسقان وهي مدينة فسا ثم نقض سورها رجل منها، كان يقال له ازادمرد كامكار، ورد له من التثليث التدوير، وكان عاملا للحجاج بن يوسف على فارس. وفي زمان ملك كشتاسب بنى إبنه اسفنديار في وجه الترك حائطا من وراء سمرقند عشرين فرسخا، ونصب كشتاسب برستاق انارباد من كورة اصفهان في قرية تسمى ممنور بيت نار، وقف عليها ضياعا من الرستاق.

(1/31)

كي اردشير:

وهو بهمن اسفنديار بن كشتاسب، وكان يسمى الطويل الباع، وذلك لبعد مغازيه. ويقال: بلغ في غزواته الرومية. وانه غزا من جانب الجنوب ذابولستان، فسبى منها سبيا كثيرا وبنى بأرض السواد مدينة وسماها باسمه آباد اردشير، وهي المسماة بالنبطية همانيا، وهي في طسوّج الزاب الأعلى. وبنى بأرض ميسان مدينة وسماها أيضا باسمه بهمن اردشير، وهي المسماة فرات البصرة. والاسرائيليون يزعمون ان بهمن يسمى بلغتهم في كتب أخبارهم كورش. ونصب باصفهان في يوم واحد ثلاث نيران: واحدة مع طلوع الشمس، وواحدة مع انتصابها في وسط السماء، وواحدة مع غروب الشمس؛ منها نار شهر اردشير المنصوبة في جانب قلعة مارين، فشهر اسم للشفق واردشير اسم بهمن. والثانية نار ذروان اردشير المنصوبة في قرية دارك من رستاق خوار. والثالثة نارمهر اردشير المنصوبة بقرية اردستان منها.

هماي جهرازاد:

هي شميران بنت بهمن، والهماي لقب لها. وكانت تنزل ببلخ واغزت جيشا من جيوشها أرض الروم، فسبوا منها سبيا فيهم عملة حذاق، فأقامت البنائين منهم في ابتناء الأبنية المسماة مصانع اصطخر وبالفارسية هزار ستون، وهي ثلاث بنيات في ثلاثة أماكن: احداها بجانب اصطخر، والثانية على المدرجة النافذة إلى كورة دارا بجرد، والثالثة على مدرجة طريق خراسان. وأنشأت باصفهان في رستاق يسمى التيمرة مدينة لطيفة عجيبة البناء، فخربها بعد ذلك الاسكندر وسمتها حمهين.

دارا بن بهمن:

هو أول ملك وضع سكك البريد ورسم فيها اقامة دواب محذفة

(1/32)

الأذناب، فسميت بريد ذنب، ثم عربوا الكلمة وحذفوا منها النصف الأخير فقالوا بريد. وبنى في الكورة الأخيرة من بلد فارس مدينة وسماها دارا بجرد التي أنشأها دارا، فسمى الكورة باسمه وكانت تسمى قبل ذلك استان فركان، وهو أعلم.

دارا بن دارا:

كان في زمان ملكه تحرك بأرض المغرب الإسكندر وكانت للملوك الفرس أتاوة على من بالمغرب من القبط والبربر. ومن بالشمال من الروم والصقلب ومن بالشام وفلسطين من الجرامقة والجراجمة. فلما استولى الإسكندر على الملك وورد عليه من قبل دارا من يتقاضاه الأتاوة قال: قولوا له إنّ الدجاجة التي كانت إلى الآن تبيض قد انقطعت عن البيض، وصار ذلك سببا لالتحام الشرّ بين دارا والإسكندر حتى قتل فيه دارا، وبنى فوق نيصبين مدينة وسماها دارا أن، وقد بقيت إلى الآن وهي تسمى داريا.

الاسكندر:

لما فرغ الإسكندر من قتل دارا وأستولى على بلاد فارس، أساء السيرة وأسرف في هراقة الدماء، واجتمع في عسكره من وجوه الفرس وأشرافها سبعة آلاف اسير مقرّنين في الاصفاد، يدعونهم كل يوم يقتل منهم واحدا وعشرين أسيرا حتى بلغ كأشغر وأقام بها زمانا.

ثم قفل راجعا نحو بابل، فلما بلغ قومس مرض بها وتمادت علته في طريقه فمات قبل ان يصل إلى بابل، وكان قد جعلها تل تراب وفيما وجده القصاص من الأخبار أنه بنى بأرض إيران إثنتي عشرة مدينة سماها كلها الاسكندرية منها واحدة بأصفهان، وواحدة بهراة، وواحدة بمرو، وواحدة بسمرقند، وواحدة بالصغد، وواحدة ببابل، وواحدة سني ملوك الأرض- 3

(1/33)

بميسان، وأربعا بالسواد. وليس لهذا الحديث أصل لأنه كان مخرّبا ولم يكن بنّاء.

الملوك الاشغانية:

لما فرغ الاسكندر من قتل الأشراف وذوي الأقدار من الفرس، وأستولى على تخريب المدن والحصون ووصل إلى ما أراد، كتب إلى أرسطا طاليس وإني وترت جميع من بالمشرق بقتلي ملوكهم، وتخريبي معاقلهم وحصونهم، وقد خشيت أن يتضافروا من بعدي على قصد بلاد المغرب، فهممت أن أتبع أولاد من قتلت من الملوك فأجمعهم وألحقهم بآبائهم، فما الرأي قبلك؟ فكتب إليه: إن قتلت أبناء الملوك إنتقل الملك إلى السفل والأنذال، والسفل إذا ملكوا قدروا، وإذا قدروا طغوا وبغوا وظلموا وأعتدوا، وما يخشى من معرّتهم أفظع، والرأي أن تجمع أبناء الملوك فتملك كل واحد منهم بلدا واحدا أو كورة واحدة من البلدان، فإن كل واحد منهم يشاحّ الآخر على ما في يده، فيتولد من أجله العداوة والبغضاء بينهم، فيقع لهم من الشغل بأنفسهم ما لا يتفرغون إلى من نأى عنهم من أهل المغرب.

فعندها قسم الاسكندر بلاد المشرق على ملوك الطوائف، ونقل عن بلدانهم علم النجوم والطلب والفلسفة والحراثة إلى بلدان المغرب، بعد ان حوّلها إلى اليونانية والقبطية. فلما هلك الاسكندر وحصلت البلاد في أيدي الطوائف رفعوا الحرب والتجاذب فيما بينهم، فكان الواحد منهم إنما يغلب الآخر بالمسائل العويصة. ففي أيامهم وضعت الكتب التي هي في أيدي الناس من مثل: كتاب مروك وكتاب سندباد وكتاب برسناس وكتاب شيماس، وما أشبهها من الكتب التي يبلغ عددها قريبا من سبعين كتابا. فبقوا على هذا المنهاج إلى أن ملك منهم نيف وعشرون نفرا، خرج في عدادهم من سمت به همّته على الغزو،

(1/34)

وكان عدد أولئك الطوائف تسعين ملكا كلهم يعظّمون من يملك العراق وينزل طيسفون، وهي المدائن، وكان إذا كاتبهم يبدأ بنفسه.

شابور بن اشك:

وممن تأهب للغزو شابور بن أشك بن أذران بن أشغان، وهو الذي في زمان ملكه ظهر المسيح عليه السلام، فغزا الروم وكان ملكها إذ ذاك أنطيحس. وهو الملك الثالث بعد الاسكندر، وهو الذي أنشأ مدينة إنطاكية فنكل فيهم قتلا وسبيا وجمع ذراريهم في سفن وأغرقها وقال: يا لثارات دارا! فظفر بكثير مما كان الاسكندر نقله عن بلاد الفارس، فرده إلى أرض مملكته وصرف بعضه إلى النفقة على حفر نهر بالعراق، يسمى بالعربية نهر الملك.

جودرز بن اشك:

ومنهم جودرز بن اشك. غزا بني إسرائيل وذلك بعقب قتل يحي إبن زكريا عليهما السلام، فخرب مدينتهم أورشليم المرة الثانية، ووضع السيف في أهلها فأسرف في قتل اليهود، وسبى خلقا منهم. وكان غزاهم طيطوس بن أسفيانوس ملك رومية قبل ذلك، بعد إرتفاع المسيح بأربعين سنة فقتل وسبى.

بلاش بن خسرو:

ومنهم بلاش بن خسرو. وكان إتصل به أن الروم قد همت بغزو بلاد فارس، فكتب إلى من كان يجاوره من ملوك الطوائف وأستنجدهم، فبعث كل ملك اليه بقدر طاقته من الرجال والمال. فلما قوي ظهر بلاش بهم ولى عليهم صاحب الخضر، وكان أحد ملوك الطوائف المجاورين لأعمال الروم، فلقي عسكر الروم مجتمعين متأهبين

(1/35)

فقتل ملكهم وإستباح عسكرهم وإنصرف بالغنائم في العراق، فوفروا منها الخمس إلى بلاش، فصارت هذه الغزاة سببا لإخراج الروم أموالهم للنفقة على بناء مدينة حصينة، ونقل دار الملك من الرومية اليها لتقرب دار المملكة من بلاد سلطان الفرس، فأوقعوا إختيارهم على رقعة ارض قسطنطنية، فبنوا فيها الأبنية ونقلوا الملك إليها، وكان ملكهم عند بنائها قسطنطنين بن نيرون، فإشتقوا لها إسما من إسمه.

وكان أول ملك الروم من أنتقل إلى إعتقاد النصرانية، ودعا اليها أهل مملكته ثم قصد لإجلاء بني إسرائيل عن أورشليم بيت المقدس، فلم يقم لهم بعد ذلك قائمة إلى الآن من هذا اليوم.

اردشير بن بابك:

لما ظهر أردشير تغلب أول كل شي ء على مدينة إصطخر وتقوى بأهلها، فتغلب بهم على جماعة من كور فارس من ملوك الطوائف.

فلما إستولى على كور فارس عقد التاج على رأسه ونظر في أمور الناس فرأى عدد من حوله من المللوك كثيرا، وحوزة كل ملك منهم قليلة الخطر ضيقة الرقعة، ومؤناتهم على رعيتهم عظيمة. فأنكر الخلاف العارض في ممالكهم مع إتفاقهم في أصل دينهم، وعلم أنه لم يجمعهم على الدين إلا الفة سبقت لهم، فأستخبر من بحضرته من العلماء بأمور الدين وأحوال الملك عن سبب ما ألفى عليه ملوك زمنه، فعرفوه أن أوائل ملوكهم ما زال أمرهم في ممالكهم منتظما لا يتجاوز الملك واحدا وذلك الواحد يجتمع الرعية على طاعته وينتهون إلى أمره. وكان لذلك دينهم عزيزا وجنابهم خصيبا وعدوهم مقموعا إلى أن أفضى الملك إلى دارا بن دارا، فوافق من رعيته نفارا عنه، وأيضا إستثقالا لولايته وإستبعادا لمدته، وإنقباضا عن مجاهدة عدوه وعدوهم، وعدولا منهم عن الأشتغال بثغورهم إلى التشاجر والتحارب فيما بينهم.

(1/36)

فقصد الاسكندر من أرض المغرب أرضهم على تلك من حالهم، فورد على ما وقع تمناه فقويت منيته على نصب الحرب لدارا، فاتفق له أن وثب بدارا بعض حماة ظهره، فرماه من ورائه فقتله. فعندها إستولى الاسكندر على مملكة فارس وأذاع القتل في العظماء والأشراف، وعم المدائن والحصون بالتخريب. ثم تفرغ لتتبع كتب دينهم وعلومهم فاحرقها بعد أن نقل ما كان منها من الفلسفة والنجوم، والطب والحراثة من لسان الفارسية إلى اليونانية والقبطية، وبعث بها إلى الاسكندرية، فعندها علم أردشير أنه لا يوصل إلى بث العدل في الرعية وضبطهم بفنون السياسة حتى يكون ملكهم واحدا، فيكون هو المؤلف بين قلوبهم والباعث لهم على ما فيه سلاحهم، فأنتصب لبث الكتب فيمن قرب منه من ملوك الطوائف فكان ذلك بداء تدبيره، ثم ما زال يجدد لكل وقت ما يلايمه من التدبير حتى طهر مملكة ايران شهر من ملوك الطوائف بقتل تسعين ملكا منهم.

وأحدث أردشير من المدن عدة منها أردشير خره وبه أردشير وبهمن أردشير وأشأ اردشير ورام أردشير ورامهرمز أردشير وهرمز أردشير وبود أردشير ووهشت أردشير وبتن أردشير. وأما أردشير خره فهي مدينة فيروزاباد من أرض فارس، وكانت تسمى كور، وكور وكار إسمان للوهدة والحفرة لا للقبر واللحد، والفرس لم تعرف القبور وإنما كانت تغيب الموتى في الدهمات والنواويس، ثم نقل علي بن بويه إسمها إلى فيروزاباد، وأما به أردشير فإسم لمدينتين إحداهما بالعراق وأخرى بكرمان. فأما التي بالعراق فهي إحدى مدن المدائن السبع وموضعها على غربي دجلة وقد عرب لفظها فقيل بهرسير وأما التي بكرمان فعربوا لفظها على مثال آخر فقالوا بردشير. وأما بهمن أردشير فإسم لمدينة على شاطى ء دجلة العورا بأرض ميسان، والبصريون يسمونها بإسمين أحدهما بهمنشير والآخر فرات ميسان.

(1/37)

واما أشأ أردشير فإسم لمدينة على شاطى ء هرمز دجيل، ويسمى أيضا كرخ ميسان. وأما رام أردشير فلا أعرف موقعها. وأما رام أردشير فالمسمى بلغة أهل الزمان ريشهر. وأما رام هرمز أردشير فهي إحدى مدن خوزستان، وكان إسمها كثير الحروف فحذفوا آخر كلمة منه. وأما هرمز أردشير فإسم لمدينتين كان أردشير لما اختطهما سمى كل واحد باسم متركب من إسمه ومن إسم اللّه عز وجل، فأنزل إحداهما السوقيين والأخرى عظماء الناس والأشراف منهم، وصار لمدينة السوقيين إسم آخر وهو هوجستان وأجار فعربوه وقالوا سوق الأهواز، وعربوا الإسم الاخر فقالوا هرمشير.

ولما ورد العرب خوزستان خربوا مدينة العظماء وتركوا مدينة السوقيين. ثم خربوا بعد أيام حروب الحجاج مع القرا مدينتين آخريين من مدن خوزستان: إحداهما كانت تسمى رستم كواذ وعربوا الإسم فقالوا رسيقاباد، والأخرى جواستاد. وأما بود أردشير فمدينة من مدن الموصل. وأما وهشث أردشير فلا أعرف موقعها.

وأما بتن أردشير فمدينة من مدن البحرين، وإنما سماها بتن أردشير لانه بنى سورها على جثث أهلها، لأنهم فارقوا طاعته وعصوا أمره فجعل سافا من السور لبنا وسافا جثثا، فلذلك سماها بتن أردشير وقسم مياه وادى أصبهان على يد مهر بن وردان. وقسم أيضا مياه وادي خوزستان وحفر لمائه أنهارا منها المشرقان وهو بالفارسية أردشير كان. وفي كتاب صور ملوك بني ساسان شعار أردشير مدنر وسراويله آسمانجوني وتاجه أخضر في ذهب وبيده رمح قائم.

شابور بن اردشير:

بنى شاذروان تستر، وهو أحد عجائب المشرق، وأحدث مدنا

(1/38)

منها: ني شابور، بي شابور، شادشابور، به أزانديو شابور، شابور خواشت، بلاش شابور، فيروز شابور، فاما نيشابور فمدينة من مدن كورة إيرشهر من كور خراسان. وأما بي شابور فمدينة من مدن فارس وهو إسم الكورة أيضا، ويختصر إسمه بالعربية فيحذف أول كلمة منه ويقال له شابور. وبنى شابور هذه المدينة مستجدة بعد مدينة كان بناها طهمورث، ثم خربها الاسكندر ونسي إسمها الأول فأما شادشابور فمدينة من مدن ميسان كانت تسمى بالنبطية وبها، وأما فيروز شابور فمدينة من مدن العراق، وهي المسماة بالعربية الأنبار.

وأما به أزانديو شابور فمدينة من مدن خوزستان، وهي التي لما عربوها قالوا جندي شابور، وإما اشتقاقها بالفارسية فإن أنديو إسم للانطاكية وبه إسم للخير، ومعناه خير من إنطاكية. وبناء هذه المدينة على صورة رقعة الشطرنج يخرق في وسطها ثمانية طرق في ثمانية طرق، وكانوا يبنون المدن على تصوير أشياء. فمن تلك التصاوير مدينة السوس وهي على صورة باز، ومدينة تستر وهي على صورة فرس.

وفي كتاب صور ملوك بني ساسان أن شعاره كان آسمانجوني وسراويله وشي أحمر، وتاجه أحمر في خضرة، وهو قائم بيده رمح.

هرمز بن شابور:

كان شبيها بجده أردشير في صورته وقدّه، متناهيا في الأبد والقوة وجرأة الجنان، غير أنه كان في إصالة الرأي غير كامل، وكانت أمه كردزاد التي قد سار بإسمها دستان مشهور، وأحدث البنية التي بدسكرة الملك، وشعاره في كتاب الصور أحمر موشى، وسراويله خضراء وتاجه أيضا أخضر في ذهب، وفي يمناه رمح وفي يسراه ترس وهو راكب أسدا.

(1/39)

بهرام بن هرمز:

في أيامه ظفر بماني داعي الزنادقة بعد أن كان سنتين في المهرب والإستتار، فجمع عليه العلماء فناظروه والزموه الحجة على رؤوس الملأ، وأمر به فقتل وسلخ جلده وحشي تبنا، وعلّق على باب من أبواب مدينة جند يشابور، وشعاره في كتاب الصور أحمر وسراويله حمراء وتاجه على لون السماء، وعليه شرفتا ذهب وما زرج ذهب، وفي يمناه رمح وفي يسراه سيف معتمدا عليه قائما هكذا وجد صورته، وهو أعلم.

بهرام بن بهرام:

شعاره أحمر موشى وسراويله خضراء، وتاجه على لون السماء بين شرفتي ذهب وهلال ذهب، قاعدا على سريره وفي يمناه قوس موّتر وفي يسراه ثلاث نشابات، وهو أعلم.

بهرام بن بهرام بن بهرام:

يقال له بهرام بن بهرامان، وكان يلقب بسكان شاه والسبب في هذا اللقب وما جرى مجراه أن الملك من ملوك الفرس كان إذا جعل إبنا أو أخا له ولي عهده، يلقبه بشاهية بلدة، فيدعى بذلك اللقب طول حياة أبيه، فإذا إنتقل الملك إليه سمى شاهنشاه، وعلى هذا جرى أمر بهرام الملك الملقب بكرمانشاه، وكان أنوشيروان يلقب في حياة أبيه قباد يقر سجان كرشاه، وهو التملك على طبرستان لأن يقر إسم للجبل، وقر سجان إسم للسهل والسفح، وكراسم للتلال والهضاب، وسكان إسم لسجستان، وشعار بهرام بن بهرامان على السماء موشى، وسراويله حمراء قاعدا على السرير معتمدا بيده على سيفه، وتاجه أخضر بين شرفتي ذهب وما زرج ذهب.

(1/40)

نرسي بن بهرام:

شعاره وشي أحمر وسراويله موشاة على لون السماء قائما معتمدا على سيفه بيديه جميعا، وتاجه أخضر، وهو أعلم بالسرائر.

هرمز بن نرسي:

أنشأ ببلد خوزستان في كورة رامهرمز رستاقا وسماه وهشت هرمز، وتسمى كورنك، وهو إلى جانب إيذج لأن إيذج من كورة رامهرمز، وشعاره وشي أحمر وسراويله موشاة بلون السماء، قائما معتمدا على سيفه بيديه جميعا وتاجه أخضر، وهو أعلم.

شابور ذو الأكتاف:

وسموه شابور هويه سنبا، هويه: إسم للكتف وسنبا أي نقاب، قيل له ذلك لأنه لما غزا العرب كان ينقب أكتافهم، فيجمع بين كتفي الرجل منهم بحلقة ويسبيّه، فسمته الفرس بهذا الإسم وسمته العرب ذا الأكتاف، وشابور هو الذي مات أبوه وهو جنين فعقد التاج على بطن أمه، وهو الذي دخل بلاد الروم متنكرا فحضر بعض كنائسهم فأخذوه أسيرا وبقي في ملكه إثنتين وسبعين سنة، لبث منها منذ يوم ميلاده إلى ثمان وثلاثين سنة بجندى شابور، ثم تحول إلى المدائن فكان مقامه باقي عمره بها. ولما ظفر بملك الروم ألزمه أن يعيد كل ما خرب وأن يكون إعادته ما كان باللبن والطين، بالأجرّ والجص، فسور مدينة جنديشابور نصفه باللبن ونصفه بالأجر. وشعاره مورد موشى، وسراويله حمراء موشاة وبيده طبرزين قاعدا على السرير. وتاجه على لون السماء حواليه ملوّن بالذهب شرفتي ذهب وهلال ذهب في وسطه.

وبنى عدة مدن منها برزخ شابور وهي عكبر او ازان خره شابور وهي السوس، ومدينة أخرى إلى جنبها فأرسل الفيلة حتى داست

(1/41)

احداهما، فقد كان عصاه أهلها ثم جاء بسبي من ناحية الروم فأنزلهم الحديثة وبدر الآخرين في البلاد، ونصب بقرية حروان رستاق جي نارا سماها سروش أذران ووقف عليها قرية يوان وقرية جاجاه من رستاق النجان. وفي زمانه كان إزدياد الذي اذيب الصفر على صدره.

اردشير بن شابور:

شعاره موشى مدنر على لون السماء، وسراويله موشاة بحمرة، وبيمناه رمح وبيسراه معتمدا بسيفه قائما، وتاجه أخضر، وهو أعلم بالسرائر.

شابور بن شابور:

شعاره أحمر موشى وسراويله على لون السماء، وتحت شعاره شعار آخر أصفر، وتاجه أخضر في حمرة بين شرفتين من ذهب وهلال ذهب، قائما بيده قضيب حديد على طرفه رأس طائر، معتمدا بيسراه على مقبض سيفه.

بهرام بن شابور:

يلقب بكرمانشاه، وكان فظا زاهيا بنفسه لم يقرأ طول ايامه قصة ولا نظر في مظلمة. فلما مات وجد الكتب الواردة عليه من الكور مختومة ما فكها بعد. وأمر أن يكتب على ناووسه: «قد علمنا أن هذا الجسد سيودع هذه البنية فلا ينفعه رأي شفيق كما لا يضرّه نبوعدو» وشعاره على لون السماء موشى، وسراويله حمراء موشاة، وتاجه أخضر بين ثلاث شرفات وما زرج ذهب، وبيده اليمنى رمح وباليسرى معتمدا على السيف قائما، وهو أعلم.

(1/42)

يزدجرد بن بهرام الأثيم:

يقال له المجرم والأثيم والفظ أيضا، وبالفارسية دفرويزه كرد.

شعاره أحمر وسراويله على لون السماء، وتاجه على لون السماء قائما وبيده رمح أيضا.

بهرام جور بن يزدجرد:

كانت له آثار كثيرة في الترك والروم والهند، وورد أرض الهند متنكرا، وكان اخذ الناس بأن يعملوا من كل يوم نصفه ثم يستريحوا ويتوفروا بالأكل والشرب واللهو، وأن يشربوا بالحواشية والأكائل، فعزّ المغنون حتى بلغ رسم كل دست من الحواشية ماية درهم.

ومرّ يوما بقوم يشربون على غير ملهين فقال: أليس قد نهيتكم عن الغفلة من الملاهي؟ فقاموا إليه بالسجود وقالوا: قد طلبناه بزيادة على ماية درهم فلم نقدر عليه، فدعا بالدواة والمهرق وكتب إلى ملك الهند يستدعي منه ملهين، فأنفذ إليه إثني عشر ألف رجل منهم، ففرّقهم على بلدان مملكته فتناسلوا بها وأولادهم باقون وأن قلوا وهم ألزطّ، وكتب على ناووسه: أنه بعد أن مكّن لنا في الأرض فبقينا بها آثارا محمودة إقتصر بنا على هذا المحل، وقد كنا من سكوننا إياه على يقين. وكان شعاره على لون السماء؛ وسراويله خضراء موشاة، وتاجه على لون السماء قاعدا على السرير بيده جرز.

يزدجرد اللين بن بهرام:

شعاره أخضر وسراويله موشاة سوداء وشيها ذهب، وتاجه على لون السماء، قاعدا على السرير معتمدا على سيفه، وهو أعلم.

(1/43)

فيروز بن يزدجرد:

شعاره أحمر وسراويله على لون السماء موشاة بالذهب، وتاجه على لون السماء قاعدا على السرير وبيده رمح. وبنى عدة مدن إحداها بأرض الهند، وأخرى بأرجاء الهند، وأخرى بناحية الري، وأخرى بناحية جرجان، وأخرى بناحية أذربيجان. وسماها بأسماء مشتقة بإسمه فسمى إحدى مدينتي الهند رام فيروز؛ وأخرى روشى فيروز؛ وبنى حائطا وراء النهر بين إيران شهر وأرض الترك، وأستتم بناء سور مدينة جي، وغلق أبوابها على يد اذرشابور بن اذرمانان الأصفهاني، وأعطاه على ذلك السجلّ الذي يسمى الحفنة. وأمر بقتل نصف يهود أصبهان وإسلام صبيانهم في بيت نار سروش أدران من قرية حروان عبيدا حيث سلخوا ظهور رجلين من الهرابذة، ثم الصقوا احدهما بالآخر واستعملوهما بالدباغة.

بلاش بن فيروز:

ثيابه خضر وسراويله حمراء موشحة بسواد وبياض، وتاجه على لون السماء قائما بيده رمح. وبنى مدينتين: إحداهما بساباط المدائن وسماها بلاش أباد، والأخرى بجانب حلوان وسماها بلا شعز.

قباد بن فيروز:

قيل له كواذبريرا إبن دش. وفي أيامه ملك أخوه جاماسف بن فيروز. ولم يعدوه ملكا، وذلك لأنه ملك في أيام فتنة مزدك. ثم رد قباد مكانه وسنوه داخلة في سني قباد، وشعار قباد على لون السماء موشحا بالبياض والسواد، وسراويله حمراء وتاجه أخضر معتمدا على سيفه جالسا على السرير. وبنى مدنا إحداها بين حلوان وشهرزور، وسماها إيران شاد كواذ، والأخرى بين جاجان وإيرشهر وسماها

(1/44)

شهراباد كواذ، والأخرى بفارس وسماها به أزامد كواذ وهي أرجان، وكوّر عليها كورة ومعناه خير من آمذ، وأخرى بجانب المدائن وسماها هنبو شابور وأهل بغداد يقولون جنبسابور، وأخرى سماها ولاشجرد، وأخرى بجانب الموصل وسماها خابور كواذ، وأخرى في السواد وسماها إيزد قباد كرد. وملّك على العرب الحارث بن عمرو بن حجر الكندي.

كسرى انوشيروان بن قباد:

شعاره أبيض ووشيه ألوان مختلفة، وسراويله على لون السماء قاعدا على السرير معتمدا على سيفه. وبنى عدة مدن منها مدينة دخلت في عداد مدن المدائن السبع وسماها به أزانديو خسرو، وهي المسماة رومية المدائن ومعنى به أزانديو أي خير من إنطاكية، والأخرى خسرو شابور ومدنا أخرى. وبنى سددر بند وهي باب الأبواب، وطول هذا السد من البحر إلى الجبل نحو من عشرين فرسخا، وأسكن في كل طرف قائدا يقطعه من الجيش، وأطعمهم من ما يلي ذلك الصقع ضياعا، وجعلها من بعدهم وقفا على أولادهم، فقد صار نسل أولئك إلى هذا الوقت حفظة لأرجاء الحائط. وكان خلع على كل قائد يوم أنفذه إلى حفظ الثغر المرسوم به قباء ديباج مصورا بنوع من التصوير، وسمي ذلك القائد الملك بإسم تلك الصورة، فخرج أسماؤهم نحو بغرانشاه؛ شروان شاه، فيلانشاه، الأنشاه.

وأختصّ واحدا منهم بسرير من فضة يسمى سرير شاه، وبالعربية ملك السرير. والسرير إسم ليس بعربي ولكنه إسم فارسي واقع على التخت الصغير. ومن الفتوح الكبار التي جرت على يد كسرى انوشيروان فتح مدينة سرانديب وفتح مدينة قسطنطنية وفتح كور اليمن.

(1/45)

فأما الذي إتفق له في فتح اليمن فشي ء لم يتفق مثله إلا للأنبياء، وذلك الذي أنفذ من أساورته ستماية إلى ثلاثين ألف نفر، فقتلوهم كلهم حتى لم ينج منهم إلا من لجأ من حر السيف إلى ماء البحر فغرق نفسه فيه وكان سبب ذلك أن الحبشة عبرت البحر إلى اليمن، فأخرجت من فيها من الرجال وتخلت بإفتراش النساء، فخرج ملكهم سيف بن ذي يزن إلى أنوشيروان وأقام على بابه سبع سنين حتى وصل اليه، ورفع إليه خبر الحبشة وما حلّ منهم بالحرم. وكان أنوشيروان شديد الغيرة فرحمه وقال: سأنظر في أمرك فأفكر! قال: لا يجوز لي في ديني أن أغرّر بجيشي فأحملهم في البحر إلى معونة من ليس على ديني، ولكن في سجوني من قد إستحق القتل، فالصواب أن أرمي بهم في نحر هذا العدو فإن ظفروا جعلت تلك البلاد لهم طعمة، وإن هلكوا لم آثم فيه.

فأمر المحبوسين فبلغ عددهم ثمانماية رجل وتسعة رجال، أكثرهم من ولد ساسان وولد بهمن بن أسفنديار، وولى عليهم وهرز وكان من ولد بها فريدون بن ساسان بن بهمن بن أسفنديار. فقال له سيف ابن ذي يزن: يا ملك الملوك أين يقع هؤلاء ممن خلّفت ورائي؟ فقال كسرى: «أخبرك أن كثير الحطب يكفيه قليل النار». فساروا في ثماني سفن غرق منها اثنتان ونجت ست، فخرجوا من السفن فأمر وهرز أصحابه أن يأكلوا فأكلوا، ثم عمد إلى باقي المطعوم فغرّقه في البحر فقال أصحابه: عمدت إلى زادنا فأطعمته السمك! فقال: إن عشتم أكلتم السمك، وإن لم تعيشوا فلا تأسفوا على عدم الطعام مع تلف الأرواح.

ثم عمد إلى سفنه فأحرقها ثم قال لأصحابه: يجب أن تختاروا لأنفسكم الفوز بمجاهدة هؤلاء أم الهلاك بإستعمال التقصير، ثم حمل على الحبشة وجعل شعاره إسم اللّه عز وجل ثم إسم الملك، فهزموهم

(1/46)

بإذن اللّه وأتى القتل على آخرهم في خمس ساعات من النهار، فصار حديث ذلك الظفر سائرا عند ملوك الأمم. وفي أيام ملكه كان ميلاد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بمدة إحدى وأربعين سنة من ملكه. ولما حضرته الوفاة أمر أن يكتب على ناووسه: ما قدمنا من خير فعند من لا يبخس الثواب، وما كسبنا من شرّ فعند من لا يعجز عن العقاب.

هرمز بن كسرى:

شعاره أحمر موشى وسراويله على لون السماء موشاة، وتاجه أخضر جالسا على السرير بيمناه جرز ويسراه معتمدة على سيفه، وهو أعلم.

كسرى ابرويز بن هرمز:

شعاره مورّد موشى وسراويله على لون السماء، وتاجه أحمر وبيده رمح. وحصل في داره ثلاثة آلاف حرة وإثنا عشر ألف جارية للغنا والملاهي ولصنوف الخدمة. ورتب في حرسه ستة آلاف رجل، وكان في إصطبله ثمانية آلاف وخمس ماية دابه لركابه خاصة، سوى ما للحشم، وتسع ماية وستون فيلا، وإثنا عشر ألف بغل لأثقاله، وعشرون ألف بختي. وسخط على نعمان بن المنذر فأقتله من وسط البادية ورمى به إلى أرجل الفيلة، وأستباح أمواله وأهله وولده وأمر بأن يباعوا باوكس الأثمان. ونصب بقرية البارمين من رستاق كرمان بيت نار، ووقف عليها قرى بقرب منها.

شيرويه بن كسرى:

شعاره وشي أحمر، وسراويله على لون السماء موشحة، وتاجه أخضر قائما بيمناه سيف مخروط. وأحسّ من اخوته نبوا عنه فقتل

(1/47)

ثمانية عشر نفرا من إخوانه وعدة من أولادهم. وأسماء إخوته: شهريار مردانشاه، كورانشاه، فيروزانشاه، أفرودشاه، شادمان، زدابزود شاه، شادزيك، أروندزيك، قس دل، قس به، خره، مردخره، زادان خره، شيرزاد جوانشير، جهان بخت.

اردشير بن شيرويه:

شعاره موشح على لون السماء، وتاجه أحمر قائما بيده رمح معتمدا على سيفه بيده اليسرى. ولما بلغ شهريزاد صاحب ثغر المغرب أنهم ملكوا صبيا، أقبل حتى دخل عليه داره فقتله.

بوران دخت بنت ابرويز:

شعارها موشى أخضر، وسراويلها على لون السماء، وتاجها أيضا على لون السماء قاعدة على السرير وبيدها طبرزين. وهي التي ردت خشبة على الجاثليق، وكانت أمها مريم بنت هرقل ملك الروم. وإنما ملكت لأن شيرويه قد كان أفنى الذكور من أبيه فإضطروا إلى تمليك النساء.

ارزمين دخت بنت ابرويز:

شعارها أحمر موشى بألوان، وسراويلها على لون السماء موشحة، وتاجها أخضر قاعدة على السرير وبيمناها طبرزين معتمدة بيسراها على السيف. وكانت جليدة قسمة ونصبت بقرية القرطمان من رستاق الابخاز بيت نار، وهو أعلم.

يزدجرد بن شهريار:

شعاره أخضر موشى وسراويله موشاة بلون السماء، وتاجه أحمر،

(1/48)

وخفافهم كلهم حمر، وبيده رمح معتمدا على سيفه. وكان السبب في تخلصه من القتل عن يد شيرويه ضيزا له كان إحتاله في إخراجه من المدائن، وسير به إلى بعض الأطراف فأخفاه في موضع. ولما ملك لم يزل في حروب متوالية ست عشرة سنة إلى أن قتل بمرو في سنة إحدى وثلاثين من الهجرة في السنة الثامنة من خلافة عثمان. ولما إستقل يزدجرد من العراق أخرج ما قدر عليه من جواهر وآنية ذهب وفضة مع ولده ونسآئه وحشمه، وكان فيمن خرج معه ألف طباخ، وألف حوسيان وألف فهاد وألف بازيار.

وقد كان خرزاد بن خرهرمز أخو رستم صاحب القادسية خرج معه حتى أورده أصفهان ثم كرمان ثم مرو، فسلمه ما هويه مرزبان مرو، وكتب عليه سجلا بتسليمه الملك منه ثم رجع خرزاد عنه إلى أذربيجان. ثم أن ملك الهياطلة قصد لحرب يزدجرد فمالأه ما هويه على قتله وأولاد ما هويه إلى الساعة يسمون بمرو ونواحيها خداه كشان، وقتل يزدجرد في طاحونة.

فهذا الذي حشوت به هذا الفصل من قصار أخبار الملاوك ما ليس في كتب التواريخ والسير منه إلا قليل، وباقيه في سائر كتبهم، فأما رسائلهم ووصاياهم وما أشبه ذلك مما هو في كتب التاريخ فقد أخليت الكتاب منه.

(1/49)

الفصل الخامس من الباب الأول [و هو حكاية جمل ما فى خداى نامه ... ]

وهو في حكاية جمل ما في خداي نامه لم يحكها إبن المقفع ولا إبن الجهم، فجئت بها في آخر هذا الباب ليجريها من يقرؤها مجرى أحاديث لقمان بن عاد عند العرب، وأحاديث عوج وبلوقيا عند الإسرائيليين ليفهم ذلك.

قرأت في كتاب نقل من كتابهم المسمى بالآبستا، أن اللّه عز وجل قدر من عمر الدنيا، من مبتدأ خلق المخلوقين إلى يوم الفصل وزوال البلاء، إثني عشر ألف سنة. فمكث العالم في العلو من غير آفة ولا عاهة ثلاثة آلاف سنة. ثم أهبط إلى السفل فبقي عاريا من الآفة والعاهة مدة ثلاثة آلاف سنة. ثم إعترض آهرمن فيه فظهرت الآفات والتنازع وأمتزج الشر بالخير بعد سنة آلاف سنة من عدم شوب الشر. ثم إبتدأ الشوب من مبتدأ الألف السابع الإمتزاجي فكان أول ما خلق اللّه من حيوان الدنيا رجلا، وثورا إختراعا من غير إمشاج من الأنثى مع الذكر يسمى الرجل كهومرث، والثور أبو ذاد، ومعنى كهومرث حي ناطق ميت ولقبه كل شاه أي ملك الطين.

فصار هذا الرجل صلا للناس في التناسل وكان مدة بقائه في الدنيا

(1/50)

ثلاثين سنة. فلما خرجت من صلبه نطفة وغاضت في الأرض فبقيت في رحم الأرض أربعين سنة. ثم نبت منها نبتان شبه ريباستين. ثم إستحالا من جنس النبات إلى جنس الإنسان احدهما ذكر والآخر أنثى، فخرجا على قامة واحدة وصورة واحدة وأسمهما مشه ومشيانه ثم تزوج مشه بمشيانه بعد خمسين سنة وولد لهما. فكان من لدن أن ولد لهما إلى أن ملك أو شهنج فيشداد الدنيا ثلاث وتسعون سنة وستة أشهر.

وقرأت هذا المعنى في بعض الكتب بلفظ آخر وزيادة شرح في الحكاية: أول ما خلق اللّه عز جل رجل وثور، فبقيا في أكناف السماء ومركز العلو بلا عاهة ولا آفة ثلاثة آلاف سنة، وهي ألوف الحمل والثور والجوزاء ثم أهبطا إلى الأرض، فبقيا فيها بريئين من آفة وعاهة ثلاثة آلاف سنة، وهي ألوف السرطان والأسد والسنبلة.

فلما إنتهى ذلك ودخل ألف الميزان ظهر التضاد، فملك كهومرث الأرض والماء والثور ونبات لأرض من ألف الميزان ثلاثين سنة، وكان طالع أول هذا الألف السرطان، وفيه المشتري والشمس في الحمل والقمر في الثور وزحل في الميزان، والمريخ في الجلدي والزهرة في الحوت وعطارد في الحوت أيضا. وجرت هذه الكواكب من هذه البروج ماه فرودين روز هرمز، وهو يوم النيروز، وتميز بدوران الفلك بها الليل من النهار.

(1/51)

الباب الثاني في سياقة تواريخ سني ملوك الروم

وهو خمسة فصول

الفصل الأول في سياقة سني ملوك مقدونية

ملك الروم بعد الإسكندر اليونانيون ملوك مقدونية، وهي مدينة الحكماء بأرض الروم. فملك بعد الاسكندر بطليموس بن الأرنب، وكان خليفة الاسكندر أربعين سنة. ثم ملك بطلميوس بن لعوس محب الأب ثمانيا وثلاثين سنة. ثم ملك بطلميوس الصانع ستا وعشرين سنة.

ثم ملك بطلميوس محب الأب سبع عشرة سنة. ثم ملك بطلميوس صاحب علم النجوم أربعا وعشرين سنة. ثم ملك بطلميوس محب الأم خمسا وثلاثين سنة. ثم ملك بطلميوس الصانع الثاني تسعا وعشرين سنة. ثم ملك بطلميوس الإسكندري عشرين سنة. ثم ملك بطلميوس الحديدي ثمان سنين. ثم ملك بطلميوس الخبيث ثلاثين سنة. ثم ملكت فلوقطرا بنت مخه إثنتين وعشرين سنة. فذلك ثلاثماية وأربع سنين لثلاثة عشر ملكا، وهو أعلم.

(1/52)

الفصل الثّاني من الباب الثاني في سياقة سني ملوك رومية

ثم غلبت الروم على اليونانيين؛ فملك الروم ملوك يقال لهم ولد صوفر، والإسرائيليون يدعون صوفر هو الأصفر بن نصر بن عيسى ابن اسحق. وتبطل ذلك الروم واليونانيون، وكان بنو صوفر ينزلون رومية، وأول من ملك منهم يوليوس سبع سنين. ثم ملك أغسطس قيصر وهو أول ملك سمي قيصر ستا وخمسين سنة. ثم ملك طباريس إثنتين وعشرين سنة. ثم ملك طباريس عابس أربع سنين. ثم ملك قلودفس أربع عشرة سنة. ثم ملك نيرون أربعا وعشرين سنة. ثم ملك طاطس وإستسيانوس متشاركة ثلاث عشرة سنة. ثم ملك دومطيانوس خمس عشرة سنة. ثم ملك طرايابس تسع عشرة سنة. ثم ملك إدريانس إحدى وعشرين سنة ثم ملك أنطونيوس ثلاثا وعشرين سنة. ثم ملك سويرس ثماني عشرة سنة. ثم ملك إبنه أنطونيوس سبع سنين. ثم ملك بعده أنطونيوس الثاني وهو في آخر ملكه كان موت جالينوس الطبيب أربع سنين. ثم ملك الأسكندر مامياس وتفسيره العاجز ثلاث عشرة سنة. ثم ملك مكسمس ثلاث سنين. ثم ملك غرديانس ست سنين.

ثم ملك فيلقس ست سنين. ثم ديقيوس سنتين. ثم ملك غلس خمس عشرة سنة. ثم ملك قلوديس سنة. ثم ملك أوربيلس ست سنين.

(1/53)

ثم ملك أبروبس سبع سنين وستة أشهر. ثم ملك دقلطيانس ومقسميانس تسع عشرة سنة. ثم ملك قرويقيس خمس سنين. ثم ملك دقلطيانس عشرين سنة. فذلك ثلاثمائة وإثنتان وثمانون سنة وستة أشهر، لثمانية وعشرين ملكا.

وذكر أبو معشر في كتاب الألوف سني ملكين من ملوك الروم وهما دقلطيانس وأغسطس، وإنه كان بين الاسكندر وأغسطس مايتان وثمانون سنة، وبينه وبين دقلطيانس خمس ماية وست وتسعون سنة.

(1/54)

الفصل الثالث من الباب الثاني في سياقة سني ملوك قسطنطينية

ثم ملك قسطنطين المظفر بن هيلاني، وهي أمه، إحدى وثلاثين سنة. ثم ملك قسطنطين إبنه أربعا وعشرين سنة. ثم ملك يوليانس بن أخي قسطنطين سنتين وستة أشهر. ثم ملك أوالس بن نوحاله أربع عشرة سنة. ثم ملك تيدوسيس الأصغر إثنتين وأربعين سنة. ثم ملك مرقيانس وبلخاريا إمرأته سبع سنين. ثم ملك اليون الأكبر وكان من أوساط الناس ستّ عشرة سنة. ثم ملك إبنه اليون الأصغر سنة. ثم ملك زنين الأرميناقي سبع عشرة سنة. ثم ملك نسطاس وكان من أوساط الناس سبعا وعشرين سنة. ثم ملك يوسطينس بعده تسع سنين. ثم ملك يوسطنيانس تسعا وثلاثين سنة. ثم ملك يوسطينس إبن أخته ثلاث عشرة سنة. ثم ملك طبارينس أربع سنين. ثم ملك موريقس عشرين سنة.

فذلك ثلاثماية وخمس سنين لسبعة عشر ملكا، يكون جميع ذلك لثمانية وخمسين ملكا تسع ماية وإثنتين وتسعين سنة.

فهذه تواريخ ملوك الروم الذين ملكوا بعد الإسكندر اليوناني إلى سنة الهجرة، وعددهم ثمانية وخمسون ملكا لأن الهجرة كانت في السنة التاسعة من ملك هرقل. وهذه التواريخ أخذتها عن رجل رومي كان

(1/55)

فراشا لأحمد بن عبد العزيز بن دلف، فوقع عليه السباء وهو رجل كبير يقرأ ويكتب بالرومية، وكان لا ينبعث في النطق بالعربية إلا بجهد وكان له إبن من جند السلطان منجم فهم يقال له يمن، فترجم لي عن لسان أبيه إملاء من كتاب له رومي الخط هذه التواريخ. ثم أصبت في كتاب صنفه قاض من قضاة بغداد يقال له وكيع، فصلا من تواريخ ملوك ساقها من إبتداء ملك قسطنطين إلى سنة إحدى وثلاثماية من الهجرة. وأنا أحكي في الفصل الرابع جملا من أخبار طبقات ملوك الروم الثلاث الذين قد تقدم ذكرهم، حاكيا ذلك عن الرومي الحاكي بتواريخ سنيهم، ثم أعدل إلى الحكاية عن كتاب وكيع في الفصل الخامس إن شاء اللّه عز وجل.

(1/56)

الفصل الرّابع من الباب الثاني في حكاية أخبار الملوك الذين تقدّم ذكرهم

بطلميوس محب الأب، بطلميوس الصانع، بطلميوس محب الأم، فلوقطرا:

أما بطلميوس محب الأب فإنه غزا بني إسرائيل بفلسطين وسباهم فبقوا عنده في السباء مدة، ثم أطلقهم وحباهم بآنية من فضة وتقدم إليهم بتعليقها من سقف بيت المقدس، وكان ملك الشام في زمانه إنطياخوس. وكان ينزل مدينة إنطاكية وهو كان الباني لها. نقصد بطلميوس محب الأب محاربا فهزمه ونكل فيه.

وأما بطلميوس الصانع فإنه تأهب لغزو إنطياخوس فأتصل به خبر موته فغلب على الشام وأنضاف له ملكها إلى ملك الروم، وإستولى بذلك اليونانيون على الشام وأما بطلميوس محب الأم ففي أيامه تأهب إسكندروس بن إنطياخوس لإرتجاع ملك الشام، فغلبه اليونانيون وملك الشام ديماطرنوس. وأما فلوقطرا فإنها كانت محبة العلوم معينة بجمعها حريصة على إقتناء كتب أفلاطون وأرسطاطاليس وأبقراط، وكان هؤلاء العلماء مقدونيين.

(1/57)

اغسطس، طباريس، قلودفس، نيرون:

أما أغسطس فأول من سمي قيصر وإشتقاق قيصر شق عنه، وذلك أن أمه ماتت وهو في بطنها يتحرك فشق بطنها عنه وأخرج. ولما ملك غزا الإسكندرية فإحتوى على ما فيها وحوّل عنها الخزائن من الأموال والسلاح إلى رومية، وبنى بالروم مدينة قياصرية وفي السنة الثانية والأربعين من ملكه ولد المسيح عليه السلام. وأما طباريس ففي ملكه رفع المسيح عليه السلام، وكان لبثه في الملك بعد رفع المسيح عليه السلام ثلاث سنين. وأما قلودفس فإنه قتل يعقوب بن زبدي الحواري وهو أول ملك من عباد الاصنام، سنّ قتل النصارى وأتى هو على خلق منهم.

طاطس، دومطيانس، ادريانس، انطونيس:

أما طاطس وشريكه إستسيانوس فإن اليهود عصوهما، فغزوا بيت المقدس وقتلا من اليهود ثلاثة آلاف قتيل وأحرقا بيت المقدس، وسبيا الذراري وذلك لسنة من ملكهما. وأما دومطيانس فلتسع سنين من ملكه نفى يوحنّا الحواري كاتب الإنجيل إلى جزيرة قبطوس ثم رده.

وأما إدريانوس فإنه أخرب ما كان بقي من بيت المقدس. وأما أنطونيس فإنه أمر بإعادة بناء بيت المقدس وسماه إيليا.

ديقيوس، دقلطيانس:

أما ديقيوس، فإنه أخذ في قتل النصارى فأتى على خلق منهم، ومنه هرب أصحاب الكهف وكانوا من أهل أفسس. وفي أخبار نصارى الروم ان اللّه أنشرهم بعد ثلاثماية وتسع سنين من موتهم لملك من ملوك الروم كان يشك في النشور. وأما دقلطيانس وشريكه مقسميانس

(1/58)

فإنهما كانا يطلبان النصارى في بلدان الروم، ويأتيان عليهم قتلا وأسرا وسبيا.

قسطنطين، يوليانس:

أما قسطنطين الأول فإنه ملك برومية ثم إنتقل إلى بازونطيا فبنى عليها سورا، وسماها قسطنطينية وجعلها دار الملك ثم فارق عبادة الأصنام ودان بالنصرانية، وذلك في أول سنة من ملكه ولسبع سنين من ملكه. خرجت أمه هيلانى الرهاوية إلى فلسطين وأبوه كان سباها من مدينة الرها، فبنت كنائس الشام ودخلت بيت المقدس، فأنارت خشبة الصليب التي صلب عليها المسيح عليه السلام، زعموا، وظفرت بها ورسمت عليها عيد الصليب وكفت قسطنطين للسعي في ذلك.

وفي السنة التاسعة عشرة من ملكه جمع بنيقية ثلاثماية وإثنا عشر عشر أسقفا حتى وضعوا شرائع النصرانية بعد أن لم تكن، فبعد ذلك تنصر الروم كلهم ثم تنصرت الأرمن من بعدهم. وفي السنة الحادية والعشرين من ملكه طبق جميع ممالكه بالكنائس. وأما يوليانس إبن أخي قسطنطين فإنه فارق النصرانية وعاود الأصنام، وغزا العراق في ملك شابور بن أردشير فقتل بالعراق. وملّك شابور على الروم رجلا من البطارقة نصرانيا يقال له بونيانس، فردّ الروم إلى أراضيهم.

تيدوسيس، مرقيانس، زنين، نسطاس:

أما تيدوسيس فإنه لعن نسطورس البطريق، وكان أسقفا من الأساقفة، وهو الذي ينسب إليه النسطورية من النصارى. وأما مرقيانس وإمرأته بلخاريا فإنهما لعنا اليعقوبية وسنّا ذلك. وأما زنين فإنه كان بلاد الأرميناق وكان يرى رأي اليعقوبية. فخرج عليه خارجي وهو غائب فغلب على قسطنطينية فعاجله زنين حتى إرتجع الملك منه، ومات

(1/59)

في حبسه. وأما نسطاس فكان من أوساط الناس، وكان يرى رأي اليعقوبية وبنى مدنا منها عمورية، فلما حفر أساسها أصاب فيه ما كان فيه وفاء بالنفقة على بناء المدينة، وفضل منه فضل فبنى به كنائس وديرات، وهو أعلم.

يوسطنيانس، طباريس، موريقس، فوقاس:

أما يوسطنيانس فإنه باني كنيسة الرها العجيبة البناء. وأما طباريس فإنه عني بالقصور التي كان ينزلها ملوك الروم، فألبس بعضها ذهبا وبعضها فضة وبعضها نحاسا. وأما موريقس فإن ملوك الفرس غلبته على عدة مدن وهو الذي إتخذ كسرى أبرويز على بهرام شوبين، وأن رجلا من جنده يقال له فوقاس وثب به فقتله وملك الروم. وأما فوقاس فإنه لما ملك تأدى خبره إلى كسرى أبرويز، فأخذته الحمية لموريقس وبعث شهريزاد إلى مدينة قسطنطينية فأناخ عليها وخبره يطول شرحه. فتقرب إلى كسرى رجل من البطارقة يقال له هرقل، فخرج في بعض الجزائر وجمع جمعا فدخل على فوقاس المدينة وقتله، وتفرغ بعد إنكشاف الفرس عن الشام في ملك أردشير بن شيرويه لعمارة بيت المقدس، ثم وردت العرب الشام فكان آخر عهد الروم بها.

(1/60)

الفصل الخامس من الباب الثاني في ذكر ما حكاه القاضي وكيع من تواريخ الروم

قال وكيع: نقلت هذه التواريخ من كتاب ملك من ملوك الروم، تولّى نقله من الرومية إلى العربية بعض التراجمة. كان قسطنطين بن هيلانى، قبل التاريخ العربي بمايتين وسبع وتسعين سنة، ملك إحدى وثلاثين سنة. ثم ملك إبنه قسطنطين بن قسطنطين أربعا وعشرين سنة.

ثم ملك يلينوس سنتين وستة أشهر. ثم ملك تيدوس عشر سنين وستة أشهر. ثم ملك البطليوس عشر سنين وتسعة أشهر. ثم ملك غردينوس والأنطيلوس وتدوس ست سنين. ثم ملك أرقادس بن تدوس ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر.

ثم ملك تيدوس بن أرقادس إثنتين وأربعين سنة وشهرا. ثم ملك بسطينوس والبسطينوس تسعا وعشرين سنة. ثم ملك لآوي الأكبر ست عشرة سنة. ثم ملك لآوي الأصغر سنة. ثم ملك زنين سبع عشرة سنة ثم ملك نسطاس سبعا وعشرين سنة وأربعة أشهر. ثم ملك أنطليس تسع سنين وأحد عشر شهرا. ثم ملك قسطروندس، وكان ميلاد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في أيامه، ثمانيا وثلاثين سنة وثلاثة أشهر. ثم ملك

(1/61)

أصطفانس خمس سنين وثلاثة أشهر. ثم ملك مرقينوس، وكان في أيامه مبعث النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، عشرين سنة وأربعة أشهر.

ثم ملك فوقاس، وفي آخر أيامه كانت الهجرة، ثماني سنين. ثم ملك هرقل وإبنه وهو صاحب حروب الشام، وفي ملكه مات النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، إحدى وثلاثين سنة.

ثم ملك قسطنطين بن هرقل، وفي أيامه كان قتل عثمان وحرب صفين، خمسا وعشرين سنة. ثم ملك قسطنطين بن إمرأة هرقل سبع عشرة سنة. ثم ملك قسطنطين بن هرقل في أيام عبد الملك بن مروان عشر سنين. ثم ملك لآوى، ويقال اليون، ثلاث سنين. ثم ملك طبارس سبع سنين. ثم ملك أسطينوس على عهد عمر بن عبد العزيز ست سنين. ثم ملك أسطاسينوس سنتين. ثم ملك تدوس سنتين. ثم ملك لآوى، وفي أيامه تصرم ملك بني أمية، خمسا وعشرين سنة وثلاثة أشهر. ثم ملك لآوى بن قسطنطين خمس سنين. ثم ملك قسطنطين بن لآوى عشر سنين غير شهرين. ثم ملك قسطنطين ست سنين وسبعة أشهر. ثم ملكت أرينة. التي أخذت الملك من أبيها.

خمس سنين. ثم ملك نقفور في أيام الرشيد ثماني سنين وتسعة أشهر.

ثم ملك نقفور شهرين. ثم ملك ميخائيل بن توفيل سبع سنين وخمسة أشهر. ثم ملك توفيل بن ميخائيل في أيام المأمون إثنتين وعشرين سنة وثلاثة أشهر. ثم ملك إبنه ميخائيل بن توفيل وأمه إلى أن بلغ الإبن في أيام المتوكل ثمانيا وعشرين سنة.

ثم إنتقل عن أهل هذا البيت وصار في يد الصقلب، فقبله بسيل الصقلبي على عهد المعتز في سنة ثلاث وخمسين ومايتين. ثم ملك بسيل عشرين سنة. ثم ملك اليون بن بسيل أيام المعتمد في سنة ثلاث وسبعين ومايتين. ثم ملك إسكندروس بن بسيل أيام المقتدر في تسع

(1/62)

وتسعين ومايتين، فبقي سنة وشهرين ومات بالدبيلة. ثم ملك قسطنطين ابن اليون وله إثنتا عشر سنة. فغلبه على الملك قسطنطين بن أندرقس، وكان إبنه بمدينة السلام فهرب بعد وفاة أبيه ولحق بأرض الروم.

غلب على الملك وإستقرّ في دار البلاط وهي دار الملك شد عليه أصحاب قسطنطين بن اليون فقتلوه، وإستولى قسطنطين بن اليون على الملك في سنة إحدى وثلاثماية.

فبين ما أحكيه أنا في الفصل الثالث من هذا الباب وبين ما حكاه وكيع القاضي خلاف كثير. والذي أخذته أنا عن لفظ الرومي أولى بأن يعتمد مما حكى عن كتاب لعل من تولى نقله لم يحسن قراءته.

ولأبي معشر المنجم في كتاب الألوف من ذكر تواريخ اليونانيين مع الروم ما أحكيه في هذا الموضع.

زعم أن فيلقس كان آخر ملوك اليونانيين، وكان ينزل مدينة مقدونية من أرض الروم، وجعل اليونانيون أول سنة من سنة ملكه تاريخا لما يستقبلون من السنين. والروم كلها تفصل سني فيلقس بثلاثة فصول: فمن أول سنة منها إلى تمام مايتين وأربع وتسعين سنة يسمونها سني اليونانيين، لأن اليونانيين كانوا ملوكهم والمدبرين لهم، وكانوا إثنا عشر ملكا أولهم فيلقس والثاني الإسكندر. وبعد الإسكندر تسعة من ملوكهم لقب كل واحد منهم بطلميوس، وهو إسم مشتقّ من الحرب، ولكل واحد منهم إسم مخالف لإسم الآخر. وانتهى الملك بعد التاسع منهم إلى إمرأة ملكة إسمها فلوقطرا. ثم كان بعد هؤلاء الإثني عشر جماعة من ذوي الأقدار ومن عوام العلماء، كل يسمى بهذا اللقب واحدهم بطلميوس واضع كتاب المجسطي. ثم من بعد ذلك ثلاثماية وثلاث عشرة سنة أخرى تتمة ستماية وسبع سنين، يسميها الروم سني اغسطس لأنه كان أول ملوكهم. ثم من بعد ذلك إلى زماننا هذا يسمونه سني دقلطيانس لأن الملك إنتقل إليه وثبت في عقبه، وهو اللهم إلى الصواب.

(1/63)

الباب الثالث في سياقة تواريخ سني ملوك اليونانيين

قرأ في كتاب مصنّف في أخبار اليونانيين قد نسب نقله إلى حبيب بن بهريز، مطران الموصل، أن اليونانيين كانوا يؤرخون في القديم من وقت خروج يونان بن تورس عن أرض بابل إلى جانب المغرب. فبقوا على هذا التاريخ إلى أن ظهر الإسكندر وغلب الملوك، فذهبت يونان وصاروا حشوة في الروم. وكان سبب ظهور الإسكندر على الملوك أنه لما مضى من مولده ست سنين، خرج من بلده وركب البحر وفتح الجزائر إلى أن بلغ أقصى إفرنجة في أقصى المغرب. ثم رجع من وجهته تلك عن طريق أفريقية منحطّا إلى أرض مصر. ومنها إلى أرض الشام، فقدر إنه لم يعمل عملا وسمت همته إلى جانب المشرق وطمع بالظفر بملك الفرس.

فلما قرب منها إتفق له قتل ملكها بوثوب بعض حماة ظهره عليه فإستولى على مملكة الفرس، ثم تجرأ منها على قصد ما ورائها من أرض الهند وأقاصي المشرق، فظفر بالمواضع التي صار إليها. ثم رجع منها عائدا إلى مدينة العتيقة إلى أن يعيدها إلى العمارة بعد ما خرّبها، وكانت في زمان عمرانها منزل ملوك الكلدانيين، فلما قرب منها مات بسم سقوه إياه وله إثنتان وثلاثون سنة فحسب. وكان في حياته تقدم إلى

(1/64)

أهل زمانه أن يؤرخوا بسني ملكه ويجعلوا إبتداءها من أول سنة سبع وعشرين من سني عمره، ومنه كانوا يؤرخون كتبهم. ثم أرخوها بعد وفاته بسنة ست من سني الإسكندر، وذلك من إبتداء حركته.

فهذا ما يحكى من أمر اليونانيين، ولم أسق سنيهم بعد الإسكندر لأنها قد مرت في سياقة تواريخ ملوك الروم المحكية في الفصل الثاني من الباب الثاني، ولم أجد لهم ذكرا في غير هذا الكتاب المنسوب نقله إلى حبيب بن بهريز.

(1/65)

الباب الرابع في سياقة تواريخ سني القبط

ولم أجد لتواريخ سنيهم ذكرا في الكتب إلا في الزيجة. فذكر النزيري في زيجه أن أول التواريخ وأقدمها هو الذي بنى عليه بطلميوس أوساط الكواكب السريعة السير في المجسطي، وهو تاريخ السنة التي ملك فيها بخت النصر أرض المغرب. ثم الذي بنى عليه ثاون زيجه وهو تاريخ فيلقس، ثم تاريخ الإسكندر، ثم تاريخ انطنيوس، وهو الذي أجرى عليه بطلميوس في المجسطي حساب الكواكب البابانية قال: وتاريخ القبط في كتاب المجسطي من أول السنة التي قدم فيها بخت النصر أرض المغرب، وكان أولها يوم الاربعاء. فالذي بين تاريخ بخت النصر وبين تاريخ يزدجرد ملك الفرس ألف وثلاثماية وتسع وسبعون سنة وثلاثة أشهر فارسية. والذي بين الإسكندر ويزدجرد من السنين تسع ماية وإثنتان وأربعون سنة ومايتان وتسعة وخمسون يوما بسني السريانيين. وكان للقبط في قديم الدهر ملوك يقال لهم الفراعنة، كما كان للنبط ملوك يقال لهم النماردة، ولليونانيين ملوك يقال لهم البطالسة. فبادوا جميعا ونسيت أخبارهم كما قد درست آثارهم، فلم يبق لهم حديث يروى ولا تاريخ يتل. وقد عبّر شاعر عن عادة الدهر إذا تطاول أمده فقال:

ألم تر أن طول الدهر يسلى ... وينسى مثل ما نسيت جدام

(1/66)

الباب الخامس في سياقة تواريخ سني الاسرائيلين

لقيت ببغداد في سنة ثمان وثلاثماية رجلا من علماء اليهود كان يدّعي أنه يؤدّي أسفار التوراة حفظا. وسمعت تلميذا له يذكر إنه ذو وفاء باداء إثني عشر كتابا من كتب أنبياء بني إسرائيل. وأسماء الكتب: كتاب يوشع بن نون، وكتاب شفطي، وكتاب شمويل، وكتاب سفر الملوك، وكتاب حكمة سليمان، وكتاب سهبرا، وكتاب قوهلت، وكتاب روث، وكتاب شيريث، وكتاب سيرين وكتاب أيوب، وكتاب جوامع، وحكم إيشعيا وأرميا وحزقيال ودانيال. فسألت هذا الرجل، وكان يسمى صدقيا، إخراج مجموع إليّ في تواريخ الإسرائيليين على إستقصاء مع إختصار، فجمع منها ما أنا حاكيه في هذا الباب.

زعم أن التوراة تنطق بأن اللّه عز وجل خلق آدم يوم الجمعة لثلاث ساعات مضت منه. ثم خلق منه حوّا وأسكنهما كنعادن، وهي جنة عدن، لست ساعات من هذا اليوم. ثم عصى آدم ربه فاخرجهما منها لتسع ساعات من هذا اليوم، فأنزلهما الجبل المقدس وبعث إليهما ملكا فعلم آدم الحراثة والزراعة والدراس والطحن والنخل، وحوا النسج

(1/67)

والغزل والعجن والخبز. وكان عمر آدم عليه السلام تسع ماية وثلاثين سنة. وكان مولد شيت بعد ماية وثلاثين سنة من عمره. وبقي شيت بعد وفاة أبيه ماية وإثنتي عشرة سنة، فكان عمره تسعماية وإثنتي عشرة سنة. ثم كان مولد نوح بعد وفاة آدم بماية وست وعشرين سنة، وذلك لألف وست وخمسين سنة مضت من يوم خلق آدم عليه السلام.

فجميع ما مضى من سني العالم إلى إبتداء تاريخ العرب من الهجرة أربعة الأف وثلاثماية وإثنتان وثمانون سنة، منها من يوم خلق آدم إلى مولد نوح عليه السلام ألف وست وخمسون سنة. ومن مولد نوح إلى مولد إبراهيم عليه السلام كان بعد وفاته بثمان ماية وخمسين سنة ومن مولد إبراهيم إلى قدوم يعقوب مصر على إبنه يوسف عليهما السلام مايتان وتسعون سنة. من ذلك عمر إبراهيم عليه السلام إلى أن ولد أسحق عليه السلام ماية سنة. ومن ذلك الوقت إلى أن مات خمس وسبعون سنة. ومن مولد أسحق إلى مولد يعقوب عليهما السلام ستون سنة. ومن ذلك الوقت إلى أن مات ماية وعشرون سنة.

ومن مولد يعقوب إلى قدومه مصر ماية وثلاثون سنة. ومن ذلك الوقت إلى أن مات سبع عشرة سنة. وكان قدوم يعقوب مصر بعد وفاة إسحق بعشر سنين. ثم كان مقام بني إسرائيل بمصر إلى أن أخرجهم موسى منها مايتين وعشر سنين. ومن خروج بني إسرائيل من مصر إلى بنيان بيت المقدّس أربعماية وثمانون سنة. وكانت مدة لبث بيت المقدس على العمارة أربع ماية وعشر سنين. ثم كانت مدة لبثها على التخريب سبعين سنة. ثم كانت مدة لبثها على العمارة أربع ماية وعشرين سنة. ثم كانت مدة لبثها على التخريب خمس ماية وأربعا وخمسين سنة، وذلك عند ظهور العرب. ثم أعاد عمارتها عمر بن الخطاب.

إلى ها هنا جميع ما حكاه لي صدقيا عن التوراة. وأنا قرأت في

(1/68)

كتاب لبعض رواة السير أن خراب بيت المقدس الأول كان على يد بخت النصر بن رهام، ويقال أنه بخت نصر بن ويه بن جودرز بأمر الملك لهراسب بعد أن قبض ملكهم بخنيا وخرب مدينتهم وأنفذ السبي إلى بابل، وأن الذي أعاد بناها إلى العمارة بعد سبعين سنة ملك إسمه بالعبرانية كورش، وتزعم اليهود أنه بهمن بن أسفنديار، وذلك غير موافق لتاريخ الفرس والخلاف بين التاريخين اكثر من مايتي سنة. وأنه كان بين منصرف الإسرائيليين من بابل إلى فلسطين إلى ملك الإسكندر ماية وخمس وأربعون سنة، وبين عمارة بيت المقدس وتخريب ططوس ملك الروم لها أربع ماية وستون سنة. وقد كان مضى من سني الإسكندر أربعماية وستون سنة.

وقرأت في كتاب آخر أنه كان بين بناء بيت المقدس، على يد سليمان وبين ملك الإسكندر سبعماية وسبع عشرة سنة. ثم كان بين خراب بيت المقدس على يد الفرس وبين هلاك الإسكندر مايتان وتسع وستون سنة. ثم كان ظهور المسيح عليه السلام لخمس وستين سنة من ملك الإسكندر، ولاحدى وخمسين سنة من ملك الأشغانيين وكان ميلاد المسيح عليه السلام لإثنتين وأربعين سنة من ملك أغسطس ملك الروم. ثم كان تخريب بيت المقدس على يد ططوس بن اسفيانوس ملك الروم، بعد أن قتل المقاتلة وسبى الذرية إلى مدينة رومية حتى نسف بيت المقدس نسفا، فلم يترك فيه حجرا على حجر بعد إرتفاع المسيح عليه السلام بأربعين سنة. ومن خراب ططوس لبيت المقدس إلى آخر ملك قسطنطين مايتان وإثنتان وسبعون سنة. ومن آخر ملك قسطنطين إلى الهجرة مايتان وخمس وثمانون سنة وكسر.

وقرأت في كتاب منسوب التأليف إلى فنحاس بن باطا العبراني أنه كان بين مولد موسى عليه السلام، وبين اخراجه رهط الإسرائيليين

(1/69)

من أرض مصر إلى بريّة فلسطين يعني ثمانون سنة. ومن إستقراره بالتيه إلى إخراج يوشع بني إسرائيل منه أربعون سنة. فيكون بين مولد موسى عليه السلام، وبين موته من هذا الحساب، ماية وعشرون سنة. فلما أخرج يوشع الإسرائيليين من التيه ساربهم ومعه تابوت الميثاق حتى عبر نهر الاردن، واتفق له ولاصحابه طريق فاحتاط بمدينة أريحا ستة أيام محاربا فلما كان بالسابع أمرهم فنفخوا بالقرون وضج الشعب ضجة واحدة فسقط سور المدينة فأباحها فأجتاحوها ثم أحرقوها بما فيها ما خلا الذهب والفضة وآنية النحاس والحديد، فانهم أدخلوها بيت المال.

ثم نهض يوشع بن نون إلى ملك عاي وشعبه فافتتح عاي وصلب ملكها على خشبة، وأحرق المدينة وقتل فيها إثني عشر ألفا من الرجال والنساء والصبيان. فكان من ابتداء تولية يوشع لأمر بني إسرائيل، وذلك من وقت وفاة موسى عليه السلام إلى أن مات، سبع وعشرون سنة. ثم قام بأمر بني إسرائيل بعد يوشع بن نون سبط يهودا وسبط شمعون، فتوجهوا لحرب الكنعانيين والفرزيين فاستباحوهم وقتلوا ببارق عشرة آلاف إنسان، وأخذوا ملك بارق فأدخلوه أورشليم فمات بها. ثم عملت بنو إسرائيل المعاصي وعبدوا بغلا وكبرت أحداثهم، فأرسل إليهم الياس بن باسين بن عيزار بن هرون بن عمران، وهو دعاهم إلى ترك المعاصي فلم يطيعوه، فدعا عليهم بالقحط فقحطوا ثلاث سنين.

فاستخفى الياس من بينهم ثم فقد، وخلّف الياس بعد فقد بني إسرائيل اياه اليسع بن أخطوب فبقي بين ظهرانيهم، وهم منهمكون في المعاصي والتابوت بين أظهرهم يستنصرون به عند الزحوف. ثم ملكهم بعد اليسع ملك يقال له ايلاق، فزحف اليه عدو له فخرج ببني إسرائيل للقائه والتابوت أمامه، فغلب العدو على التابوت وأختلط أمر بني إسرائيل وهزمهم العدو، فانصرفوا إلى أرضهم وبقوا على

(1/70)

اختلاف من حالهم. فكانت مدة السنين التي مضت لهم في هذه الحال، وهي السنون المنسوبة إلى المدبّرين والقضاة من بني إسرائيل بعد موت يوشع بن نون، أربعماية وستون سنة.

منها لتسليط اللّه عليهم كوشان ملط ارم لمعصيتهم، وكان من ولد لوط الذين سكنوا ناحية دمشق ثماني سنين. ثم لهدوهم من الحرب أربعون سنة. ولتسليط عقلون ملك ذاب عليهم واستعباده اياهم ثماني عشرة سنة. ولهدوهم من الحرب ثمانون سنة ولتسليط يابين المعروف بناقش ملك أرض كنعان عليهم واستعبادهم، عشرون سنة ولهدوهم من الحرب اربعون سنة. ولتسليط أهل مدين عليهم، وكانوا قوما من ولد لوط ينزلون تخوم الحجاز، سبع سنين. ولاستعباد جدعون بن يواش اياهم ولتوليته القضاء بينهم أربعون سنة. ولولاية املك بن جدعون إياهم ثلاث سنين. ولولاية تولع بن فوا ثلاث وعشرون.

ولولاية يابين الإسرائيلي إثنتان وعشرون سنة. ولغلبة بني عمون اياهم وكانوا قوما من فلسطين ثمان عشرة سنة. ولولاية يعتح وكان مدبرا لأمر بني إسرائيل ست سنين. ولولاية بحسون من قرية بيت لحم، وكان من بني إسرائيل، سبع سنين. ولولاية الون عشر سنين. وأيضا لولاية ابدون، وكان له أربعون إبنا وثلاثون إبن إبن يركبون معه الحمير، ثماني سنين. ولغلبة أهل فلسطين ثانيا إياهم أربعون سنة.

ولولاية شمشون الجبار من بني إسرائيل عشرون سنة. ولبث بني إسرائيل بعد شمشون بلا مدبر عشر سنين. ولولاية غالي الكاهن، وكان مدبر أمر بني إسرائيل، وفي أيامه غلب أهل اسدود وغزة وعسقلان على تابوت الميثاق، وفي السنة الحادية والعشرين من ولايته تمّت لسني العالم ألفا سنة، أربعون سنة.

(1/71)

ثم تولى أمر بني إسرائيل بعد غالي الكاهن شمويل النبي عليه السلام عشرين سنة. ثم مسح شمويل رأس طالوت بالدهن واسمه بالسريانية شاول لتملكه على بني إسرائيل فبقي فيهم أربعين سنة. ثم ملك داوود عليه السلام وكان خليفة طالوت عند غزاية جالوت أربعين سنة. ثم ملك سليمان بن داوود عليهما السلام أربعين سنة. ثم ملك ولد سليمان وولد ولده إلى أن غزاهم بخت النصر، فأجلاهم عن أورشليم وحمل من سبى منهم إلى بابل، وكان غزاهم سنحاريب ملك الموصل في أيام ايشعيا التي ملك فيها أولاد سليمان عليه السلام.

وجملة مدة سني ذلك إلى أن خرب بخت النصر بيت المقدس ثلاثماية وأربع وتسعون سنة وستة أشهر. منها لأرحبعم بن سليمان سبع عشرة سنة، ولأبيا بن ارحبعم ثلاث سنين، ولاسا بن أبيا احدى وأربعون سنة، وليهوشافاط بن اسا خمس وعشرون سنة وليهورام بن يهوشافاط ثمان سنين، وهي داخلة في سني أبيه، ولا حزياهو بن يهورام سنة، وليوأش بن احزياهو أربعون سنة، ولا مضيا ابن يواش تسع وعشرون سنة منها إلى أن أسر أربع عشرة سنة.

ولعزيا بن امضيا إثنتان وخمسون سنة منها وأبوه حي مأسور خمس عشرة سنة، ولعثليا وهي أم احزيا ست سنين، وليوثام ست عشرة سنة، ولحزقيا بن احاز وهو صاحب ايشعيا تسع وعشرون سنة، ولمنشا بن حزقيا خمس وعشرون سنة، ولامون بن منشا سنتان، وليوشيا بن أمون أحدى وثلاثون سنة، ولياهو احاز بن يوشيا ثلاثة أشهر، وليهوياقيم احدى عشرة سنة، وليخنيا بن يهوياقيم الذي أسره بخت النصر إلى أرض بابل ثلاثة أشهر.

ثم ملك صدقيا بتمليك بخت النصر اياه عند خروجه عن أورشليم إلى بابل، فلما علم أن بخت النصر قد تباعد أظهر العصيان، فكرّ

(1/72)

بخت النصر راجعا وغزاهم ثانية فخرّب المدينة وسوّى الهيكل بالأرض وأسر صدقيا وسبى عامة بني إسرائيل، وحملهم إلى بابل وصار ملك أورشليم وبيت القدس لبخت النصر فبقي على الخراب سبعين سنة.

فلما عاد بنو إسرائيل إلى بيت المقدس ملكهم اليونانيون والروم.

وفي كتاب آخر أن مدة ملك بخت النصر كانت على أورشليم وسائر بلاد المغرب خمس وأربعون سنة، منها قبل تخريبه بيت المقدس تسع عشرة سنة وبعد ذلك ست وعشرون سنة. ثم ملكها ابن بخت النصر أو كردوج إثنتين وعشرين سنة. ثم ملك بلشصر ثلاث سنين.

ثم أن دارا بن دارا واسمه بالسريانية دارياوش قتل بلشصر.

(1/73)

الباب السادس في سياقة تواريخ اللخميين من ملوك عرب العراق

لما حدث سيل العرم تمزقت عرب اليمن من مدينة مأرب إلى العراق والشام، فكانت تنوخ وهم حي من أحياء الازد ممن تمزق إلى العراق، وذلك أنه اتفق مجي ء مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان الازدي من بني نصر بن الازد في جمهور من الازد، ومجي ء مالك بن فهم بن تيم اللّه بن اسد بن وبرة بن قضاعة في جمهور من قضاعة، لما افترقت قضاعة عن تهامة إلى البحرين، فقال مالك بن فهم الأزدي لمالك بن القضاعي: نقيم بالبحرين ونتحالف على من نوانا.

فتحالفوا فسموا تنوخا، وذلك في أيام ملوك الطوائف، فنظروا إلى العراق وعليها طائفة من ملوكها وهي شاغرة، فخرجوا عن البحرين وسارت الازد إلى العراق مع مالك بن فهم الازدي، ثم سارت قضاعة إلى الشام مع مالك بن فهم القضاعي، فملك القضاعيون طائفة من الشام ثمت سليخ بن حلوان في قضاعة فصار الملك فيها، ثم منها في الضجاعمة فبقي الملك فيهم إلى أن غلب على الملك بنو جفنة مالك بن فهم، وتملك على تنوخ العراق مالك بن فهم في زمان ملوك

(1/74)

الطوائف، وكان منزله بالانبار، فبقي بها إلى أن رماه سليمة بن مالك رمية بالنبل وهو لا يعرفه فلما علم أن سليمة راميه قال شعرا:

جزاني لا جزاه اللّه خيرا ... سليمة إنّه شرّا جزاني

أعلّمه الرّماية كلّ يوم ... فلما اشتدّ ساعده رماني

فلما قال هذين البيتين فاظ وهرب سليمة إلى عمان فعقبه نعمان جذيمة بن مالك بن فهم. ثم ملك إبنه جذيمة بن مالك بن فهم، وكان ثاقب الرأى بعيد المغار شديد النكاية ظاهر الحزم، وهو أول من غزا بالجيوش. فشن الغارات على قبائل العرب وكان به برص فاكبرته العرب على أن تنعته اعظاما، فسمّته جذيمة الابرش وجذيمة الوضاح، واستولى من السواد إلى ما بين الحيرة والانبار ورقة وعين التمر والقطقطانة وسائر القرى المجاورة لبادية العرب، فكان يجبي أموالها وغزا طسما وجديسا في منازلها من جو اليمامة وما حولها، فصادف خيل حسان بن تبع قد أغارت عليها، فانكفى راجعا بمن معه فتبعه كردوس من خيل حسان، فوقعوا على سرية كانت له فاجتاحوها وفي مغازي جذيمة غاراته على قبائل العرب شعر:

اضحى جذيمة في يبرين منزله ... قد حاز ما جمعت في عصرها عاد

فطال عمره إلى أن لحق ملك شابور بن أشك الاشغاني. وكان جذيمة ملك معد وبعض اليمن، ولم يلد له غير زينب بنت جذيمة، وهي أم مرتع، وهو إسمه عمرو بن معاوية بن كندة فغزا في آخر عمره الشام، فقتل عمرو بن طرب بن حسان بن اذينة ملك العمالقة والد الزباء، فانطوت له الزباء على طلب الثأر حتى قتلته؛ وأذينة هو الذي يقول فيه الأعشى شعرا:

(1/75)

أزال أذينة عن ملكه ... وأخرج من حصنه ذا يزن

وكان ملكه ستين سنة. فورث الملك من بعده إبن أخته عمرو ابن عدي. فصار الملك من بعد جذيمة إلى ابن أخته عمرو بن عدي وأمه رقاش بنت مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان، وهو أول من اتخذ الحيرة منزلا من ملوك العرب، وأول ملك يعدّه الحيريون في كتبهم من ملوك عرب العراق، وملوك العراق إليه ينسبون وهم آل نصر. فبقي عمرو ملكا مدة عمره، فمات وهو إبن خمسين وماية سنة. وكان في سلطانه منفردا بملكه مستبدا بأمره، يغزو المغازي ويصيب الغنائم وتجبى إليه الأموال وتفد عليه الوفود دهره الأطول، لا يدين لملوك الطوائف بالعراق حتى قدم أردشير بن بابك في أهل فارس أرض العراق. فالفى أردشير على الاردوانيين وهم نبط العراق ملكا يقال له أردوان وعلى الارمانيين، وهم نبط الشام ملكا يقال له بابا وكل واحد منهما يقاتل الآخر على ملكه، فعندها تساندا على قتال أردشير يوما هذا ويوما هذا فإذا كان يوم بابا لم يعرّ به أردشير وإذا كان يوم اردوان لم يف بأردشير. فعندها أردشير رأى مصالحة بابا على أن يكف عنه ويدعه وأردوان وتخلى أردشير لبابا مملكته يتصرف بها، فتفرغ أردشير لحرب اردوان فما لبث أن قتله وإستولى على ما كان تحت يده من أرض ومال ورجال. فعندها حمل بابا إليه الاتاوة وأسمع له وأطاع، فضبط أردشير العراق وقهر من كان له بها مناوئا حتى حملهم على ما أراد مما يوافقهم ولم يوافقهم، فكره كثير من تنوخ مجاورة العراق على الصغار، فخرج من كان منهم من قبائل قضاعة الذين كانوا أقبلوا مع مالك وعمرو إبني مالك بن رمين وغيرهم فلحقوا بالشام وانضموا إلى من هناك من قضاعة. فكان أناس من العرب يحدثون أحداثا في قومهم أو تضيق المعيشة، فيخرجون إلى ريف

(1/76)

العراق وينزلون الحيرة، فكان ذلك على أكثرهم هجنة فصار أهل الحيرة ثلاثة أثلات منها: الأول تنوخ وهم من كان سكن المظال وبيوت الشعر والوبر في غربي الفرات، ما بين الحيرة إلى الأنبار فما فوقها، والثلث الثاني العباد وهم الذين سكنوا رقعة الحيرة فابتنوا بها. والثلث الثالث الاحلاف، وهم الذين لحقوا بأهل الحيرة.

ثم لم يكن من تنوخ الوبر ولا من العباد الذين دانوا لأردشير فكانت الحيرة والأنبار بنيتا في زمان تولية بخت نصر العراق. فخربت الحيرة لتحوّل أهلها عنها عند هلاك بخت نصر إلى الأنبار، وعمرت الأنبار خمس ماية وخمسين سنة إلى أن بدأت الحيرة في العمارة في أيام ملك عمرو بن عدي باتخاذه منزلا. فعمرت الحيرة خمسماية وبضعا وثلاثين سنة إلى أن وضعت الكوفة، ونزلها عرب الإسلام، وكان جميع ما يملكه عمرو بن عدي ماية وثمان عشرة سنة.

وهذا التاريخ موافق لما في كتاب المحبر؛ ومخالف لما في كتاب المعارف من ذلك من زمن ملوك الطوائف خمس وتسعون سنة، وفي زمن ملوك فارس ثلاث وعشرون سنة، منها في أيام أردشير بن بابك أربع عشرة سنة وعشرة أشهر، وفي أيام شابور بن أردشير ثماني سنين وشهران.

امرؤ القيس بن عمرو بن عدي:

ثم ملك من بعد عمرو بن عدي إبنه أمرؤ القيس البدأ، وهو الأول في كلامهم، وأمه ماوية بنت عمرو أخت كعب بن عمرو الازدي ماية وأربع عشرة سنة، منها في زمن شابور بن أردشير ثلاث وعشرون سنة، في زمن هرمز بن شابور سنة وعشرة أشهر، زمن بهرام بن هرمز تسع سنين وثلاثة أشهر، وفي زمن بهرام بن بهرام

(1/77)

ثلاثا وعشرين سنة، وفي زمن بهرام بن بهرام بن بهرام ثلاث عشرة سنة وستة أشهر، وفي زمن نرسي بن بهرام بن بهرام تسع سنين، وفي زمن هرمز ابن نرسي ثلاث عشر سنة، وفي زمن شابور الأكتاف عشرين سنة وخمسة أشهر.

عمرو بن امرى ء القيس:

ثم ملك من بعد أمرى ء القيس البدأ إبنه عمرو بن أمرى ء القيس.

وأمه هند بنت كعب بن عمرو، ستين سنة. من ذلك في زمان شابور ذي الأكتاف إحدى وخمسين سنة وسبعة أشهر. وفي زمن أردشير أخي شابور خمس سنين، وفي زمن شابور بن شابور أربع سنين وخمسة أشهر، وهو أعلم.

امرؤ القيس بن البدأ بن عمرو:

ثم إستخلف من بعد عمرو بن إمرى ء القيس آوس بن قلام بن بطينا بن جميهر بن لحيان العمليقي خمس سنين في زمن أردشير أخي شابور. ثم ثار باوس بن قلام ححجنا بن عبيل أحد من بني فاران، قال إبن الكلبي: وهو فاران بن عمرو بن عمليق، وهم بطن بالحيرة يقال لهم بنو فاران وححجنا منهم، فقتل ححجنا آوسا فرجع الملك إلى آل بني نصر، فملكهم أمرؤ القيس البدن وهو محرّق الأول الذي ذكره الأسود بن يعفر في قوله شعرا:

ماذا أؤمل بعد آل محرّق؟

وهو أول من عاقب بالنار.

عمرو بن الطوق:

إحدى وعشرين سنة وثلاثة أشهر من ذلك في زمن شابور بن

(1/78)

شابور خمس سنين، وفي زمن بهرام بن شابور إحدى عشرة سنة، وفي زمن يزدجرد بن شابور خمس سنين وثلاثة أشهر.

النعمان بن امرى ء القيس:

ثم ملك من بعد إمرى ء القيس إبنه النعمان الأعور السائح، وهو باني الخورنق والسدير وفارس حليمة، وأمه شقيقة بنت أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة، وأخو شقيقة لأبيها عمرو المزدلف، وأخو النعمان الأعور لأمه شقيقة حسان بن زهير اللخمي. وكان مدة ملك النعمان من يوم ملك إلى أن زها في الملك وساح في الأرض ثلاثين سنة من ذلك في زمن يزدجرد بن بهرام بن شابور خمس عشرة سنة وثمانية أشهر، وفي زمن بهرام جور بن يزدجرد أربع عشرة سنة وأربعة أشهر.

وكان النعمان من أشدّ ملوك العرب نكاية في الأعداء وأبعدهم مغارا، وغزا الشام مرارا كثيرة وأكثر المصائب في أهلها وسبى وغنم وكان ملك فارس ينفذ معه كتيبتين الشهباء وأهلها الفرس، ودوسر وأهلها تنوخ، فكان يغزو بهما من لا يدين له من العرب، وكان صارما حازما ضابطا لملكه وإجتمع له من الأموال والخيول والرقيق ما لم يملكه أحد من ملوك الحيرة، والحيرة يومئذ ساحل الفرات لأن الفرات حينئذ كان يدنو من أطراف البرّ حتى يصل إلى النجف. فلما أتى إلى الملك النعمان ثلاثون سنة علا مجلسه على الخورنق، وأشرف منه إلى النجف وما يليه من النخل والبساتين والجنان والأنهار مما يلي المغرب، وعلى الفرات مما يلي المشرق، فأعجبه ما رأى في البر من الخضرة والنور والانهار الجارية ولقاط الكمأة ورعي الابل وصيد الظباء والأرانب، وفي الفرات من الملاحين والغوّاصين وصيّاد السمك،

(1/79)

وفي الحيرة من الأموال والخيول ومن يموج فيها من رعيته، ففكّر وقال في نفسه: أيّ درك في هذا الذي قد ملكته اليوم ويملكه غدا غيري؟ فبعث إلى حجّابه ونحاهم عن بابه، فلما جنّ عليه الليل التحف بكساء وساح في الأرض فلم يره أحد؛ وفيه يقول عدي بن زيد يخاطب النعمان بن المنذر:

وتدبّر ربّ الحورنق إذ أشرف يوما وللهدي تفكير سرّه حاله وكثرة ما يملك والبحر معرضا والسدير فأرعوى قلبه وقال: وما غبطة حيّ إلى الممات يصير؟

المنذر بن النعمان:

ملك من بعد النعمان الأعور إبنه المنذر بن النعمان، وأمه هند بنت زيد مناة بن زيد بن عمرو الغساني أربعا وأربعين سنة، من ذلك في زمن بهرام جور بن يزدجرد ثماني سنين وتسعة أشهر، وفي زمن يزدجرد بن بهرام خور ثمان عشرة سنة وثلاثة أشهر. وفي زمن فيروز إبن يزدجرد سبع عشرة سنة.

الأسود بن المنذر:

ثم ملك من بعد المنذر إبنه الأسود بن المنذر، وأمه هر بنت النعمان وهي من بني الهيجمانية من لخم عشرين سنة، من ذلك في زمن فيروز إبن يزدجرد عشر سنين، وفي زمن بلاش بن فيروز أربع سنين، وفي زمن قباد بن فيروز ست سنين.

المنذر بن المنذر:

ثم ملك من بعد الأسود بن المنذر أخوه المنذر بن المنذر، وأمه هر أيضا، سبع سنين في زمن قباد بن فيروز، وهو أعلم.

(1/80)

النعمان بن الأسود:

ثم ملك بعد المنذر بن المنذر إبن أخيه النعمان بن الأسود، وأمه أم الملك بنت عمرو بن حجر، أخت الحارث بن عمرو بن حجر الكندي أربع سنين في زمن قباد.

أبو يعفر بن علقمة الذميلي:

ثم إستخلف أبو يعفر الذميلي وذميل بطن من لخم ثلاث سنين في زمن قباد بن فيروز، وهو أعلم.

أمرؤ القيس بن النعمان:

ثم ملكوا إبنا للنعمان الأعور يقال له إمرؤ القيس بن النعمان بن امرى ء القيس. وامرؤ القيس هذا الذي غزا بكرا، يوم أوارة، في دارها. وكانوا أنصار بني آكل المرار وهزمهم، فكانت بكر قبله تقيم أود ملوك الحيرة وتعضدهم. وهو أيضا باني الحصن الذي يقال له الصنبر على يد البناء الذي يقال له سنمار الرومي؛ وفي هذا الحصن يقول هذا الشعر:

ليت شعري متى تخبّ به ... الناقة نحو العذيب والصنبر؟

وهو أيضا قاتل سنمار الباني لقصره؛ وفيه قال المتلمس:

جزاني أخو لخم، على ذات بيننا ... جزاء سنمار وما كان ذا ذنب

وكان ملكه سبع سنين في زمن قباد بن فيروز.

المنذر بن امرى ء القيس:

ثم ملك من بعد امرى ء القيس بن النعمان إبنه المنذر بن امرى ء

(1/81)

القيس، وهو الذي يقال له المنذر بن ماء السماء وهو ذو القرنين. وماء السماء أمه، وأسمها ماوية بنت عوف بن جشم بن هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عامر الضحيان بن الخزرج بن تيم اللّه النمر بن قاسط.

ويقال: بل هي أخت كليب ومهلهل، سميت ماء السماء لجمالها وحسنها فملك إثنتين وثلاثين سنة، من ذلك في زمن قباد بن فيروز ست سنين وفي زمن أنوشيروان كسرى بن قباد ستا وعشرين سنة. وقتله الحارث الأعرج وهو الحارث الوهاب الجفني يوم عين أباغ، وهو اليوم الذي قيل فيه: ما يوم حليمة بسرّ. وفي كتاب المعارف إن الذي قتله الحارث الأعرج في يوم حليمة هو المنذر بن إمرى ء القيس، وكان يوم عين أباغ بعد يوم حليمة، والمقتول في يوم عين أباغ المنذر بن المنذر، وكان خرج يطلب بدم أبيه فقتله الحارث الأعرج ايضا. قال وقد سمعنا من يذكر أن قاتله مرة بن كلثوم أخو عمرو بن كلثوم التغلبي.

الحارث بن عمرو:

ثم ملك من بعده الحارث بن الحارث بن عمرو بن حجر، آكل المرار الكندي. وكان لإنتقال الملك عن لخم إلى كندة سببان: أحدهما اغضاء الملك قباد بن فيروز عن ضبط المملكة وإهماله لسياسة الرعية.

وذلك إن فيروز والده كان غزا الهياطلة، وكانوا سكان طرف من أطراف خراسان، وكان إبنه قباد معه فقتل فيروز وأسر قباد، فقصدهم جنود الفرس حتى فكّوا قباد، فلما تخلّص من الأسار وتقلد الملك ترك القتل والقتال، فوهى ملكه لأخذه في عمل الآخرة. فعندها مرح أهل فارس في المعاصي وإنتشرت فيهم الزندقة، وكان الداعي إليها مزدك بن بامدادان الموبذ، فجمع إليه الضعفاء ووعدهم الملك.

فبهذا السبب ضعف ملك العرب لأن مادة قوة ملوك العرب كانت من جهة ملوك الفرس، فعندها ملّكت بكر بن وايل عليها الحارث بن

(1/82)

عمرو بن حجر آكل المرار. فهرب المنذر من دار مملكته بالحيرة ومضى حتى نزل إلى الجرساء الكلبي وأقام عنده. فلما مات قباد وملك إبنه كسرى أنوشيروان سار في الملك بسيرة مضادة لسيرة أبيه قباد، فبدأ بالزنادقة فاجتاحهم قتلا وأسرا حتى قوي ملكه، ثم رد المنذر إلى مملكته.

والسبب الثاني إن إمرأ القيس البدأ كان يغزو قبائل ربيعة فينكل فيهم. ومنهم أصاب ماء السماء وكانت تحت أبي حوط الخطائر، ثم إنه ترك الحزم في غزوة من غزواته فثارت به بكر بن وايل فهزموا رجاله وأسروه. وكان الذي ولي أساره سلمة بن مرة بن همام بن مرة ابن ذهل بن شيبان، فأخذ منه الفدا وأطلقه فبقيت تلك العداوة في نفوس بكر بن وايل إلى أن وهى أمر الملك قباد، فعندها أرسلت بكر إلى الحارث بن عمرو بن حجر فملّكوه وحشدوا له، ونهضوا معه حتى أخذ الملك ودانت له العرب. فذكر هشام عن أبيه إنه لم يجد الحارث فيمن أحصاه كتاب أهل الحيرة من ملوك العرب قال: وظني إنهم إنما تركوه لأنه توئب على الملك بغير إذن من ملوك الفرس، ولأنه كان بمعزل عن الحيرة التي كانت دار المملكة ولم يعرف له مستقر، وإنما كان سيارة في أرض العرب.

المنذر بن امرى ء القيس:

ثم ملك من بعد المنذر بن إمرى ء القيس ثانيا، وذلك إن كسرى أنوشيروان لما فرغ من إصطلام الزنادقة بلغه أن آكل المرار قبل الزنادقة فبعث إلى المنذر من أشخصه إلى حضرته، فقواه برجال من الأساورة وردّه إلى الحيرة ملكا. وفي ولاية ابن إمرى ء القيس كان إمرؤ القيس الشاعر، لأن الباعث في طلب سلاحه كان الحارث بن أبي شمر الغساني وهو الحارث الأكبر قاتل المنذر بن إمرى ء القيس، وذلك قبل مولد

(1/83)

النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بقريب من أربعين سنة، لأن مولده كان بعد قعود أنوشيروان بملكه بأربعين سنة. ومما يستدل به في أيام إمرؤ القيس قوله في شعره يذم من غدر بأبيه من بني تميم.

لا حميريّ وفا ولا عدس ... ولا إست عير تحكّه الثفر

عدس: جدّ لقيط وحاجب إبني زرارة، والعلم عند اللّه.

عمرو بن المنذر:

وهو الذي يقال له عمرو بن هند وهو مضرّط الحجارة ومحرق الثاني، وأمه هند بنت عمة إمرى ء القيس الشاعر بنت عمرو بن الكندي آكل المرار. ولدت للمنذر بن ماء السماء عمرا وقابوسا والمنذر، هو الذي قتل به عمرو بن كلثوم ولذلك قال الأخطل:

أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا ... قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا

يعني بأحد عمّيه عمرو بن كلثوم، قاتل عمرو بن هند وبالعم الآخر مرة بن كلثوم قاتل المنذر بن النعمان بن المنذر. وكان عمرو ابن هند شديد السلطان، وهو الذي غزا تميما في دارها فقتل من بني دارم ماية نفس يوم أوارة الثاني بأخيه أسعد بن المنذر. وكان ملك عمرو ابن هند ست عشرة سنة في زمن أنوشيروان، ولثماني سنين وستة أشهر من ملك عمرو بن هند كان ميلاد النبي عليه السلام، وذلك عام الفيل وهو العام الذي غزا أبرهة الأشرم أبو يكسوم مكة ومعه الفيل، وذلك لأربع وثلاثين سنة وثمانية أشهر، بل يقول لاحدى وأربعين سنة مضت من ملك أنوشيروان بن قباد، وملك عمرو بن هند بعد ذلك سبع سنين وستة أشهر.

(1/84)

قابوس بن المنذر:

ثم ملك من بعد عمرو بن المنذر أخوه قابوس بن المنذر أربع سنين في زمن أنوشيروان ويقال إنه لم يملك. وإنما سموه ملكا لأن أباه وأخاه كانا ملكين، وكان فيه لين وسموه فتنة العرس. ويقال: إنه كان ضعيفا مهينا فقتله رجل من يشكر وسلبه.

فيشهرت:

ثم ملك فيشهرت الفارسي في زمان أنوشيروان سنة.

المنذر بن المنذر:

ثم ملك المنذر بن المنذر أخي عمرو بن هند أربع سنين، وذلك في زمن أنوشيروان ثمانية أشهر، وفي زمن هرمز بن كسرى أنوشيروان ثلاث سنين وأربعة أشهر، وهو عالم الغيب.

النعمان بن المنذر:

ثم ملك من بعد أبيه النعمان بن المنذر أبو قابوس، وهو قاتل عبيد ابن الأبرص في يوم بؤسه، وقاتل عدي بن زيد وصاحب النابغة الذبياني، وغازي قرقيسيا، وباني الغرّيين، وهما طربالان كان يغريهما بدم من يقتله في يوم بؤسه. ويزعم بعض أهل الأخبار إنه دخل في النصرانية، وكان عابد وثن، وإن عدي بن زيد الذي نصّره. قالوا:

وسبب ذلك إنه خرج ذات يوم راكبا ومعه عدي بن زيد، فوقف بظهر الحيرة على مقابر مما يلي النهر فقال له عدي بن زيد: أبيت اللعن: أتدرى ما تقول هذه المقابر؟ قال: لا! إنها تقول:

أيها الركب المخبّون ... على الأرض مجدّون

(1/85)

مثل ما أنتم حيينا ... وكما نحن تكونون

فقال له: أعد! فقال: إنها تكون:

ربّ ركب قد أناخوا حولنا ... يشربون الخمر بالماء الزلال

ثم اضحوا لعب الدهر بهم ... وكذلك الدّهر حالا بعد حال

فأرعوى وتنصّر، وأمه سلمى بنت وايل بن عطيّة الصائغ من أهل فدك، وكان ملكه إثنتين وعشرين سنة، من ذلك من زمن هرمز بن أنوشيروان سبع سنين وثمانية أشهر، وفي زمن كسرى بن هرمز أربع عشرة سنة وأربعة أشهر. فقتله كسرى أبرويز بن هرمز فإنقطع الملك عن لخم، بسبب قتله وقعت حرب ذي قار. وكان للنعمان بن المنذر أولاد منهم المنذر. وهو المغرور وبه سمى نفسه، وهند وحرقة وحريقة وعنفقير.

أياس بن قبيصة:

ثم ملك آياس بن قبيصه الطائي ومعه البحرجان الفارسي سبع سنين في زمن أبرويز. ولسنة وستة أشهر من ملك آياس بعث النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، وذلك لست عشرة سنة مضت من ملك أبرويز، ومحمّد بن حبيب يقول: مضت لعشرين سنة من ملكه، وهو أعلم بالحقيقة.

زاديه:

ثم ملك زاديه بن ماهبيان بن مهرابنداد الهمداني سبع عشرة سنة، من ذلك في زمن أبرويز أربع عشرة سنة وثمانية أشهر، وفي زمن شيرويه

(1/86)

إبن أبرويز ثمانية أشهر، وفي زمن أردشير بن شيرويه سنة وسبعة أشهر وفي زمن بوران بنت أبرويز شهرا واحدا. ولتسع وعشرين سنة من ملك أبرويز كانت الهجرة. وقال محمد بن حبيب: لثلاث وثلاثين كانت. ولخمس عشرة سنة وثمانية أشهر من ولاية زاديه توفي النبي صلى اللّه عليه وآله، وإستخلف أبو بكر وذلك لأربعة أشهر من ملك أردشير بن شيرويه:

المنذر بن النعمان بن المنذر:

ثم ملك المنذر بن النعمان بن المنذر، وسمّته العرب المغرور. وهو المقتول بالبحرين يوم جواثا. وكان ملكه وملك غيره إلى أن وارد خالد بن الوليد الحيرة ثمانية أشهر. فجميع ملوك آل نصر ومن إستخلف من العباد والفرس بالحيرة من بعدهم، خمسة وعشرون ملكا في مدة ستماية وثلاث وعشرين سنة واحد عشر شهرا. وقال هشام: كان هؤلاء الستة الذين تقدّم ذكرهم دخلاء في ملك بني نصر وهم: آوس ابن قلام، والحارث بن عمرو بن حجر الكندي، وأبو يعفر علقمة وآياس بن قبيصة، وشهرت، وزاديه الفارسي. ويقال إنه لم يمت بالحيرة من الملوك أحد إلا قابوس بن المنذر، وإنما ماتوا في غزواتهم ومتصيّدهم وتغرّبهم. وقالوا: وذلك لصحّة هواء الحيرة، وكانت العرب تقول لبيتة ليلة بالحيرة: أنفع من تناول شربة.

ثادريطوس:

وكان قدوم خالد بن الوليد الحيرة في زمن بوران بنت أبرويز، وذلك لإثنتي عشرة سنة مضت من مهاجر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.

وفي آخر ولاية أبي بكر ملكت بوران بنت أبرويز. ثم ملكت بوران

(1/87)

بعد قدوم خالد بن الوليد الحيرة سبعة أشهر، من ذلك في ولاية أبي بكر ثلاثة أشهر وفي ولاية عمر أربعة أشهر.

أرزمين دخت بنت أبرويز:

ثم ملكت أرزمين دخت بنت أبرويز ستة أشهر في ولاية عمر.

يزدجرد بن شهريار:

ثم ملك يزدجرد بن شهريار بن أبرويز تسع عشرة سنة، من ذلك بالمدائن قبل دنوّ العرب منها وتنحيّه عنها أربع سنين في ولاية عمر، وبعد ذلك إلى القتل بمرو خمس عشرة سنة، منها في ولاية عمر خمس سنين وثمانية أشهر وفي ولاية عثمان تسع سنين وأربعة أشهر.

(1/88)

الباب السابع في سياقة تواريخ غسّان ملوك عرب الشام

كان آل جفنة عمال القياصرة على عرب الشام. كما كان آل نصر عمال الأكاسرة على عرب العراق، وأصلهم من اليمن من الأزد، لأن الأزد لما أحسّت تقارب إنتقاص العرم، وهي بلغة حمير إسم للمسناة وخشيت السيل تفرقت. فتشام قوم نزلوا على ماء يقال له غسان فصيروه شربهم فسموا غسان. ثم أنزلهم ثعلبة بن عمرو الغساني ببادية الشام والملوك بها من قبل القياصرة.

سليح بن حلوان:

فلما نزلت غسان في جوار سليح بن حلوان ضربوا عليهم الأتاوة وكان الذي يلي جبايتها سبيط بن ثعلبة بن عمرو بن عوف بن ضجغم إبن حماطة. فقصد سبيط ثعلبة بن عمرو لأخذ الأتاوة منه فإستنظره فقال: لتعجّلن لي الأتاوة أو لآخذنّ أهلك، وكان ثعلبة حليما فقال هل لك فيمن يزيح علّتك في الأتاوة؟ فقال: نعم، قال: عليك بأخي جذع بن عمرو. وكان جذع فاتكا فأتاه سبيط فخاطبه بما كان خاطب به ثعلبة؛ فخرج عليه ومعه سيف مذهب وقال: فيه عوض من حقك

(1/89)

إلى أن أجمع لك الأتاوة؟ قال: نعم. قال خذه! فتناول سبيط جفن السيف وإستلّ جذع نصله وضربه به حتى برد. فقيل: خذ من جذع ما أعطاك. فذهبت مثلا. ووقعت الحرب بين سليح وغسان، غسان سليحا من الشام، وصاروا ملوكها، وهو أعلم بالحقائق.

جفنة بن عمرو:

فأول ملك ملك من غسان جفنة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن إمرى ء القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن ابن الأزد بن الغوث. وتزعم الأزد إنّ عمرا إنما سمي مزيقيا لأنه يمزق كل يوم من سني ملكه حلتين لئلا يلبسهما غيره فسمي هو مزيقيا، وسمي ولده المزاقية فهذا قول؛ وقيل: إنما سمي مزيقيا لأن الأزد تمزقت على عهده كل ممزّق عند هربهم من سيل العرم؛ فاتخذت العرب إفتراق الأزد عن أرض سبأ بسيل العرم فقالوا: ذهبت بنو فلان آيادي سبأ. وذكروا أن سيل العرم كان قبل دولة الإسلام بأربع ماية سنة.

وإن عامرا إنما سمي ماء السماء لأنه أصابت الأزد مخمصة فمانهم حتى مطروا فقالوا: عامر لنا بدل من ماء السماء. وكان الذي ملكه على عرب الشام ملكا من ملوك الروم يقال له نسطورس. فلما ملك جفنة قتل ملوك قضاعة من سليح الذين كانوا يدعون الضجاعمة، ودانت له قضاعة ومن بالشام من الروم، وبنى جلّق والقرية وعدة مصانع ثم هلك، وكان ملكه خمسا وأربعين سنة وثلاثة أشهر.

عمرو بن جفنة:

ثم ملك بعده عمرو بن جفنة خمس سنين وبنى الأديار: دير حالى، ودير أيوب، ودير هناد.

(1/90)

ثعلبة بن عمرو:

ثم ملك من بعده إبنه ثعلبة بن عمرو بن جفنة، وبنى عقة وصرّح الغدير في أطراف حوران مما يلي البلقاء، وكان ملكه سبع عشرة سنة.

الحارث بن ثعلبة:

ثم ملك بعده إبنه الحارث بن ثعلبة عشرين سنة ولم يبن شيئا.

جبلة بن الحارث:

ثم ملك بعده إبنه جبلة بن الحارث عشر سنين وبنى في ملكه القناطر وأدرج والقسطل.

الحارث بن جبلة:

ثم ملك بعده إبنه الحارث بن جبلة وأمه مارية ذات القرطين بنت عمرو بن جفنة، وكان مسكنه بالبلقاء وبنى بها الحفير ومصنعه بين دعجان وقصر أبير ومعان، وكان ملكه عشر سنين.

المنذر بن الحارث:

ثم ملك بعده إبنه المنذر الأكبر بن الحارث بن مارية وبنى حربا ورزقا قريبا من الغدير وكان ملكه ثلاث سنين.

النعمان بن الحارث:

ثم ملك من بعده أخوه النعمان بن الحارث بن مارية ثم هلك، وكان ملكه خمس عشرة سنة وستة أشهر.

(1/91)

المنذر بن الحارث:

ثم ملك من بعده أخوه المنذر الأصغر أبو شمر بن الحارث بن مارية ثم هلك وكان ملكه ثلاث عشرة سنة، وهو أعلم.

جبلة بن الحارث:

ثم ملك من بعده أخوه جبلة بن الحارث بن مارية، وكان منزله بحارب. فبنى قصر حارب ومحاربا ومنيعة ثم هلك، وكان ملكه أربعا وثلاثين سنة.

الأيهم بن الحارث:

ثم ملك الأيهم بن الحارث بن مارية ثلاث سنين، وبنى الأديار:

دير ضخم، ودير النبوة وسعف. ثم هلك.

عمرو بن الحارث:

ثم ملك بعده أخوه عمرو بن الحارث بن مارية، فنزل السدير وبنى قصر الفضا، وصفاة العجلات، وقصر منار. ثم هلك، وكان ملكه ستا وعشرين سنة وشهرين.

جفنة الأصغر:

ثم ملك من بعده جفنة الأصغر بن المنذر بن الحارث بن مارية المحرق، وهو الذي أحرق الحيرة وبه سموا آل محرق، وفيه يقول عدي بن زيد مخاطبا النعمان بن المنذر:

سما صقر فأشغل جانبيها ... وألهاك المروّح والغريب

فبيّن لدى الثويّة ملجمات ... فصيحن العباد وهن سيب

(1/92)

وكان سيارة جوّابا ثم هلك، وكان ملكه ثلاثين سنة، وهو أعلم.

النعمان بن المنذر:

ثم ملك بعده النعمان الأصغر بن المنذر الأكبر بن الحارث بن مارية سنة، ولم يبن شيئا.

النعمان بن عمرو:

ثم ملك بعده النعمان بن عمرو بن المنذر، فبني قصر السويداء وقصر حارب، ولم يملك أبوه عمرو ولكنه يغزو بالجيوش، وهو الذي مدحه النابغة بقوله شعرا:

عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب

وذكر أباه المنذر بقوله مصرع:

وقصر لصيداء التي عند حارب

وكان ملكه سبعا وعشرين سنة.

جبلة بن النعمان:

ثم ملك إبنه جبلة بن النعمان وكان منزله بصفّين، وهو صاحب عين اباغ وقاتل المنذر بن ماء السماء، وكان ملكه ست عشرة سنة.

النعمان بن الأيهم:

ثم ملك بعده النعمان بن الأيهم بن الحارث بن مارية، ولم يحدث شيئا ثم هلك، وكان ملكه إحدى وعشرين سنة.

الحارث بن الأيهم:

ثم ملك بعده أخوه الحارث بن الأيهم، ولم يحدث شيئا ثم هلك وكان ملكه إثنتين وعشرين سنة وخمسة أشهر.

(1/93)

النعمان بن الحارث:

ثم ملك بعده النعمان بن الحارث، فأصلح صهاريج الرصافة وكان بعض ملوك لخم خرّبها، وكان ملكه ثماني عشرة سنة.

المنذر بن النعمان:

ثم ملك بعده إبنه المنذر بن النعمان، ولم يحدث شيئا ثم هلك، وكان ملكه تسع عشرة سنة.

عمرو بن النعمان:

ثم ملك بعده أخوه عمرو بن النعمان ولم يحدث شيئا ثم هلك، وكان ملكه ثلاثا وثلاثين سنة وأربعة أشهر.

حجر بن النعمان:

ثم ملك بعده أخوه حجر بن النعمان، وكان ملكه إثنتي عشرة سنة.

الحارث بن حجر:

ثم ملك بعده إبنه الحارث بن حجر، وكان ملكه ستا وعشرين سنة.

جبلة بن الحارث:

ثم ملك جبلة بن الحارث سبع عشرة سنة وشهرا واحدا.

الحارث بن جبلة:

ثم ملك بعده إبنه الحارث بن جبلة، ويسمى أيضا الحارث بن أبي شمر، وهو الذي أوقع ببني كنانة، وكان يسكن الجابية، وكان ملكه إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر، وهو أعلم.

(1/94)

النعمان بن الحارث:

ثم ملك إبنه النعمان بن الحارث، وكنيته أبو كرب، ولقبه قطام فبنى ما أشرف على الغور الأقصى وبكاه النابغة بقوله:

بكى حارث الجولان من فقد ربّه ... وجوران منه خاشع متضائل

وكان ملكه سبعا وثلاثين سنة وثلاثة أشهر، وهو أعلم.

الأيهم بن جبلة:

ثم ملك بعده الأيهم بن جبلة بن الحارث بن أبي شمر سبعا وعشرين سنة وشهرين، وهو صاحب تدمر وقصر بركة وذات إنمار والموقع بين القبرين: جسر وعاملة، وفي ذلك يقول النابغة:

ضلّت حلومهم عنهم وعزهم ... سن المعيدي في رعي وتغريب

المنذر بن جبلة:

ثم ملك بعده أخوه المنذر بن جبلة ثلاث عشرة سنة، وهو أعلم

شراحيل بن جبلة:

ثم ملك أخوه شراحيل بن جبلة خمسا وعشرين سنة وثلاثة أشهر.

عمرو بن جبلة:

ثم ملك بعده أخوه عمرو بن جبلة عشر سنين وشهرين.

جبلة بن الحارث:

ثم ملك بعده إبن أخيه جبلة بن الحارث بن جبلة بن أبي شمر أربع سنين؛ هذا ما علمنا والعلم عند اللّه.

(1/95)

جبلة بن الأيهم:

ثم ملك بعده جبلة بن الأيهم بن جبلة بن الحارث بن مارية وهو آخر ملوك غسان ثلاث سنين. وهو الذي كان أسلم ثم تنصر ولجأ إلى الروم.

فجميع ملوك بني جفنة من آل غسان إثنان وثلاثون ملكا، فلبثوا في ملوكهم مدة ستماية وست عشرة سنة.

(1/96)

الباب الثامن في سياقة تواريخ حمير ملوك عرب اليمن

صار يعرب بن قحطان إلى أرض اليمن في ولده فإستوطنها، وهو أول من نطق بالعربية. وأول من حياه ولده بتحية الملك فقيل له:

أبيت اللعن. وأنعم صباحا، واليمانيون كلهم من ولده، فولد ليعرب بن قحطان يشجب، وليشجب سبا بن يشجب والملوك من ولده، وسمي سبا لأنه أول من سبى السبي من ولد قحطان. فهذه حكاية حكاها اليمانيون عن إبتداء تواريخهم.

وقرأت في أخبار أسندها الهيثم بن عدي إلى ابن عباس أن العرب العاربة أرخت من لدن آرم، فكانت العرب العاربة عشرة: عاد وثمود وطسم وجديس وعماليق وعبيل وأميم ووبار رهط وجاسم وقحطان فكانت هذه الفرق تؤرخ بسنى آرم إلى أن بادت كلها واحدة على أثر الأخرى. وبقي منهم بقايا يسيرة، وكانوا يسمون الأرمان برهة من الدهر قائمين على هذا التاريخ إلى أن قاتل عابرهم أردوان ملك النبط وذلك في آخر أيام ملك الأشغانيين، فهم في ذلك حتى لحقهم أردشير ابن بابك ملك الفرس فأباد الفريقين.

وقرأت في أخبار رواها عيسى بن داب أن في زمن جم ملك الفرس

(1/97)

بعث هود إلى عاد وصالح إلى ثمود، وفي زمن أفريدون بعث إبراهيم عليه السلام، وفي زمن منوشجهر بعث موسى عليه السلام. وكان ملك اليمن في زمانه شمر بن الأملوك، وكان في طاعة منوشجهر، ثم جرى إبنه على منهاجه في طاعة ملك الفرس، وبنى مدينة ظفار باليمن وأخرج من باليمن من العماليق.

وفي زمن كيقباد، عقدت بنو قحطان ملكها بأرض اليمن فملكوا عليهم عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان فسار في مدن اليمن ومخاليفها ثم تتبع بقايا عاد، فلم يدع بأرض اليمن أحدا منهم إلا سباه وأستعبده فسمي سبا. ولا أدري كيف تصرف إبن داب في العربية لأن السبى غير مهموز وسبأ مهموز، على أن لإبن داب أسوة بالنساب. فإنهم زعموا أن طيّا سمي طيّا لأنه أول من طوى المناهل وأنا بري ء من عهدة الكلمتين جميعا، وهو أعلم وأحكم.

حمير بن سبا:

وأول من ملك من أولاد قحطان حمير بن سبا، فبقي ملكا حتى مات هرما وتوارث ولده الملك بعده، فلم يعدهم ملك اليمن حتى مضت قرون، وصار الملك إلى الحارث الرايش وهو تبع الأول. فمن ملك اليمن قبل الرايش ملكان: ملك بسبا وملك بحضر موت، فكان لا يجتمع اليمانيون كلهم عليهم إلى أن ملك الرايش، فإجتمعوا عليه وتبعوه فسمي تبعا، وكان ملكه ماية وخمسين سنة.

الحارث الرايش:

هو الحارث بن قيس بن صيفي بن سبا الأصغر الحميري. وكان الرايش أول من غزا منهم فأصاب الغنائم وأدخلها أرض اليمن، فأرتاشت حمير في أيامه وكان هو الذي راشهم، فبذلك سمي الرايش. وبين

(1/98)

الرايش وبين حمير خمسة عشر أبا. وفي عصره مات لقمان بن عاد صاحب لبد النسور. فكان أقصى أثر الرايش في أولى غزواته الهند، ثم غزا بعد ذلك الترك باذربيجان فقتل المقاتلة وسبى الذرية، وكان ملكه ماية وخمسا وعشرين سنة.

أبرهة ذو المنار:

ثم ملك أبرهة ذو المنار بن الحارث الرايش، وقيل له ذو المنار لأنه أول من ضرب المنار على طرقه وغزواته ليهتدي بها في مرجعه.

وكان مدة ملكه ماية وثلاثا وثمانين سنة.

أفريقيس بن أبرهة:

ثم ملك أفريقيس بن أبرهه بن الرايش فغزا أرض المغرب لقصد البربر، وبنى بها مدينة أفريقية وسماها بإسمه، وأبعد المغار في تلك البلاد إلى أقاصي العمران. وكان ملكه ماية وأربعة وستين سنة.

العبد ذو الأذعار:

ثم ملك أخوه العبد ذو الأذعار بن أبرهه، وكان غزا بلاد النسناس في حياة أبيه، وكان ملكه خمسا وعشرين سنة.

هداد بن شراحيل:

ثم ملك هداد بن شراحيل والد بلقيس، وكان ملكه خمسا وسبعين سنة، ولم يبن شيئا.

بلقيس بنت هدّاد:

ثم ملكت بلقيس بنت هداد، فبقيت باليمن ملكة عشرين سنة،

(1/99)

ثم تزوجت سليمان بن داود عليهما السلام فنقلها إلى فلسطين. زعمت حمير أن بلقيس لما ملكت بنت بأرض سبا المسناة ألمسماة العرم، وأن ذلك كان قبل ملك التبابعة، وخالفهم سائر اليمانيين، وزعموا أن العرم قد كان بناه لقمان بن عاد الأخرى، فأخربه الدهر، ولما ملكت بلقيس رمت ما إسترم منه. قالوا: وبقي العرم بعد بلقيس إلى ان اخربه سيل العرم، وأن ذلك كان قبل دخول دولة الإسلام بأربعماية سنة، وهو أعلم بحقيق الأمور.

ناشر ينعم:

ثم ملك اليمن بعد بلقيس عمها ناشر ينعم بن شراحيل، وسمي ينعم لأنعامه على الناس بالقيام بأمر الملك ورده ذلك بعد زواله، وكان ملكه خمسا وثمانين سنة، وهو أعلم.

شمر يرعش:

ثم ملك يرعش أبو كرب بن أفريقيس بن أبرهه بن الرايش، وإنما سمي يرعش لإرتعاش كان به. ورواة أخبار اليمن تفرط في وصف آثاره، فزعموا إنه كان يسمى ذا القرنين، وإن هذا اللقب له من دون الإسكندر الرومي. فلما أشبه بعد مغازي الإسكندر بعد مغازي شمر غلط رواة الأخبار في صدر الإسلام بهذا اللقب فحلوا به الإسكندر.

قالوا: والدليل على ذلك أنّ «ذو» كلمة من كلام العرب لا من كلام الروم، وهي مبدأ القاب ملوك اليمن وهم: ذو نواس وذو كلاع وذو جدن وذو يزن وغير ذلك مما ليس هذا وغير ذلك مما ليس هذا موضع ذكره. وإنما سموه ذا القرنين بذوابتين كانتا تنوسان على ظهره. وبلغ من بعد مغازيه إنه غزا المشرق، فدوخ بلدان خراسان وهدم سور مدينة الصغد، فقيل بعد للمدنية شمر كند اي شمر هدمها

(1/100)

ثم عرّبت الكلمة فقيل سمرقند. ووجد في مصنعة كتابة بالحميرية إبتداؤها بسم اللّه: هذا ما بناه شمر يرعش لسيدة الشمس. وقال بعض الرواة: كان شمر في زمان ملك كشتاسب، وزعم آخرون إنه كان قبله، وإن رستم بن دستان قتله، وكان ملكه سبعا وثلاثين سنة.

أبو مالك:

ثم ملك بعده إبنه أبو مالك، وهو الذي قال فيه الأعشى شعر:

وخان النعيم أبا مالك ... وأيّ إمرى ء لم يخنه الزمن

وكان ملكه خمسا وخمسين سنة، والعلم عند اللّه.

الأقرن بن أبي مالك:

ثم ملك الأقرن بن أبي مالك، وهو تبع الثاني في زمن بهمن بن إسفنديار بن كشتاسب ثلاثا وخمسين سنة، وهو أعلم.

ذو جيشان بن الأقرن:

ثم ملك ذو جيشان بن الأقرن بن أبي مالك في زمن دارا بن دارا إبن بهمن، وفي زمن من بعده سبعين سنة. وهو الذي أوقع بطسم وجديس باليمامة، وذلك قبل ملك الإسكندر. وقد كان بعمان والبحرين واليمامة فئام كثير من طسم وجديس وغيرهم، فكانت لهم أجسام وأحلام، وكانوا سبع قبائل كل قبيلة مثل ربيعة ومضر وهم:

عاد وثمود وصحار وجاسم ووبار وطسم وجديس. فانقرضوا كلهم إلا بقايا من طسم وجديس غبروا إلى زمان ذي جيشان، فأتى بهم ذو جيشان؛ وفيهم قال الأعشى شعر:

ألم تروا إرما وعادا ... أفناهم الليل والنهار

(1/101)

وإنقرضت بعدهم ثمود ... بما جنى فيهم قدار

وجاسم بعدها وطسم ... قد أوحشت منهم الديار

وحلّ بالحي من جديس ... يوم من الشرّ مستطار

ومرّ دهر على صحار ... فهلكت جهرة صحار

ومتعت بعدهم وبار ... ولا صحار ولا وبار

بادوا وخلوا رسوم دار ... فإستوطنت بعدهم نزار

كان لهم سؤدد وحلم ... ونجدة شأنها وقار

أخنت عليهم صروف ... دهر له على أهله عثار

ومن كان من بعد ذي جيشان إنما ملكوا في أيام الإسكندر، وهو زمن النضر بن كنانة.

تبع بن الأقرن بن شمر:

ثم ملك تبع بن الأقرن بن شمر يرعش، وهو تبع الأول، ماية وثلاثا وستين سنة.

ملكيكرب بن تبع:

ثم ملك إبنه ملكيكرب بن تبع خمسا وثلاثين سنة، وهو أعلم.

أسعد أبو كرب:

ثم ملك بعده إبنه أسعد أبو كرب، وهو تبع الأوسط، وكان شديد الوطأة كثير الغزو قتلته حمير، وثقل عليهم ما كان يأخذهم به من الغزو، فسألوا إبنه حسان بن تبع أن يمالئهم على قتله فيملكوه، فتأبى عليهم فقتلوه ثم ندموا وإختلفوا فيمن يملكونه بعده، فألجأتهم الحاجة إلى تمليك إبنه حسان، ويدعي بعض اليمانيين أن تبعا هذا هو المعنى في القرآن، وإنه لم يذم فيه وإنما ذم قومه. قالوا: وكما كان في الفرس ملوك يقال لهم الطوائف ممن ولّاهم الإسكندر، كذلك

(1/102)

كان في اليمن طوائف ولّاهم الإسكندر. يقال لهم الأقيال والذوون وكما خرج على طوائف الفرس أردشير كذلك خرج على طوائف اليمن المسمين الأقيال والذوين أسعد بن عمرو، وكان ملكه ماية وعشرين سنة، وهو أعلم.

حسان بن تبع:

ثم ملك إبنه حسان بن تبع، وهو الذي سار إلى جديس باليمامة وأبادهم، ولم يزل حسان بن تبع يتتبع قتلة أبيه واحدا بعد واحد وقتلهم حتى كرهوه، فأتوا أخاه عمرو بن تبع فبايعوه على قتل أخيه وتمليكه بعده، ما خلا رجلا من إشرافهم يقال له ذو رعين، فإنه نهاه عن قتل الأخ وحذّره سوء العاقبة، فلم يقبل منه وقتل أخاه، وكان ملكه سبعين سنة، وهو أعلم.

عمرو بن تبع:

ثم ملك عمرو بن تبع، فإضطرب عليه بدنه وتواترت علله وأسقامه فكان في بيته أبدا على فراشه، فإذا رام البروز ركب النعش وحمل على أكتاف الرجال فسمى موثبان وذا الأعواد. فأما موثبان فلملازمته ابو ثاب، وهو إسم للفراش بلغة حمير. وأما ذا الأعواد فلركوبه النعش وقد ذكره الأسود بن يعفر في شعره:

ولقد علمت سوى الذي نبأتني ... أنّ السبيل سبيل ذي الأعوادي

وقرأت في كتاب من كتب أخبار اليمن أن ملك ذي الأعواد كان في زمن شابور بن أردشير، وإنه ملك بعد ذي الأعواد الملوك الأربعة وأختهم أبضعة، في زمن هرمز بن شابور، وكان ملكه ثلاثا وستين سنة، وهو أعلم.

(1/103)

عبيد كلال:

ثم ملك عبيد كلال بن مثوب، وكان على دين المسيح عليه السلام وكان يسرّ دينه ولا يعلنه، وكان ملكه أربعا وسبعين سنة.

تبع بن حسان بن تبع:

ثم ملك تبع بن حسان بن تبع بن ملكيكرب بن تبع بن الأقرن، وهو تبع الأصغر آخر التبابعة، فملك إبن أخته الحرث بن عمرو بن حجر الكندي على معدّ، وبعثه اليهم وهو صاحب الحبرين وصاحب مكة والمدينة، وهو الذي كسا البيت. ثم إنه إنصرف إلى اليمن مع الحبرين وتهوّد، ودعا الناس إليه فبذلك دخلت اليهود اليمن، وهو الذي عقد الحلف بين اليمن وربيعة، وكان ملكه ثمانيا وسبعين سنة.

وهو أعلم بالحقائق.

مرثد بن عبيد كلال:

ثم ملك مرثد بن عبيد كلال وهو أخو تبع، وبعده تفرق ملك حمير، وكان مدة ملكه إحدى وأربعين سنة بعد ذلك.

وليعة بن مرثد:

ثم ملك وليعة بن مرثد، وكان مدة ملكه سبعا وثلاثين سنة.

أبرهة بن الصباح:

ثم ملك أبرهة بن الصباح، وكان عالما جوادا. وكان قد علم أن الملك يصير إلى بني معد، وكان منهم في قريش وكان يكرم المعديين وكنت قرأت في كتاب من كتب أخبار اليمن أن أبرهة كان في زمن شابور بن هرمز ذي الأكتاف، وإنه ملك بعد أبرهة.

(1/104)

صهبان بن محرث:

في زمن يزدجرد والد بهرام جور، وذلك في زمن المنذر بن عمرو اللخمي، وأن موت المنذر كان بعد موت بهرام بأيام، وأن صهبان بن محرث غير ملكا على اليمن طول أيام يزدجرد وإبنه بهرام جور، وأن الملك إنتقل بعده إلى صباح بن أبرهة بن صباح في زمن يزدجرد بن بهرام جور، وإنهما ملكا في زمان واحد خمس عشرة سنة.

حسان بن عمرو بن تبع:

ثم ملك حسان بن عمرو بن تبع وهو الذي أتاه خالد بن جعفر بن كلاب في أسارى قومه فأطلقهم له فمدحه خالد بن جعفر بذلك، وكان ملكه سبعا وخمسين سنة.

ذو شناتر:

ثم ملك بعده ذو شناتر. ولم يكن من أهل بيت الملك؛ وكان فظا غليظ القلب قتالا لا يسمع بغلام نشأ من المقاول إلا بعث إليه فأحضره ونكحه. وكانت السنة فيهم أن من ينكح الغلمان لا يملك.

ثم إنه بعث إلى غلام منهم يقال له ذو نواس، وكان له ذوابتان تنوسان على عاتقيه، وبهما سمي ذا نواس فأدخل عليه ومعه سكين لطيف، فلما دنا منه لطلب الفاحشة شق بطنه واحتز رأسه، وكان ملكه سبعا وعشرين سنة.

ذو نواس:

ثم ملك بعده ذو نواس في زمن فيروز بن يزدجرد وعصر قصي ابن كلاب. وذو نواس هو صاحب الأخدود والداعي من باليمن إلى

(1/105)

التهود، وكان نزل يثرب مجتازا بها، فأعجبته اليهودية فتهوّد، وحملته بيهود يثرب على غزو نجران لإمتحان من بها من النصارى، وقد كانوا أخذوا النصرانية عن رجل توجه إليهم من جهة آل جفنة ملوك الشام، فسار من هناك إليهم وعرضهم على أخاديد إحتفرها الأرض وأضرمها نيرانا، فكان يعرف فيها من أقام على النصرانية فأتى بهذا الصنيع على خلق كثير منهم، وعدل منها إلى دار المملكة باليمن ثم أن رجلا من اليمن يقال له ذو ثعبان عبر البحر إلى ملك الحبشة، وكان يدين بالنصرانية فرفع إليه الخبر بما إرتكبه ذو نواس من النصارى فكاتب ملك الحبشة بذلك قيصر ملك الروم، وأستأذنه في أن يجرد خيلا إلى اليمن، فأمره أن يخلف ذاثعبان على مملكته ويخرج بمن معه إلى اليمن فيقيم بها. فقصد ملك الحبشة اليمن في سبعين ألف فارس، فإنهزم ذو نواس من بين يديه، فبعث إلى الطلب في أثره فمر صعدا حتى إنتهى إلى البحر فإقتحمه، فكان آخر العهد به، وكان ملكه عشرين سنة وهو أعلم بحقائق الأمور.

ذو جدن:

فقام ذو جدن مكانه فهزموه أيضا وتبعوه، فإلتجأ إلى البحر وأقتحمه، فكان ملك ذو جدن وذي نواس ثماني وعشرين سنة. فجميع ملوك حمير ستة وعشرون ملكا في مدة ألفين وعشرين سنة. ثم ملك بعدهم من الحبشة ثلاثة نفر، ثم من الفرس ثمانية. ثم إنتقل الملك إلى قريش، وليس في جميع التواريخ تاريخ أسقم ولا أخلّ من تاريخ الأقيال ملوك حمير؛ لما قد ذكر فيه من كثرة عدد سني من ملك منهم مع قلة عدد ملوكهم.

أبرهة بن الأشرم:

ثم ملك اليمن أبرهة الحبشي وصاحب الفيل الذي صار كيده في

(1/106)

تضليل، وفي زمن ملكه كان ميلاد النبي عليه الصلاة والسلام.

يكسوم بن أبرهة:

ثم ملك بعده إبنه يكسوم بن أبرهة، وسار بسيرة الحبشة باليمن، وتفاقم الأمر فيه، وهو أعلم.

مسروق:

ثم ملك بعده مسروق فخرج سيف بن ذي يزن مستغيثا بملك الفرس حتى أتى العراق. وقد إختلف رواة الأخبار في مدة لبث الحبشة باليمن إختلافا متفاوتا. والذي أريد حكايته أصبته في كتاب من كتب الفتوح: زعموا أن غلبة الحبشة على اليمن كانت في زمان قباد بن فيروز. ثم كان خروج سيف بن ذي يزن إلى العراق للإستجاشة على الحبشة في ملك كسرى بن قباد. فملكت الحبشة إثنتين وسبعين سنة، من ذلك ملك أرباط عشرين سنة، وملك أبرهة قاتل أرباط ثلاثا وعشرين سنة، وملك يكسوم بن أبرهة سبع عشرة سنة. وملك مسروق إثنتي عشرة سنة. وكان قدوم وهرز اليمن بعد حرب الفجار بعشر سنين، وقبل بنيان الكعبة بخمس سنين. والنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم عمره إذ ذاك ثلاثون سنة، لأن ميلاده كان بعد الفيل بخمسة وخمسين يوما في سنة إحدى وأربعين من ملك كسرى بن قباد أنوشروان فلما مضى من ملك كسرى أبرويز تسع عشر سنة كتب إليه عامله على اليمن بآذان، بأنه قد ظهر في جبال تهامة داعية خفي أمره قليل شيعته قد وترته العرب ونصبت له الحرب إلا اليسير ممن اجابه وتبعه. ثم كانت الهجرة بعد ذلك عندما مضى من ملك أبرويز إثنتان وثلاثون سنة. ثم كاتب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أبرويز، وبعث إليه عبد اللّه بن حذيفة السهمي عندما مضى من ملكه ثمان وثلاثون سنة. وفي

(1/107)

هذه السنة هلك كسرى أبرويز وعاش النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بعد ذلك أربع سنين. ثم قبض على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في الشهر الذي ملك فيه يزدجرد بن شهريار بن كسرى أبرويز، وأقام سيف بن ذي يزن ملكا على اليمن من قبل كسرى أنوشيروان ووهرز معه، وقد كان إتخذ من بقايا أولاد الحبشة خدما، فخلوا به يوما في متصيّد له فزرقوه بحرابهم، فقتلوه وهربوا في رؤوس الجبال. وإنقضى ملك حمير فصارت اليمن بأيدي عمال ملوك كانوا عمال ملوك الفرس ودخل زمان الهجرة وبآذان عامل أبرويز عليها، ومعه قائدان من قواد أبرويز يقال لهما فيروز ودادويه فأسلما. وقد كان تملك في القديم من الفرس على مواضع متفرقة من أرض العرب ستة عشر مرزبانا ويفصل اسماؤهم:

سخت:

تملك على أرض كندة وحضر موت وما صاقبهما دهرا، ولا أدري في أي زمان وأي ملك كان، وهو أعلم.

سنداد:

وتملك سنداد على عمل سخت، وطال مكثه في الريف حتى بنى فيه أبنية، وهو صاحب القصر ذي الشرفات الذي يقول فيه الشاعر:

أهل الحورنق والسدير وبارق ... والقصر ذي الشرفات من سنداذ

قلب الدال في قافية شعره إلى الذال ضرورة، وهو أعلم.

الهامرز بن آذركر:

وكان الهامرز قائد جيش الفرس يوم ذي قار، وكان من جملة قواد كسرى أبرويز فنابرزين وهو نكهان، وكان فنابرزين متوليا

(1/108)

على ما يلي الريف من البادية من حد الحيرة إلى حدود البحرين، والعرب تسميه خنابرزين ساسان إبن روزبه. وكان ساسان في قديم الأيام مملكا على التغلبية ومصر وعمان ويثرب وتهامة من قبل بعض ملوك الفرس، وادى إليه ملك أفريقية وملك النوبة على الخراج روزبه بن ساسان، ثم تولى ذلك العمل روزبه بن ساسان وطالت مدته بين ظهراني العرب وهو أعلم.

أنوش ناد بن حشنشبنده:

كان تولى ناحية من أرض العرب في زمن كسرى أنوشيروان وبعض أيام هرمز بن كسرى، وهو أعلم.

المكعبر:

وإسمه آزاذ فروز بن حشنشفان، وهو صاحب المشقر، وكان تولى وادي البحرين وعمان إلى اليمامة واليمن ونواحيها إلى الغربين وما ولاها، وسمي المكعبر لأنه كان ينزع كعاب العرب إذا خرجوا من الحد، وإذا اتوه بخراجهم أخذه منهم ومنعهم من شرب ماء الفرات، وعاش حتى صار مع عبد اللّه بن عامر بن كزيز وزعم أبو عبيدة إنهم كانوا يسمونه قبل دولة الإسلام المكعبر، ثم جعلوه المكعبر، وهرز إسمه خرزاد بن نرسى، وهرز إسم مرتبة من مراتب كبار الناس. وجرى على يده فتح بلدان اليمن وإرتجاعها من الحبشة، وقتل ثلاثين ألفا منهم بستماية رجل. وصار ملك اليمن بعد هلاك سيف بن ذي يزن إلى وهرز، ثم إلى وليسجان، ثم إلى حرزادان شهر، ثم إلى النوشجان، ثم إلى مروزان، ثم إلى إبنه خرخسرو، ثم إلى باذان بن ساسان الجرون. ثم ملك اليمن باذان، وكان المتولي

(1/109)

لها من قبل كسرى أبرويز، وفي أيامه كانت غزوات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لقبائل العرب.

دادويه بن هرمز بن فيروز:

ثم ملك اليمن دادويه بعد باذان، وكانت أمه أخت باذان ودادويه هو قاتل الكذاب العبسي مع فيروز الديلمي في أيام أبي بكر. فهؤلاء ثمانية نفر من الفرس ملكوا اليمن بعد تصرّم الملك عن حمير، وكان أولهم وهرز وأخرهم دادويه، ومن دادويه تسلمت قريش ملك اليمن وأعقاب هؤلاء الملوك الثمانية باقون ببلدان ومخاليف اليمن إلى الآن. وهو أعلم الصواب.

(1/110)

الباب التاسع في سياقة تواريخ ملوك كندة

حجر آكل المرار:

ملك معدا من كندة حجر آكل المرار بن عمرو معاوية بن ثور بن مرتع، حين أقبل تبع سائرا إلى العراق، فنزل بأرض معدّ فإستعمل عليهم حجرا آكل المرار، ومضى لوجه ذلك فهلك فيه، فبقى حجر لحسن سيرته مطاعا في مملكته حتى هلك خرفا. وملك الشام يومئذ زياد بن الهيولة السليحي، والملك الأعظم في بني جفنة وذياد كالمتغلب على بعض الأطراف فقتله حجر. وسياقة أخبار هذا الباب منقولة من كتاب أخبار كندة.

الحارث المقصور بن عمرو:

ثم ملك بعده الحارث المقصور حين وقع عنه قباد بن فيروز لموافقة كانت على الزندقة، فعظم لذلك سلطانه وفخم أمره وانتشر ولده، فملكهم على بكر وتميم وقيس وتغلب وأسد. وكان من حل نجدا من أحياء نزار تحت سلطان الحارث دون من نأى منهم عن نجد، وبقي الحارث مملكا على قبائل معد حتى ملك أنوشيروان، وولى على اليمن المنذر بن ماء السماء. فلما قرب المنذر من الحيرة عرب الحارث الكندي، وتبعته خيل المنذر فأدركوا إبنا له فجأة فقتلوه، ونجا الحارث هاربا

(1/111)

لا يعرّج على شي ء، فوقع عليه بنو كلب بمسحلان فقتاوه. فلما مضى الحارث اختلف أولاده فقتل بعضهم بعضا حتى تمزّق أمرهم، وتتبع المنذر بن ماء السماء غابرهم فقتل عامتهم، وصارت رياسة كندة زوال الملك عنهم في بني جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين، ثم في معدي كرب بن جبلة، ثم في قيس، وهو الذي أتى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم في سبعين من أشراف كندة فأسلموا.

(1/112)

الباب العاشر في سياقة تاريخ قريش ملوك عرب الإسلام وهو عشرة فصول

الفصل الأول من الباب العاشر في ذكر جمل من تواريخ المعدّيين قدمتها أمام تاريخ الهجرة

كما ذكر، وتواريخ المعدّيين من عرب الجاهلية والإسلام ينقسم على عشرة مراتب وهي: عام نزول إسماعيل مكّة، وعام تفرق ولد معد، وعام رياسة عمرو بن لحي، وعام موت كعب بن لويّ، وعام الغدر، وعام الفيل، وعام الفجار، وعام موت هشام، وعام بنيان الكعبة، وعام الهجرة.

فأما عام تفرق ولد معد ففي هذا العام كان ابتداء تفرقهم، فأرّخوا به ثم جعلوا كل ما فارق قوم تهامة عدلوا إلى التاريخ به، فطال عليهم أمر ذلك.

وأما عام رياسة عمرو بن لحي فالعام الذي بدّل فيه دين ابراهيم.

(1/113)

وأما عام موت كعب بن لوي فإنهم أرّخوا به زمانا طويلا. وذكر الزبير بن بكار أنه كان بين موت كعب بن لوي وبين عام الفيل خمس ماية وعشرون سنة.

وأما عام الغدر، ويقال أيضا حجة الغدر، فإن ملكا من ملوك حمير كان وجه بكسوة إلى الكعبة، فشدقوز من بني يربوع على رسله فقتلوهم قبل أن يصلوا إلى الحرم، وانتهبوا ذلك المتاع، فبلغ خبرهم من مكان اجتمع بالموسم من إفناء القبائل، فوثب بعضهم على بعض فبذلك سميت حجة الغدر. وذكر الزبير بن بكار أن عام الغدر كان قبل المبعث بمايتي سنة.

وأما عام الفيل الذي هو عام ميلاد النبي صلّى اللّه عليه وسلم فإنه كان لأربع وثلاثين سنة من ملك أنوشيروان، ولثماني سنين من ملك عمرو بن هند وملك الروم وهو قسطروندس، وذلك قبل المبعث بأربعين سنة. واتفق عام المبعث مع السنة العشرين من ملك ابرويز، ويقال مع السنة السادسة عشرة من ملكه. وملك الحيرة يومئذ أياس بن قبيصة الطائي مع البحرجان الفارسي، على رأس سنتين وأربعة أشهر من ملكهما، وعلى اليمن يومئذ باذان، وفيها بعث باذان باللطيمة من اليمن إلى أبرويز، فشد عليها قوم من بني تميم فانتهبوها، فخوّفهم الرسول عقوبة الملك فقالوا: آكلة وموتة. فذهبت مثلا. وهم أول من قال ذلك، فبعث إليهم أبرويز دادفروز بن حشنشفان، وهو الذي سمته العرب المكعبر، لأنه كان يقطع أيدي بني تميم الذين أغاروا على اللطيمة، فكان من أمره يوم الصفقة ما كان. ولم تزل أساري يوم الصفقة محبسين في سجن المكعبر بالبحرين حتى أخرجهم العلاب الحضرمي، لما استعمله النبي صلّى اللّه عليه وسلم على البحرين.

فأما عام الفجار فهو الفجار الثاني فإنه كان بعد عام الفيل بعشرين، وبين الفجارين يوم جبلة.

(1/114)

فأما عام موت هشام، وهو هشام بن مغيرة المخزومي، وأرّخت قريش بموته أعظاما لشأنه كما أرّخوا بعده ببنيان الكعبة تفخيما لأمرها، فعبروا يؤرّخون ببنيان الكعبة إلى صدر خلافة عمر لما أسس تاريخ الهجرة.

وروى وكيع القاضي عن ابن أبي السرى عن هشام بن الكلبي أن بناء الكعبة كان بثماني عشرة سنة وثمانية أشهر من ملك النعمان بن المنذر، ولإحدى عشر سنة من ملك أبرويز، ويقال لست سنين من ملكه، وهو الصحيح. وذلك على رأس خمس وعشرين سنة من عام الفيل.

وقال الجاحظ: أشهر شي ء في تواريخ العرب قبل الإسلام ثلاثة أشياء: مجي ء الفيل، موت هشام، وبنيان الكعبة.

وكانت قريش تقول: كان ذلك عام موت هشام، وزمن مجي ء الفيل، وأيام بنيان الكعبة، كما كان سائر العرب يقولون: كان ذلك زمن الفطحل، وكان ذلك عام الخنان، وعام الجحاف فزمان سيل العرم، وإذا أرادوا أقدم من ذلك قالوا: كان ذلك إذ السلام رطاب، وإذا الحجارة في اللين كالطّين، وكان ذلك إذ الصخر مبتلّ كطين الوحل.

وروى وكيع القاضي عن علي بن محمد بن حمزة العلوي عن دماد عن أبي عبيدة قال: كان عام الفيل بعد يوم جبلة بست سنين، وذلك أن يوم جبلة كان بعد يوم رحرحان بسنة، وكان يوم ذي نجب بعد يوم جبلة بسنة، وكان عام الفيل بعد يوم ذي نجب بأربع سنين.

قال وكيع: وحدثني إبن السري عن هشام الكلبي قال: كان يوم الفيل بعد يوم جبلة بسبع عشرة سنة. وفي يوم جبلة وضعت كبشة بنت عروة الرّجال بن عتبه بن جعفر بن كلاب بعامر بن الطفيل، ثم

(1/115)

وفد عامر على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم في آخر سنة من عمره، وهي إحدى عشرة ولرسول اللّه يومئذ ثلاث وستون سنة، ولعامر بن الطفيل ثمانون سنة.

وروى وكيع أيضا عن الحارث عن إبن محمد عن إبن سعد عن هشام الكلبي قال: سمعت من يذكر أن معد بن عدنان كان على عهد المسيح عليه السلام، وكان قصي بن كلاب في زمن فيروز بن يزدجرد وكان عبد مناف في زمن قباد بن فيروز، وكان مولد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بعد خروج سيف بن ذي يزن في ملك أنوشيروان، للإستجاشة على الحبشة بسنتين، لأن غلبة الحبشة على اليمن كان في آخر ملك قباد بن فيروز، فبقي سيف بن ذي يزن في التردد سنين إلى قيصر، ثم إلى أنوشيروان ثم في المقام على بابه إلى أن وصل إليه، ثم إلى أن عاد إلى اليمن، ثم مرّت سنيات إلى المولد.

(1/116)

الفصل الثّاني من الباب العاشر في ذكر ما جاءت به الروايات في مبدأ يوم الهجرة وشهره وما تقدم ذلك من المبادى ء التي هي المولد والمبعث

وعنى محمد بن جرير الطبري بذلك في كتابه المسمى الكتاب المذيل فكفى غيره معاناة التعب في جمعه. فنقلت من كتابه ما حكاه في ذلك تاركا للأسانيد فيه إذ كان الرجل معروفا بالثقة. وكان كتابه مشهورا قد سار في البلدان فقال: إختلفت الروايات في وقت مولد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على ثلاث جهات بين أدناها وأقصاها ثمانية أيام.

فإحدى الروايات إنه ولد صلى اللّه عليه وآله لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول. والرواية الثانية إنه ولد لثمان ليال خلون منه، والرواية الثالثة لثلاث عشر ليلة خلت منه. إلا إنهم وان إختلفوا في أيام شهر ربيع الأول فإنهم لم يختلفوا في شيئين آخرين: أحدهما أن المولد كان في النصف الأول من شهر ربيع الأول لا في النصف الثاني. والثاني أن المولد كان في يوم الإثنين لا غير. فإن الروايات مع إختلافها لم يذكر في شي ء منها غير يوم الإثنين.

وقد إختلفوا في تواريخ سني الملوك الذين ولد في أيام ملكهم فقيل ولد في السنة الأربعين، من ملك كسرى أنوشيروان، وقيل: في الحادية والأربعين، وقيل: في الثالثة، وقيل: في ثمانية عشر سنة

(1/117)

من ملك عمرو بن هند، وقيل: أقل منها وفي أكثر. وإختلفوا في موت أبيه بثلاثين شهرا. فروى قوم مات والنبي صلى اللّه عليه وآله في بطن أمه، ويروي آخرون أن أباه بقي بعد ميلاده ثمانية وعشرون شهرا.

وإختلفوا أيضا في وقت موت أمه بسنتين. فروى قوم إنها ماتت بعد ست سنين من مولده. وروى آخرون انها ماتت بعد ثماني سنين من مولده. وإختلفوا في وقت خروجه مع عمه أبي طالب إلى الشام بأربع سنين. فروى قوم إنه كان إبن تسع سنين في خرجته إلى الشام وروى آخرون إنه كان ابن إثنتي عشرة سنة وإختلفوا في وقت حضوره حرب الفجار مع عمومته بسنة. فروى قوم إنه حضر وهو إبن عشرين سنة. وإختلفوا في وقت خرجته الثانية إلى الشام لخديجة بأشهر. فروى قوم إنه خرج عن خديجة نحو الشام وهو إبن خمس وعشرين سنة، وروى آخرون بعد خمس وعشرين سنة وأشهر. وكان تزوجه بها بعد ذلك بشهر، ومات ذكور أولاده منها قبل المبعث.

إختلفوا في مبلغ عمره عند حضور بناء الكعبة بعشر سنين. فروى قوم إنه حضر بناء الكعبة وهو إبن خمس وعشرين سنة، وروى آخرون إنه حضره وهو إبن خمس وثلاثين سنة. وإختلفوا في وقت إبتداء نبوته بأيام لا تبلغ شهرا. فذكر رواة السير أن مبدأ النبوة كانت على عشرين سنة من ملك كسرى أبرويز وعلى رأس تسعماية وإحدى وعشرين سنة من سني الإسكندر، وعلى رأس أربع سنين من ملك أياس بن قبيصة ملك الحيرة وشريكه البحرجان الفارسي، وفي ملك باذان بن مهران على اليمن.

وروى قوم إنه أتته النبوة وهو إبن أربعين سنة وإنه بقي بعد نبوته ست سنين لا يدعو أحدا إلى دينه. ثم ابتدأ في الدعاء إلى الدين في أول السنة السابعة من نبوته لأن أمره كان في خفاء ست سنين، ثم في

(1/118)

حصار الشعب ثلاث سنين. ثم من بعد ذلك كانت الهجرة إلى المدينة.

وإختلفوا في وقت الهجرة سنة وثلاثين يوما. فروى قوم إنه قدم المدينة لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول، وروى آخرون إنه قدمها لثماني ليال خلون من شهر ربيع الآخر. وما بين هذين الوقتين عدة روايات مختلفة.

ثم ذكر رواة السير أن الهجرة كانت في سنة إثنتين وثلاثين من ملك أبرويز ملك الفرس، وكان ذلك لخمس سنين وستة أشهر وخمسة عشر يوما كان بقي من ملكه، ولتسع ماية وثلاث وثلاثين سنة مضت من ملك الإسكندر، ولتسع سنين مضت من ملك هرقل ملك الروم، ولخمس سنين وثمانية أشهر مضت من ملك دادويه الفارسي على الحيرة ولماية وستين سنة مضت من حجة الغدر، ولاربع عشرة مضت من المبعث، ولثلاث وخمسين سنة مضت من حياة النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، ومن عام الفيل، ولعشر سنين وشهرين بقيت من مدة عمر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم. قالوا: فجميع ما ذكرناه إنما هو في تاريخ وقت الهجرة.

فإما تاريخ مبدأ سني الإسلام فإنهم أسسوه لما قبل الهجرة بشهرين وذلك إنهم جعلوا مبدأ التاريخ من محرّم تلك السنة والنبي صلى اللّه عليه وآله بعد بمكه. ثم كانت الهجرة بعد ذلك في شهر ربيع الأول أو الثاني فبدأ النبي صلى اللّه عليه وآله بالهجرة، ثم ثنّى بغزاة بدر وما بعدها، ثم ثلث بمكاتبة أملاك كسرى وقيصر والحارث بن أبي شمر، وهودة ابن علي والمقوقس والنجاشي. وإختلفوا في عواقب أموره كما إختلفوا في مباديها.

وإختلفوا في وقت موته بعشرة أيام، فروى قوم إنه مات يوم

(1/119)

الإثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول. وروى آخرون أنه مات يوم الإثنين لإثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول. وإختلفوا في مبلغ سني عمره بست سنين، فروى قوم إنه مات وهو إبن خمس وستين سنة، وروى آخرون إنه مات وهو إبن ستين. وفيما بين هذين الوقتين روايات في إثنتين وستين، وفي ثلاث وستين. وإختلفوا في سواد شعره وبياضه، فروى قوم إنه كان ظهر في لحيته وعنفقته بضع عشرة شعرة بيضاء. وروى آخرون إنه كان يختضب بالدهن والزعفران، وروى آخرون إنه كان يختضب بالحنّاء والكتم، وهو أعلم.

(1/120)

الفصل الثالث من الباب العاشر في ذكرى جمل من آثار مبدأ الهجرة، ظهرت بعد موت النبي صلى اللّه عليه وسلم

قال رواة السير: قام يزدجرد بالملك إحدى عشرة سنة من الهجرة وهي السنة التي مات فيها النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم. ولأربع سنين من ملكه غزت العرب أرض الفرس بالعراق، ولخمس سنين من ملكه فتحوا غربي المدائن، وهي مدينة نهر سير وذلك في صفر من سنة ست عشرة، وكانت مسكن يزدجرد. فلما نحوه عنها وجدوا في خزائنه ماية الف الف درهم. وأول وقعة كانت بين الفرس والعرب نفس الناطف على شاطى ء الفرات بناحية الكوفة، وقائد جيش العرب أبو عبيدة بن مسعود الثقفي يوم السبت، سلخ شهر رمضان سنة ثلاث عشرة. ثم كانت وقعة مهران بعد ذلك بسنة وذلك أن عمر غبر بعد أبي عبيد سنة لا يذكر العراق.

فلما كان بعد سنة ورد عليه من اليمن سبع ماية بيت من الأزد، يسألونه الإذن لهم في الوقوع إلى بعض الأطراف، وكانت الشام قصدهم لأنه كان أهون عليهم، فأمرهم بقصد العراق فساروا حتى

(1/121)

نزلوا العذيب والقادسية، ثم تلا ذلك قدوم جرير بن عبد اللّه البجلي عليهم في بحيلة. ثم كانت وقعة رستم بن خرهرمز الآذري مع سعد إبن أبي وقاص. ثم كانت وقعة البحرجان بعد ذلك بأشهر قليلة. ثم رجعوا العرب من العذيب إلى ساباط ونزلوه حتى عرفوا السبل. ثم رجعوا إلى شاطى ء دجلة ونزلوا مدينة نهر سير القريبة من المدائن، فأقاموا بها ودجلة أمامهم فبقي لبثهم بها ثمانية وعشرين شهرا حتى ضجروا بالمقام بها، ثم خاضوا دجلة إلى مدينة المدائن الشرقية، وإنتشروا فيها إلى القرى والأمصار.

وذكر المدائني أن يزدجرد كان أنفذ ضروبا من التدبير لأنه إستخلف خرزاد بن خرهرمز الآذري على المدائن، وسرح أخاه رستم بن خرهرمز لملاقاة سعد بن أبي وقاص، ووجه مهران للقاء جرير بن عبد اللّه البجلي، ووجه سهرك للقاء عثمان بن أبي العاص الثقفي من جانب فارس، ووجه الهرمزان للقاء أبي موسى الأشعري من جانب خوزستان، ووجه ذا الحاجب للقاء النعمان بن المقرن المزني بماء نهاوند، واحدق خواص جيشه بعياله وحشمه، وسار معهم إلى أصبهان ليتحصّن بمدينتها، فورد عليه أخبار الفتوح من كل ناحية فزحف من أصفهان إلى مرو خراسان، فكان من أمره ما كان.

(1/122)

الفصل الرّابع من الباب العاشر في ذكر جمل من ادلاء النجوم على استعلاء الإسلام على سائر الأديان والشرائع

حكى شاذان بن بحر الكرماني: إنه أخبر أبا معشر بأن محمد بن موسى الخوارزمي زعم إنه قوّم الكواكب للسنة التي كان فيها ميلاد النبي صلى عليه وعلى آله، ثم حكوا إنه ولد فيه فقوّمها لليالي ذلك الشهر ليلة ليلة، فلم يجد في طوالعها طالعا دل على النبوة والمللّة والدولة الّا الطالع السحريّ الذي في الوجه الأول من الميزان. فقال أبو معشر وأنا أيضا قد إعتبرت ذلك فلم أجد طالعا يصلح للملة غيره قلت:

إفتثق بدلائله؟ فقال: نعم! كل ما مضى من دلائله مستقيم، وكل ما بقي يعتبر بما مضى.

ثم قال أبو معشر: زعم محمد بن عبد اللّه بن طاهر أن فيما وقع إليه من أسرار علم النجوم أن عطارد مع رأس أوجه يدل على شرف النبوة، وقد قال الأوائل ما يضاهي بعض قول عبد اللّه بن طاهر.

وزعموا أن الكوكب مع رأس أوجه أقوى ما يكون، ولكن دلالته على النبوة لم أسمعها إلا من محمد بن عبد اللّه بن طاهر، وكان عطارد

(1/123)

من مولد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في عشر درجات من العقرب بحساب زيج الهند سند في آخر رجوعه، ولم يكن بعد وقف لإستقامة ولكنه كان قريبا من ذلك فلانه كان إلى الإستقامة من رجوعه صار من قومه خلاف عليه ونفار عليه عما آتيهم به، وإمتناع من أهل بيته للاذان له، ثم آلت حالهم معه إلى أن صدّقوه وقبلوا ما جاء به وانضموا إليه، ولو كان يدل وقوع عطارد لإستقامة ووقوفه للرجوع لتم إمتناعهم ودام التواؤهم فلم يقبلوه. وكانت الزهرة في العقرب والسماك الأعزل في درجات الطالع، والعقرب كان برج القران الذي أوجب إنتقال الدولة من الفرس إلى العرب، وكانت الشمس في العقرب والمريخ في السرطان، فدل على أن الملك يكون في الزيادة من مبدأ المولد إلى مايتين وعشرين سنة ثم لا يزيد، وإن المللة تكون في الزيادة من مبدأ المولد ثلاثماية وستين سنة فحسب، كأنه بعد وفاته ثلثماية سنة ثم يبتدى ء النقصان في ملك أهل المللة العربية من جهة المغرب، وهو أعلم.

(1/124)

الفصل الخامس من الباب العاشر في سياقة تواريخ ملوك قريش

وإتفق لملوك قريش ما لم يتفق لمن تقدمهم من الملوك، وذلك أن تاريخ الهجرة قد خص من الصحة بما عرى منه سائر التواريخ، إذ كان تأسيسه وقع على تدبير يؤمن معه دخول فساد عليه غابر الدهر، لإنه تاريخ ذو مبدأ واحد، وتاريخ الفرس وغيرهم لها مبادي كثيرة لإنه كلما ملك ملك منهم ساقوا التاريخ من يوم ملكه، فإذا مضى ذلك الملك إستأنفوا لمن يملك بعده تاريخا من يوم وصول الملك إليه، وساقوه إلى إنقضاء عمره، فبسوء هذا التدبير إضطربت تواريخهم وفسدت فسادا لا مطمع في صلاحه. وهاجر صلى اللّه عليه وآله وسلم مكة إلى المدينة، وقد تصرم من شهور وأيام تلك السنة المحرم وصفر وثمانية أيام من شهر ربيع الأول، وعاش بعد ذلك تسع سنين واحد عشر شهرا، وإثنين وعشرين يوما.

فلما عزموا على تأسيس الهجرة رجع القهقرى ثمانية وستين يوما، وجعلوا مبدأ سنة الهجرة من مهلّ المحرم سنة إحدى، ثم أحصوا من أول يوم من المحرّم إلى آخر يوم من عمر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فحصل لهم عشر سنين وشهران ولأبي بكر سنتان وثلاثة أشهر وثمانية

(1/125)

أيام، ولعمر عشر سنين وستة أشهر وثمانية عشر يوما، ولعثمان إحدى عشرة سنة واحد عشر شهرا وإثنا وعشرين يوما، ولعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أربع سنين وتسعة أشهر، وإلى أن وقعت بيعة معاوية ستة أشهر وثلاثة أيام، ولمعاوية تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وخمسة وعشرون يوما، يزيد ثلاث سنين وثمانية أشهر، معاوية بن يزيد ثلاثة أشهر وإثنان وعشرون يوما، عبد اللّه بن الزبير تسع سنين واحد عشر شهرا وثلاثة أيام، عبد الملك بن مروان إثنتا عشرة سنة وأربعة أشهر وخمسة أيام، الوليد بن عبد الملك تسع سنين وسبعة أشهر وتسعة وعشرون يوما، وبعده سليمان بن عبد الملك سنتان وسبعة أشهر وتسعة وعشرون يوما، عمر بن عبد العزيز سنتان وخمسة أشهر وثلاثة عشر يوما، يزيد بن عبد الملك أربع سنين ويوم، هشام بن عبد الملك تسع عشرة سنة وثمانية أشهر وعشرون يوما، وبعده الوليد ابن يزيد سنة وشهران وواحد وعشرون يوما.

الفتنة بعد قتل الوليد شهران وخمسة وعشرون يوما، يزيد بن الوليد شهران وتسعة أيام، إبرهيم بن الوليد شهران واحد عشر يوما، مروان بن محمد خمس سنين وشهر، السفاح أربع سنين وثمانية أشهر ويوم، وإلى أن إنتهت البيعة إلى المنصور إثنا عشر يوما، المنصور إحدى وعشرون سنة واحد عشر شهرا وثمانية أيام، حتى إنتهى الخبر الى المهدي ثمانية أيام، المهدي عشر سنين وشهر وإثنا عشر يوما، وحتى إنتهى الخبر إلى الهادي خمسة أيام، الهادي سنة وشهر وخمسة عشر يوما، الرشيد ثلاثة وعشرون سنة وشهران وسبعة عشر يوما، حتى إنتهى الخبر إلى الأمين عشرة أيام، الأمين أربع سنين وخمسة أشهر ويومان، المأمون عشرون سنة وخمسة أشهر وإثنان وعشرون يوما،

(1/126)

وبعده المعتصم ثماني سنين وثمانية أشهر ويومان، الواثق خمس سنين وتسعة أشهر وستة أيام، المتوكل أربع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسعة أيام. المنتصر ستة أشهر ويومان، المستعين ثلاث سنين وتسعة أشهر ويوم، المعتز ثلاث سنين وستة أشهر وخمسة وعشرون يوما، المهتدي أحد عشر شهرا وعشرون يوما، المعتمد أربع عشرة سنة وأربعة أشهر المعتضد عشر سنين وثمانية أشهر وثلاثة وعشرون يوما، وبعده المقتدر أربع وعشرون سنة وشهران وعشرة أيام، القاهر سنة وخمسة أشهر وواحد وعشرون يوم، الراضي سبع سنين، المتقي خمس سنين، المستكفي ستة عشر شهرا.

(1/127)

الفصل السادس من الباب العاشر في إظهار نواريز سني الهجرة

في أي يوم من شهور العرب كان كل نيروز منها، وإظهار ما لم يكن فيه النيروز سنة إحدى من الهجرة، وهي سنة أربع وثلاثين من ملك أبرويز. كان النيروز يوم الأحد لمهلّ ذي القعدة لثمان عشر من حزيران سنة إثنتين. كان النيروز يوم الإثنين الحادي عشر من ذي القعدة سنة ثلاث. كان النيروز يوم الثلاثاء الثاني والعشرون من ذي القعدة سنة أربع. كان النيروز يوم الأربعاء الثالث من ذي الحجة سنة خمس. كان النيروز يوم الخميس الرابع عشر من ذي الحجة سنة ست كان النيروز يوم الجمعة الخامس والعشرون من ذي الحجة سنة سبع.

لم يكن نيروز في سنة ثمان. كان النيروز يوم السبت السادس من المحرم سنة تسع. كان النيروز يوم الأحد السابع عشر من المحرم سنة عشر.

كان النيروز يوم الإثنين الثامن والعشرون من المحرم سنة إحدى عشرة. كان النيروز يوم الثلاثاء التاسع من صفر سنة إثنتي عشرة.

كان النيروز يوم الأربعاء العشرون من صفر سنة ثلاث عشرة. كان النيروز يوم الخميس أول يوم من شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة.

كان النيروز يوم الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس

(1/128)

عشرة. كان النيروز يوم السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ست عشرة. كان النيروز يوم الأحد الرابع من شهر ربيع الآخر سنة سبع عشرة. كان النيروز يوم الإثنين النصف من شهر ربيع الآخر سنة ثمان عشرة. كان النيروز يوم الثلاثاء السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة تسع عشرة. كان النيروز يوم الأربعاء السابع من جمادى الأولى سنة عشرين.

كان النيروز يوم الخميس الثامن عشر من جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين. كان النيروز يوم الجمعة التاسع والعشرين من جمادى الأولى سنة إثنتين وعشرين. كان النيروز يوم السبت العاشر من جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين. كان النيروز يوم الأحد الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وعشرين. كان النيروز يوم الإثنين الثاني من رجب سنة خمس وعشرين. كان النيروز يوم الثلاثاء الثالث عشر من رجب سنة ست وعشرين. كان النيروز يوم الأربعاء الرابع والعشرين من رجب سنة سبع وعشرين. كان النيروز يوم الخميس الخامس من شعبان سنة ثمان وعشرين. كان النيروز يوم الجمعة السادس عشر من شعبان سنة تسع وعشرين. كان النيروز يوم السبت السابع والعشرين من شعبان سنة ثلاثين.

كان النيروز يوم الأحد الثامن من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين كان النيروز يوم الإثنين التاسع عشر من شهر رمضان سنة إثنتين وثلاثين كان النيروز يوم الثلاثاء أول يوم من شوال سنة ثلاث وثلاثين. كان النيروز يوم الأربعاء الحادي عشر من شوال سنة أربع وثلاثين. كان النيروز يوم الخميس الثاني والعشرين من شوال سنة خمس وثلاثين.

كان النيروز يوم الجمعة الثالث من ذي القعدة سنة ست وثلاثين. كان النيروز يوم السبت الرابع عشر من ذي القعدة سنة سبع وثلاثين. كان

(1/129)

النيروز يوم الأحد الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين كان النيروز يوم الإثنين السادس من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين.

كان النيروز يوم الثلاثاء السابع عشر من ذي الحجة سنة أربعين.

كان النيروز يوم الأربعاء الثامن والعشرين من ذي الحجة سنة إحدى وأربعين لم يكن فيها نيروز سنة إثنتين وأربعين. كان النيروز يوم الخميس التاسع من محرم سنة ثلاث وأربعين. كان النيروز يوم الجمعة العشرين من المحرم سنة أربع وأربعين. كان النيروز يوم السبت أول يوم من صفر سنة خمس وأربعين. كان النيروز يوم الأحد الثاني عشر من صفر سنة ست وأربعين. كان النيروز يوم الإثنين الثالث والعشرين من صفر سنة سبع وأربعين. وكان النيروز يوم الثلاثاء الرابع من شهر ربيع الأول ثمان وأربعين. كان النيروز يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين. كان النيروز يوم الخميس السادس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمسين.

كان النيروز يوم الجمعة السابع من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين. كان النيروز يوم السبت الثامن عشر من شهر ربيع الآخر سنة وإثنتين وخمسين. كان النيروز يوم الأحد التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين كان النيروز يوم الإثنين العاشر من جمادى الأولى سنة أربع وخمسين. كان النيروز يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين. كان النيروز يوم الأربعاء الثاني من جمادى الأخرى سنة وخمسين. كان النيروز يوم الخميس الثالث عشر من جمادى الأخرى سنة سبع وخمسين كان النيروز يوم الجمعة الرابع والعشرين من جمادى الأخرى سنة ثمان وخمسين. كان النيروز يوم السبت الخامس من رجب سنة تسع وخمسين كان النيروز يوم الأحد السادس عشر من رجب سنة ستين.

(1/130)

كان النيروز يوم الإثنين السابع والعشرين من رجب سنة إحدى وستين. كان النيروز يوم الثلاثاء الثامن من شعبان سنة إثنتين وستين.

كان النيروز يوم الأربعاء التاسع عشر من شعبان سنة ثلاث وستين.

كان النيروز يوم الخميس أول شهر رمضان سنة أربع وستين. كان النيروز يوم الجمعة الحادي عشر من شهر رمضان سنة خمس وستين.

كان النيروز يوم السبت الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة ست وستين. كان النيروز يوم الأحد الثالث من شوال سنة سبع وستتين.

كان النيروز يوم الإثنين الرابع عشر من شوال سنة ثمان وستين. كان النيروز يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شوال سنة تسع وستين. كان النيروز يوم الأربعاء السادس من ذي القعدة سنة سبعين.

كان النيروز يوم الخميس السابع عشر من ذي القعدة سنة إحدى وسبعين. كان النيروز يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة إثنتين وسبعين. كان النيروز يوم السبت التاسع من ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين. كان النيروز يوم الأحد العشرين من ذي الحجة سنة أربع وسبعين. لم يكن فيها نيروز سنة خمس وسبعين. كان النيروز يوم الإثنين أول يوم من المحرم سنة ست وسبعين. كان النيروز يوم الثلاثاء الثاني عشر من المحرم سنة سبع وسبعين، كان النيروز يوم الأربعاء الثالث والعشرين من المحرم سنة ثمان وسبعين. كان النيروز يوم الخميس الرابع من صفر سنة تسع وسبعين. كان النيروز يوم الجمعة الخامس عشر من صفر سنة ثمانين.

كان النيروز يوم السبت السادس والعشرين من صفر سنة إحدى وثمانين. كان النيروز يوم الأحد السابع من شهر ربيع الأول سنة إثنتين وثمانين. كان النيروز يوم الإثنين الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين. كان النيروز يوم الثلاثاء التاسع والعشرين

(1/131)

من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين. كان النيروز يوم الأربعاء العاشر من شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانين. كان النيروز يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ست وثمانين.

كان النيروز يوم الجمعة الثاني من الجمادى الأول سنة سبع وثمانين.

كان النيروز يوم السبت الثالث عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين كان النيروز يوم الأحد الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وثمانين. كان النيروز يوم الإثنين الخامس من الجمادى الأخرى سنة تسعين.

كان النيروز يوم الثلاثاء السادس عشر من جمادى الأخرى سنة إحدى وتسعين. كان النيروز يوم الأربعاء السابع والعشرين من جمادى الأخرى سنة إثنتين وتسعين. كان النيروز يوم الخميس الثامن من رجب سنة ثلاث وتسعين. كان النيروز يوم الجمعة التاسع من رجب سنة أربع وتسعين. كان النيروز يوم السبت أول يوم من شعبان سنة خمس وتسعين. كان النيروز يوم الأحد الحادي والعشرين من شعبان سنة ست وتسعين. كان النيروز يوم الإثنين الثاني والعشرين من شعبان سنة سبع وتسعين. كان النيروز يوم الثلاثاء الثالث من شهر رمضان سنة ثمان وتسعين. كان النيروز يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر رمضان سنة تسع وتسعين. كان النيروز يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة مائة.

كان النيروز يوم الجمعة السادس من شهر شوال سنة إحدى ومائة كان النيروز يوم السبت السابع عشر من شوال إثنتين ومائة. كان النيروز يوم الأحد الثامن والعشرين من شوال سنة ثلاث ومائة. كان النيروز يوم الإثنين التاسع من ذي القعدة سنة أربع ومائة.

كان النيروز يوم الثلاثاء العشرين من ذي القعدة سنة خمس ومائة. كان

(1/132)

النيروز يوم الأربعاء أول يوم من ذي الحجة سنة ست ومائة. كان النيروز يوم الخميس الثاني عشر من ذي الحجة سنة سبع ومائة. كان النيروز يوم الجمعة الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان ومائة لم يكن فيها نيروز سنة تسع ومائة. كان النيروز يوم السبت الرابع من المحرم سنة عشر ومائة. كان النيروز يوم الأحد النصف من المحرم سنة إحدى عشرة ومائة. كان النيروز يوم الإثنين السادس والعشرين من المحرم سنة إثنتي عشرة ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء السابع من صفر سنة ثلاث عشرة ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء الثامن عشر من صفر سنة أربع عشرة ومائة. كان النيروز يوم الخميس التاسع والعشرين من صفر سنة خمس عشرة ومائة. كان النيروز يوم الجمعة العاشر من شهر ربيع الأول سنة ست عشرة ومائة. كان النيروز يوم السبت الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة ومائة.

كان النيروز يوم الأحد الثاني من شهر ربيع الآخر سنة ثمان عشرة ومائة. كان النيروز يوم الإثنين الثالث عشر من شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة عشرين ومائة.

كان النيروز يوم الأربعاء الخامس من جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين ومائة. كان النيروز يوم الخميس السادس عشر من جمادي الأولى سنة إثنتين وعشرين ومائة. كان النيروز يوم الجمعة السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين ومائة. كان النيروز يوم السبت الثامن من جمادى الأخرى سنة أربع وعشرين ومائة. كان النيروز يوم الأحد التاسع عشر من جمادى الأخرى سنة خمس وعشرين ومائة. كان النيروز يوم الإثنين أول يوم من رجب سنة ست وعشرين كان النيروز يوم الثلاثاء الحادي عشر من رجب سنة سبع وعشرين

(1/133)

ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء الثاني والعشرين من رجب سنة ثمان وعشرين ومائة. كان النيروز يوم الخميس الثالث من شعبان سنة تسع وعشرين ومائة. كان النيروز يوم الجمعة الرابع عشر من شعبان سنة ثلاثين ومائة.

كان النيروز يوم السبت الخامس والعشرين من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائة. كان النيروز يوم الأحد السادس من شهر رمضان سنة إثنتين وثلاثين ومائة. كان النيروز يوم الإثنين السابع عشر من شهر رمضان سنة ثلاث وثلاثين ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة أربع وثلاثين ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء التاسع من شوال سنة خمس وثلاثين ومائة. كان النيروز يوم الخميس العشرين من شوال سنة ست وثلاثين ومائة. كان النيروز يوم الجمعة أول يوم من ذي القعدة سنة سبع وثلاثين ومائة. كان النيروز يوم السبت الثاني عشر من ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين ومائة. كان النيروز يوم الأحد الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين ومائة.

كان النيروز يوم الإثنين الرابع من ذي الحجة سنة أربعين ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء الخامس عشر من ذي الحجة سنة إحدى وأربعين ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء السادس والعشرين من ذي الحجة سنة إثنتين وأربعين ومائة. لم يكن فيها نيروز سنة ثلاث وأربعين ومائة. كان النيروز يوم الخميس السابع من المحرم سنة أربع وأربعين ومائة.

كان النيروز يوم الجمعة الثامن عشر من المحرم سنة خمس وأربعين ومائة. كان النيروز يوم السبت التاسع والعشرين من المحرم سنة ست وأربعين ومائة. كان النيروز يوم الأحد العاشر من صفر سنة سبع وأربعين ومائة. كان النيروز يوم الإثنين الحادي والعشرين من صفر

(1/134)

سنة ثمان وأربعين ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء الثاني من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة خمسين ومائة.

كان النيروز يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين ومائة. كان النيروز يوم الجمعة الخامس من شهر ربيع الآخر سنة إثنتين وخمسين ومائة. كان النيروز يوم السبت السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين ومائة. كان النيروز يوم الأحد السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين ومائة. كان النيروز يوم الإثنين الثامن من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء التاسع عشر من جمادى الأولى سنة ست وخمسين ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء أول يوم من جمادى الأخرى سنة سبع وخمسين ومائة. كان النيروز يوم الخميس الحادي عشر من جمادى الأخرى سنة ثمان وخمسين ومائة. كان النيروز يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الأخرى سنة تسع وخمسين ومائة. كان النيروز يوم السبت الثالث من رجب سنة ستين ومائة.

كان النيروز يوم الأحد الرابع عشر من رجب سنة إحدى وستين ومائة. كان النيروز يوم الإثنين الخامس والعشرين من رجب سنة إثنتين وستين ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء السادس من شعبان سنة ثلاث وستين ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء السابع عشر من شعبان سنة أربع وستين ومائة. كان النيروز يوم الخميس الثامن والعشرين من شعبان سنة خمس وستين ومائة. كان النيروز يوم الجمعة التاسع من شهر رمضان سنة ست وستين ومائة كان النيروز يوم السبت العشرين من شهر رمضان سنة سبع وستين ومائة. كان النيروز يوم الأحد أول يوم من شهر شوال سنة ثمان وستين ومائة. كان النيروز يوم الإثنين

(1/135)

الثاني عشر من شوال سنة تسع وستين ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شوال سنة سبعين ومائة.

كان النيروز يوم الأربعاء الرابع من ذي القعدة سنة إحدى وسبعين ومائة. كان النيروز يوم الخميس النصف من ذي القعدة سنة إثنتين وسبعين ومائة. كان النيروز يوم الجمعة السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين ومائة. كان النيروز يوم السبت السابع من ذي الحجة سنة أربع وسبعين ومائة. كان النيروز يوم الأحد الثامن عشر من ذي الحجة سنة خمس وسبعين ومائة. كان النيروز يوم الإثنين التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة ست وسبعين ومائة. لم يكن فيها نيروز سنة سبع وسبعين ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء العاشر من المحرم سنة ثمان وسبعين ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء الحادي والعشرين من المحرم سنة تسع وسبعين ومائة. كان النيروز يوم الخميس الثاني من صفر سنة ثمانين ومائة.

كان النيروز يوم الجمعة الثالث عشر من صفر سنة إحدى وثمانين ومائة. كان النيروز يوم السبت الرابع والعشرين من صفر سنة إثنتين وثمانين ومائة. كان النيروز يوم الأحد الخامس من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين ومائة. كان النيروز يوم الإثنين السادس من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانين ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء الثامن من شهر ربيع الآخر سنة ست وثمانين ومائة كان النيروز يوم الخميس التاسع عشر من شهر ربيع الآخر سنة سبع وثمانين ومائة. كان النيروز يوم الجمعة أول يوم من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين ومائة. كان النيروز يوم السبت الحادي عشر من

(1/136)

جمادى الأولى سنة تسع وثمانين ومائة. كان النيروز يوم الأحد الثاني والعشرين من جمادى الأولى سنة تسعين ومائة.

كان النيروز يوم الإثنين الثالث من جمادى الأخرى سنة إحدى وتسعين ومائة كان النيروز يوم الثلاثاء الرابع عشر من جمادى الأخرى سنة إثنتين وتسعين ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء الخامس والعشرين من جمادى الأخرى سنة ثلاث وتسعين ومائة. كان النيروز يوم الخميس السادس من رجب سنة أربع وتسعين ومائة. كان النيروز يوم الجمعة السابع عشر من رجب سنة خمس وتسعين ومائة. كان النيروز يوم السبت الثامن والعشرين من رجب سنة ست وتسعين ومائة. كان النيروز يوم الأحد التاسع من شعبان سنة سبع وتسعين ومائة. كان النيروز يوم الإثنين العشرين من شعبان سنة ثمان وتسعين ومائة. كان النيروز يوم الثلاثاء أول يوم من شهر رمضان سنة تسع وتسعين ومائة. كان النيروز يوم الأربعاء الثاني عشر من شهر رمضان سنة مائتين.

كان النيروز يوم الخميس الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة الرابع من شهر شوال سنة إثنتين ومائتين. كان النيروز يوم السبت الخامس عشر من شوال سنة ثلاث ومائتين. كان النيروز يوم الأحد السادس والعشرين من شوال سنة أربع ومائتين. كان النيروز يوم الإثنين السابع من ذي القعدة سنة خمس ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء الثامن عشر من ذي القعدة سنة ست ومائتين. كان النيروز يوم الأربعاء التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة سبع ومائتين. كان النيروز يوم الخامس عشر من ذي الحجة سنة ثمان ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة تسع ومائتين. لم يكن فيها نيروز سنة عشر ومائتين.

(1/137)

كان النيروز يوم السبت الثاني من المحرم سنة إحدى عشرة ومائتين كان النيروز يوم الأحد الثالث عشر من المحرم سنة إثنتي عشرة ومائتين كان النيروز يوم الإثنين الرابع والعشرين من المحرم سنة ثلاث عشرة ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء الخامس من صفر سنة أربع عشرة ومائتين. كان النيروز يوم الأربعاء السادس عشر من شهر صفر سنة خمس عشرة ومائتين. كان النيروز يوم الخميس السابع والعشرين من صفر سنة ست عشرة ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة ومائتين. كان النيروز يوم السبت التاسع عشر من شهر ربيع الأول سنة ثمان عشرة ومائتين. كان النيروز يوم الأحد أول يوم من شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة ومائتين.

كان النيروز يوم الإثنين الحادي عشر من شهر ربيع الآخر سنة عشرين ومائتين.

كان النيروز يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين ومائتين. كان النيروز يوم الأربعاء الثالث من جمادى الأولى سنة إثنتين وعشرين ومائتين. كان النيروز يوم الخميس الرابع عشر من جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وعشرين ومائتين. كان النيروز يوم السبت السادس من جمادي الأخرى سنة خمس وعشرين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد السابع عشر من جمادى الأخرى سنة ست وعشرين ومائتين. كان النيروز يوم الإثنين الثامن والعشرين من جمادى الأخرى سنة سبع وعشرين ومائتين كان النيروز يوم الثلاثاء التاسع من رجب سنة ثمان وعشرين ومائتين.

كان النيروز يوم الأربعاء العشرين من رجب سنة تسع وعشرين ومائتين. كان النيروز يوم الخميس أول يوم من شعبان سنة ثلاثين

(1/138)

ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة الثاني عشر من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين. كان النيروز يوم السبت الثالث والعشرين من شعبان سنة إثنتين وثلاثين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد الرابع من شهر رمضان سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. كان النيروز يوم الإثنين الخامس عشر من شهر رمضان سنة أربع وثلاثين ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء السادس والعشرين من شهر رمضان سنة خمس وثلاثين ومائتين كان النيروز يوم الأربعاء السابع من شوال سنة ست وثلاثين ومائتين كان النيروز يوم الخميس الثامن عشر من شوال سنة سبع وثلاثين ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة التاسع والعشرين من شوال سنة ثمان وثلاثين ومائتين. كان النيروز يوم السبت العاشر من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة أربعين ومائتين.

كان النيروز يوم الإثنين الثاني من ذي الحجة سنة إحدى وأربعين ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء الثالث عشر من ذي الحجة سنة إثنتين وأربعين ومائتين. كان النيروز يوم الأربعاء الرابع والعشرين من ذي الحجة ثلاث وأربعين ومائتين. ولم يكن فيها نيروز سنة أربع وأربعين ومائتين كان النيروز يوم الخميس الخامس من المحرم سنة خمس وأربعين ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة السادس عشر من المحرم سنة ست وأربعين ومائتين. كان النيروز يوم السبت السابع والعشرين من المحرم سنة سبع وأربعين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد الثامن من صفر سنة ثمان وأربعين ومائتين. كان النيروز يوم الإثنين التاسع عشر من صفر سنة تسع وأربعين ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء مهلّ شهر ربيع الأول سنة خمسين ومائتين.

كان النيروز يوم الأربعاء الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة

(1/139)

إحدى وخمسين ومائتين. كان النيروز يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة إثنتين وخمسين ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة الثالث من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين ومائتين. كان النيروز يوم السبت الرابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وخمسين ومائتين. كان النيروز يوم الإثنين السادس من جمادى الأولى سنة ست وخمسين ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء السابع عشر من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين ومائتين.

كان النيروز يوم الاربعاء الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين ومائتين. كان النيروز يوم الخميس التاسع من جمادى الأخرى سنة تسع وخمسين ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة العشرين من جمادى الأخرى سنة ستين ومائتين.

كان النيروز يوم السبت أول يوم من رجب سنة إحدى وستين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد الثاني عشر من رجب سنة إثنتين وستين ومائتين. كان النيروز يوم الإثنين الثالث والعشرين من رجب سنة ثلاث وستين ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء الرابع من شعبان سنة أربع وستين ومائتين. كان النيروز يوم الأربعاء النصف من شعبان سنة خمس وستين ومائتين. كان النيروز يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان سنة ست وستين ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة السابع من شهر رمضان سنة سبع وستين ومائتين. كان النيروز يوم السبت الثامن عشر من شهر رمضان سنة ثمان وستين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد التاسع والعشرين من شهر رمضان سنة تسع وستين ومائتين كان النيروز يوم الإثنين العاشر من شوال سنة سبعين ومائتين.

كان النيروز يوم الثلثاء الحادي والعشرين من شوال سنة إحدى وسبعين ومائتين. كان النيروز يوم الأربعاء الثاني من ذي القعدة سنة

(1/140)

إثنتين وسبعين ومائتين. كان النيروز يوم الخميس الثالث عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي القعدة سنة أربع وسبعين ومائتين. كان النيروز يوم السبت الخامس من ذي الحجة سنة خمس وسبعين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد السادس عشر من ذي الحجة سنة ست وسبعين ومائتين.

كان النيروز يوم الإثنين السابع والعشرين من ذي الحجة سنة سبع وسبعين ومائتين. لم يكن فيها نيروز سنة ثمان وسبعين ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء الثامن من المحرم سنة تسع وسبعين ومائتين. كان النيروز يوم الأربعاء التاسع عشر من المحرم سنة ثمانين ومائتين. كان النيروز يوم الخميس أول يوم من صفر سنة إحدى وثمانين ومائتين.

كان النيروز يوم الجمعة الحادي عشر من صفر سنة إثنتين وثمانين ومائتين كان النيروز يوم السبت الثاني والعشرين من صفر سنة ثلاث وثمانين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد الثالث من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين ومائتين. كان النيروز يوم الإثنين الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانين ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين ومائتين. كان النيروز يوم الأربعاء السادس من شهر ربيع الآخر سنة سبع وثمانين ومائتين.

كان النيروز يوم الخميس السابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين. كان النيروز يوم السبت التاسع من شهر جمادي الأولى سنة تسعين ومائتين.

كان النيروز يوم الأحد العشرين من جمادي الأول سنة إحدى وتسعين ومائتين كان النيروز يوم الإثنين أول يوم من جمادي الأخرى سنة إثنتين وتسعين ومايتين. كان النيروز يوم الثلاثاء عشر من

(1/141)

جمادي الأخرى سنة ثلاث وتسعين ومائتين كان النيروز يوم الأربعاء الثالث والعشرين من جمادي الأخرى سنة أربع وتسعين ومائتين. كان النيروز يوم الخميس الرابع من رجب سنة خمس وتسعين ومائتين. كان النيروز يوم الجمعة الخامس عشر من رجب سنة ست وتسعين ومائتين كان النيروز يوم السبت السادس والعشرين من رجب سنة سبع وتسعين ومائتين. كان النيروز يوم الأحد السابع من شعبان سنة ثمان وتسعين ومائتين. كان النيروز يوم الإثنين الثامن من شعبان سنة تسع وتسعين ومائتين. كان النيروز يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شعبان سنة ثلاثماية.

كان النيروز يوم الأربعاء العاشر من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثماية. كان النيروز يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة إثنتين وثلاثماية. كان النيروز يوم الجمعة الثاني من شوال سنة ثلاث وثلاثماية. كان النيروز يوم السبت الثالث عشر من شوال سنة أربع وثلاثماية. كان النيروز يوم الأحد الرابع والعشرين من شوال سنة خمس وثلاثماية. كان النيروز يوم الإثنين الخامس من ذي القعدة سنة ست وثلاثماية. كان النيروز يوم الثلاثاء السادس عشر من ذي القعدة سنة سبع وثلاثماية. كان النيروز يوم الأربعاء السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وثلاثماية. كان النيروز يوم الخميس الثامن من ذي الحجة سنة تسع وثلاثماية كان النيروز يوم الجمعة التاسع عشر من ذي الحجة سنة عشر وثلاثماية.

كان النيروز يوم السبت مهلّ المحرم سنة احدى عشر وثلاثماية، لم يكن نيروز في سنة اثنتي عشرة وثلاثماية. كان النيروز يوم الأحد الحادي عشر من المحرم سنة ثلاث عشرة وثلاثماية، كان النيروز يوم

(1/142)

الإثنين الثاني والعشرين من المحرم سنة أربع عشرة وثلاثماية. كان النيروز يوم الثلاثاء الثالث من صفر سنة خمس عشرة وثلاثماية. كان النيروز يوم الأربعاء الرابع عشر من صفر سنة ست عشرة وثلاثماية.

كان النيروز يوم الخميس الخامس والعشرين من صفر سنة سبع عشرة وثلاثماية. كان النيروز يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثمان عشرة وثلاثماية. كان النيروز يوم السبت السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة وثلاثماية. كان النيروز يوم الأحد الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول سنة عشر وثلاثماية. كان النيروز يوم الإثنين التاسع من شهر ربيع الآخر سنة احدى وعشرين وثلاثماية كان النيروز يوم الثلاثاء العشرين من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلاثماية. كان النيروز يوم الأربعاء أول يوم من جمادي الأولى سنة ثلاث وعشرين وثلاثماية. كان النيروز يوم الخميس الثاني عشر من شهر جمادي الأولى سنة أربع وعشرين وثلاثماية. كان النيروز يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر جمادي الاولى سنة خمس وعشرين وثلاثماية. كان النيروز يوم السبت الرابع من جمادي الأخرى سنة ست وعشرين وثلاثماية. كان النيروز يوم الأحد الخامس عشر من جمادي الأخرى سنة سبع وعشرين وثلاثماية.

كان النيروز يوم الإثنين السادس والعشرين من جمادي الأخرى سنة ثمان وعشرين وثلاثماية. كان النيروز يوم الثلاثاء السابع من رجب سنة تسع وعشرين وثلاثماية. كان النيروز يوم الأربعاء الثامن عشر من رجب سنة ثلاثين وثلاثماية.

كان النيروز يوم الخميس التاسع والعشرين من رجب سنة احدى وثلاثين وثلاثماية. كان النيروز يوم الجمعة العاشر من شعبان سنة إثنتين وثلاثين وثلاثماية. كان النيروز يوم السبت الحادي والعشرين من شعبان

(1/143)

سنة ثلاث وثلاثين وثلاثماية. كان النيروز يوم الأحد الثاني من رمضان سنة أربع وثلاثين وثلاثماية. كان النيروز يوم الإثنين الثالث عشر من رمضان سنة خمس وثلاثين وثلاثماية. كان النيروز يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من رمضان سنة ست وثلاثين وثلاثماية. كان النيروز يوم الأربعاء الخامس من شوال سنة سبع وثلاثين وثلاثماية. كان النيروز يوم الخميس السادس عشر من شوال سنة ثمان وثلاثين وثلاثماية. كان النيروز يوم الجمعة السابع والعشرين من شوال سنة تسع وثلاثين وثلاثماية. كان النيروز يوم السبت الثامن من ذي القعدة سنة أربعين وثلاثماية.

كان النيروز يوم الأحد التاسع عشر من ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وثلاثماية. كان النيروز يوم الإثنين مهل ذي الحجة سنة إثنتين وأربعين وثلاثماية. كان النيروز يوم الثلاثاء الحادي عشر من ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وثلاثماية. كان النيروز يوم الأربعاء الثاني والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وأربعين وثلاثماية. لم يكن فيها نيروز سنة خمس وأربعين وثلاثماية. كان النيروز يوم الخميس الثالث من المحرم سنة ست وأربعين وثلاثماية. كان النيروز يوم الجمعة الرابع عشر من المحرم سنة سبع وأربعين وثلاثماية. كان النيروز يوم السبت الخامس والعشرين من المحرم سنة ثمان وأربعين وثلاثماية. كان النيروز يوم الأحد السادس من صفر سنة تسع وأربعين وثلاثماية. كان النيروز يوم الإثنين السابع عشر من صفر سنة خمسين وثلاثماية. كان النيروز يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من شهر صفر.

(1/144)

الفصل السابع من الباب العاشر في إظهار جمل من الأحداث

كانت في سني الهجرة للمعتبرين فيها عبرة وقدم لي في هذا الفن في كتاب أصبهان شي ء كثير وأذكرها هنا نبذا يسيرا.

ذكر محمد بن موسى الخوارزمي في كتابه في التاريخ أن في سنة أربع وتسعين من الهجرة لعشر خلون من آذار بدأت الزلازل في الدنيا فدامت أربعين يوما وشمل الهدم الابنية الشاهقة، وتهدمت دور مدينة إنطاكية. ثم في سنة ثمان وتسعين عادت الزلازل ودامت ستة أشهر.

وذكر محمد بن جرير الطبري أن في سنة إثنتين وعشرين ومائتين ظهر في كورتي سرخسن ومرور ودنسق من الفأر لم يحط به الإحصا، ولا أطاق الناس لدفعها إلى حيلة، وبلغ من مضرّة هذه الآفة إنها أتت على غلات تلك السنة في الكورتين معا، ثم تفانت بوقوع الموتان فيها وفي سنة خمس وعشرين ومايتين أصابت الأهواز رجفة أدامت أربعة أيام بلياليها، فصدعت الجبل المطل عليها.

وذكر غيره أن في سنة أربع وثلاثين ومائتين في خلافة المتوكل أصاب الناس ريح شديدة وسموم لم يعهد قبلها مثلها، فدام ذلك

(1/145)

وأتصل نيفا وخمسين يوما، إبتدأ في اليوم الثالث من حزيران يوم عرفة إلى آخر يوم من تموز، فشمل ذلك الكوفة وبغداد وواسط والبصرة، وإنحدر منها إلى عبادان ومن واسط إلى الأهواز، فقتل المّارة والقوافل حتى لم يخلص منها أحد، ثم رجعت إلى الأهواز وإنحطت إلى همدان، فركدت عليهم عشرين يوما فأحرقت الزرع ثم تقلعت من همدان ومرت كالسهم إلى الموصل، فخرجت عليهم من برية سنجار فما مرت ببشر ولا دابة ولا شجرة الا اهلكتها فاستقرت بالموصل. فمنعت الناس من الانتشار وعطلت السوق عن الباعة، وحالت بين أهل القرى والمدينة لحمل الميرة والأمتعة. وفي سنة إحدى وأربعين ومايتين خرجت ريح باردة من بلاد الترك، فإنحطت على سرخس وقتلت الخلق لإنه كان يصيبهم بردها فيزكمون ثم يتلفون، وتجاوزت سرخس إلى نيشابور ورجعت من نيشابور فإنحطت على الري، ثم تجاوزت إلى همدان ثم إلى حلوان؛ وتشعبّت من حلوان شعبتين: فشعبة أخذت ذات اليمين إلى سامراء، وشعبة أخذت ذات اليسار إلى بغداد، فأصاب الناس منها سعال وزكام شبيه بالصدام؛ ثم إنحدرت من بغداد إلى واسط، ومنها إلى البصرة، ومنها إلى الأهواز.

وذكر محمد بن جرير أن في هذه السنة التي هي سنة أحد وأربعين ومايتين أصاب أهل قومس رجفة وخسف، أتيا على عامة مدينة الأمارة، ثم بعده أصابتهم نار إنحطت من الهواء فأحرقت خلقا كثيرا وورد الخير من اليمن على سلطان بمسير جبل يقال له السقرا.

وذكر عبد اللّه بن محمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام أن في خلافة المستعين إتفق إجتماع المشتري والمريخ والزهرة وعطارد في برج السرطان مقترنات تحت شعاع الشمس في آخر البرج، وإتفق

(1/146)

كينونة القمر معها فتولد سحاب ومطر غزير وظلمات ورعد وبرق، ودام ذلك ست ساعات مستوية من النهار، فبرد الجلو وكان ذلك في تموز حتى إضطرّ أهل السامراء إلى أخذ الدثار، فعقبها ظهور قوس قزح مما يلي الشرق، ثم ظهرت قوس أخرى في باطنها لكثرة الماء المنهل من السحاب، فكل حدث مفرط يظهر في الجوّ خارجا عن العادة يحدث في عالم الكون كيفيات مفرطة.

وذكر غيره أن في سنة ثمان وخمسين ومائتين ظهر في الأهواز والعراق وبأ، وكان إنتشار ذلك من جانب عسكر مكرم، فمر منها طولا إلى قرقيسيا من كورة الفرات وعرضا إلى حلوان وحدودها فبدأ من صحرا العرب، وتفاقم الأمر فيه حتى أمر السلطان من بغداد بإحصاء من يدفن كل يوم، فكان الدفن يأتي على ما بين خمسماية إلى ستماية كل يوم.

وذكر إبن جرير أن في هذه السنة كانت بالصيمرة هدّة عظيمة تساقط منها أكثر المدينة، ومات فيها أكثر من عشرين ألف نفس.

قال: وفي سنة ست وسبعين ومايتين إنفرج كل نهر الصلة عن قبور سبعة في حوض منقور من حجر، صحيحة أبدانهم وأكفانهم يفوح منهم رائحة المسك، وهناك كتاب لا يدرى ما هو وفي الموتى شاب حسن الوجه وفي خاصرته ضربة.

قال: وفي سنة ثمان وسبعين ومايتين غار ماء النيل، وكان ذلك شيئا لم يعهد الناس مثله ولا بلغهم في أخبار الأمم السالفة.

قال: وفي سنة ثمانين ومايتين كسفت الشمس وظهرت الظلمة ساعات ثم هبّت وقت العصر بناحية دنبل ريح سوداء إلى ثلث الليل ثم زلزلوا وخسف بهم، فلم ينج إلا اليسير وورد الخبر على السلطان بأنه مات تحت الهدم في يوم واحد أكثر من ثلاثين ألف إنسان، ودام

(1/147)

هذا خمسة أيام فبعث السلطان من يحصى عدد من مات في هذه الخمسة الأيام، فبلغ عددهم مائة وخمسين ألفا.

قال: وفي سنة أربع وثمانين ومايتين حكم المنجمون بغرق الأقاليم بالطوفان، فلم يصيبوا وأصاب الناس قحط وغارت المياه في الدنيا.

قال: وفي سنة خمس وثمانين ومايتين لعشر بقين من شهر ربيع الأول إرتفعت بالكوفة ونواحيها ريح صفراء، ثم إستحالت سوداء وبقيت يوما وليلة، ثم تعقبها مطر جود برعود هائلة وبروق متصلة، ووقع منها بأحمد أباد ونواحيها حجارة بيض وسود مختلفة الأوزان خلالها أحجار، الحجر كفهر العطر. وهكذا كان بالبصرة إلا إنه لم يكن فيه الحجر، وسقط فيها برد في الحبة وزن ماية وخمسين درهما.

قال: وفي سنة خمس وثلاثماية ورد من مرو كتاب على السلطان فيه أن نفرا عبروا من سور مدينة مرو على نقب، فكشفوا عنه الكبس فوصلوا إلى أزج فأصابوا فيه ألف رأس في سلال، وفي إذن كل رأس رقعة قد أثبت فيها إسم صاحبه. والذي أذكر أنا باصبهان من الأحداث الخارجة عن العادة ثمانية أنواع ما بين إحدى وتسعين ومايتين إلى سنة أربع وأربعين وثلاثماية، منها سنة إحدى وتسعين ومايتين ماه خرداد روز خرداد، كانت الغلات سابقت الحصاد فأصابها صرّ ذهب بها كلها فحصدت خاوية لا حبّ فيها، وهذا حادث لم يعهد الناس مثله في زمان الدفا وهجوم الحرّ ولا سمعوا به. وفي سنة عشر وثلاثماية مدّ وادي زرين رود مدا تجاوز فيه الحدّ وخرج عن العادة، فطما الماء حتى ركب ظهور القناطر ومنع الناس العبور عليها فكان تشد الكتب على السهام ويرمى بها من باب المدينة إلى ناحية ورزقا باد، حتى خشى أهل المدينة على أنفسهم. وقد كان الماء ركب جانب السور ونقب ناحية منه، ثم تراجع الماء واخذ في النقصان.

(1/148)

وفي سنة ثلاث وعشرين وثلاثماية في آخرها وأول سنة أربع وعشرين شملت المجاعة للناس وتفاقم الأمر فيها، وإقترن بها الموت الذريع فمات من أهل مدينتي أصبهان أكثر من مايتي ألف إنسان. إستقصيت وصف أحداث تلك السنة في كتاب أصفهان وإقتصرت ها هنا على اليسير من وصفها. وفي سنة ثلاثين وثلاثماية سقطت ثلجة في اليوم العشرين من ماء أبان، ولم يعهد الناس في هذا الشهر قط بأصبهان سقوط الثلج.

سنة إثنتين وثلاثين وثلاثماية أصبح الناس يوم النوروز على الثلجة إضطروا إلى كسحها ولم يعهد الناس في زمان الربيع مثل ذلك، ثم أعقب تلك الثلجة برد مفرط، فأصبح الناس اليوم من النوروز وقد أتى الضر على الأشجار، وشمل ذلك الضر عامة بلدان المشرق حتى عبر الناس بلا فاكهة.

سنة ثلاث وثلاثين وثلاثماية إشتدت المجاعة ببغداد وتفاقمت، فتشرد أهلها وتماوتوا لأن الرجال تفرقوا في البلدان وحصل النساء في البيوت؛ وكانت المخدرات من الأبكار يخرجن إلى الطرق عشرين عشرين معتمدات بعضهن ويصحن: الجوع! الجوع! فإذا سقطت واحدة خررن كلهن لوجوههنّ ميّتات. وكان ببغداد رجل شوشي مكثر يقال له يحيى بن زكريا، فجمع في داره ألف بكر وأطعمهن طول أيام المجاعة، ثم زوجهن كلهن وجهزّهن.

سنة أربع وثلاثين وثلاثماية كثر القمل برستاق التيمرة الكبرى حتى يئس الناس من غلات سنيهم، وهمّوا بالجلاء فإنحطّ على الرستاق نوع من الطير الصقر في جرم يزيد على جرم العصفور، فتفرق ذلك الطير على أشجار غيضة بفناء ضيعة لولد معمر. فحدثني جماعة من أهل تلك الضيعة شهدوا حالها أن طائرا منها كان إذا أصبح يعلو شجرة

(1/149)

في تلك الغيضة، فيصفر صفيرا متداركا، فعند ذلك تصير الطير أفواجا فينحط كل فوج منها على ضيعة من ضياع الرستاق، فيأخذ في لقط القمل حتى تمتلى ء منها حواصلها، فيعدل عند ذلك إلى الماء فتبرد به ثم تخرج من الماء وتذرق ما في حواصلها، وتعاود اللقط إلى المساء ثم تعود إلى أشجار الغيضة ويصبح لقط القمل، فما زال ذلك دأبها في اللقط ودأب ذلك الطائر في الصفير حتى أتت على قمل الرستاق ثم فارقت الغيضة ذات صباح، فلم تر إلى الآن.

وفي سنة أربع وأربعين وثلثماية في إبتداء المحرم حدثت علة متركبة من الدم والصفراء، فشملت الناس حتى طافت في دور المدينتين على الرجال والنساء والأطفال، فكان مكثها ما بين يومين إلى سبعة أو عشرة أيام، وربما عمّ في دار سكانها فوق عشرين حتى يأتي على عامة من فيها. وكان أحسن الناس حالا معها من تلقاها بالفصد وكان طرأ هذه العلة على أصبهان من الأهواز، فطارت على الأهواز من بغداد وإنحدرت من بغداد إلى واسط ثم منها إلى البصرة، وإقترن بها هناك وباء حتى كان يدفن بها كل يوم ما بين ألف إلى ألف ومايتي جيفة. وإنحدرت من البصرة إلى الأهواز فتشعبت شعبتين: شعبة أخذت ذات اليمن نحو أرجان فتعددت إلى سائر كور فارس، وشعبة أخذت ذات اليسار إلى أصبهان فكانت عاقبتها سليمة.

وفي هذه السنة التي هي أربع وأربعين لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر ماه مرداد روز آذر بعد الزوال بدأت مطرة برعد وبرق سال لها الميازيب والشمس صرع ذلك منبسطة على وجه الأرض لا غيم في وجهها؛ فلما قرب المساء تراكم الغيم وعاد المطر بعد أن كان خفّ وما زال يشتد حتى صار وابلا وإنضاف إليه رعد وبرق هائلان، فدام عامة الليل. وسمع في الثلث الأول من الليل هدّة من الجو هائلة،

(1/150)

فأصبح الناس وقد أنسدت الطرق بالسيل لإمتلاء البواليع، ثم أمسى الناس من الغد روز إشتاد، فإبتدأ البرق بالأفق من ناحية المغرب، ودام كالنار المتأججة دائرا على أفق الجنوب حتى بلغ مشرق الشتاء في آخر الليل لا هدو فيه ولا فرجة محدودة بين الوفدة منه والأخرى، ولم يكن معه رعد البتة ثم أصبح الناس من غد تلك الليلة روز آسمان، وقد مد الوادي بماء مختلط بالطين منتن، لم يعهد قبله مثله في الحمرة والكدورة. وقدّر المقدّرون في الوادي دون الأنهار ثلاثين رحى ثم زاد حتى طبق الوادي وركب الجزائر، وإنتهى عند الزوال منتهاها فقدر الناس في الوادي ألف رحى، وبقي على حال الزيادة والكدورة أربعة عشر يوما.

فمثل هذا الحادث الخارج عن العادة إذا لم يدوّن يبتر، ولم يقبل من بعد قول حاكيه فيه.

سنة خمسين وثلاثمائة تهدم من البنية المسماة سارويه في داخل مدينة جي جانب منه، وظهر عنه بيت فيه نحو خمسين عدلا من جلود مكتوبة بخط لم ير الناس قبله مثله، فلا يدري متى أحرز ذلك في هذه البنية.

وسئلت عما أعرفه من خبر هذه المصنعة العجيبة إلينا، فأخرجت إلى حضرة الناس كتابا لأبي معشر المنجم البلخي مترجما بكتاب إختلاف الزيجة ويقول فيه: أن الملوك بلغ من عنايتهم بصيانة العلوم وحرصهم على بقائهم على وجه الدهر، وأشفاقهم عليهم من أحداث الجوّ وآفات الأرض أن إختاروا لها من المكاتب اصبرها على الأحداث، وأبقاها على الدهر، وأبعدها من التعفن والدروس لحاء شجرة الخدنك، ولحاؤه يسمى التوز، وبهم إقتدى أهل الهند والصين ومن يليهم من الأمم في ذلك، وأختاروها أيضا لقسيهم التي يرمون عليها لصلابتها وملاستها وبقائها على القسي غابر الأيام.

(1/151)

فلما حصلوا لمستودع علومهم أجود ما وجدوه في العالم من المكاتب طلبوا لها من بقاع الأرض وبلدان الأقاليم أصحها تربة وأقلها عفونة، وأبعدها من الزلازل والخسوف، وأعلكها طينا وأبقاها على الدهر بناء، فانتقضوا بلاد المملكة وبقاعها فلم يجدوا تحت أديم السماء بلدا أجمع لهذه الأوصاف من أصبهان، ثم فتشوا عن بقاعها فيها أفضل من رستاق جي، ولا وجدوا في رستاق جي أجمع لماراموه من المواضع التي إختط من بعد فيه بدهر داهر مدينة جي، فجاؤا الى قهندز وهو في داخل مدينة جي فاودعوه علومهم، وقد بقي إلى زماننا هذ وهو يسمى سارويه. ومن جهة هذه البنية درى الناس من كان يأنيها، وذلك انه لما كان قبل زماننا هذا سنين كثيرة تهدّمت من هذه المنعة ناحية، فظهروا فيها على زج معقود من طين الشقيق، فوجدوا فيه كتبا كثيرة من كتب الاوائل مكتوبة كلها على لحاء التوز، مودعة اصناف علوم بالكتابة الفارسية القديمة، فوقع بعض تلك الكتب إلى من عنى به فقراء، فوجد فيه كتابا لبعض ملوك الفرس المتقدمين يذكر فيه ان طهمورث الملك، المحب للعلوم وأهلها كان إنتهى إليه قبل الحادث المغربي الذي كان من جهة الجو خبره في تتابع الامطار هناك وافراطها في الدوام والغزارة. وخروجها عن الحد والعادة، وإنه كان من أول يوم من سني ملكه إلى أول يوم من بدو هذا الحادث المغربي مائتان واحدى وثلاثون سنة وثلاثمائة يوم، وأن المنجمين كانوا يخوّفونه من إبتداء ملكه تعدى هذا الحادث من جانب المغرب إلى ما يليه من جوانب المشرق، فأمر المهندسين بايقاع الأختيار على اصح بقاعه تربة وهواء، فاختاروا له موضع البنية المعروفة بسارويه، وهي قائمة الساعة داخل مدينة جي. فأمر ببناء هذه البنية الوثيقة، فلما فرغ له منها نقل إليها من خزانته علوما كثيرة مختلفة الاجناس، فحوّلت إلى لحاء التوز فجعلها في جانب من تلك البنية لتبقى للناس بعد احتباس هذا الحادث.

(1/152)

وان كان فيها كتاب منسوب إلى بعض الحكماء المتقدمين فيه سنون وأدوار معلومة لإستخراج أوساط الكواكب وعلل حركاتها.

وأن أهل زمان طهمورث وسائر من تقدمهم من الفرس كانوا يسمونها سني وأدوار الهزارات. وأن أكثر علماء الهند وملوكها الذين كانوا على وجه الدهر وملوك الفرس الأولين وقدماء الكلدانيين، وهم سكان الاحوية من أهل بابل في الزمان الأول، إنما كانوا يستخرجون أوساط الكواكب من هذه السنين والأدوار، وإنه لما اذّخره من بين الزيجات التي كانت في زمانه، لإنه وسائر من كان في ذلك الزمان وجدوه أصوبها كلها عند الإمتحان، وأشدها أختصارا. وكان المنجمون الذين كانوا مع رؤساء الملوك في ذلك الزمان وأستخرجوا منها زيجا وسموه زيج شهريار، ومعناه بالعربية ملك الزيجات ورئيسها. فكانوا يستعملون هذا الزيج دون زيجاتهم كلها. فيما كان الملوك يريدونه من معرفة الأشياء التي تحدث في هذا العالم، فبقى هذا الإسم لزيج أهل فارس في قديم الدهر وحديثه. وصارت حاله عند كثير من الأمم في ذلك الزمان إلى زماننا هذا أن الأحكام إنما يصح على الكواكب المقومة منه. وإلى ها هنا حكاية الفاظ ابي معشر في وصف البنية القائمة الأثر بأصبهان. وأبو معشر إنما وصف أزجا من آزاج هذه البنية، أنهار منذ ألف سنة أقل أو أكثر فعبر منه إلى زيج شهريار. فأما الذي أنهار في سنة خمس وثلاثمائة من سنة الهجرة فازج آخر، لم يعرف مكانه لأنه قدّر في سطحه إنه مصمت إلى أنهار فأنكشف عن هذه الكتب الكبيرة المكتوبة التي يهتدى إلى قراءتها، ولا خطها يشبه شيئا من خطوط الأمم. وفي الجملة أن هذه البنية إحدى الآيات القائمة ببلاد المشرق كما أن بنية مصر المسماة الهرم إحدى الآيات القائمة ببلاد المغرب، وهو أعلم وأحكم.

(1/153)

الفصل الثامن من الباب العاشر في وصف الهرج الحادث على سلطان بني العباس في دار مملكتهم

وشمل به الخراب بغداد ووقع على سكانها الجلاء إلى ان اغاث اللّه بقاياهم بابي الحسين بويه.

كان إبتداء ملك بني العباس في سنة إثنتين وثلاثين ومائة. فتنقل منهم في ثمانية عشر نفرا في مدة مائة وسبع وسبعين سنة على جملة من الاستقامة؛ إذا كانت العوارض التي كانت تعوض في سلطانهم قصيرة المدة سريعة الزوال. فأنساق ملكهم على هذا المنهاج إلى أن مضى من ملك المقتدر ثلاث عشرة سنة إلا أياما، وذلك في آخر سنة ثمان وثلاثمائة فعندها بدأت الأحداث والفتن في دار مملكتهم، فأزالت عن الجند والرعية هيبتهم، وأخلت من الأموال خزانتهم، ومن ذخائر أوائلهم بيوت أموالهم. وكانت مدة لبث هذه الأحداث في دار مملكتهم خمسا وعشرين سنة.

سنة ثمان وثلاثمائة:

وكان مبدأ هذا الهرج يوم الجمعة لست بقين من ذي القعدة سنة ثمان وثلاثمائة وكانت سببه تهيّج العامة على السلطان من أجل مقاطعة

(1/154)

حامد بن العباس على غلات السواد، حتى غلت بها الأسعار وتعذّر على العوام وعلى أكثر الخواص الوصول إلى الطعام، فلما صعد الخطيبان منبري الجانب الشرقي والجانب الغربي رميا بآخر المسجدين، وهجمت العامة إلى المقصورتين وكسروا المنبرين، وأظهروا البراءة من السلطان فتوجه نحوهم الأولياء في الطرق ونصبوا لهم الحرب بقية نهار يوم الجمعة ويوم السبت وصدر نهار يوم الأحد، ثم وضعوا الحريق في سوق باب الطاق، فأنهزمت العامة وأنكشفت الفتنة عن قتلى الجند والرعايا.

سنة إحدى عشرة وثلاثمائة:

في شهر ربيع الأول منها دخلت القرامطة البصرة لست بقين منه، فقتلوا أميرها سبك المفلحي، وأستعرضوا الناس وحملوا من أموالها ما وجدوا له ظهرا ينقل عليه إلى البحرين. وجرى ببغداد على عمال السلطان وكتابه من جهة إبن الفرات وزيره ومحسن ابنه، بعلة استبداد الأموال وكنزها في بيت المال من الخبط والعسف، باستعمال التعذيب والقتل ما لم يجر قبله في دولة الإسلام على العمال والكتاب، وخرجت المصادرات فيه عن متقدم العادات، فوقعت مصادرة حامد بن العباس على ألفي ألف وسبع مائة ألف دينار.

سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة:

في المحرم لعشر بقين منه وقع فيه القرمطي بالبادية في رمل الهبير على قوافل الحجاج، فأسر رجال السلطان وإستعرض الحاج وسبى المحرم، وأنتهب الأموال أخذ الشماسيّة، وشملت بصنيعة المصيبة عامة بلدان الإسلام.

(1/155)

سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة:

في ذي القعدة خرج فيه القرمطي على الحاج، فتشردوا في البر ومن نجا منهم رجعوا عراة حفاة، فبطل حج هذه السنة، ثم دخلت القرامطة الكوفة لتسع بقين من ذي العقدة، فقتلوا الناس وأنتهبوا المال ثم أنصرفوا بما فازوا به من الأموال.

سنة خمس عشرة وثلاثمائة:

في شهر ربيع الأول للنصف منه شغب الفرسان على السلطان وصاروا إلى الباب الخاصة، فهجموا على الدار حتى بلغوا المصاف، ثم خرجوا إلى المصلى ودخلوا البلد من الغد وصاروا إلى باب الطاق والرصافة بالزعقات، ورفعوا أصواتهم بشتم المقتدر وحلفوا بالإيمان المغلّظة إنه لا صلوات لهم كما ليس لهم حج لأنه عطّل حجهم. كما عطل ثغرهم ثم صاروا من الغد إلى القصر المعروف بالثريا فاحرقوا عامته وإنتهبوا ما فيه من الخزائن، وخربوا القبة والقصر المعروف بالأترجة والكوكب، وسلبوا ما كان فيه من الآلة والمتاع والوحش والطير، ثم بكروا من الغد إلى الحلبة فأحرقوا أبوابها وقصدوا القصر المعروف بالحسنى الذي ينزل فيها المقتدر، فبقوا إلى المساء يشغبون ثم بكروا من الغد إلى القصر المعروف بالبديع، فأخرج السلطان إليهم بليق حتى وضع لهم العطاء وسكّتهم بها.

وأغار الروم على ثغر شمشاط فذبحوا الناس في قبلة جامعة واستباحوا ما وجدوا، وسبوا عامة أهلها وأحرقوا ربض مدينة ملاطية. وفي شوال لسبع خلون منه دخل القرمطي الكوفة بعد أن أمّن أهلها، فإستولى على ما كان للسلطان بها من مال وما كان معدّ لطريق مكة من الشعير والدقيق والزاد. ولتسع بقين منه أوقع القرمطي بإبن أبي

(1/156)

الساج، فأتى القتل على كثير من عسكره وغرق في الفرات كثير من الناس، وأسر إبن أبي الساج فلما أتصل خبره ببغداد هاج الناس وماج الجند وشغب الحجرية، وأغلظوا الحطاب للمقتدر وقالوا له: تنح عن مكانك حتى يقعد مقعدك من يحسن أن يسوس ويدبر.

وانتقل عامة سكان الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي خوفا من القرمطي، ووقع الرعب في قلوب الجند والرعية والسلطان، فأخذ نازوك صاحب الشرطة أصحاب القصب بباب الأنبار بادخال القصب إلى داخل بغداد، خشية من أن يرد بلد بغداد القرمطي فيسك الخندق بالقصب والتراب ويعبر عليه. ثم وافى فل جيش إبن الساج بغداد بعد أن أتوا على كل شي ء مروّا به في قرى السواد، وفي سلخ شوال ورد القرمطي الأنبار فهرب من كان فيها من الأولياء، وأنحدر أهل أنبار إلى بغداد. وفي ذي القعدة لأربع خلون منه عبر القرمطي بأصحابه من موضع يعرف بالبطيحة، ووقعت الصيحة فأحتال حتى جمع السفن وعقد الجسر وعبر عليه الفرات، ومضى نازوك إلى أبواب دروب بغداد فسدّ باب قطربل وباب حرب، وقطع قنطرة باب الحديد وقنطرة باب حرب وباب قطربل.

ولإحدى عشرة ليلة خلت منه قرب القرمطي من عسكر مونس بحضرة تل عقر قوف على نهر المعروف بالورّادة، فقطع مونس قنطرة الواردة. ولعشر بقين منه خرج بليق في أصحابه وفي المفلولين من أصحاب إبن إبي الساج إلى سواد القرمطي، فمانعه المخلفون عليه وقتلوه أشد قتال، فأنهزم بليق وقتل الخلق ممن كان معه. فلما رجع الفل إلى مونس أحتفر خندقا على قطيعة أم جعفر من حدّ اليسرى إلى الموضع المعروف بفرح ساعة، وانتشر الأعراب في السواد فسبوا وأستباحوا وقتلوا، ثم عدل الأعراب إلى طريق سامرة فقطعوا على

(1/157)

قافلة وأخذوا منها بقيمة مائتي ألف دينار. ثم كبسوا سامرة بعد يوم النحر بيوم.

سنة ست عشرة وثلاثمائة:

في شهر رمضان لتسع خلون منه ورد بغداد أهل قصر بن هبيرة، فضجوا في الأسواق واستنفروا الناس، ومنعوهم من فتح حوانيتهم، فإنضم إليهم الخلق من العامة فمضوا إلى المستغل الذي بازاء مجلس السلطان وأحرقوه وهدموا قبة كانت هناك، وأغلظوا القول للسلطان ونادوه بالأفتراء عليه، وعدلوا من هناك إلى ديوان بادوريا فأحرقوا ما كان فيه من الحسبانات من لدن صدر الدولة لخليفة خليفة، وعدلوا إلى باب السلطان يضجون ويبكون فساعدهم خلق من أهل الدار وجاءهم الفيالون بالفيلة وقد هزلت من الجوع الدائم عليها، فبكت العامة لها وقالوا: وامحمداه!

سنة تسع عشر وثلاثمائة:

في المحرم اجتمع القواد فيهم أبو الهيجا ونزوك ومونس، وراسلوا السلطان باخراج أمه وأختها وجميع النساء اللاتي يأمرن وينهين من دار الخلافة إلى دار إبن طاهر، فلم يجبهم إلى ملتمسهم، فخرجوا إلى المصلى ومونس معهم، فوجه المقتدر إليهم برسالة جميلة ورقعة بخطه بأنه يرد الأمور إليهم، ولا يخالفهم في كل ما يلتمسون من جهته، فسكنوا ثم عادوا إلى أغلظ مما كانوا عليه. فلما كان الجمعة الرابع عشر من المحرم بعد الصلاة دخلوا على الخليفة في داره حتى وصلوا إلى مجلسه، وأخذوه ووالدته وخالته ونقلوهم إلى دار مونس وأحضروا محمد بن المعتضد ولقبوه بالقاهر، وأشهدوا على المقتدر بأنه قد خلع نفسه ورد الأمر إلى أخيه، ورفع إليه خاتم الملك. ولحق جماعة نهب وغارة وأصاب دورا حريق.

(1/158)

فلما كان يوم الأحد تحركت المصافية فجرت بين نازك وبينهم مناظرات، فتسارعوا إلى قتله. ومشى الخدم في داره إلى أبي الهيجا عبد اللّه بن حمدان وقتلوه. وفتحت السجون والمطبق فخرج جميع من كان فيها، وعاد المقتدر إلى دار الخلافة فأخرج الآنية والأمتعة والجواهر والعطر إلى البيع لتفريق اثمانها على الجند، فأشترى أكثر ذلك القواد وبقية التجار.

وفي شعبان ليلة الأربعاء لثمان بقين منه ظهر في الهواء شبيه بالنار وفي صبيحة غدها وقع بين الرجالة السودان وبين القزاونة مناوشة، فكثر القتلى في الفريقين وطفر السودان على القزاونة، وفشا القتل ببغداد وأستحبت الرجالة والاجلاف من أهل العصبية على الناس. وفي شهر رمضان شغب الجند على السلطان شغبا اتصل أياما، فتعطّل من أجله الناس عن التسوّق حتى عدم الطعام. وفي ذي الحجة لإحدى عشرة ليلة خلت منه وثب قوم من الحجرية على الوزير إبن مقلة في داره ليقتلوه، فطرح سلامة أخو نجح نفسه مع جماعة حتى خلصوه.

ولسبع خلون من ذي الحجة دخل القرمطي مكّة وأستعرض الناس في الحرم ومسجده وأكثر القتل في الناس حتى أنتنت تلك الجيف فطرحوها في بئر زمزم حتى امتلأت، وحصل منها حوالي الكعبة نحو من ثلاثة آلاف جيفة فدفنت بعد خروج القرمطي عنها حوالي الكعبة.

وأقام بها أحد عشر يوما فلما أراد البروز أخرج منها سبعماية بكر، وأخذ باب الكعبة واقتلع منها حجر التقبيل مع ما كان داخل الكعبة من الحلى وآثار الأنبياء وكسوة البيت، وزحف فرد كل ذلك إلى البحرين وبقي حجر التقبيل بها إثنتي عشرة سنة، ثم بيع بمال لا أعرف مبلغه، فردّ إلى مكانه من ركن الكعبة في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

(1/159)

سنة ثمان عشرة وثلاثمائة:

في المحرم لأربع عشرة خلت منه شغب على السلطان جماعة من الفرسان يقال لهم النصرية، واستفحل أمرهم واشتدت شوكتهم، وانضوى إليهم أكثر من فرسان بغداد، وضربوا دار الوزير بالنار، وانتهبوا ما فيها من مال وآلة ودواب ثم اتصلت الحرب بين أهل باب عمار من الفرسان والسودان، وانضوت العامة إلى الفرسان لنصرتهم على الرجالة حتى اثخنوهم، ثم أجتمع جميع الحجرية في دار السلطان على مواطأة من الفرسان لهم، ورموا رجالة المصاف بالنشاب حتى أخرجوهم عن الدار، واكبّ الفرسان عليهم بالقتل والجرح والغرق حتى أتوا على أكثرهم، وهرب الباقون وغيّروا زيهم. ثم احاط الفرسان مع العامة بباب عمار فالقوا النار في جوانبه، وانتهبوا جميع ما وجدوه في منازل الرجالة، وركب إبن ياقوت فرتب في دجلة جماعة من الحجرية لا حراق منازل الرجالة بقطيعة ناشي والحمالين وما يتصل به، وانتسف دار المعروف بالديراني رئيس الرجالة، ودار إبن امرأته وظهر ما انتهب من أموالهم في الشوارع، فنودي في العامة بأن يستبيحوها. وكثرت في دجلة جيف القتلى وطفت فوق الماء، فانقبض لذلك الصيادون عن صيد السمك أياما وعافت نفوس كثيرة من الناس عن شرب ماء دجلة، فعدلوا إلى شرب ماء الفرات.

وفي رجب دخل بغداد أعراب من ناحية باب خراسان في الجانب الشرقي وتوسطوا الشوارع فأخذوا ثياب الناس وأمتعة التجار ومضوا فلم يلحقوا، وتقدم محمد بن ياقوت بأن لا يفتح أبواب الدروب إلا بعد طلوع الشمس. في ذي الحجة لأربع خلون منه شغب الجند على الوزير، وهجموا على مجلسه وأخذوا دواته من بين يديه، فانسلّ من بينهم وهرب بلا حذاء ولا رداء حتى وقع في طياره المشدود إلى فناء

(1/160)

داره، ووقف في وسط دجلة فظهر بعقب ذلك حمرة في السماء. فلما كان ليلة الأحد لأربع عشرة بقيت من الشهر، وقع على سطوح بغداد وفي الدروب رمل أحمر يشبه رمل الهبير بالبادية.

سنة تسع عشرة وثلاثمائة:

في صفر اتصل شغب الفرسان على السلطان وكثر تشحنهم عليه ودام، وطالبوه بازالة عمل الشرطة عن إبن ياقوت وازالة الحجبة عن ياقوت، فدام شغبهم عشرة أيام. ولثمان بقين من الشهر مضى طائفة من الجند إلى دار أبي العلا سعد بن حمدان بن حمدون ليخرجوه إلى الشغب، فاعتل عليهم بعلة سال فيها أن يعفوه من ذلك، فأغاروا على داره وهرب من بين أيديهم، فأججوا النار في داره وخرجوا فأنضمت العامة إليهم، ومضوا إلى السجون في الجانبين ففتحوها وأخرجوا كل من فيها، وأحرقوا مجلس الشرطة في الشرقية ثم اعتزل الفرسان العامة، وصاروا إلى باب السلطان المسمى بباب العامة فأحرقوه ونقب جماعة من العيارين سور الدار ليدخلوها، فجن عليهم الليل وفرّقهم ظلمة الليل.

وفي جمادى الآخرة توالى الحريق في أسواق بغداد. ولإحدى عشرة بقيت منه وقع في مربعة بلاشوية، ثم في غلة إبن الحصاص، ثم في محلة دار عمار، ثم في كرخايا بالقرب من قنطرة البيمارستان وفي جمادى الآخرة لليلتين خلتا منه تحرّك الفرسان للشغب فتفاقم أمرهم وأتصل شغبهم إلى الثالث عشر من الشهر، ثم تعرّضوا للعامة فكانوا يسلبون ثيابهم. ووقع في قنطرة الشوك حريق من جهنم هائل ثم بعده بباب الشام ثم في شارعي الجدارين وفي مواضع كثيرة.

وفي شعبان ورد الخبر بهزيمة عسكر إبن الخال من بين أيدي الديلم

(1/161)

والديلم تبعوهم إلى حدود حلوان، فأضطرب الناس وماجوا وعطلت الأسواق وأنتشر الأعراب في جميع السواد، وحملوا الغلات وكبسوا القرى وسبوا الحرم. ولسبع بقين من الشهر ورد الخبر بنزول القرمطي الكوفة وجلا الناس من قصر بن هبيرة، ودخلوا بغداد مستغيثين فماج الناس وتركوا التسوق واعتصموا بالمساجد حتى عبر أيام لا يجدون طعاما، وأتصل ذلك إلى شهر رمضان. ثم لليلتين خلتا منه أغلق التجار بباب الكرج حوانيتهم وأمتنع أهل الخروج من الأداء، ووثبوا على المستخرج فتركوه بالموت وأطلقوا من كان محبوسا. ثم لثلاث عشرة من الشهر ثارث الرجالة فطينوا وجوههم ودخلوا الأسواق وسلبوا الناس.

وفي ذي الحجة ورد بغداد أهل دينور بالويل والأستغاثة، وسوّدوا وجوههم ورفعوا المصاحف، وذكروا أن مردويج الجبلي استعرضهم ووضعوا القتل فيهم، وبقوا على هذا يستغيثون ولا يغاثون، ومضوا إلى باب الوزير فرماهم غلمان داره بالنشاب، فلما كان يوم النحر حضروا الجامع، فلما بلغ الخطيب موضع الدعاء للسلطان وثبوا عليه وضجوا به وقطعوا عليه الخطبة، وقصّوا على الناس ما حلّ بهم من قتل الرجال وسبي النساء، فأغاثهم العامة على تناول عرض السلطان ومعونتهم.

سنة عشرين وثلاثمائة:

في المحرم انتهب دار الوزير واصطبله وأشتد الشغب، فجمع السلطان خواص الحجرية والساجية والبربرية إلى داره ليحفظوها. وفي جمادى الأول لعشر خلوان منه صار جماعة من الأصبهانيين إلى جامع بغداد الغربي، فلما صعد حمزة بن أبي القاسم المنبر وثبوا به ومنعوه من الخطبة حتى بطلت صلاة الناس في هذا اليوم، وكر الضجيج

(1/162)

وأعانهم العامة حتى راموا أصحاب السلطان بالحجارة في المقصورة، ونكسّوا حمزة بن أبي القاسم عن دابته، وأخذوا قلنسوته عن رأسه، وركدت الحرب بينهم وبين الجند إلى وقت العصر.

وفي جمادي الآخرة شغب الفرسان على السلطان وعدلوا إلى دجلة فأحرقوا بها الطيارات والحراقات، ومنعوا القواد من سلوك دجلة وسوّد الهاشميون وجوههم، وانتشروا في الطرق يطالبون بأرزاقهم وصاحوا الجوع! الجوع! فذبح لهم طلحة بن أبي العباس في ذبائح وطبخها لهم، ووجه الطبخ مع الخبر اليهم، واشتد تهيج العامة وكشف الدعاة وأصحاب العصبيّة رؤوسهم، وحملوا أصناف الحديد وتحاربوا بحضرة القنطرة الجديدة وشاطى ء الصراط. وركب صاحب الشرقية لتسكينهم فلم يلتفتوا إليه، وعدل جماعة من الفرسان إلى باب العامة، فعقروا ما وجدوا هناك من الدواب والبغال. ثم يعقّب ذلك قتل المقتدر على قارعة الطرق وأخذ سلبه حتى بقي عريان، فسترت عورته بحشيشة، وجرت بعد ذلك عبر دامت ثلاث عشرة سنة وتركت ذكرها في هذا المكان لئلا يطول به الكتاب.

(1/163)

الفصل التّاسع من الباب العاشر في ذكر ولاة خراسان

لما كان الفصل الثامن من هذا الباب مقصورا على تواريخ الغير الحادثة على دولة بني العباس في دار مملكتهم بغداد، وكان الذين قاموا بنقل الدولة إليهم من بني أمية عجم خراسان بافنائهم جندهم من العرب والأعراب، جعلت هذا الفصل على تواريخ ولاة خراسان. ثم جعلت الفصل الذي بعده مقصورا على تواريخ طبرستان. وإنما جلبت تواريخ هذين البلدين إلى هذا الكتاب من دون سائر البلدان لما جرى على أيدي رجال الدولة الناهضة من خراسان أولا، ثم لما جرى على أيدي رجال الدولة الناشئة من طبرستان آخرا بقريعي الزمان: أبي مسلم صاحب الدولة وأبي الحسين بن بويه.

فإمّا القائمون بأمر الدولة المقبلة من خراسان فإنهم كانوا من المجرمين، منتقمين بأستباحتهم عساكر الأمويين التي كانوا فيها بقايا جند بني أبي سفيان وأولاد مروان، القائمين ملوكهم بهدم بيت اللّه الحرام بعد أن كانوا نصبوا عليه المجانيق، فأوهوا أركانه وخلخلوا حيطانه، والمقاتلين لهم أولاد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم حتى أفنوهم قتلا، بعد أن

(1/164)

كانوا عذّبوهم عطشا، ثم سبوا لهم النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم مهتكات الستور بعد أن سبوا على منابر الإسلام لعن صنو النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم ثم اهدوهن إلى يزيد على رؤوس الملأ، كما يفعل بسنى الكفار وصوّرهم عند اعتام عرب الشام لصورة الخوارج على ائمة العدل، وقرروا عندهم إنهم شقوا العصا وأخرجوا أيديهم من الجماعة، وحاولوا انتزاع الأمامة من أمام وليعهد أمام طامعين في أن يغصبوه على حق موروث، جعله من تقدمه أولى به منهم، حتى مال عليهم أولئك الأعتام باللعن والافتراء وقالوا لهم:

تبّا لكم من معشر مفارقين للسنة والجماعة! عاصين لخليفة اللّه. ثم غبروا قريبا من مائة سنة يحذّرون الناس ناحيتهم، يبغضونهم إلى النفوس وينهون عن ملابستهم والاختلاط بهم، حتى أتاح اللّه لهم منير الظلمة ابا مسلم صاحب الدولة، فطهّر منهم البلاد ونجى منهم العباد.

وأما القائمون بأمر الدولة المقبلة من طبرستان فلدفعهم عن بلاد الإسلام معرّة القرامطة، وتنظيفهم دار الملك من الذعار وبغاة الفتنة، وقمعهم لليزيدين الذين كانوا أعداء الدولة المزيلين لهيبة الخلافة والمحدثين الرسوم الرسوميّة، أصلاهم اللّه حر السعير. وآخذ الآن في ذكر تواريخ ولاة خراسان وباللّه التوفيق.

وكان مستقرّ ولاة خراسان من أول ما ملكها العرب إلى الآن في ثلاثة بلدان: مرو، نيشابور، بخارا. فبقيت مرو دار الأمارة إلى إن ورد عبد اللّه بن طاهر أميرا على خراسان فنزل نيشابور، ونزل مرو ثم بقيت نيشابور دار الأمارة إلى أن ولى أسمعيل بن أحمد بن أسد أعمال الطاهر فسكن بخارا.

أبو مسلم ناقل الدولة:

ظهور أبي مسلم ناقل الدولة بخراسان للنصف من شهر رمضان

(1/165)

سنة تسع وعشرين ومائة. فنزل دار الأمارة بمرو يوم الإثنين للنصف من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين ومائة. ثم قدم عليه أبو جعفر أخو أمير المؤمنين لأخذ البيعة عليه وعلى من معه، ثم انصرف عنه وخرج إلى العراق غرة شهر رمضان سنة ست وثلاثين ومائة قادما على السفّاح أبي العباس الأنبار. وحج تلك السنة وعلى الموسم أبو جعفر فمات السفاح في تلك السنة. وقدم أبو جعفر من الحج أرض العراق، فأخرج أبا مسلم إلى عمه عبد اللّه بن علي، فخرج عليه في صفر سنة سبع وثلاثين ومائة، فهزم عبد اللّه يوم الثلاثاء لست خلون من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين ومائة. ثم نقل أبو مسلم منصرفا إلى خراسان في رجب، فنزل حلوان يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان. فأتته رسل أبي جعفر فرجع إليه قادما المدائن عشية يوم الثلاثاء لخمس بقين من شعبان، فقتله غداة يوم الأربعاء لأربع بقين منه سنه سبع وثلاثين ومائة.

أبو داود خالد بن ابراهيم:

ولما فرغ المنصور من قتل أبي مسلم كتب إلى أبي داود خالد بن إبراهيم الذهلي بعهده إلى خراسان وهو بطخرستان. فزحف إلى مرو وقدمها يوم الأثنين لسبع خلون من شوال سنة سبع وثلاثين ومائة، وبقي بها أميرا إلى أن مات بها في يوم الجمعة لسبع خلون من شهر ربيع الأول سنة أربعين ومائة.

ابو عصام بن سليم:

فقام على ضبط خراسان صاحب شرطته أبو عصام عبد الرحمن ابن سليم، فعمل بها سنة وشهرا. وهو أعلم بالحقائق.

(1/166)

عبد الجبار بن عبد الرحمن:

ثم قدمها عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي، فورد مرو يوم السبت لأربع عشرة خلت من شهر ربيع الآخر سنة إثنتين وأربعين ومائة، وحازم بن حزيمة يومئذ بالزبدانقان، فعصى عبد الجبار وارتكب العظائم، فقدم المهدي نيشابور وهو ولي العهد، فوجه حازم بن حزيمة إلى عبد الجبار، فأخذه وجاء به إلى المهدي فولّاه مرو. ورجع المهدي إلى الري فأقام بها إلى سنة أربع وأربعين ومائة. ثم رجع إلى بغداد ثم عاد إلى الري في سنة ست وأربعين ومائة، وبقي بها إلى سنة إحدى وخمسين ومائة. ثم عاد منها إلى بغداد. ثم وجه المهدي ابنه الهادي إلى جرجان في سنة سبع وستين ومائة. وهو أعلم.

حازم بن حزيمة:

فقدم حازم بن حزيمة مرو يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين ومائة.

أبو عون:

ثم ولي خراسان أبو عون عبد الملك بن يزيد فقدم مرو سنة ست وأربعين ومائة، فبقي عليها ست سنين، وهو أعلم.

أبو مالك:

ثم وليها أبو مالك أسيد بن عبد اللّه الخزاعي من قبل المنصور، وأمر بالسمع والطاعة للمهدي، فورد مرو في شهر رمضان سنة تسع وأربعين ومائة، فبقي واليا عليها إلى أن مات بها في ذي الحجة سنة خمسين ومائة.

(1/167)

حازم بن حزيمة:

ثم وليها حازم بن حزيمة ثانيا، وخرج إلى اللغارية في سنة إحدى وخمسين ومائة، وهو أعلم بالحقائق.

حميد بن قحطبة:

ثم وليها حميد بن قحطبة فقدم مرو يوم السبت لليلتين خلتا من شعبان سنة إحدى وخمسين ومائة، وبقي بها إلى إن مات بها يوم الأحد مستهل شعبان سنة تسع وخمسين ومائة وهو أعلم.

عبد اللّه حميد:

ثم كتب إلى عبد اللّه حميد يعهده فعمل ستة أشهر بها.

أبو عون ثانيا:

ثم وليها أبو عون ثانيا فقدمها ابنه عبد اللّه بن أبي عون يوم الإثنين للنصف من شهر صفر سنة ستين ومائة.

معاذ بن مسلم:

ثم وليها معاذ بن مسلم حيث وجه بالجنود لقتال المقنع، فقدم خليفته سلم بن سالم مرو يوم الخميس لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وستين ومائة، ثم قدم معاذ بعده في جمادى الأولى.

زهير بن المسيب:

ثم وليها زهير بن المسيب الضبي، فقدم مرو يوم الثلاثاء لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين ومائة.

(1/168)

الفضل بن سليمان:

ثم وليها الفضل بن سليمان أبو العباس الطوسي، فقدم سعيد بن بشر على خلافته فقدم سعيد يوم الإثنين لخمس بقين من المحرم سنة ست وستين ومائة. ثم قدمها الفضل يوم الإثنين لخمس خلون من شهر ربيع الأول. وفي ولايته مات المهدي ثم الهادي.

جعفر بن محمد:

ثم وليها جعفر بن محمد الأشعث الخزاعي من قبل الرشيد فقدم ابنه العباس بن جعفر على خلافة أبيه يوم الجمعة لإثنتي عشرة بقيت من ذي الحجة سنة سبعين ومائة بعد النيروز بيومين. ثم قدمها جعفر يوم الخميس لليلتين خلتا من المحرم سنة إحدى وسبعين ومائة. فغزا طخرستان ووجه جنودا إلى كابلستان، ثم رجع إلى مرو فأقام خمسة عشر يوما ثم عاد إلى العراق يوم الإثنين، لأربع خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائة.

الحسن بن قحطبة:

ثم وليها الحسن بن قحطبة فقدم خليفته، فلما نزل كورة أيرشهر عزل فأنصرف وأنصرف العباس بن جعفر فقدم بغداد في شهر شوال سنة ثلاث وسبعين ومائة، وهو أعلم.

غطريف بن عطا:

ثم ولي غطريف بن عطا على خراسان وجرجان وسجستان، فقدم خليفته داود بن يزيد فقدم يوم الثلاثاء لعشر خلون من شهر رمضان سنة خمس وسبعين ومائة.

(1/169)

حمزة بن مالك:

ثم وليها حمزة بن مالك الخزاعي، فقدم ابنه محمد فقدم يوم السبت لخمس خلون من المحرم سنة سبع وسبعين ومائة، ثم قدم حمزة يوم الأربعاء لعشر بقين من صفر.

الفضل بن يحيى:

ثم استعمل الفضل بن يحيى بن خالد على خراسان وسجستان وجرجان وكور الجبل، فقدم خليفته يحيى بن معاذ يوم السبت لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان سنة سبع وسبعين ومائة. ثم قدم بعده الفضل ابن يحيى مرو يوم الأحد لسبع خلون من شهر صفر سنة ثمان وسبعين ومائة، فأقام بمرو شهرا ثم سار إلى سمرقند على طريق بلخ، ثم رجع إلى مرو فأقام بمرو أياما، ثم خرج يوم الجمعة لسبع خلون من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة، واستعمل على خراسان عمرو بن حمل، فعمل فيها تسعة أشهر وهو أعلم بالسرائر.

منصور بن يزيد:

ثم وليها منصور بن يزيد بن منصور بن الخالد المهدي وقدمها يوم الثلاثاء لأربع عشرة بقيت من ذي الحجة، سنة تسع وسبعين ومائة

جعفر بن يحيى:

ثم وليها جعفر بن يحيى بن الخالد فسرح إليها خليفته علي بن الحسن ابن قحطبة، ثم بدأ الرشيد في تولية جعفر فعزله من العمل.

علي بن عيسى:

ثم وليها علي بن عيسى بن ماهان فقدم أبنه يحيى بن علي إلى مرو

(1/170)

على خلافته، وقدمها يوم الخميس لليلتين خلتا من جمادى الآخرة سنة ثمانين ومائة، فبقي بها مقيما سنتين. ثم سار إلى العراق يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى سنة أربع وثمانين ومائة، قاصدا للرشيد بالري ثم انصرف إلى مرو فورد سنة تسع وثمانين ومائة، وهو أعلم.

هرثمة بن أعين:

ثم استعمل هرثمة بن أعين على ما كان إلى علي بن عيسى، فقدم مرو يوم الإثنين لتسع بقين من شهر ربيع الآخر سنة إثنتين وتسعين ومائة، فأقام بمرو خمسة وأربعين يوما ثم عسكر وخرج نحو بلخ يوم الخميس لخمس خلون من جمادى الآخرة فأقام في معسكره أربعة أيام. ثم سار يوم الإثنين وسرح عليا إلى الرشيد يوم الخميس لخمس بقين من جمادى الأولى. ثم أشخص علي بن عيسى يوم الإثنين لثمان بقين من جمادى الأولى سنة إثنتين وتسعين ومائة. وهو أعلم.

المأمون:

ولما دخلت سنة تسع وثمانين ومائة جعل الرشيد إلى المأمون خراسا وسجستان وجرجان وطبرستان ورويان وديناوند والري خمس سنين، وصيّر إليه أمر أخيه القاسم بن الرشيد المسمى المؤتمن، على أنه أن شاء اقرّه وأن شاء صرفه عن ولاية العهد بعد المأمون، وقد كان الرشيد ولى في هذه السنة عبد اللّه بن مالك بن الهاشم ما بين خراسان وجرجان إلى الماهين. فقدم المأمون مرو لعشر بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائة وأقام بها إلى أن انتقل عن الأمارة إلى الخلافة.

وتوفي الرشيد بطوس إلى أثر قدومه بثلاثة عشر يوما. ومات الرشيد لثلاث خلون من جمادى الآخرة، فكان مبلغ مقام المأمون بمرو تسع

(1/171)

سنين، ثم شخص عنها قاصدا إلى العراق في شهر ربيع الآخر سنة إثنتين ومائتين فبقي في الطريق سنتين. وكان المأمون أيام أبيه الرشيد وأيام أخيه الأمين يسمى الأمام، إذ كان ولي عهد إلى أن واقع طاهر ابن الحسين صاحب جيشه وصاحب جيش أخيه علي بن عيسى بن ماهان فقتله. فحين ورد على المأمون خبر قتله يسمى بأمير المؤمنين، وانهزم هرثمة بن أعين في الجيوش نحو العراق بعد أن عزله عن ما وراء النهر، واستعمل مكانه يحيى بن معاذ بن مسلم وذلك في سنة خمس وتسعين ومائة.

الفضل بن سهل:

وعقد المأمون للفضل بن سهل في رجب سنة ست وتسعين ومائة على عمل المشرق كله، طولا ما بين جبل همدان إلى حدود التبت، وعرضا ما بين بحر طبرستان إلى بحر الهند فاقر الفضل بن السهل يحيى ابن معاذ على ما وراء النهر، وهو أعلم وأحكم.

رجا بن ضحاك:

ولما فارق المأمون خراسان ووافى جرجان في سنة ثلاث ومائتين عقد لرجا بن ضحاك على كور خراسان، سوى ما وراء النهر ثم لغسان بن عباد على خراسان وسجستان وكرمان وجرجان وطبرستان وروياند وديناوند وقومس، فبقي على هذه الأعمال كلها سنتين كاملتين، وهو أعلم.

طاهر بن الحسين:

ولما وصل المأمون إلى بغداد في سنة أربع ومائتين أصلح الأعمال بها. فلما دخلت سنة خمس ومائتين ومضى أكثرها، تفرّغ المأمون

(1/172)

لخراسان فولى طاهرا ما بين بغداد إلى أقصى الأعمال من المشرق كلها وهي خراسان وسجستان وكرمان وقومس وطبرستان ورويان وديناوند والري مع شرطة بغداد التي كان يتولاها، وعقد لولاءته ذلك كله في شهر رمضان المبارك سنة خمس ومائتين، فقدم على مقدمة أبيه طلحة ابن طاهر إليها، ثم شخص هو نحوها في ذي الحجة بعد يوم النحر من هذه السنة، فوافى مرو وقد دخلت سنة ست ومائتين، فبقي بها سنة وأشهرا ثم مات يوم السبت لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة سبع ومائتين.

طلحة بن طاهر:

فلما بلغ خبر موته المأمون كتب إلى عبد اللّه بن طاهر وهو بالرقة بولايته على أعمال أبيه، مع ما هو متولى له من أعمال الجزيزة والشام ومصر وأفريقية، وجعل أخاه طلحة بن طاهر خليفته على عمل المشرق غير إنه كان يكاتب المأمون بإسمه ولا يكاتبه عن عبد اللّه، فبقي طلحة عليها خمس سنين إلى أن مات يوم الأحد لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة ومائتين، وإستخلف على الأعمال من يرتضيه أخوه عبد اللّه، وجعل القيّم بالأمر محمد بن حميد الطاهري والولاية لأخيه علي بن طاهر، وهو أعلم.

عبد اللّه بن طاهر:

فلما ورد على عبد اللّه خبر موت أخيه طلحة ببغداد وجه حاجبه طاهر بن إبراهيم إلى أخيه علي بن طاهر لتوليته ما كان طلحة يتولاه ثم ضم المأمون إلى عبد اللّه بن طاهر الري وطبرستان ورويان وديناوند في سنة إثنتي عشرة ومائتين. وفي هذه السنة فتح عبد اللّه بن طاهر

(1/173)

مصر بعد دخول عبيد بن السري في إمانه وتسليمه مصر إليه. فبعث عبد اللّه به إلى المأمون، وقد كان المأمون أخرج عبد اللّه في سنة ثمان ومائتين إلى الجزيرة والشام لمحاربة نصر بن شيب العقيلي الذي فتن أهل الجزيرة والشام، فنصب عبد اللّه الحرب له ولتلك الزواقيل حتى إذلهم وبعث برؤساء الفتن إلى المأمون فإستخلف عبد اللّه بن طاهر على مصر عيسى بن زيد الجلودي، وقدم بغداد في آخر سنة إثنتي عشرة ومائتين ثم عزل المأمون عبد اللّه بن طاهر عن أعمال المغرب بأخيه أبي إسحق محمد بن الرشيد، وعقد له يوم السبت لسبع خلون من شهر رمضان سنة ثلاث عشرة ومائتين.

ثم خرج المأمون إلى مصر يوم الإثنين لعشر ليال خلون من جمادى الأولى سنة أربع عشرة ومائتين، فقدمها في المحرم سنة سبع عشرة ومائتين، ومعه أخوه محمد بن الرشيد، وكان المأمون وجه عبد اللّه ابن طاهر لمحاربة بابك وولاة أذربيجان وكور الجبل، فشخص عن بغداد يوم الإثنين لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة ومائتين، فنزل الدينور ووجه أخاه محمد بن طاهر على خلافته إلى أعمال خراسان، وما ينضم إليها من أعمال سائر الكور. ثم كتب المأمون إلى عبد اللّه بن طاهر بالمسير إلى خراسان، لما بلغه من انتشار الخوارج بها وغلبتهم ناحية نيشابور وغيره، وعزله عن أذربيجان وكور الجبل وتدبير محاربة بابك، وولى مكانه على ذلك علي بن هشام. فنفذ عبد اللّه بن طاهر نحو خراسان ونزل منها بكورة أيرشهر، فوطن نيشابور ونزل مرو ونزولها في رجب سنة خمس عشرة ومائتين، فاقام بها لمحاربة الخوارج وجعل خليفته على شرطة بغداد إسحق بن إبراهيم ابن مصعب، وبقي عبد اللّه على أعمال المشرق بقية أيام المأمون وأيام المعتصم وصدر أيام الواثق، إلى أن مات يوم الأربعاء العاشر من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين ومائتين، وهو اعلم.

(1/174)

طاهر بن عبد اللّه:

ولما مضى عبد اللّه على أعمال المشرق لسبيله تولى ابنه طاهر بن عبد اللّه على ما كان أبوه يتولاه، وكان بطبرستان فوافى منها أيرشهر وكان خليفته على شرطة بغداد إسحق بن إبراهيم واليه فارس والسواد حربها وخراجها، وعامله على فارس محمد بن إبرهيم، فبقي إسحق على خلافة طاهر بن عبد اللّه إلى سنة ست وثلاثين ومائتين، ثم صار خليفة على الشرطة عبد اللّه بن إسحق بن إبراهيم وإليه معاون بغداد وسامرة وواسط والسواد إلى سنة سبع وثلاثين ومائتين، ثم صار خليفته طاهر بن عبد اللّه على الشرطة محمد بن عبد اللّه بن طاهر أخاه وإليه معاون بغداد وسامرة وواسط والسواد وكور دجلة.

محمد بن طاهر:

ومات طاهر بن عبد اللّه بن طاهر في خلافة المنتصر يوم الإثنين لسبع بقين من رجب سنة ثمان وأربعين ومائتين، وصار مكانه إبنه محمد بن طاهر بن عبد اللّه على ما كان أبوه يتولاه غير الشرطة ببغداد فإن محمد بن عبد اللّه بن طاهر تفرد بعملها برأسه. فبقي محمد بن عبد اللّه على الشرطة وأعمال العراق إلى أن مات في أيام المعز، فردّ المعتز أعمال الشرطة إلى محمد بن طاهر مضافة له إلى أعمال خراسان، فكان عبيد اللّه وسليمان إبنا عبد اللّه بن طاهر يخلفانه عليها. ثم اضطربت على محمد بن طاهر اعماله فخرج عن يده سجستان ثم طبرستان ثم الري. فأما سجستان فإنه خرج بها رجل المطوّعة يقال له درهم بن الحسن، وكان القيم بعسكر درهم هذا يعقوب بن الليث الصفار، فكان درهم غير ضابط لعسكره، فرأى أصحاب درهم أن يعقوب ابن الليث أضبط لأمرهم وأسوس، فعدلوا عن درهم وأقبلوا فسلم درهم الأمر إليه وفارق العسكر. وقد كانت سجستان خرجت

(1/175)

قبل ذلك عن أيدي الطاهرية في أيام ولاية طاهر بن عبد اللّه بتغلب صالح بن النصر الكناني من أهل نسبت إليها ومعه يعقوب بن الليث بن حاتم، وكان إبتداء ذلك يوم السبت لسبع بقين من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين ومائتين.

وأما طبرستان فإنه خرج بها الحسن بن زيد العلوي في شهر رمضان سنة خمسين ومائتين، وأخرج عنها سليمان بن عبد اللّه بن طاهر. وأما الري فإنه خرج بها محمد جعفر الحسيني في ذي الحجة سنة خمسين ومائتين، وعامله عليها محمد بن علي بن طاهر فهرب عنه ثم خرج على أثره عليه بقزوين الكوكبي الحسيني في شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين ومائتين، وعامله عليها عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عبد الوهاب الطاهري، فهرب عنه ثم صرف محمد بن طاهر عن الري بموسى بن بغا في سنة أربع وخمسين ومائتين. وبقي محمد بن طاهر على أعمال خراسان وعلى شرطة بغداد إحدى عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام إلى أن ورد يعقوب بن الليث نيشابور، فقبض عليه يوم الأحد الرابع من شوال سنة تسع وخمسين ومائتين.

يعقوب بن الليث:

ولما إستولى يعقوب بن الليث على أعمال خراسان أقر المعتمد عبيد اللّه بن عبد اللّه بن طاهر على شرطة بغداد، إلى أن تخلص محمد بن طاهر من أسر يعقوب بن الليث بانهزامه عن عسكر المعتمد، يوم الأحد التاسع من رجب سنة إثنتين وستين ومائتين ماه اسفندارمذ روز دين.

ولما ورد محمد بن طاهر بغداد أعاد المعتمد إلى يده عمل الشرطة، وعزل عنها عبيد اللّه بن عبد اللّه. فهذه كانت حال الشرطة. وأما حال خراسان فإنها افتديت وتفرقت الولايات بها في نفر. وأما وراء

(1/176)

النهر فولى عليه من الاصل نصر بن أحمد أسد سامان، وكان ذلك العمل في يده من قبل طاهر فبقي عليها تسع عشرة سنة إلى أن مات في سنة تسع وسبعين ومائتين. وقام مكانه بذلك العمل أخوه إسماعيل ابن أحمد بن أسد. وأما بلخ فوليها أبو داود محمد بن أحمد بن ناهجور من الأصل، وضم له إلى عمل بلخ طخرستان وختلان وخورجان وترمد. وأما نيشابور فوليها الحسين بن طاهر بن عبد اللّه من قبل أخيه طاهر، فتوجه إليها بلا مال والرجال، فورد أصبهان وعليها دلف بن عبد العزيز، فأرتبك في أمره بين أن ينفذ على اختلال من أمره أو يرجع وراءه. فقام كوشاد بن مردان بأمره حتى بعث دلف بن عبد العزيز على معونته إلى أن انهضه وخرج معه، فورد نيشابور يوم الإثنين لسبع بقين من صفر سنة ثلاث وستين ومائتين ماه مهر روز دين. ونفد كوشاد عنه إلى ماوراء النهر فورد على نصر بن أحمد بن أسد ليستنجده فلم يصب له عنده مادة لا بمال ولا برجال، فعاد إليه ولم ير للمقام هناك وجها، فخرج وخلف كوشاد على أمراء خراسان.

عمرو بن الليث:

ومات يعقوب بن الليث بجنديشابور من كور خراسان سنة خمس وستين ومائتان. فدخل أخوه عمرو في طاعة السلطان فعقد له السلطان على ولاية شرطة بغداد وعلى أعمال خراسان، وما كان مضافا إليها من إعمال الطاهرية. فإستخلف على شرطة بغداد عبيد اللّه بن عبد اللّه ابن طاهر، فقبضها من محمد بن طاهر في صفر سنة ست وستين فورد عمرو خراسان في هذه السنة فزحف إليه أحمد بن عبد اللّه الحجستاني، والتقى معه بنيشابور يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة سنة ست وستين ومائتين، فهزم إلى سجستان. فعبر عمرو سنتين يحاول أن يصفو له خراسان وهي باسمه فقرت عليه.

(1/177)

رافع بن هرثمة:

ثم ولى خراسان رافع بن هرثمة في سنة ثمان وسبعين ومائتين فصلح به امور خراسان بعض الصلاح، وهي باسم عمرو ثم صرف عمرو بن رافع في شوال سنة تسع وسبعين ومائتين.

عمرو بن الليث ثانيا:

ثم صرف رافع عن خراسان بعمرو بن الليث، فوردها في صفر سنة ثمانين ومائتين وبقي عليها إلى أن أسره إسماعيل بن أحمد بن أسد ببلخ في سنة سبع وثمانين ومائتين.

اسماعيل بن أحمد بن أسد:

وولي إسماعيل بن أحمد بن أسد أعمال خراسان، وجعل إليه ما كان إلى الطاهرية من الأعمال المتصلة بخراسان، فبقي عليها إلى أن مات بها في صفر سنة خمس وتسعين ومائتين، وفي هذه السنة المذكورة مات المكتفي. وهو أعلم.

أحمد بن اسماعيل:

ثم ولي أحمد بن إسماعيل بن أحمد فبقي بها إلى أن قتل في شوال سنة إحدى وثلاثمائة.

نصر بن أحمد بن اسماعيل:

وولي نصر بن أحمد بن إسماعيل على ما كان في يد أبيه وجده، فبقي في عمله زيادة على ثلاثين سنة إلى أن مات في سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. وهو أعلم.

نوح بن نصر:

ثم وليها نوح بن نصر أحمد إثنتي عشرة سنة وكسرا إلى أن مات في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة.

(1/178)

عبد الملك بن نوح:

وتولى أعمال خراسان عبد الملك بن نوح بن نصر على أثر ذلك وكان مولده في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. وطالع مولده الحوت والزهرة فيه والمشتري في القوس وزحل تقديرا لا تحقيقا في الحمل.

وكان أسد بن سامان من قرية من قرى بلخ تسمى سامان، وكان له أربع بنين: نوح وأحمد ويحيى والياس. فلما رحل المأمون من خراسان إلى العراق صحبه إليها نوح بن أسد، ولزم بابه سنين فولاه ما وراء النهر من قبل الطاهرية. فلما مات ولي أخوه أحمد بن أسد مكانه.

فلما مات ولي إبنه مكانه نصر بن أحمد بن أسد. فلما مات نصر ولي أخوه إسماعيل بن أحمد بن أسد مكانه. فكانت ولاية من تقدم إسماعيل وإسماعيل أيضا على ما وراء النهر من قبل الطاهر، في اكثر تلك السنين من أوساط أيام المأمون إلى سنة سبع وثمانين ومائتين وهو نحو سبعين سنة، ومن ذلك الوقت إلى الآن أربع وستون سنة. وهو أعلم.

(1/179)

الفصل العاشر من الباب العاشر وهو في ذكر تواريخ ولاة طبرستان

ولما كانت طبرستان ذات كور كثيرة، وكانت أرض الديلم أحد كورها، وكانت الفرس تسمي الديلم أكراد طبرستان كما كانت تسمي العرب أكراد سورستان، وهي العراق، فكذلك جرى ذكرهم في كتب الفتوح والدفاتر المصنفة في أخبار دولة العباسية. فمن ذلك خبر رواه علي بن هشام عن القاسم بن سليمان النيشابوري أن معاذ ابن مسلم حدثه إنه لما صدر المنصور عن نيشابور، عند إنصرافه عن ابي مسلم صاحب الدولة بمرو، ولما أنفذه إليها اخوه أبو العباس السفاح لاخذ البيعة عليه وعلى من معه، وبلغ موضعها فيما بين اجرين وسمنان التفت إلى الجبال التي بين قومس وطبرستان فقال لي: يا معاذ اي جبال هذه؟ قلت: اعزّ اللّه الأمير جبال طبرستان؛ فقطب وجهه وبقي واجما؛ فقلت: ما دهاك إيها الأمير؟ قال: ما يشتغل القلب إنه لا يزال أمر بني العباس علينا يسوسون ولا يساسون إلى أن ينشأ وراء هذه الجبال دولة عربية اعوانها والقائمون بها عجم هذه البلاد، ثم تنقلب عجمية وتنتقل في رجال منهم ثم يتقرر في رهط منهم، فحينئذ يصير بنو العباس مسوسين. وافتتحت طبرستان بعد ذلك بسنيات على يد أبي الخصيب القائد في سنة أربع وأربعين ومائة، وذلك أن المنصور

(1/180)

اقلقه هذا الخبر الذي حكاه عنه معاذ بن مسلم، فصرف همه إلى طبرستان حتى انتزعها من يد الاسبهبد خرشيد بن داد بزرمهر بن فرحان دادبوه إبن كيليده، وكان كيليده من جيلان.

الحسن بن زيد:

فبقيت طبرستان في يد أمراء بني العباس مائة وست سنين وشهرين وواحد وعشرين يوما، إلى أن ورد الحسن بن زيد العلوي بأعوانه من الديلم خطة آمل طبرستان يوم الإثنين لسبع بقين من شوال سنة خمسين ومائتين. فملك طبرستان تسع عشرة سنة وثمانية أشهر وستة أيام، ثم مات بها يوم الإثنين لثلاث خلون من رجب سنة سبعين ومائتين ماه شهريور روزباد. وهو أعلم.

محمد بن زيد:

ثم ملكها محمد بن زيد أخوه ثمان عشرة سنة زاحمه فيها رافع بن هرثمة ثلاث سنين. وكان ورد رافع آمل طبرستان يوم الأحد لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين ومائتين. وقد كان يعقوب من الليث زاحم أخاه الحسن بن زيد، فورد يعقوب سارية طبرستان لثمان بقين من رجب سنة ستين ومائتين ماه اردى بهشت روز هرمزد.

محمد بن هارون:

ثم ورد جرجان محمد بن هارون من قبل إسماعيل بن احمد بن أسد، فزحف محمد بن زيد إليه وقتله وأسر إبنه زيد بن محمد، يوم الجمعة الخامس من شوال سنة سبع وثمانين ومائتين ماه شهريور روز آسمان.

(1/181)

اسماعيل بن أحمد:

ثم ورد إسماعيل بن أحمد طبرستان في طلب محمد بن هارون سنة ثمان وثمانين ومائتين، وعادت طبرستان في يد أمراء خراسان ثلاث عشرة سنة وكسرا.

الناصر:

ثم ورد الناصر أرض الديلم والجبل إلى الإسلام، ثم رحل عنها إلى طبرستان، ولقبه صعلوك الساماني صاحب أمير خراسان وإبن عمه بجالوس فتحاربا فانهزم عنه، وبلغ عدد قتلى الخرسانية سبعة آلاف رجل. ودخل الناصر آمل في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثمائة فملك طبرستان سنتين وثلاثة أشهر وأياما ثم مات في شعبان سنة أربع وثلاثماية وله تسع وسبعون سنة. وبقيت طبرستان بعده في أيدي العلوية إثنتي عشرة سنة. ثم انتقل الملك عنهم إلى أمر الديلم، وهو أعلم.

أسفار بن شيرويه:

وذلك الذي انتزع منهم أسفار بن شيرويه عند قصد الداعي الحسن بن القاسم بطبرستان، ونصبه الحرب له حتى قتله على يدي مرداويج بن زياد الجبلي، وهو يومئذ قائد من قواده يوم الثلاثاء لست بقين من شهر رمضان سنة ست عشرة وثلاثمائة. فدخل أسفار يومئذ مدينة آمل بأعلام سود وخطب لنصر بن أحمد بن أسماعيل أمير خراسان، وأستعرض أسفار في ذلك اليوم جماعة من العلوية. ولما انتقل السلطان عن العلوية إلى الديلم بطبرستان تقرر منهم في قبيلة تسمى وارداد أوندان والقائم به أسفار بن شيرويه، فبقي ذلك فيهم برهة من الدهر ثم انتقل عنهم إلى الجبل.

(1/182)

مرداويج الجبلي:

ولما انتقل السلطان عن الديلم إلى الجبل كان القائم به منهم مرداويج وملك يوم الخميس السادس عشر من ذي القعدة سنة تسع عشرة وثلاثمائة ما آذروز استاد، فتقرر بالرياسة على الديلم والجبل سنة وثلاثة أشهر ونيفا وعشرين يوما.

علي بن بويه:

كان على رأس هذه المدة للديلم دولة بأصفهان في قبيلة منهم تسمى شيرذيل أوندان، والقائم بها علي بن بويه فملكها ثم رجف عنها إلى فارس وإستولى عليها. وكان إبتداء سلطانه بأصبهان يوم الأحد الحادي عشر من ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ماه أبان روز خرداد. وعلى أثر ذلك بسنة وكسر قتل مرداويج بأصبهان يوم الثلاثاء الثالث من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ماه بهمن روز أبان بالفارسية.

الحسن بن بويه:

وعلى أثره بأيام ملك الحسن بن بويه أصبهان يوم الإثنين غرة شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ماه اسفندارمذ روز مداد.

وبقي سلطان الجيل بعد ذلك على الري وما ينضاف إليها من الأعمال ست سنين وشهرا وأياما، إلى أن انكشفوا بباب الري عن عسكر الري عن عسكر خراسان يوم الخميس لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ماه ذي روزباذ. فكان جميع ما كان ما ملك فيه الجيل من قبيلتي الديلم اللتين تقدم ذكرهما تسع سنين وخمسة أشهر وخمسة أيام، ومن ذلك إلى انقضاء جمادى الآخرة من سنة خمسين وثلاثمائة إحدى وعشرين سنة وشهران وعشرة أيام، وهو وقت الفراغ من اتمام هذا الكتاب بحمد اللّه وحسن توفيقه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

«التصلب الحَدبي لتلافيف المخ» (Sclérose tubéreuse des circonvolutions cérébrales)

التسلسل الزمني للتصلب الحدبي  ديزري-ماغلوار بورنفيل هو أول من وصفَ المرض عام 1880، وأطلقَ عليه اسم «التصلب الحَدبي لتلافيف المخ» (Sclérose...