قيم تربوية مستنبطة من قصص سورة الكهف حسني محمد العطار--المكتبة القرآنية--الكتاب الخامس
2012م – 1434هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ
مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ
وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
سورة يوسف: آية 111
الإهداء
إلى والدي يرحمه الله
إلى أمي نفعني الله ببركة دعائها
إلى إخوتي وأخواتي
إلى كل من أحبني في الله
إلى كل من علمني حرفاً
المقدمة
الحمد لله الذي قص علينا أحسن القصص في كتابه الكريم، والصلاة والسلام على الهادي سواء السبيل، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن والاهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فمن رحمة الله تعالى بالبشر أن بعث إليهم رسله وأنبياءه، وأنزل عليهم من وحي السماء كتباً، كل واحد منهم حسب ما يتلاءم مع ظروف عصره وأمته, فقصوا على أقوامهم من القصص ما كان لها من التأثير والهداية.
وكان مما أُنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم هذا القرآن العظيم، والذي اشتمل على أعظم أساليب البيان، ومن ضمنها القصص، " ذلك أن الأسلوب القصصي يعتبر من أنجح الأساليب للتقويم والهداية, وقد روى القرآن أخبار الأمم، فقدمها إلى القلب والشعور بطرق مثيرة لعواطف الخير، صارفة عن نوازع الشر، تحمل في طياتها بذور الإيمان.
ومن ناحية أخرى فإن القصة على اختلاف أنواعها كانت ولم تزل رفيقة الإنسان في جميع المراحل التاريخية التي مر بها, معبرة عن آماله وآلامه، كاشفة عن نظرته للحياة وفلسفته فيها". (1)
والمتدبر لكتاب الله تعالى (القرآن الكريم) يجد أنه استعمل القصة استعمالات ذات دلالة واضحة، ومن أهم هذه الدلالات والتوجيهات، الدلالات والتوجيهات التربوية على الخصوص.
__________
(1). التهامي نقرة: سيكولوجية القصة في القرآن ـ الشركة التونسية للتوزيع ـ تونس - الثانية ـ 1987 ـ ص ج.
(1/1)
ونحن في بحثنا هذا عن القيم التربوية في سورة الكهف، سنتناول أهم تلك الدلالات من خلال عرض القصص الثلاث الواردة في السورة:
قصة أصحاب الكهف.
وقصة موسي وفتاه والعبد الصالح.
وقصة ذي القرنين.
أولاً. أهمية الدراسة:-
تتمثل أهمية الدراسة فيما يلي:-
1. إبراز قيمة القصة في القرآن الكريم.
2. بيان الأسلوب الذي تم من خلاله عرض القصص القرآني.
3. التأثير الواضح للقصة على السامعين والقارئين.
4. عرض العقيدة الصحيحة والقيم الدينية والتربوية من خلال هذه القصص.
ثانياً. أهداف الدراسة:-
1. التعرف على أهم القضايا التي تناولتها سورة الكهف.
2. بيان القصص الواردة في السورة.
3. استنباط الأحكام والحكم من قصص سورة الكهف.
4. استخراج القيم التربوية الواردة في قصص سورة الكهف.
5. بيان كيفية الاستفادة من القيم التربوية الواردة في قصص سورة الكهف.
ثالثاً. سبب اختياري لهذا الموضوع:-
هناك مجموعة من الأسباب دفعتني لاختيار هذا الموضوع منها كما يلي:
1. حبي ورغبتي الدائمة في سماع وقراءة القصص القرآني.
2. التعريف بالقصص القرآني وبيان خصائصه.
3. الاستفادة من هذا القصص في حياتنا العملية وخصوصاً التعليمية.
4. التعرف على أهم القيم التربوية في هذه القصص.
رابعاً. الدراسات السابقة:-
كثيرة هي الدراسات التي تناولت القصص القرآني على العموم وسورة الكهف على الخصوص، ومن هذه الدراسات:
1. المدني: محمد (1964) , القصص الهادف كما نراه في سورة الكهف.
هدفت الدراسة إلى:
- التعريف بالسورة.
- ذكر سبب نزولها.
- بيان فضلها.
- تفسير السورة.
- بيان ما في السورة من قيم تربوية واجتماعية وعقائدية.
النتائج التي توصلت إليها الدراسة:
- فضل سورة الكهف على الكثير من سور القرآن.
- اشتملت السورة على مجموعة من القيم التربوية.
- بين الربط بين ورود القصص الثلاث في هذه السورة.
2. طنطاوي: محمد سيد (1996) , القيم التربوية في القصص القرآني.
(1/2)
هدفت الدراسة إلى:
- التعريف بالقصة القرآنية.
- بيان خصائص ومميزات القصة القرآنية.
- ذكر الأهداف الداعية لورود القصص في القرآن الكريم.
- استنباط القيم التربوية من القصة القرآنية.
- بيان كيفية الاستفادة من هذه القيم.
النتائج التي توصلت إليها الدراسة:
- اختلاف القصة القرآنية عن غيرها من القصص.
- وجود منظومة من القيم المتنوعة والمتعددة في القصص القرآني.
- وضع آلية مفصلة لكيفية الاستفادة من هذه القيم.
خامساً. منهج البحث:
سأتبع في دراستي هذه, المنهج الوصفي الاستقرائي، وكذلك المنهج التحليلي لما ورد في السورة من أحداث، منتهياً إلى أهم القيم التربوية المذكورة في كل قصة من القصص على حدة.
سادساً. خطة البحث:
تتألف خطة البحث من مقدمة وأربعة مباحث, وهي كما يلي:
أولاً. المقدمة: وتشتمل على أهمية الموضوع، وسبب اختيار الموضوع، والدراسات السابقة، ومنهج البحث ... وخطة البحت.
ثانياً. مباحث الدراسة:
المبحث التمهيدي, ويتكون من أربعة مطالب:-
المطلب الأول: حقيقة القصة.
المطلب الثاني: أنواع القصص القرآني.
المطلب الثالث: أهداف القصة القرآنية.
المطلب الرابع: خصائص القصة القرآنية.
المبحث الأول. القيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف, ويتكون من مطلبين:-
المطلب الأول: التعريف بسورة الكهف, وحقيقة القيم التربوية.
المطلب الثاني: القيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف.
المبحث الثاني. المجالات التوجيهية التربوية من خلال قصص سورة الكهف, ويتكون من مطلبين:-
المطلب الأول: توجيهات تربوية متعلقة بالعقيدة الإلهية.
المطلب الثاني: توجيهات تربوية متعلقة بالقضايا الحياتية.
المبحث الثالث. أهم الأساليب التربوية في سورة الكهف, ويتكون من مطلبين:-
المطلب الأول: أسلوب التوجيه التربوي بالقدوة.
المطلب الثالث: أسلوب التوجيه التربوي بالموعظة.
ثالثاً. الخاتمة:
وتتضمن أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها من خلال البحث.
(1/3)
رابعاً. الفهارس وتشتمل على:-
- فهرس الآيات القرآنية.
- فهرس الأحاديث الشريفة.
- كشف المصادر والمراجع.
- محتويات البحث.
داعياً الله أن ينفع بي وبهذه الدراسة الإسلام والمسلمين والعالمين.
أخيراً أرجو من الله تعالى أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، إن أحسنت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي, وأن يثيبني ووالديّ على كل حرف كتبته، ويجعله في ميزان حسناتي، وأن يثيب كل من أعانني على إتمامه. والله الموفق.
التمهيد
القصة القرآنية
حقيقتها، أنواعها، أهدافها، خصائصها
كي يتمكن الباحث من تعيين القيم التربوية للقصص في القرآن الكريم، كان لابد له من أن يتعرف أولاً على حقيقة القصة، ثم على أنواعها وأهدافها وخصائصها.
وسيكون ذلك من خلال المطالب الأربعة التالية:
المطلب الأول: حقيقة القصة.
المطلب الثاني: أنواع القصص القرآني.
المطلب الثالث: أهداف القصة القرآنية.
المطلب الرابع: خصائص القصة القرآنية.
المطلب الأول
حقيقة القصة
أولاً. القصة لغةً:
القصة مأخوذة من المصدر (قصص)، والذي له عدة معانٍ منها:
الخبر: قص عليّ خبره يقصه قصاً (1)، ويأتي بمعنى الأمر والحديث, والجملة من الكلام. يقول الراغب الأصبهاني: القص هو تتبع الأثر، والقصص الأثر، والقصص الأخبار المتتابعة (2).
وبهذا المعنى ورد في القرآن الكريم: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} (القصص/11)، ومنه قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنّا نَبْغِ فَارْتَدّا عَلَىَ آثَارِهِمَا قَصَصاً} (الكهف/64)، ولهذا يقال للذي يقص القصص قصاصاً، لأنه يتتبع أحداث القصة خبراً, خبراً، وجمع القصة: قَصَصْ وقِصَصْ.
__________
(1) ابن منظور: لسان العرب، دار المعارف , مصر , 7/ 74.
(2) الراغب: مفردات ألفاظ القرآن، مصطفى البابي الحلبي , القاهرة, 671.
(1/4)
ولم ترد لفظة القصة مفردة في القرآن الكريم، وإنما وردت بلفظ القصص: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ} (آل عمران/62).
مما سبق يتبين لنا أن القصة في أصلها اللغوي مأخوذة من القص وهو اقتفاء الأثر وتتبعه، كما تأتي بمعنى الشأن والأمر والخبر.
ثانياً. القصة اصطلاحاً:
تعددت تعريفات العلماء والباحثين للقصة القرآنية:
1. عرّفها الإمام الرازي بأنها: مجموع الكلام المشتمل على ما يهدي إلى الدين ويرشد إلى الحق ويأمر بطلب النجاة (1).
2. عرّفها الدكتور مناع القطان بأنها: أخباره عن أحوال الأمم الماضية، والنبوات السابقة والحوادث الواقعة، وقد اشتمل على كثير من وقائع الماضي وتاريخ الأمم وذكر البلاد والديار وتتبع آثار كل قوم وحكى عنهم صورة ناطقة لما كانوا عليه (2).
3. عرّفها الدكتور عبد الكريم الخطيب بأنها: ما حدث به من أخبار القرون الأولى في مجال الرسالات السماوية وما كان يقع في محيطها من صراع بين قوى الحق والضلال وبين مواكب النور وجحافل الظلام (3).
4. عرفت الدكتورة مريم السباعي القصة القرآنية بأنها: تتبع آثار وأخبار الأمم الماضية، وإيراد مواقفهم وأعمالهم وبخاصة مع رسل الله إليهم، مع إظهار آثار الدعوات فيهم، وذلك بأسلوب حسن جميل مع التركيز على مواطن العبرة والعظة (4).
العلاقة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي:
بالنظر في التعريفات السابقة نجد أن هناك ترابط وتلاقي بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي, وأنه لا تباعد بينهما بل إن الاصطلاحي يعتمد كثيراً على اللغوي.
التعريف الراجح:
__________
(1) الرازي: مفاتيح الغيب، دار الكتب العلمية , بيروت , الأولى , 2000 , 8/ 74.
(2) القطان: مباحث في علوم القرآن، مكتبة وهبة , القاهرة , السابعة , ص300.
(3) عبد الكريم الخطيب: القصص القرآني في منطوقه ومفهومه، دار المعرفة , بيروت , الثانية , 1975 , ص40.
(4) مريم السباعي: القصة في القرآن الكريم، دار نهضة مصر , القاهرة , 1987 , ص30.
(1/5)
من خلال دراسة التعريفات السابقة، نرى أن تعريف الدكتورة مريم السباعي أرجح من غيره من التعريفات، للأسباب التالية:
- اشتمل على ما اشتملت عليه بقية التعريفات في كون القصص حديث عن الأمم الماضية والرسالات السابقة والحديث عن أخبارهم وأعمالهم.
- أنه يركز على أهمية العبرة والعظة وهو الهدف الرئيسي لورود القصص في القرآن الكريم.
- بيان أسلوب القرآن بأنه حسن جميل خلافاً لكثير من القصص البشري.
المطلب الثاني
أنواع القصص القرآني
تعددت مناهج الباحثين في تحديد أنواع القصص القرآني، فمنهم من قسمه حسب شخصيات القصة، ومنهم من قسمه على اعتبار طول القصة وقصرها.
أولاً: التقسيم باعتبار الشخصيات وهو التقسيم المشتهر عند أغلب العلماء وينقسم إلى ثلاثة أنواع (1):
1. قصص الأنبياء: وتضمن دعوة الأنبياء لأقوامهم، والمعجزات التي ظهرت على أيديهم، وموقف أقوامهم منهم، وعاقبة المؤمنين وعاقبة المكذبين، ومن أمثاله قصص نوح وإبراهيم وموسى وغيرهم.
2. قصص يتعلق بحوادث وأشخاص مضت، مثل قصة ابني آدم، وقصة أهل الكهف وذي القرنين وأصحاب السبت ومريم عليها السلام وأصحاب الفيل ونحوهم.
3. قصص وحوادث وقعت زمن النبي محمد عليه الصلاة والسلام، كالحديث عن الغزوات، غزوة بدر وأحد وغزوة حنين، والحديث عن الهجرة والإسراء والمعراج وغيرها.
ثانياً: التقسيم باعتبار الطول والقصر:
1. قصة طويلة ترد في مكان واحد مثل قصة يوسف، أو ترد مجزأة مثل قصص موسى وإبراهيم وغيرهما من الأنبياء.
2. قصص قصير، مثل قصص النمل والهدهد وبقرة بني إسرائيل وغيرها.
المطلب الثالث
أهداف القصة القرآنية
كثيرة هي أهداف القصة القرآنية، وقد أفرد الباحثون والعلماء كتباً كثيرة لهذا الموضوع، إلا أننا سنختصر الحديث في نقاط محددة منها:
__________
(1) القطان: مباحث في علوم القرآن، ص 306.
(1/6)
1. تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم: {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} (هود/120).
2. إثبات صدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته ورسالته: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا} (هود/49).
وفي هذا بيان أن مصدر الرسالات جميعها مصدر واحد وهو الله سبحانه وتعالى، ثانياً بيان أن هذا القصص ما كان أحد يعرفه قبل نزول القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم.
3. الاعتبار والعظة: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ} (يوسف/111).
4. تصحيح العقائد الفاسدة وتثبيت العقائد الصحيحة، من خلال الدعوة للإيمان بالله وحده، والإيمان باليوم الآخر، وهي دعوة كل الرسل والأنبياء.
5. تقويم الخُلق والسلوك الفردي والجماعي، وذلك من خلال التركيز على القيم والسلوكيات الجميلة، والتحذير من عكسها، كما حدث لقوم لوط وأهل مدين وفرعون.
6. بيان أن القرآن الكريم معجز، وأنه من عند الله بما احتوى عليه من قصص بديع.
7. تنبيه الإنسان من الغفلة والأخذ به إلى طريق النجاة.
8. الترغيب والترهيب.
9. تطمين المؤمنين إلى حسن خاتمتهم، وأنهم هم المنصورين في نهاية المطاف، ودعوتهم بالصبر والتوكّل على الله.
10. بيان قدرة الله الخارقة، كقصة خلق آدم ومولد عيسى، ونجاة إبراهيم من النار.
المطلب الرابع
خصائص القصة القرآنية
للقصص القرآني خصائص ذاتية، وخصائص فنية:
أولاً: خصائصه الذاتية، ومنها:
1. أنه جزء من القرآن الكريم، فهو كلام الله الحق، {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ} (الكهف/13)
2. القصص القرآني يعتمد على الواقعية والتعبير الصادق، متوافق مع الإنسان في حقيقته وواقعه.
3. غاية القصص في أمرها أو نهيها غاية سامية وهدفها نبيل.
4. موضوع القصص القرآني هو الإنسان، فهو المركز الذي تدور حوله القصص.
(1/7)
5. القصة وسيلة من وسائل القرآن في عرض أغراضه فهي ليست مستقلة كالقصة العادية، فهي وسيلة وليست غاية في حد ذاتها.
ثانياً: الخصائص الفنية للقصص القرآني:
يقول محمد قطب: قدمت القصص القرآني لوحات خالدة وصوراً مثيرة تلفت نظر الأعمى والبصير، والأمي والمتعلم والمرأة والرجل، والشيخ والشاب (1).
ومن أبرز الخصائص الفنية، ما يأتي:
1. ذكر ملخص القصة ثم عرض تفصيلاتها بعد ذلك، كما حدث مع قصة أصحاب الكهف: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا، إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا، فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا، ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف/9 - 12).
2. ذكر عاقبة القصة وهدفها في البداية، كما ورد في قصة يوسف عليه السلام: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ، قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (يوسف/4 - 6).
3. ذكر القصة مباشرة بلا مقدمة أو تلخيص.
__________
(1) محمد قطب: القصة في القرآن، دار قباء , القاهرة , 2002 , ص28.
(1/8)
4. تحويل القصة إلى تمثيلية تتحدث عن نفسها بواسطة أبطالها، كما في قصة إبراهيم وإسماعيل: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (البقرة/127 - 129).
5. كتم بداية القصة حتى نهايتها، كما حدث بين موسى والخضر عليهما السلام.
6. اعتناء القصة القرآنية في رسم شخصية القصة القوي المؤمن المتماسك في الجانب الإيماني والضعيف المنهار في جانب الكفر والشرك، وهذا يظهر في شخصية موسى ومريم من جانب وفرعون وقارون من جانب آخر.
7. وجود فراغات في القصة القرآنية، وهذا الأمر من أعظم خصائص القصة القرآنية وذلك حتى يشترك القارئ أو المستمع في التخيل وعمل العقل والتركيز والمشاركة الفاعلة وتوقع النهاية (1).
8. اشتمال القصة القرآنية على العناصر الأساسية للقصة الفنية ومنها: الشخصية والحوار والحدث والموضوع والتشويق والخاتمة (2).
المبحث الأول
القيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف
__________
(1) أنظر؛ التصوير الفني في القرآن، سيد قطب، دار الشروق , القاهرة , السادسة عشرة , 2002 , ص187/ 188.
(2) أنظر؛ القصة في القرآن الكريم، مريم السباعي، ص34.
(1/9)
يركز القرآن الكريم كثيراً على التربية, وبالتالي يهتم اهتماماً بالغاً بأمر القيم التربوية لما لها من تأثير في تغيير المفاهيم والسلوك, ونحن في هذا المبحث سنتناول دراسة القيم التربوية بالإضافة إلى التعريف بسورة الكهف, ومن ثم الحديث عن القيم التربوية المستنبطة من السورة, وذلك من خلال المطلبين التاليين كما يلي: -
المطلب الأول: التعريف بسورة الكهف, وحقيقة القيم التربوية.
المطلب الثاني: القيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف.
المطلب الأول
التعريف بسورة الكهف , وحقيقة القيم التربوية
أولاً: سورة الكهف:
1. سُميت بهذا الاسم لاشتمالها على قصة أصحاب الكهف وما فيها من معجزات ومن أسمائها سورة أصحاب الكهف، وسورة الحائلة، لأنها تحول بين قارئها والنار.
2. فضلها: ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من الدجال" (1)، ما رواه الدارمي عن أبي سعيد الخدري قال: "من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق" (2).
3. أهداف السورة: للسورة أهداف كثيرة منها:
- تصحيح العقيدة.
- تصحيح منهج الفكر والنظر.
- تصحيح المفاهيم والقيم بميزان العقيدة.
- بيان تأييد الله تعالى للمؤمنين.
4. مكونات السورة: تتكون السورة من مقدمة وستة أقسام: المقدمة من الآية الأولى إلى الآية الثامنة.
- القسم الأول: من الآية 9 - 31، وفيه الحديث عن أصحاب الكهف وقصتهم.
- القسم الثاني: من الآية 32 - 49، وفيه الحديث عن الرجلين المؤمن والعاصي.
__________
(1) صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج، دار الخير، بيروت، الثالثة، 1996م، ك صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف، ح (809) 2/ 417.
(2) سنن الدارمي: عبد الله بن بهرام الدارمي، دار الفكر، بيروت، 1994م، ك فضائل القرآن، باب فضل سورة الكهف، ح (3402) 2/ 306.
(1/10)
- القسم الثالث: من الآية 50 - 59، وفيه مجموعة من الأوامر والنواهي.
- القسم الرابع: من الآية 60 - 82، وفيه قصة موسى والخضر عليهما السلام.
- القسم الخامس: من الآية 83 - 98، وفيه قصة ذي القرنين.
- القسم السادس: من الآية 99 - حتى نهاية السورة، وفيه الحديث عن استهزاء الكفار بالمؤمنين، وبيان جزاء عملهم وفيه الحديث عمّا أعدّ الله للمؤمنين، وفيه الحديث عن العمل المقبول عند الله تعالى.
ثانياً: حقيقة القيم التربوية:
كي نتمكن من تعريف جملة "القيم التربوية"، يلزمنا تعريف القيم أولاً، ثم ننتقل إلى تعريف القيم التربوية.
تعريف القيم:
1. في اللغة: القيم مصدر واحده القيمة، والقيمة ثمن الشيء بالتقويم، تقول تقاوموه فيما بينهم، وإذا انقاد الشيء واستمرت طريقته فقد استقام لوجهة، والاستقامة: التقويم، استقمت المتاع أي قومته، والاستقامة: الاعتدال، ومنه استقام له الأمر، ومنه قوله تعالى: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ}، أي في التوجه إليه دون الآلهة، وقام الشيء واستقام اعتدل واستوى (1).
إذن تأتي القيمة في اللغة على عدة معانٍ منها (2):
- تأتي بمعنى التقدير، فقيمة هذه السلعة كذا، أي تقديرها كذا.
- وتأتي بمعنى الثبات على الأمر، نقول فلان ماله قيمة أي ماله ثبات على الأمر.
- وتأتي بمعنى الاستقامة والاعتدال، يقول تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، (الإسراء: 14) أي يهدي للأمور الأكثر قيمة، أي للأكثر استقامة.
2. معنى القيم اصطلاحاً (3):
تنوعت معاني القيم الاصطلاحية، وذلك حسب المجال الذي يدرسه وحسب النظرة إليه، ومن هذه المعاني:
__________
(1) أنظر؛ لسان العرب، ابن منظور، 498/ 500.
(2) أنظر؛ فؤاد العاجز: القيم وطرق تعلمها، دراسة مقدمة إلى مؤتمر كلية التربية , جامعة اليرموك , الأردن , 1999م، ص4.
(3) المصدر السابق، ص4.
(1/11)
- عند علماء الاجتماع: القيمة هي الاعتقاد بأن شيئاً ما ذا قدرة على إشباع رغبة إنسانية، وهي صفة للشيء تجعله ذا أهمية للفرد أو الجماعة، وهي تكمن في العقل البشري وليست في الشيء الخارجي نفسه (1).
- أما المعنى الإنساني للقيمة فيتمثل في أنها هي المثل الأعلى الذي لا يتحقق إلا بالقدرة على العمل والعطاء.
- وعرّفها (إلبرت وفيرمان) بأنها مرادفة للاتجاهات والاهتمامات.
- وقيل هي عبارة عن تنظيمات تتعلق بالاختيار والفعل وهي مكتسبة من الظروف الاجتماعية.
- وعرّفها عطية بأنها: تنظيمات معقدة لأحكام عقلية وانفعالية نحو الأشخاص أو الأشياء أو المعاني، سواء كان هذا التقدير ناشئاً عن هذا الشيء بصورة صريحة أو ضمنية.
- القيم هي مقاييس تحكم بها على الأفكار والأشخاص والأشياء والموضوعات والمواقف الفردية والجماعية من حيث حسنها وقيمتها والرغبة بها أو من حيث سوئها وعدم قيمتها وكراهيتها (2).
3. في الاصطلاح التربوي:
تعددت التعاريف الاصطلاحية للقيم كما ذكرها الأستاذ محمود حمودة.
- عرّفها أبو العينين: مجموعة من المعايير والأحكام تتكون لدى الفرد من خلال تفاعله مع المواقف والخبرات الفردية والاجتماعية، بحيث تمكنه من اختيار أهداف وتوجيهات لحياته، يراها جديرة بتوظيف إمكانيات، وتجسد خلال الاهتمامات أو الاتجاهات أو السلوك العملي أو اللفظي بطريقة مباشرة وغير مباشرة (3).
__________
(1) طنطاوي: القيم التربوية في القصص القرآني، دار الفكر العربي، القاهرة، 1996م , ص40.
(2) أنظر؛ فؤاد العاجز , القيم التربوية وطرق تعلمها، ص8.
(3) علي خليل أبو العينين: القيم الإسلامية والتربوية، مكتبة إبراهيم الحلبي، مكة المكرمة، 1988م، ص34.
(1/12)
- وعرّفها الدكتور طنطاوي: مجموعة من المبادئ والقواعد والمثل العليا التي يؤمن بها الناس، ويتفقون عليها فيما بينهم، ويتخذون منها ميزاناً يزنون به أعمالهم، ويحكمون بها على تصرفاتهم المادية والمعنوية (1).
- عرّفها إسماعيل حسنين أحمد بأنها: مجموعة القوانين والمقاييس التي تنبثق من جماعة ما، وتكون بمثابة موجهات للحكم على الأعمال والممارسات المادية والمعنوية وتكون لها القوة والتأثير على الجماعة، بما لها من صفة الضرورة والإلزام والعمومية، وأي خروج عليها أو انحراف عنها يصبح بمثابة خروج عن أهداف الجماعة ومثلها العليا (2).
- عرّفها ضياء زاهر بقوله: مجموعة من الأحكام المعيارية المتصلة بمضامين واقعية يتشربها الفرد من خلال انفعاله وتفاعله مع المواقف والخبرات المختلفة، ويشترط أن تنال هذه الأحكام قبولاً من جماعة اجتماعية، حتى تتجسد في سياقات الفرد السلوكية أو اللفظية أو اتجاهاته واهتماماته (3).
- عرّفها غسان منير سند بأنها: عبارة عن تنظيمات معقدة لأحكام عقلية وانفعالية معممة نحو الأشخاص أو الأشياء أو المعاني وأوجه النشاط الإنساني، سواء كان التفضيل الناشيء عن هذه الأحكام والتقديرات المتفاوتة صريحاً أو ضمنياً (4).
المطلب الثاني
القيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف
كثيرة هي القيم المستنبطة من القصص القرآني، وعلى الخصوص سورة الكهف منها، ومن هذه القيم:
- قيم إيمانية.
- قيم أخلاقية.
- قيم تعبدية.
- قيم تعليمية.
- قيم جمالية.
سيكون حديثنا عن هذه القيم من خلال الفروع الخمسة التالية: -
__________
(1) سيد أحمد طنطاوي: القيم التربوية في القصص القرآني، ص42.
(2) إسماعيل حسنين أحمد: غرس القيم الإسلامية في نفوس الناشئة، الدراسات الإسلامية، عدد72، ص55، سنة 2002م.
(3) ضياء زاهر: القيم في العملية التربوية، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، 1986م، ص24.
(4) غسان منير سند: القيم والمجتمع، دار صادر، بيروت، 1997م، ص16.
(1/13)
الفرع الأول
القيم الإيمانية
تعددت القيم الإيمانية في قصص سورة الكهف وسنقتصر على نموذجين منها:
1. قيمة الإخلاص والتوكل على الله:
قال تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدا} (الكهف/10).
وقال تعالى: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} (الكهف/14).
تقول الأستاذة منار الحلو: هؤلاء الفتية الذين آمنوا بالله واهتدوا بهديه واستعانوا بالصحبة الصالحة على محنتهم، غادروا القرية الكافرة حرصاً على دينهم لئلا يفتنوا فيه، فلم يكن منهم إلا الفرار إلى ذلك الكهف الصغير لاجئين إلى الله عز وجل، وعزموا على ألا يتراجعوا عن دين الله، فربط الله على قلوبهم (1).
هؤلاء الفتية توكلوا على الله حق التوكل، فأثنى عليهم وحفظهم من أعدائهم، أما الآية الأولى: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدا}، أي: آتنا يا ربنا من عندك وحدك لا من غيرك، رحمة عظيمة شاملة لجميع أحوالنا وشؤوننا، فهي تشمل الأمان في المنزل والسعة في الرزق والمغفرة للذنب، و {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدا}، بمعنى تيسير الأمر وتقريبه وتسهيله حتى لا يخالطه عسر أو مشقّة.
والمراد بالأمر هنا: ما كانوا عليه من تركهم لأهليهم ومساكنهم ومن مفارقتهم لما كان عليه أعداؤهم من عقائد فاسدة.
__________
(1) منار الحلو: آداب التعامل في ضوء القصص القرآني، رسالة ماجستير، مقدمة لكلية أصول الدين، قسم التفسير، الجامعة الإسلامية، غزة، 2011، ص19.
(1/14)
والرشد الاهتداء إلى الطريق المستقيم مع البقاء عليه، وهو ضد الغي، يقال: رشد فلان يرشد رشداً أو رشاداً إذا أصاب الحق (1)، أما الآية الثانية: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} (الكهف/14).
تفسير الآية:
أصل الربط الشد، يقال: ربطت الدابة أي شددتها برباط، والمراد به هنا ما غرسه الله في قلوبهم من قوة وثبات على الحق وصبر على فراق أهليهم، ومنه قولهم: فلان رابط الجأش، إذا كان لا يفزع عند الشدائد والكروب.
والمراد بقيامهم: عقدهم العزم على مفارقة ما عليه قومهم من باطل، وتصميمهم على ذلك تصميماً لا تزحزحه الخطوب مهما كانت جسيمة.
ويصح أن يكون المراد بقيامهم، وقوفهم في وجه ملكهم الجبار بثبات وقوة، دون أن يبالوا به عندما أمرهم بعبادة ما يعبده قومهم, وإعلانهم دين التوحيد ونبذهم لكل ما سواه من شرك ضلال, ثم حكى سبحانه ما قالوه بعد أن استقر الإيمان في نفوسهم فقال: {فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا}، أي أعلنوا براءتهم من كل خضوع لغير الله عز وجل حين قاموا في وجه أعدائهم، وقالوا بكل شجاعة وجرأة: ربّنا سبحانه هو رب السماوات والأرض، وهو خالقهما وخالق كل شيء ولن نعبد سواه أي معبود آخر.
وقولهم: {لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}، تأكيد لبراءتهم من كل عبادة لغير الله تعالى، والآية الكريمة تدل على قوة إيمان هؤلاء الفتية وعلى أن من كان كذلك وثبت الله تعالى قلبه وقواه على تحمل الشدائد (2).
__________
(1) أنظر؛ محمد سيد طنطاوي: التفسير الوسيط للقرآن الكريم، 8/ 475، نهضة مصر، القاهرة، الأولى، 1998م.
(2) المصدر السابق: 8/ 480 - 842.
(1/15)
2. قيمة التواضع لله تعالى: قال تعالى: {قَاْلُوْا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا، قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} (الكهف/94 - 95)، ذو القرنين ملك حكم الدنيا بأسرها استغاث به قوم ليحميهم من يأجوج ومأجوج، فما كان منه إلا أن تواضع لله ولم يغتر بقوته بل اعترف بفضل الله عليه أن آتاه الصحة والعافية، وآثر الأجر من الله على إدراك هؤلاء القوم.
يقول طنطاوي: حكى القرآن عنه بما يدل على قوة إيمانه وحرصه على إحقاق الحق وإبطال الباطل، فيقول: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ}، أي قال ذو القرنين لهؤلاء القوم الذين لا يكادون يفقهون قولاً: إن ما بسطه الله تعالى لي من الرزق والمال والقوة خير من خرجكم ومالكم الذي تريدون أن تجعلوه لي، وحينما انتهى ذو القرنين من بناء السد الضخم المحكم وقف ليقول بكل تواضع وخضوع لخالقه: {هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي}، أي هذا الذي فعلته من بناء السد وغيره أثر من آثار رحمة ربي التي وسعت كل شيء.
هذه نهاية قصة ذي القرنين، وهي من أبرز صفات المؤمنين الصادقين، أنهم ينسبون كل فضل لله تعالى وإلى قدرته النافذة وأنهم يزدادون شكراً وحمداً له تعالى كلما زادهم من فضله (1).
ومن السنة النبوية في الحث على التواضع لله ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" (2).
الفرع الثاني
قيم أخلاقية
__________
(1) طنطاوي: المصدر السابق، 8/ 573 - 576.
(2) أخرجه مسلم في صحيحه: ح (2588)، ك البر والصلة والآداب، باب استحباب العفو، 6/ 109.
(1/16)
المتأمل لسورة الكهف يجد أنها اشتملت على كثير من القيم الأخلاقية، منها قيم إيجابية دعانا القرآن للتجمل والعمل بها، وقيم سلبية دعانا إلى نبذها والانصراف عن التخلق بها.
قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف/28 - 29)، اشتملت هاتان الآيتان على مجموعة من القيم الخلقية، منها:
- الصبر مع المؤمنين وعليهم.
- قول الحق وإعلانه.
- التحذير من هجر المؤمنين ومجافاتهم.
يقول طنطاوي: ساقت السورة الكريمة لوناً من الأدب السامي والتوجيه العالي، حيث بينت أن أولى الناس بالرعاية والمجالسة هم المؤمنون الصادقون وأمرت الآيات الكريمة النبي صلى الله عليه وسلم بأن يُصبّر نفسه معهم، وللآية سبب نزول: أنها نزلت في أشراف قريش حين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلس معهم وحده، ولا يجالسهم مع ضعفاء أصحابه كبلال وعمار وابن مسعود، أو ليفرد أولئك بمجلس على حدة، فنهاه الله تعالى عن ذلك وأمره أن يصبر نفسه في الجلوس مع هؤلاء الفقراء فقال: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}، والمعنى: عليك أيها الرسول الكريم أن تحبس نفسك وتعودها على مجالسة أصحابك الذين يدعون ربهم أي يعبدونه ويتقربون إليه بشتى أنواع القربات في الصباح والمساء ويداومون على ذلك دون أن يريدوا شيئاً من وراء هذه العبادة سوى رضا الله تعالى عنهم ورحمته بهم (1).
التحذير من الأخلاق الذميمة: الكبر والغرور:
__________
(1) أنظر؛ طنطاوي: التفسير الوسيط 8/ 507.
(1/17)
قال تعالى: {وكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً، وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً} (الكهف/34 - 35)، هذه أخلاق من أعطاه الله المال والولد فبطر ولم يشكر وازدهى وتكبر، كان لصاحب الجنتين أنواع من المال من الذهب والفضة والحيوان وغير ذلك، تمتلئ نفسه بهما ويزدهيه النظر إليهما فيحس بالزهو وينتفش كالديك و يختال كالطاووس ويتعالى على صاحبه الفقير، وملأ نفسه البطر وملأ جنبيه الغرور وقد نسي الله ونسي أن يشكره على ما أعطاه، أنكر الآخرة، إنه الغرور، يخيل إلى ذوي المتاع والثراء أن القيم التي يعاملهم بها أهل هذه الأرض تظل محفوظة لهم حتى في الملأ الأعلى (1).
يقول الشيخ محمد المدني: وكما ألهته النعمة فجهل، وأبطرته فكفر، دفعته كذلك إلى الغرور بنفسه فزعم أنه مستحق لما هو فيه من الخير والمتاع، لمعنى يمتاز به على سائر ما عداه، فإن كان هناك بعث أو نشور فإن له في الآخرة مثل ما له في الدنيا، لأن فضائله الخلقية ومزاياه الطبيعية هي التي أهلته لذلك، وجعلته جديراً به، وهكذا قال قارون الطاغية: إنما أوتيته على علم عندي، وقال الذي كفر بآيات الله: لأوتين مالاً وولداً، وقال غيرهما: ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده الحسنى (2).
__________
(1) أنظر؛ سعد أبو عزيز، قصص القرآن دروس وعبر، دار الفجر، القاهرة، الأولى، 1999م، ص423.
(2) محمد المدني: القصص الهادف كما نراه في سورة الكهف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1964م، ص143.
(1/18)
وحول هذه القيم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحديك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيباً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاَ منتنة" (1).
أما خُلق الكبر والغرور فمنه حديث النبي: "يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الدر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم يقال له بولس تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال" (2).
الفرع الثالث
قيم تعبدية
تكاد تكون سورة الكهف في مجمل ما تدعو إليه، إنما تدعو لعبادة الله تعالى وحده وإخلاص التوجه إليه سبحانه، وقد تناثرت القيم التعبدية في السورة ومنها على سبيل المثال قوله تعالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ} (الكهف/16).
ومنها قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} (الكهف/24).
ومنها قوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (الكهف/110)،.
من خلال هذه الآيات الثلاث يتبين لنا أن العبادة الحقة هي ما يتوجه به الإنسان تجاه ربه الخالق الموجد الواحد الأحد.
__________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه: ح (2628) ك البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين، 6/ 136.
(2) أخرجه أحمد في مسنده: ح (6677)، دار الحديث , القاهرة , الأولى , 1995 , 6/ 231، 2/ 179.
(1/19)
يقول سيد قطب: وهنا ينكشف العجب في شأن القلوب المؤمنة، فهؤلاء الفتية الذين يعتزلون قومهم، ويهجرون ديارهم ويفارقون أهلهم ويتجردون من زينة الأرض ومتاع الحياة، هؤلاء الذين يأوون إلى الكهف الضيق الخشن المظلم، هؤلاء يستروحون رحمة الله ويحسون هذه الرحمة الظليلة فسيحة ممتدة، ينشر لكم ربكم من رحمته، ولفظة ينشر تلقي ظلال السعة والبحبوحة والانفساح، فإذا الكهف فضاء فسيح رحيب وسيع تنتشر فيه الرحمة وتتسع خيوطها وتمتد ظلالها، وتشملهم بالرفق واللين والرخاء، إن الحدود الضيقة لتنزاح، وإن الجدران الصلدة لترق، وإن الوحشة الموغلة لتشف، فإذا رحمة الله والرفق والراحة والاتفاق، إنه الإيمان (1).
وعن الآية الأولى يقول الشيخ الجزائري: الآية فيها بطلان عبادة غير الله لعدم وجود دليل عقلي أو نقلي عليها (2).
لأجل هذا يقول الدكتور طنطاوي: وهكذا الإيمان الصادق، يجعل صاحبه يفضل المكان الخالي من زينة الدنيا من أجل سلامة عقيدته على المكان المليء باللين والرخاء، الذي يحس فيه بالخوف على عقيدته.
فالآية تدل على أن اعتزال الكفر والكافرين من أجل حماية الدين يؤدي إلى الظفر برحمة الله وفضلة وعطائه العميم (3)
ومن الأحاديث ذات الصلة ما رواه أبو معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: بلى، قال: ذكر الله" (4).
هذا بعض ما يتعلق بالقيم التعبدية الواردة في قصص سورة الكهف.
الفرع الرابع
قيم تعليمية
__________
(1) سيد قطب: في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، السابعة، 1978م، ص4/ 2262.
(2) أبو بكر الجزائري: أيسر التفاسير، مكتبة السنة، دمنهور، الأولى، 2002، ص720.
(3) طنطاوي: التفسير الوسيط، 8/ 484.
(4) مسند الإمام أحمد: (21978)، 16/ 1900، المسند 5/ 139.
(1/20)
وأعظم ما تتجلى هذه القيم تتجلى في رحلة موسى عليه السلام مع فتاه يوشع بن نون لطلب العلم عند الرجل الصالح الخضر عليه السلام، وأول صورة من صور تلك القيم تتمثل في قول موسى عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} (الكهف/60).
ثم الصورة الثانية قول موسى للخضر: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً، قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً، قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً، قَالَ فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} (الكهف/66 - 70).
والقصة تبدأ كما رواها البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أُبي بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل جاءه رجل فقال: هل تعلّم أحداً أعلم منك، قال: لا، فأوحى الله إلى موسى: بلى، عبدنا خضر، فسأل موسى السبيل إليه فجُعل له الحوت آية، وقيل له إن فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه، فكان يتبع أثر الحوت في البحر، فقال موسى لفتاه: أرأيت إذ آوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره، فقال موسى: ذلك ما كنّا نبغ فارتدّا على آثارهما قصصا، فوجدا خضراً، فكان من شأنهما الذي قص الله في كتابه" (1).
__________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه: ح (3400)، ك أحاديث الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، 2/ 1053.
(1/21)
وهكذا عزم موسى عليه السلام على السير ومعه فتاه يوشع بن نون، حتى كان لهما لقاء الخضر فكان أن لزمه موسى ليتعلم مما عند هذا الرجل الصالح من العلم اللدني، فكان مما لم يصبر موسى على تحمله فتم الافتراق بينهما ولكن قبل الافتراق علم المعلم موسى تفسير كل حدث مما وقع معهما من أحداث فكانت العبرة والمنفعة.
فالآية الأولى: تدل بأسلوبها البليغ على أن موسى عليه السلام كان مصمماً على بلوغ مجمع البحرين، مهما تكن المشقة في سبيل ذلك، ومهما يكن الزمن الذي يقطعه في سبيل الوصول إلى غايته (1)، ونحن نعلم أن غاية موسى من هذه الرحلة الشاقة هي طلب العلم والتعلم امتثالاً لأمر الله له.
أما آيات الصورة الثانية والتي تمت بعد لقاء موسى بالخضر فهي نموذج راقٍِ من الأدب بين المتعلم والمعلم، قال موسى للخضر عليهما السلام بعد أن التقيا: هل أتّبعك، أي هل تأذن لي في مصاحبتك وإتباعك بشرط أن تعلمني من العلم الذي علمك الله إياه شيئاً استرشد به في حياتي وأصيب به الخير في ديني.
فأنت ترى أن موسى عليه السلام قد راعى في مخاطبته للخضر أسمى ألوان الأدب اللائق بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع غيرهم، حيث خاطبه بصيغة الاستفهام الدالة على التلطّف وحيث أنزل نفسه منه منزلة المتعلّم من المعلم, وحيث استأذنه في أن يكون تابعاً له ليتعلم منه الخير والرشد.
قال بعض العلماء في هذه الآية دليل على أن المتعلم تبع للعالم، وإن تفاوتت المراتب، ولا يظن أن في تعلم موسى من الخضر ما يدل على أن الخضر كان أفضل من موسى، فقد يأخذ الفاضل عن الفاضل وقد يأخذ الفاضل عن المفضول إذا اختص الله تعالى أحدهما بعلم لا يعلمه الآخر، فقد كان علم موسى يتعلّق بالأحكام الشرعية والقضاء بظاهرها وكان علم الخضر يتعلّق ببعض الغيب ومعرفة البواطن.
ثم كان من قول الخضر لموسى إنك إذا اتبعتني ورافقتني فلن تستطيع معي صبراً بأي وجه من الوجوه.
__________
(1) طنطاوي: التفسير الوسيط، 8/ 547.
(1/22)
ولكن موسى عليه السلام الحريص على تعلم العلم النافع يصر على مصاحبة الرجل الصالح فيقول له في لطف وأدب مع تقديم مشيئة الله تعالى: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} وفي تقديم المشيئة أدب مع خالقه واستعانة به على الصبر وعدم المخالفة (1) ثم تواصلت قصة موسى والخضر والتي تمثلت في ثلاثة أحداث فعلها الخضر ولكن موسى لم يصبر عليها بل اعترض وناقش، فكانت سبب الافتراق، وإنهاء رحلة التعلم لموسى عليه السلام.
أهم القيم التربوية والآداب المستفادة من قصة موسى والخضر، وقد جمعها الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره، نلخصها فيما يلي (2):
- فضيلة العلم والرحلة في طلبه وأنه أهم الأمور.
- البراءة بالأهم فالأهم فزيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك.
- جواز أخذ الخادم في الحضر والسفر لكفاية المؤنة وطلب الراحة.
- المسافر لطلب العلم إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه وأين يريده فإنه أكمل من كتمه ففي إظهاره فوائد من الاستعداد له عدته.
- من الأدب مع الله إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان على وجه التوسل والتزيين مع العلم أن الكل بقضاء الله وقدره.
- جواز إخبار الإنسان عما هو من مقتضى طبيعة النفس من نصب أو جوع أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط.
- استحباب كون خادم الإنسان ذكياً فطناً كيّساً ليتم له أمره الذي يريده.
- استحباب إطعام الإنسان خادمه من طعامه وأكلهما معاً.
- معونة الله تنزل على العبد على قدر قيامه بما أمر به، وأن الموافق لأمر الله يعان ما لا يعان غيره.
- أن العبد الذي لقيه موسى عبداً صالحاً وليس نبياً.
__________
(1) انظر؛ طنطاوي: التفسير الوسيط، 8/ 552 - 554.
(2) أنظر؛ عبد الرحمن السعدي: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان , دار ابن القيم , القاهرة , الأولى , 2000 , ص 483, بتصرف.
(1/23)
- أن العلم نوعان: علم مكتسب يدركه الإنسان بكده وجده واجتهاده، وعلم لدني يهبه الله لمن يشاء من عباده.
- التأدب مع المعلم وخطاب المتعلّم للمعلم بألطف خطاب.
- تواضع الفاضل للتعلم ممن هو دونه في الفضل.
- تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه، ممن مهر فيه وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة
- إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى والإقرار بذلك وشكر الله على ذلك.
- أن العلم النافع هو العلم المرشد للخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق الخير وتحذير عن طريق الشر فإنه من العلم النافع.
- أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم وحسن الثبات على ذلك يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم فمن لا صبر له لا يدرك العلم.
- من أسباب الحصول على الصبر إحاطة الإنسان علماً وخبرة بذلك الأمر الذي أمر بالصبر عليه.
- الأمر بالتأني والتثبت وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود.
- تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة، بأن يتتبع ذلك بقوله إن شاء الله.
- العزم على فعل الشيء ليس بمنزلة فعله.
- أن المعلم إذا رأى المصلحة في إيزاعه للمتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها فإن المصلحة تبتغى.
- جواز ركوب البحر في غير الحالة التي يخاف منها.
- إن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه لا في حق الله ولا في حق العباد.
- أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم العفو منها وما سمحت به أنفسهم ولا ينبغي أن يكلفهم ما لا يطيقون أو يشق عليهم.
- أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها وتعلق بها الأحكام الدنيوية في الأموال والدماء وغيرها.
- العمل بقاعدة دفع الشر الكبير بفعل الشر الصغير مع مراعاة أكبر المصلحتين بتفويت أدناها.
(1/24)
- جواز عمل الإنسان في مال غيره إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة ولو كان بدون إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير.
- جواز العمل في البحر كما جوازه في البر، وعدم نكران ذلك.
- أن المسكين قد يكون له مال لا يبلغ كفايته ولا يخرج بذلك عن اسم المسكنة.
- أن قتل النفس من أعظم الذنوب.
- أن القتل قصاصاً غير منكر.
- أن الله يحفظ العبد الصالح في نفسه وفي ذريته.
- أن خدمة الصالحين أو من يتعلق بهم أفضل من غيرها.
- استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فالخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه، في حين أضاف الخير لله تعالى.
- ينبغي للصاحب أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال، ويترك صحبته حتى يعتبه ويعذر منه كما فعل الخضر مع موسى.
- أن موافقة الصاحب لصاحبه في غير الأمور المحذورة مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكدها، كما أن عدم الموافقة سبب لقطع الموافقة.
- أن هذه القضايا التي أجراها الخضر هي قدر محض أجراها الله وجعلها على يد العبد الصالح، ليستدل العباد بذلك على ألطافه في أقضيته، وأنه يقدر على العبد أموراً يكرهها جداً وهي صلاح دينه.
- أن صلاح الآباء ينفع الأبناء.
- أن العجب بالعلم مكمن الخطر، فعلى الإنسان ألا يعجب بعلمه أو يظن بنفسه وصول المنتهى.
- المبادرة إلى إنكار المنكر في حال وقوع المنكر.
هذا تلخيص ما ذكره الشيخ السعدي في معرض تفسيره لآيات سورة الكهف، وجدنا المصلحة في اختصارها ونقلها هنا.
أما ما يؤيد ذلك من السنة النبوية الشريفة ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له طريقاً إلى الجنة" (1).
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده: ح (21612)، 16/ 71، 5/ 196.
(1/25)
أما عن علاقة المتعلم بالمعلم مما ورد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما روته عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من وقر عالماً فقد وقر ربه" (1).
وقال الإمام علي رضي الله عنه: "إن من حق العالم أن لا تكثر عليه بالسؤال ولا تفتنه في الجواب ولا تلح عليه إذا كسل ولا تأخذ بثوبه إذا نهض، ولا تفش له سراً ولا تغتابن أحداً عنده ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته وعليك أن توقره وتعظمه لله تعالى ما دام يحفظ أمر الله وأن تجلس أمامه وإن كانت له صاحبة سبقت إلى خدمته وأن لا تقول له: قال فلان خلاف قولك" (2).
وفي نهاية حديثنا عن آداب طالب العلم، نورد هذه الفقرة للأستاذ حسن أيوب: إن الذي يطلب العلم الديني أو الدنيوي أو هما معاً يقضي سنوات كثيرة من عمره في طلب العلم مجهداً نفسه، مسهراً عينه، مضنياً جسمه، فإذا مرّ ذلك كله بعيداً عن الله والإخلاص له تعالى في طلب العلم فما أكثر الضياع الذي لحق بالإنسان المتعلم، وما أكثر خسارته، وما أحمقه وأجهله، ولو أن هذا الطالب تفقه في دينه وعرف الطريق إلى مرضاة الله في طلب العلم لنال ثواباً عظيماً ودرجات رفيعة في الدنيا والآخرة.
وخير ما يوصل الإنسان إلى رضاء الله سبحانه وتعالى هو أن يبتغي بعلمه وجه ربه مخلصاً له دينه بعيداً عن شهوات حب الظهور، والمناصب والمادة والوصول وغيرها.
ولو أن طالب العلوم الدينية أراد بها الدنيا لكانت وبالاً عليه شديداً.
__________
(1) رواه ابن عراق: تنزيه الشريعة، دار الكتب العلمية , بيروت , الأولى , 1981, 1/ 274.
(2) المتقي الهندي: كنز العمال، دار الكتب العلمية , بيروت , الأولى , 1998, 5/ 242.
(1/26)
ولو أن طالب العلوم الدنيوية أراد بها وجه الله ونفع الأمة الإسلامية وإعلاء شأنها وخدمة أفرادها ومجتمعها لنال عند الله حظوته، وما ضاعت عليه لحظة من لحظات جهده في طلب العلم (1).
الفرع الخامس
قيم جمالية
كثيرة هي القيم الجمالية الواردة في قصص سورة الكهف، إلا أنني سأقتصر في الحديث عن بعضها كمثال واضح وصريح، ومن هذه الصور الجمالية والقيم الجمالية:
1. من أجمل القيم والصور الجمالية ما ورد في الآيتين (17 - 18)، والتي يقول الله تعالى فيها: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَتَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً، وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوْ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً} (الكهف/17 - 18)، ففي هاتين الآيتين صور القرآن الكريم الكهف تصويراً رائعاً، وحال الفتية داخله، والمتأمل سيجد تلك الصور العجيبة ماثلة أمام عينيه، حاضرة بصورة موحية معبرة عن قدرة الله تعالى الخالق المدبّر (2)، ونقل القرآن الكريم بالكلمات هيئة أولئك الفتية في مشهد تصويري أضفت عليه صيغة المضارع معنى الإحضار والتجدد من خلال استعمال الأفعال المضارعة (وترى، وتحسبهم، ونقلبهم).
__________
(1) حسن أيوب: السلوك الاجتماعي في الإسلام، ص444، دار البحوث العلمية، الكويت، الثانية، 1979.
(2) علي بن الحمود: الإعجاز الجمالي في قصص القرآن الكريم، دراسة مقدمة لكلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض، 2012، ص16.
(1/27)
يعلق الأستاذ سيد قطب على هذه المشاهد الجمالية قائلاً: وهو مشهد تصويري عجيب ينقل بالكلمات هيئة الفتية في الكهف، كما يلتقطها شريط متحرك والشمس تطلع على الكهف فتميل عنه كأنها متعمدة ولفظ "تزاور" تصور مدلولها وتلقي ظل الإرادة في عملها والشمس تغرب فتجاوزهم إلى الشمال وهم في فجوة منه.
ثم يمضي السياق يكمل المشهد العجيب وهم يقلبون من جنب إلى جنب في نومتهم الطويلة، فيحسبهم الرائي أيقاظاً وهم رقود، وكلبهم على عادة الكلاب باسط ذراعيه بالفناء من باب الكهف كأنه يحرسهم وهم في هيئتهم هذه يثيرون الرعب في قلب من يطلع عليهم إذ يراهم نياماً كالأيقاظ، يتقلبون ولا يستيقظون، وذلك من تدبير الله كي لا يعبث بهم عابث، حتى يحين الوقت المعلوم (1)، ومن القيم والصور الجمالية قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً} (الكهف/7)، في هذه الآية يبين الله أنه سبحانه جعل هذه الأرض بكل ما فيها زينة يُسر الناظر إليها وترتاح النفس بما فيها، وتميل العقول لتأملها، يقول الشيخ السعدي: يخبر الله تعالى أنه جعل جميع ما على وجه الأرض من مآكل لذيذة ومشارب، ومساكن طيبة، وأشجار وأنهار وزرع وثمار ومناظر بهيجة، ورياض أنيقة وأصوات شجية وصور مليحة وذهب وفضة وخيل وإبل ونحوها، الجميع جعله الله زينة لهذه الدار فتنة واختباراً (2).
__________
(1) أنظر؛ سيد قطب: في ظلال القرآن، 4/ 2263.
(2) أنظر؛ السعدي: تيسير الكريم الرحمن، ص470 - 471.
(1/28)
2. ومن الصور الجمالية قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً، كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً} (الكهف/32 - 33)، تبدأ هذه القصة بهذا المنظر البديع والآخذ بالألباب، جنتان مثمرتان من الكروم محفوفتان بسياج من النخيل لحماية ما بين هذين السياجين، تتوسطهما الزروع، ويتفجر بينهما النهر، أي جمال هذا، إنه المنظر البهيج والحيوية الدافقة والمتاع والزينة والمال.
إلا أن هذه جميعها لم تحرك في نفس وقلب صاحبها الإيمان بالخالق وتعظيمه وطاعته، بل على العكس جحد وكفر، وظلم فكان نهاية الأمر أن دمر الله كل هذه الخيرات والزروع والثمار، كأنها لم تكن.
3. ومن الصور الجمالية قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً} (الكهف/86).
4. ومنها قوله تعالى {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً} (الكهف/90).
الآية الأولى تتحدث عن غروب الشمس في عين مظلمة، هذا المنظر الساحر والذي فيه الجلال والعظمة، الدال على قدرة الله تعالى وتحكمه في هذا الكون العظيم، إنه منظر الخشوع لله الواحد القهّار.
والآية الثانية تتحدث عن شروق الشمس وما فيه من بعث للحياة من جديد، فهي تطلع على قوم ليس بينهم وبين الشمس ما يسترهم من لباس أو عمران، إنها نهاية المعمورة من جهة الشرق، كما كانت صورة الشمس عند الغروب نهاية المعمورة من ناحية الغرب.
(1/29)
5. ومن الصور الجمالية قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} (الكهف/31)، يصف الله سبحانه وتعالى ما أعده لعباده المؤمنين من جزاء عظيم في الجنة, وهي صورة غاية في الجمال والإبداع, حدائق غناء مليئة بكل ما يروق للنظر والنفس, وأنهار تجري من تحت هذه الجنان وأنواع الطعام واللباس والأسرة وما عليها من الفرش الناعم والحِلي والمجوهرات الثمينة, وغيرها كثير إنها صورة جمالية خلابة.
مثل هذه الصور تغري الإنسان بها فتكون دافعةً له للإيمان والهداية وإتباع الحق.
6. ومن الصور الجمالية قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً} (الكهف/45).
ومن الصور الجمالية قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً} (الكهف/47).
إنها صور جمالية فيها الدعوة للإيمان بالله والعبرة والعظة. ويتعزز هذا المعنى في كل من قصة الفتية وقصة صاحب الجنتين وقصة ذي القرنين فهؤلاء الفتية قد انتصروا على قومهم وتلك الجنّات التي كفر صاحبها قد زالت لتثبت حقيقة للمؤمن من أن الدنيا مصيرها إلى الزوال، وذو القرنين يحقق الله على يديه نصر الحق ودفع الظلم في مشارق الأرض ومغاربها. فعندما نستشعر حقيقة نصر الله لعباده، فإننا نتفاءل بأن نصر الله وتأييده آت ولو بعد حين (1).
المبحث الثاني
المجالات التوجيهية التربوية من خلال قصص سورة الكهف
__________
(1) المصدر السابق: ص145.
(1/30)
من خلال تدبر سورة الكهف نجد أنها امتلأت بكثير من التوجيهات التربوية، منها ما هو ذات صلة بالله تعالى والعلاقة بين الإنسان وربه، ومنها توجيهات ذات صلة بالحياة والإنسان.
في هذا المبحث سأتناول بالحديث عن أهم المجالات التربوية في سورة الكهف وذلك من خلال المطالب التالية:
المطلب الأول: توجيهات تربوية متعلقة بالعقيدة الإلهية.
المطلب الثاني: توجيهات تربوية متعلقة بالقضايا الحياتية.
المطلب الأول
توجيهات تربوية متعلقة بالعقيدة الإلهية
وهي كثيرة في القصص الوارد في السورة، فمنها ما له علاقة بالقضاء والقدر، ومنها ما له علاقة بالأدب مع الغير، ومنها ما له علاقة بالولاء لله تعالى وحده وقدرة الله تعالى المطلقة، إلا أننا اختصاراً سنقتصر بالحديث عن بعضها:
الأدب مع الله تعالى: قال تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (الكهف/23 - 24).
1. فمن الأدب مع الله أن لا يجزم الإنسان على ما يحدث من الأمور على أنه كائن لا محالة، إلا أن يصله بمشيئة الله، لأنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله وفي هذا التأديب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ الجاهل على التساهل في الأدب مع الله، نهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلية (إني فاعل ذلك)، من دون أن يقرنه بمشيئة الله، وذلك لما فيه من المحذور وهو الكلام على الغيب المستقبل الذي لا يدري هل يفعله أم لا، وهل يكون أم لا، وفيه رد الفعل إلى مشيئة العبد استقلالاً وذلك محذور محظور، لأن المشيئة كلها لله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، ولما في ذكر مشيئة الله من تيسير الأمر وتسهيله وحصول البركة فيه، والاستعانة من العبد لربه، ولما كان العبد بشرا لا بد أن يسهو فيترك ذكر المشيئة أمره الله أن يستثني بعد ذلك إذا ذكر ليحصل المطلوب ويندفع المحذور (1).
__________
(1) عبد الرحمن السعدي: تيسير الكريم، ص474.
(1/31)
2. الولاء مع الله وحده: لقوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً} (الكهف/44)، في هذه الآية تعقيب على حقيقة قرآنية وقاعدة إيمانية أن الله وحده هو الولي، وأن الولاية لا تكون إلا لله، وأن من تولاه الله فهو الفائز، وأن من تخلى عنه الله فهو الخاسر المخذول وأن عاقبة الولاية لله الفلاح والنجاح والخير وأن لصاحبها من الله الثواب الجزيل (1).
3. عدم إضافة ما يستقبح لله تعالى: هذا أمر عقدي غاية في الأهمية من جهة الأدب مع الله وهو من الأمور التي تحتاج إلى علاج في عصرنا وفي كل العصور، فما أن يقع الإنسان في ابتلاء أو مصيبة حتى نجده قد داخله شيء اتجاه الخالق سبحانه وتعالى في نفسه، وما هذا إلا دليل على ضعف التربية الإيمانية التي يعاني منها كثير من المسلمين، ودليل على عدم الثقة بالله تعالى، والتسليم بقدرته، ومكانته سبحانه، وقد لا يظهر هذا الأمر على الملأ فيبقى في النفس مما يؤدي إلى فساد في العقيدة، الأمر الذي من شأنه أن يحرف المسلم عن الصراط المستقيم.
__________
(1) يزن عبده: القواعد التربوية، ص35.
(1/32)
وقد عالجت آيات قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح هذا الأمر، وذلك أن العبد الصالح بعد أن اعترض موسى عليه السلام الاعتراض الأخير على تصرفاته، بدأ بالكشف عن أسرار تلك الأعمال فقال له: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً، وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً، فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً، وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً} (الكهف/79 - 82)، والمتأمل في قول العبد الصالح يلحظ أنه في الفعل الأول والثاني قد أضاف الضمير إلى نفسه بقوله "أردت" في خرق السفينة و"أردنا" في قتل الغلام، أما الفعل الثالث فقد أضافه لله تعالى: "فأراد ربك" في شأن اليتيمين، والسر في ذلك والله أعلم هو أنه أضاف خرق السفينة وقتل الغلام إلى نفسه لأنهما لفظ عيب، فتأدب بأن لم يسند الإرادة فيها إلا إلى نفسه، أما بناء السور فكان عملاً إيجابياً فيه خير فأضافه إلى الله.
وهذا ما ينبغي على المسلم تجاه الله سبحانه أن ينتبه لكل لقط يخرج من فمه واصفاً به الله سبحانه لأن هذا من مظاهر حسن الأدب معه جل وعلا، وهو كذلك دليل على صحة الإيمان وتمكنه من القلب وانتقاء لكمال الإيمان (1).
المطلب الثاني
توجيهات تربوية متعلقة بالقضايا الحياتية
__________
(1) يزن عبده: القواعد التربوية، ص39 - 40.
(1/33)
من الملاحظ أن قصص سورة الكهف تناولت الحياة الإنسانية من خلال التوجيهات التربوية المتضمنة فيها، وخصوصاً في علاقة المؤمن بالدنيا وما فيها من زينة ومتع، وكذلك ما يتعرض له من تكريم وإهانة.
وسوف نتناول ذلك من خلال الفرعين التاليين:
الفرع الأول
موقف المؤمن من متاع الدنيا
حكمة المتاع تشمل كل ما ينتفع به ويرغب في امتلاكه من طعام وأثات وسلع وأدوات وأموال، وهذه المتع منها ما هو حرام.
والإسلام لا يحرم الاستمتاع بالمتع المتناولة بين أيدي الناس: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ} (الأعراف/32)، ومن السنة قول النبي: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده" (1).
وبناءً على هذا نجد أن الله سبحانه من خلال آيات سورة كالقصص يوجه المسلم إلى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا} (القصص/77).
وفي سورة الكهف يقول تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} (الكهف/46).
إن من أعظم متع الدنيا المال والبنون, بهما وعن طريقهما تأتي بقية المتع الأخرى من جاه وسلطان وقوة, إلا أن الله يبين أن المتعة الحقيقية هي ما أدخره الله لك في الآخرة, والسبب أن متع الدنيا زائلة أما متع الآخرة فدائمة باقية.
ونحن نعلم أن قصة أصحاب الكهف هي نموذج للعازفين عن الدنيا طلاب الآخرة وأن هؤلاء الفتية تركوا كل ما في الدنيا من زينة وزخارف ومتع وشهوات لأنها تعارضت مع ما يؤمنون به، فلم يكن لها تأثير على عقولهم أو قلوبهم.
__________
(1) أخرجه الترمذي: ح (2973)، ك الاستئذان والأدب، باب ما جاء في أن الله يجب أن يرى أثر نعمته على عبده، 4/ 206.
(1/34)
لهذا توجّهنا الآيات إلى أن نصحح من سلوكنا إن كان غير منسجم مع هذه القواعد الإيمانية، وإلا نكون من الخاسرين الذين يجرون وراء شيء زائل لا طائل منه.
كذلك في قصة صاحب الجنتين من خلال موقف الرجل المؤمن الذي لم تؤثر فيه زخارف الدنيا، وبين أن ما عند الله خير وأبقى من أعراض الدنيا الزائلة وأن الدنيا بكل ما فيها حقيرة أمام فضل الله.
الفرع الثاني
حقيقة التكريم والإهانة
يظن كثير من الناس أن مكانة الإنسان تعتمد على كثرة ما يمتلك، فالإنسان الغني الثري مكرم صاحب مكانة عظيمة، وأن الفقر سبب مهانة وتحقير لصاحبه، لهذا نجد الغنى يلقى الاحترام والتقدير، والفقير حقير محروم إلا أن الحقيقة غير هذا، ولهذا جاء الإسلام ليغير من هذه المفاهيم غير الصحيحة ويصحح الموازين.
وهذا ما تناولته آيات سورة الكهف: إن آيات قصة صاحب الجنتين تكشف لنا عن هذه الحقيقة، معالجة تلك النظرة الخطأ التي انتشرت بين كثير من الناس فهي تبين لنا أن المتاع الدنيوي زائل ليس مظهراً للتكريم الرباني والحرمان من هذا المتاع ليس مظهراً للهوان على الله (1).
لهذا ورد قوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً} (الكهف/44).
وقوله تعالى: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً} (الكهف/36)، فهي دليل واضح على حقيقة التكريم الرباني وأن الله وما عنده خير من هذه الدنيا وما فيها.
__________
(1) صلاح الخالدي: مع قصص السابقين في القرآن، دار القلم، دمشق، الأولى، 1989م، ص133.
(1/35)
وفي الآية الثانية غرور الكافر المتكبر الظان أنه كما في الدنيا مكرم سيكون في الآخرة مكرم عزيز، إلا أنه ظهرت أمامه الحقيقة الدامغة {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً} (الكهف/42)، إلا أن هذا لم ينفعه.
ومن الآيات الدالة على إهانة المشركين يوم القيامة, وبيان عجزهم وضعفهم قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِي الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً, وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً} (الكهف/52 - 53).
ومنها قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} (الكهف/65) ,
هذا تكريم لهذا العبد الصالح على لسان الله تعالى.
ومن الآيات قوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} (الكهف/82).
ومنها قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} (الكهف/83 - 84).
ومنها قوله تعالى: {قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} (الكهف/95).
(1/36)
ومنها قوله تعالى: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَاءِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً} (الكهف/102 - 106).
المبحث الثالث
أهم الأساليب التربوية في قصص سورة الكهف
مما تميز به القصة في القرآن الكريم أن أساليبها التربوية متعدد، وهذا له من الفوائد الشيء الكثير، فالأسلوب الذي لا ينفع مع شخص، قد ينفع مع شخص آخر، وهكذا، وقصص سورة الكهف تعددت فيها الأساليب، أسلوب التوجيه بالقدرة وأسلوب التوجيه بالموعظة، وأسلوب التوجيه بالترغيب أو الترهيب، وأسلوب التوجيه بالإقناع، وبالحوار وغيرها من الأساليب.
في هذا المبحث سأتناول بالدراسة بعض هذه الأساليب المتعددة مبين مدى أهميتها والقدرة على توظيفها، والاستفادة منها، وسيكون ذلك من عدة مطالب كما يلي:
المطلب الأول: أسلوب التوجيه التربوي بالقدوة.
المطلب الثاني: أسلوب التوجيه التربوي بالموعظة.
المطلب الثالث: أسلوب التوجيه التربوي بالحوار.
المطلب الأول
أسلوب التوجيه التربوي بالقدرة الحسنة
الناس في أمس الحاجة للقدرة على مستوى كل الاتجاهات والمجالات، لهذا يركز عليها الإسلام كثيراً, وذكرها القرآن مراراً لأهميتها، وعاشها النبي عملياً أمام الناس, وبيّن أنها في كثير من الأحيان تكون مؤثرة أكثر من الكلام, وسأتناولها من عدة جوانب من خلال الفروع الآتية:
الفرع الأول
حقيقة القدوة وأهميتها
أولاً: القدوة لغةً:
(1/37)
القُدوة والقِدوة بالضم والكسر تعني من يقتدي به الإنسان ويستن بسنته فيقال: فلان قدوة يقتدى به، والقدوة: المثال الذي يتشبه به غيره، ويعمل مثل ما يعمل، ويحذو حذوه في كل صغير وكبير.
والاقتداء يعني إتباع الأثر والأخذ بالهدي يُقال: فلان يقدو فلان إذا نحا نحوه وسار على دربه، واتبع أثره (1).
ثانياً: القدوة اصطلاحاً:
عرّفها الإمام الشوكاني بأنها: طلب موافقة الغير في فعله (2).
وعرّفها القرطبي: هو ما يتأسى به أي يعتزي به فيقتدي به في جميع أحواله (3).
مما سبق من التعريفات اللغوية والاصطلاحية يتضح أن الصفات التي يتخلق بها الإنسان القدوة هي أصيلة لا مصطنعة، فطرية مترسخة, وكلما كانت الشخصية القدوة صادقة وحقيقية كلما كان اندماج الناس معها وتأثيرها فيهم أعظم.
ثالثاً: أهمية القدوة:
تتمثل أهمية القدوة فيما يأتي:
- أنها تثير في نفوس الآخرين المحبة والإعجاب فيتولد عندهم حافز التمثل به.
- أنها تعطي قناعة للآخرين بالقدرة على الوصول إلى المستوى الرفيع والعالي.
- القدوة يسهل إيصال المعاني والقيم الأخلاقية وبالتالي يتم التغيير والاصطلاح.
- غياب القدوة من أسباب انتشار المنكرات والجهل والانحراف.
- يلعب دوراً كبيراً في الرقي والتقدم والإصلاح على شتى المستويات والمجالات.
الفرع الثاني
القدوة كما وردت في قصص سورة الكهف
تناولت قصص سورة الكهف موضوع القدوة من خلال الآيات التالية:
__________
(1) أنظر؛ ابن منظور: لسان العرب، 6/ 64، والجواهري: الصحاح، دار العلم للملايين , بيروت , الثانية , 1979، 6/ 245.
(2) الشوكاني: فتح القدير، دار الفكر، بيروت، الأولى، 2/ 137.
(3) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الثقافة، بيروت، الأولى، 8/ 237.
(1/38)
قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} (الكهف/28).
تجلّت القدوة هنا في الأمر بالتواضع وعدم الاستطالة على الناس وقد جبلت النفوس على كراهية الكبر والتكبر والمتكبرين لهذا نجد الآيات تخاطب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن خلاله تخاطب الأمة بالصبر والتواضع، والميل إلى جانب المتواضعين والضعفاء.
يقول صالح بن حميد: إن المتواضع هو الرجل الذي يرجى لنفع الأمة ويستطيع الخوض في كل ميدان ويعيش في كل مجتمع، يعيش وهو ضافي الكرامة أنيس الملتقى شديد الثقة بنفسه مبسوط المحيّا لجليسه (1).
ومن آيات القدوة في سورة الكهف، قصة ذي القرنين: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباُ} (الكهف/84)، فقد كان قدوة حسنة حية للقائد الصالح المصلح، وبالتالي كان ملاذ الضعفاء لينقذهم من الظلم والمفسدين.
يقول الأستاذ عبد العزيز الرويلي: فلو لم يكن ذو القرنين قدوة حسنة للناس باشتهاره في فعل الخيرات لما طلبوا منه أن يقيهم من الفساد، وهكذا اقترن في مكان واحد القدوة الحسنة والحماية من الفساد أي أن القدوة الحسنة والإصلاح أمران متلازمان فالقوم بمجرد رؤيتهم ذا القرنين الذي هو نموذج القدوة الحسنة التي رفعته لعلو الهمة وطلب الكمال, طلبوا منه إصلاح أمرهم بمنعه يأجوج ومأجوج من الإفساد في الأرض (2).
__________
(1) صالح بن حميد: القدوة مبادئ ونماذج، مقال على الانترنت ص15.
(2) عبد العزيز الرويلي: القدوة الحسنة في القرآن الكريم، مقال على شبكة الإنترنت بتاريخ 11/ 1/2012م.
(1/39)
ومن شدة إيمان وتواضع ذو القرنين بيّن أن: {قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} (الكهف/95)، ومما روي في السيرة النبوية، أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: من أنت، قال: أنا محمد بن عبد الله، قال الأعرابي: أأنت الذي يقال عنك إنك كذاب، فقال: أنا الذي يزعموني كذلك، فقال الأعرابي: ليس هذا الوجه وجه كذّاب، ما الذي تدعو إليه؟، فذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدعو إليه من أمور الإسلام فقال له الأعرابي: آمنت بك، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. (1)
من خلال كل ما سبق نجد أن القدوة الحسنة من أعظم الأساليب في مجال التربية العملية، لأنها تقدم نموذجاً حياً يسمعه ويشاهده ويلتقي به الناس ويحتكون به، بهذا كان النبي أعظم قدوة أثر في الناس دون أن يحدثهم أو أن يأمرهم، ولهذا ركّزت سورة الكهف على أمر القدوة لما فيه من تأثير ناجح.
المطلب الثاني
أسلوب التوجيه التربوي بالموعظة
يركز القرآن على الموعظة وذلك من خلال القصص والإرشاد، لما لهذه الموعظة من تأثير على السلوك والفكر والعقيدة، والإنسان بحاجة دائمة للموعظة حتى يستمر في حالة التنبه واليقظة.
وحديثي سيكون عن الموعظة من خلال الفرعين التاليين:
الفرع الأول
حقيقة الموعظة وأهميتها
أولاً: الموعظة لغةً:
الموعظة من المصدر وعظ، أخاف، وتأتي بمعنى النصح، التذكير بالعواقب والإنذار، وتأتي بمعنى التذكير في الخير بما يرقق القلب (2).
ثانياً: الموعظة اصطلاحاً:
تعددت تعريفات العلماء للموعظة كما يلي:
__________
(1) لم أجده , نقلاً عن القدوة مباديء ونماذج – صالح بن عبد الله بن حميد – ص6.
(2) أنظر؛ ابن منظور: لسان العرب، 7/ 466، وتاج العروس: 1/ 508.
(1/40)
عرّفها الطبري بقوله: الموعظة: العبر الجميلة التي جعلها الله حجة عليهم في كتابه وذكرهم بها في تنزيله (1).
وعرفها ابن القيّم بقوله: هي الأمر والنهي المقرون بالرغبة والرهبة (2).
وعرّفها الجرجاني بقوله: الموعظة هي التي تلين القلوب القاسية وتدمع العيون الجامدة، وتصلح الأعمال الفاسدة (3).
وعرّفها عبد الرحمن الميداني: وهي الترغيب بالعاقبة الحسنة والسعادة الخالدة لمن اتبع سبيل ربه، والترهيب من العاقبة السيئة الوخيمة والشقاوة والتعاسة لمن أبى أن يتبع سبيل ربه، بشرط عرضها بأسلوب حسن جميل مقبول لا تنفر منه الطباع السوية (4).
من هذا يتبين أن الموعظة تشمل الترغيب والترهيب.
ثالثاً: أهمية الموعظة: تنبع أهمية الموعظة من كونها:
1. أنها أمر الله سبحانه باستخدامها في الدعوة، ذلك في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (النحل/125).
2. كونها من الأساليب التي استخدمها الأنبياء في الدعوة.
3. أن فيها متابعة لعمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وعمل السلف الصالح.
4. أن النبي عليه السلام جعلها أصل الدين وأساسه حين قال: "الدين النصيحة" (5).
5. سهولة استخدامها في كل الأحوال.
6. أن فيها حاجة الناس جميعاً، كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم، عالمهم وعامة الناس فيهم.
الفرع الثاني
الموعظة من الأساليب التربوية
__________
(1) ابن جرير الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار المعارف، مصر، 7/ 663.
(2) ابن القيم الجوزية: مفتاح دار السعادة، دار الجيل، بيروت، 1994م، ص1/ 153.
(3) الجرجاني: التعريفات، شركة القدس، القاهرة، الأولى، 2007، ص374.
(4) عبد الرحمن الميداني: فقه الدعوة إلى الله , دار القلم , دمشق , الثانية , 2004 , 1/ 609.
(5) أخرجه مسلم في صحيحه: ح (55)، ك الإيمان 1/ 228.
(1/41)
نستطيع أن نجزم أن كل القصص الوارد في سورة الكهف تندرج تحت عنوان الموعظة، وهي في الأساس ما وردت إلا للعبرة والموعظة.
والمتتبع لآيات سورة الكهف، يلمس مدى اهتمامها في عرض هذا الأسلوب الذي يفتح الطريق إلى النفس مباشرة عن طريق الوجدان، فتهزه هزاً، وتثير كوامنه، كالسائل الذي تقلب رواسبه فتملأ كيانه، فالوعظ يستثير جميع مكنونات النفس البشرية المندفعة نحو إتباع الحق الذي فطر الله الناس عليه، ليوقفه عند نقطة لا يستطيع عندها طمس الحقيقة النابضة في نفسه، والتي قد غفل عنها بإتباع الشهوات فغدا وقد كفرها بعصيانه، فتأتي الموعظة في الوقت الصحيح والطريقة المناسبة كي تزيل ما علق على الفطرة من درن التكبر والفجور، ألم تلحظ كيف كان موقف صاحب الجنتين عندما طمس التكبر على قلبه وعطل فكره وعقله وخالف فطرته بكفره، فجاءه صاحبه المؤمن الذي وعظه مستثيراً ما في نفسه من إيمان (1).
قال تعالى: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} (الكهف/37).
وقال تعالى: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّه} (الكهف/39).
__________
(1) يزن عبده: القواعد التربوية، ص69.
(1/42)
وقال تعالى: {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنْ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً، أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً} (الكهف/40 - 41)، فهذه نماذج من أساليب الموعظة اعتمدتها آيات سورة الكهف والمشاهد فيها أنها لما تخلو من أسلوب منطقي يستثير الحقائق الفطرية معتمداً على الترغيب والترهيب، وذلك من خلال التخويف من عذاب الله الواقع بالكافر والظالم، وهذا ما انتهت إليه أحداث قصة صاحب الجنتين: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً} (الكهف/42 - 43).
ومن آيات الموعظة في السورة الكريمة قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} (الكهف/30 - 31).
إنها الموعظة بالترغيب وبيان خاتمة الإيمان والطاعة.
ومن آيات الموعظة في سورة الكهف قوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} (الكهف/46).
فلا يغتر إنسان بماله أو جاهه أو سلطانه أو قبيلته.
(1/43)
ومنها قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً} (الكهف/57).
لأن العقاب النازل بالعصاة والكافرين لأكبر واعظ لمن كان له قلب وعقل يعي ويفهم.
ومنها قوله تعالى: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً، وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً} (الكهف/87 - 88).
وفي هذا أبلغ ترغيب وأعظم ترهيب, فالكفر والمعصية سبب العذاب في الدنيا والآخرة, وفي الطرف الثاني الإيمان والعمل الصالح سبب السعادة في الدنيا والآخرة.
ثم نصل إلى نهاية المطاف مع قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً، أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَاءِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً، ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً} (الكهف/103 - 106).
لأن الكثير من الناس يعملون أعمالاً يظنون أنهم إنما يحسنون صنعاً؛ وهم في الحقيقة كمن يحرث في البحر لا قيمة لأعمالهم بل هي حسرات عليهم يوم القيامة.
وهكذا يتبين لنا مما سبق أن سورة الكهف اعتمدت على الموعظة كأسلوب من أساليب التربية، وقد أكثرت من استعماله حسب توزيع السورة للموضوعات.
المطلب الثالث
أسلوب التوجيه التربوي بالحوار
(1/44)
أكثرت سور القرآن من استعمال أسلوب الحوار لعرض مبادئ هذا الدين وعقيدته وقيمه وأخلاقه وتشريعاته، وسورة الكهف على الخصوص أكثرت من استعمال هذا الأسلوب.
في هذا المطلب سأتناول الحوار بالبحث من خلال الفرعين التاليين:
الفرع الأول
حقيقة الحوار وأهميته
أولاً: الحوار لغةً:
هو مصدر من الفعل حاور، وحاور الرجل صاحبه، إذا جاوبه وراجعه في الكلام، أي رد أحدهما على الآخر وتراجعا في الكلام، واستحار الرجل غلامه أي استنطقه، بمعنى استجوبه.
وتأتي بمعنى تبادل الحديث والمفاوضة في أمر معيّن (1)، وجاء في المعجم الوسيط أن كلمة الحوار في اللغة مشتقة من تحاور وتحاوروا، أي تراجعوا الكلام بينهم، والحوار حديث يجري بين شخصين أو أكثر في العمل القصصي، أو بين ممثلين أو أكثر على المسرح (2)، ومنه قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} (المجادلة/1).
ثانياً: الحوار اصطلاحاً:
أورد العلماء تعريفات عدة للحوار، ومن أهمها ما يلي:
1. عرّف عبد الحميد الهاشمي الحوار بأنه: وسيلة تستخدم الإقناع لتمحيص الأفكار والمعلومات السابقة، واختبارها بطريق غير مباشر للتأكد من صحتها أو خطئها، لذا فهي تعتمد على التلقين المجرّد القائم على الأمر والنهي، أو على مجرد الإلقاء والسماع المطلقين، فالحوار طريقة تقوم على المناقشة المتبادلة بين طرفين وتخللها أسئلة وإجاباتها. (3)
__________
(1) أنظر؛ ابن منظور: لسان العرب، 1/ 750، وحسن الكرمي: الهادي إلى لغة العرب، دار لبنان , بيروت, الأولى, 1991 1/ 205.
(2) مصطفى إبراهيم: المعجم الوسيط،: المكتبة الإسلامية – اسطنبول – تركيا 1/ 205.
(3) الهاشمي: الرسول العربي المربي، دار الثقافة للجميع، دمشق، الأولى، 1981، ص17.
(1/45)
2. وعرّفها عمر الشيباني: تلك الطريقة التي تقوم على أساس الحوار والنقاش بالأسئلة والأجوبة، للوصول إلى حقيقة من الحقائق لا تتحمل الشك ولا النقد ولا الجدل (1).
3. وعرّف خليل زيادة الحوار بأنه: في مجمله مجموعة من الأساليب التي توظف لنقل معلومة لا بطريق الخبر، وإنما من خلال السؤال والجواب، أو رأيين يلتقيان أو يفترقان من حول الشيء ونقيضه، ما يعطي الإطار الذي تنتقل به المعلومة حيوية تفضل السرد الذي قد يشعر بالسأم والملل (2).
4. وعرّفه صالح بن حميد بأنه: مناقشة بين طرفين أو أطراف بقصد تصحيح الكلام وإظهار الحجة وإثبات الحق، ودفع الشبهة، ورد الفاسد من القول والرأي (3).
التعريف المختار:
من خلال تفحص التعاريف السابقة نجد أن التعريف المختار هو تعريف الأستاذ صالح بن حميد وهو: مناقشة بين طرفين أو أطراف بقصد تصحيح الكلام وإظهار الحجة وإثبات الحق ودفع الشبهة ورد الفاسد من القول والرأي، وذلك لما يلي:
- ذكره لأركان المحاورة وهما الطرفان المتحاوران والكلام والقصد.
- بيانه لأسلوب الحوار وطريقته.
- ذكره للهدف من الحوار وهو إثبات شيء أو رد آخر.
- بين وسيلة الحوار وهي الكلام.
- التركيز على الفكرة بعيداً عن الذات (4).
ثالثاً: أهمية الحوار من خلال:
- كونه أسلوباً من أساليب الدعوة إلى الله، استعمله القرآن الكريم واستعمله الرسل والأنبياء مع أقوامهم والسلف الصالح.
- أنه نوع من الجهاد في سبيل الله، ولكن مجاله وأداته اللسان والكلام.
__________
(1) عمر الشيباني: فلسفة التربية الإسلامية، المنشأة العامة للنشر والتوزيع، طرابلس، الخامسة، 1985م، ص17.
(2) خليل زيادة: الحوار والمناظرة في القرآن الكريم، دار المنار، القاهرة، الأولى، 1986م، ص28.
(3) صالح بن حميد: معالم في منهج الدعوة، دار الأندلس، جدة، الأولى، 1999، ص212.
(4) حسني محمد العطار: الحوار في القرآن الكريم، بحث مقدم لكلية أصول الدين، الجامعة الإسلامية، 2011، ص10.
(1/46)
- هو لغة التفاهم بين الناس كأفراد، وبينهم كجماعات ودول، ولا غنى عنه بأي حال من الأحوال، والعلماء المسلمون يهتمون به كثيراً.
- ضرورة تعلم مناهجه وآدابه وضوابطه حتى نسلم من الحوار المذموم.
الفرع الثاني
الحوار كأسلوب من أساليب التربية
امتاز الحوار الوارد في القرآن الكريم بميزات غاية في الأهمية، اختلف من خلالها عن أساليب الحوار البشرية، وعلى رأس هذه الميزات:
1. أنه حوار خالٍ من العبثية.
فهو حوار ذو أهداف سامية، يعمل على إحقاق الحق، وإبطال الباطل، ويعمق الإيمان في النفوس، ليس له علاقة بالتنظير الجدلي.
2. أنه ذات مغزى ويبعث على الحياة والحركة، يؤدي إلى إظهار الغاية ويفرق بين المواقف، ويظهر انفعالات الذات.
والحوار في سورة الكهف إنما جاء متناسقاً مع الطبائع البشرية مؤثراً في سلوكها وعقلها ونفسها، ومن نماذج الحوار الوارد في سورة الكهف ما يلي:
- حديث الفتية: {هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} (الكهف/15)، يقول صاحب تفسير أنوار التنزيل: هذا حوار قام على أساس العقل في إثبات العبودية لله وحده وانتفاء الشرك عنه عقلاً، فعبارة (بسلطانٍ بيّن)، تعني برهان ظاهر، فإن الدين لا يؤخذ إلا به، وفيه دليل على أن ما لا دليل عليه من الديانات مردود، وأن التقليد فيه غير جائز (1).
__________
(1) عبد الله البيضاوي: أنوار التنزيل، وأسرار التأويل، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الثانية، 1955م، ص2/ 3.
(1/47)
- ومن أمثلته قول العبد المؤمن: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} (الكهف/37)، فهذا حوار عقلي قائم على دعائم المنطق السليم رد فيه العبد المؤمن على صاحبه الغني الكافر بنعمة الله عليه، طالباً منه الرجوع وإتباع الحق الذي يجليه النظر والتأمل في خلق الإنسان من تراب ثم من نطفة ثم يسوي الخلق ذكراناً وإناثاً، ومن خلال هذا البيان يعلن براءته من الإشراك بالله سبحانه وتعالى، هذا الحوار القائم على أسس القناعة الفعلية، المدعوم بالمشاهدات الحسية والمعتمد على التأمل والتدبر في هذه الحياة وما فيها، وعلى رأسها الإنسان، كل ذلك داعٍ إلى الإيمان بالله واليوم الآخر.
لهذا نجد أن هذا النوع من الحوار يظهر الحقيقة ناصعة بعيداً عن أي مجال من مجالات الشك لتكون أدعى للإتباع للحق المطلق، وضبط السلوك حسب موازينه.
ثم هو يعمل على الاستمرارية على الحق والثبات عليه من خلال الحجة والبرهان.
- ثم نجد نوعاً آخراً من الحوار يعتمد على الموعظة المعتمدة على الترغيب والترهيب، ونحن نعلم كم يلعب هذا الأسلوب من أدوار مؤثرة على النفس والروح، لتفتح الطريق مباشرة على الإيمان والالتزام، فالوعظ يستثير مكنونات النفس البشرية المندفعة نحو اتباع الحق الذي فطر الله الناس عليه.
ومن أمثلة هذا الحوار قوله تعالى على لسان الرجل المؤمن: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّه} (الكهف/39)، ثم تذكيره بما عند الله تعالى: {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنْ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً، أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً} (الكهف/40 - 41)
(1/48)
هذه النماذج من حوارات سورة الكهف وقد مر بعضها معنا سابقاً والتي تعتمد على الموعظة تأتي لتزيل ما علق على الفطرة من التكبر والفجور والذي نلحظه في الغني المتكبر، والموعظة هنا كما تعتمد على العاطفة وتستثيرها، تعتمد على العقل والنظر والمنطق.
يقول الأستاذ يزن عبده: وللموعظة تأثير كبير في تعديل السلوك ذلك أنها تلم بمكونات العقل والفطرة والعاطفة المنضبطة، لتجمع معاً في هيكل الحقيقة المطلقة وتشكل فيما بعد ذلك البعد السلوكي الممتد إلى أعماق الرضا والطمأنينة الدافعين إلى الطريق السليم والاستمرار عليه.
كذلك تفيض على النفس المؤمنة تلك الشفافية التي تجعل من قلب المسلم حصناً منيعاً أمام المعاصي والمنكرات والمسلكيات الخطأ، ذلك أن الترهيب الذي يصحب الموعظة يعمل على تعليق القلب بالله طالباً رحمته وخائفاً من عذابه (1).
الفرع الثالث
خصائص الحوار في سورة الكهف
امتاز أسلوب الحوار في سورة الكهف بخصائص من أهمها، ما يلي:
1. التلطّف: وهي خاصية تعمل على جذب الآخرين، لهذا لا غرابة حينما نسمع النبي يقول: "إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وألطفهم بأهله" (2).
ومن أمثلتها قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً} (الكهف/19).
ومن أمثلته قوله تعالى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} (الكهف/66).
__________
(1) بزن عبده: القواعد التربوية، ص70.
(2) أخرجه الترمذي في سننه: ح (2743)، ك الإيمان، باب في استكمال الإيمان، 4/ 122.
(1/49)
2. العناية في انتقاء الألفاظ: وفي هذا زيادة الفاعلية والتأثير والاقناع على الطرف الآخر، وبما ينتج عنه من ثقة بالنفس والثبات ووضوح الفكرة، ومن أمثلته آيات قصة صاحب الجنتين من بدايتها حتى نهايتها، وكذلك الألفاظ المستعملة في حوار موسى مع الرجل الصالح من خلال الكلمات: (إمرا، نكراً، تسطع، تستطيع)، ومدى تأثيرها النفسي والعقلي.
3. واقعية هذا الحوار وبعده عن الجدل: وذلك بالتركيز على جوانب العمل النافع والبعد عن المراء.
ومن أمثلته قوله تعالى: {فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً} (الكهف/22).
4. الدفاع عن الحق: فالهدف والغاية من سرد الحوار هي الدفاع عن الحق وإظهاره وهذا مسلك تربوي أصيل، ومن أمثلته قوله تعالى: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً، لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً، وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ} (الكهف/37 - 39)
5. الثقة بالنفس: وهي ميزة يتصف بها أهل الحق، فلا يعرفون للخوف طريقاً إلى قلوبهم، وذلك لاعتمادهم على الحق المطلق، والهدف السامي.
6. تعدد الأساليب: وهذا ما يظهر قدرة وتمكن المحاور وطريق سريع للنجاح، وقد تعددت أساليب الحوار في سورة الكهف، فمنها:
- الأسلوب العقلي.
- الأسلوب المعتمد على الموعظة والتذكير.
- الأسلوب المعتمد على الترهيب من خلال الاستفهام الاستنكاري.
7. الاستماع: وهذا ما لاحظناه في حوار موسى والرجل الصالح، وقصة صاحب الجنتين وكذلك حوار ذو القرنين، وفن الاستماع مهم جداً للمحاور من خلاله يرتب أفكاره ويصنفها، كي يكون رده أكثر تأثيراً.
(1/50)
هناك غير هذه الأساليب التربوية التي اعتمدتها القصة في سورة الكهف، هناك أساليب أخرى، منها: أسلوب الترغيب، وأسلوب الإقناع، وأسلوب الاستكشاف، وغيرها، إلا أننا استكفينا بالحديث عن ثلاثة أساليب منها اختصاراً ومثالاً.
المبحث الرابع
استفادة الشباب من القيم التربوية الواردة في قصص سورة الكهف
الدين الإسلامي دين عالمي، للعالمين، وبالتالي فإن منهجه وقيمه وتشريعاته، وهديه، هي عامة للناس جميعاً، على الجميع أن يوظفها التوظيف اللائق بها، وأن نستفيد منها قدر الإمكان.
ولا تستطيع فئة من الناس أو جنس من الأجناس أن يحتكر الاستفادة من القرآن وقيمه التربوية دون غيره من الشعوب.
أما بخصوص استفادة الشباب على عمومهم والشباب الفلسطيني على الخصوص وذلك لكون هذا الشعب يمر بظروف خاصة وحياة استثنائية، قلنا أن نخصه بما يتلاءم مع ظروفه الخاصة، أن نخصه ببعض ما يمكن أن يستفيده من قيم سلوكية وتربوية من سورة الكهف، فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بالقدوة:
1. على الشباب الفلسطيني أن لا يعيش منشغلاً بذاته وبقضيته فقط، بل عليه مد يد الخير والمعونة فيما يقدر عليه لغيره من إخوانه المسلمين وغيرهم.
2. أن يعمل على توحيد صفه، وقدراته، بحيث يكون بوتقة واحدة في وجه العدو, وفي وجه الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
3. أن يعمل على ترسيخ قيم الجماعية، فالجماعة تتمثل في الفرد, والفرد يظهر من خلال الجماعة، وبالتالي تظهر روح البذل والعطاء والتضحية.
4. تعمل القيم التربوية على ربط الناس بالخالق رب العالمين، ربطاً خلقياً وروحياً، مما ينتج عنه إيمان قوي وإرادة صلبة.
(1/51)
حينما اطلعنا على دراسة الأستاذ محمود حمودة المقدمة لكلية التربية، وجدناه قد صنف القيم التربوية تصنيفاً غاية في الجمال، وهو ما تحدثنا عنه في المبحث الثاني من دراستنا، ثم وجدناه قد انتهى إلى آلية الاستفادة من هذه القيم التربوية في الفصل الرابع والأخير من دراسته، وهذا ملخص ما تحدث عنه الباحث (1):
أولاً: غرس العقيدة الإسلامية في نفوس الأجيال المسلمة:
فالعقيدة الإسلامية قوة فكرية تدفع المؤمنين بها إلى العمل الدؤوب وبذل الجهد المتواصل لتحقيق العقيدة كواقع عملي في سلوك الأفراد.
ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "قل آمنت بالله ثم استقم" (2).
ثانياً: جعل العلم والعمل والجهاد من باب التعبد لله:
فأي عمل كان فيه حظ لله، ينجح هذا العمل، إن علماً أو تجارة، أو عملاً أو جهاداً، حتى العلاقات الاجتماعية والأسرية، ما كان فيه نصيب لله دام واتصل، وجعل علاقات الشباب فيما بينهم من باب الأخوة في الله.
ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: "يا معاذ إني لأحبك، فقال معاذ بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا أحبك، قال: أوصيك يا معاذ لا تدع في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" (3).
ثالثاً: ترسيخ مبادئ الاقتصاد لدى الشباب، ومنها:
- الاقتصاد في النفقات.
- المحافظة على المال العام.
- عدم التبذير في النفقات على المأكل والمشرب والملبس.
- عدم أكل أموال الناس بالباطل وخصوصاً أقرانهم من الشباب.
رابعاً: تفعيل العمل الجماعي في نفوسهم من خلال الأنشطة المتعددة، ويكون ذلك داخل المدارس والمعاهد والجامعات، وعلى مستوى الأحياء والحارات والقرى، ومن خلال العمل التطوعي.
__________
(1) أنظر؛ محمود حمودة: القيم التربوية في القصص القرآني، ص92 , بتصرف.
(2) أخرجه مسلم في صحيحه: ح (38)، ك الإيمان، 1/ 206.
(3) أخرجه أحمد في مسنده: 5/ 245، ح (22018/ 16/204).
(1/52)
خامساً: تفعيل دور الشباب من خلال المؤسسات الاجتماعية والثقافية والتربوية.
سادساً: استخدام الأساليب المتنوعة والمناسبة لمرحلة الشباب، ويكون ذلك من خلال:
- حثهم على الالتزام بالعبادات لما فيها من تهذيب للنفس والسلوك.
- حثهم على الابتكار وعدم التقليد الأعمى.
- الاعتدال في استخدام العقاب.
- تصحيح السلوك السلبي وتعزيز السلوك الإيجابي.
- استخدام أسلوب الحوار المقنع.
- استخدام أسلوب القصص.
- قراءة القصص قراءة فردية وجماعية.
- مشاهدة بعض القصص المفيد مشاهدة جماعية.
- التركيز على قصص الصحابة والمجاهدين والبارزين من العلماء.
- عمل مسابقات وتقديم جوائز ذات قيمة.
- إثراء المناهج بالقصص المفيد لما يحويه من قيم تربوية.
سابعاً: استخدام الوسائل التربوية، ومنها:
- إتاحة الفرصة أمام الجميع لممارسة الأنشطة المتنوعة.
- تكليف الطلاب بكتابة التقارير والمقالات حول بعض القيم التربوية والفضائل الأخلاقية.
- استثمار الإذاعة بما يعود على الشباب والمدرسة بالنفع والتغيير.
- تشجيع المواهب وتنميتها، كالشعر والمسرح والنشيد والإلقاء والرسم والرياضات المتنوعة، وغيرها.
- إحياء المناسبات المتنوعة دينية ووطنية وتاريخية، والاهتمام بما له علاقة برموز الأمة.
- التعاون مع شخصيات من خارج المحيط البيئي، كالشخصيات الأكاديمية والمشاهير من جميع الأطياف.
بهذا نكون قد استفدنا من هذه القيم التربوية وجعلناها نماذج حية في حياة الناس، وبالتالي ربطنا بين ما هو فكر وبين ما هو سلوك حياتي.
نتائج الدراسة:
- القيم التربوية بأساليبها المتعددة، اهتم بها القرآن اهتماماً كبيراً.
- عدم فصل الدين بين القيم كفكر وثقافة وبينها كسلوك حياتي مجتمعي.
- استعمل القرآن القصة بكل أنواعها كأسلوب من أساليب الدعوة.
- تميزت القصة القرآنية عن غيرها من القصص الإنساني.
(1/53)
- اشتملت سورة الكهف على عدة قصص مختلفة الاتجاه إلا أنه يربط بينها وحدة الهدف والدرس والعبرة.
- لا يغفل الإسلام قيمة المناهج التربوية ومدى تأثيرها.
- يعمل الإسلام على غرس هذه القيم في نفوس الناشئة والشباب لما لها من تأثير كبير على سلوكهم.
- يحدد الإسلام المصادر المستنبطة منها هذه القيم.
- من واجب المسلم أن يضبط نظرته إلى متاع الدنيا بنظرة عقائدية دينية.
- من واجب المسلم أن يلتزم بالآداب الإسلامية.
- ضرب القرآن النماذج الحية للقيم الحسنة كي يتخذها الناس قدوة.
- ركز الإسلام على المعلمين، بحيث يكونوا قدوة صالحة للشباب.
توصيات الدراسة:
- تعريف المسلمين بما تشتمل عليه القصص من الفوائد.
- إجراء دراسات تربوية على قصص من أجل استخراج تربية إسلامية متأخرة.
- توعية الشباب بما في القصص من قيم تربوية.
- العمل على غرس هذه القيم في نفوس وأرواح الشباب الفلسطيني.
- تصنيف هذه القيم وجعلها من ضمن المنهاج الفلسطيني.
- استغلال وتوظيف وسائل الإعلام قدر الإمكان لنشر وتوضيح هذه القيم.
الكشافات
أولاً: كشاف الآيات القرآنية.
ثانياً: كشاف الحديث الشريف.
ثالثاً: المصادر و المراجع.
رابعاً: الفهرس
أولاً. كشّاف الآيات القرآنية:
الرقم ... اسم السورة ... الآية الكريمة ... رقم الآية ... الصفحة
1. ... البقرة ... وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ ... 127 - 129 ... 15
2. ... آل عمران ... إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ ... 62 ... 10
3. ... الأعراف ... قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ ... 32 ... 39
4. ... هود ... تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا ... 49 ... 13
5. ... هود ... وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ... 120 ... 13
6. ... يوسف ... إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ ... 4 - 6 ... 15
7. ... يوسف ... لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ ... 111 ... 2+13
(1/54)
8. ... النحل ... ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ ... 125 ... 47
9. ... الإسراء ... إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ... 14 ... 18
10. ... الكهف ... إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً ... 7 ... 34
11. ... الكهف ... أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ... 9 - 12 ... 14+21
12. ... الكهف ... نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ... 13 ... 14
13. ... الكهف ... وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا ... 14 ... 21+22
14. ... الكهف ... هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ... 15 ... 52
15. ... الكهف ... وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ ... 16 ... 26
16. ... الكهف ... وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَتَزَاوَرُ ... 17 - 18 ... 33
17. ... الكهف ... فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ... 19 ... 54
18. ... الكهف ... فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِراً ... 22 ... 55
19. ... الكهف ... وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً ... 23 - 24 ... 26+37
20. ... الكهف ... وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ... 28 - 29 ... 24+44
21. ... الكهف ... إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا ... 30 ... 48
22. ... الكهف ... أولئك لهم جنات عدن تجري ... 31 ... 35
23. ... الكهف ... وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ ... 32 - 33 ... 34
24. ... الكهف ... وكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ ... 34 - 35 ... 25
25. ... الكهف ... وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنقَلَباً ... 36 ... 40
26. ... الكهف ... أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ... 37 ... 48+53+55
27. ... الكهف ... لكنا هو الله ربي ... 38 ... 55
28. ... الكهف ... وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ... 39 ... 48+55
29. ... الكهف ... فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ ... 40 - 41 ... 48+53
30. ... الكهف ... وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ... 42 ... 41+48
(1/55)
31. ... الكهف ... هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ... 44 ... 37+40
32. ... الكهف ... واضرب لهم مثل الحياة الدنيا ... 45 ... 35
33. ... الكهف ... الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ... 46 ... 39+48
34. ... الكهف ... ويوم نسير الجبال ... 47 ... 35
35. ... الكهف ... ويوم يقول نادوا شركائي الذين ... 52+53 ... 41
36. ... الكهف ... وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ... 57 ... 49
37. ... الكهف ... وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ ... 60 ... 27
38. ... الكهف ... قَالَ ذَلِكَ مَا كُنّا نَبْغِ فَارْتَدّا عَلَىَ آثَارِهِمَا قَصَصاً ... 64 ... 10
39. ... الكهف ... فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه ... 65 ... 41
40. ... الكهف ... قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي ... 66 - 70 ... 27+54
41. ... الكهف ... أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ ... 79 - 82 ... 38+41
42. ... الكهف ... ويسألونك عن ذي القرنين ... 83 ... 41
43. ... الكهف ... إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ ... 84 ... 41+45
44. ... الكهف ... حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ ... 86 ... 34
45. ... الكهف ... قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ... 87 - 88 ... 49
46. ... الكهف ... حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ... 90 ... 34
47. ... الكهف ... قَاْلُوْا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ... 94 - 95 ... 23+41+45
48. ... الكهف ... أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي ... 102 ... 41
49. ... الكهف ... قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ... 103 - 106 ... 41+49
50. ... الكهف ... فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ ... 110 ... 26
51. ... القصص ... وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ ... 11 ... 10
52. ... القصص ... وابتغ فيما آتاك الله ... 77 ... 39
53. ... المجادلة ... وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ... 1 ... 50
ثانياً. كشّاف الأحاديث:
الرقم ... طرف الحديث ... الصفحة
1 ... من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ... مسلم ... 15
2 ... من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة ... الدارمي ... 15
3 ... ما نقصت صدقة من مال ... مسلم ... 21
4 ... يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الدر ... أحمد ... 23
(1/56)
5 ... إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء ... مسلم ... 23
6 ... ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ... أحمد ... 24
7 ... بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل ... البخاري ... 24
8 ... ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له طريقاً إلى الجنة ... أحمد ... 28
9 ... من وقر عالماً فقد وقر ربه ... ابن عراق ... 28
10 ... إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ... الترمذي ... 35
11 ... الدين النصيحة ... مسلم ... 42
12 ... من أنت قال أنا محمد بن عبد الله ... ----- ... 45
13 ... إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وألطفهم بأهله" ... الترمذي ... 47
14 ... قل آمنت بالله ثم استقم ... مسلم ... 49
15 ... يا معاذ إني لأحبك ... أحمد ... 50
المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
1. إبراهيم: مصطفى , المعجم الوسيط،: المكتبة الإسلامية – اسطنبول – تركيا.
2. ابن الحجاج: مسلم، الصحيح , دار الخير، بيروت، الثالثة، 1996م.
3. ابن الحمود: علي , الإعجاز الجمالي في قصص القرآن الكريم، دراسة مقدمة لكلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض، 2012.
4. ابن حميد: صالح , القدوة مبادئ ونماذج، مقال على الانترنت.
5. بن حميد: صالح , معالم في منهج الدعوة، دار الأندلس، جدة، الأولى، 1999.
6. ابن حنبل: أحمد , المسند، دار الحديث , القاهرة , الأولى , 1995.
7. ابن عراق: علي بن الحسن الكناني , تنزيه الشريعة , دار الكتب العلمية , بيروت , الأولى , 1981.
8. ابن قيم الجوزية: محمد , مفتاح دار السعادة، دار الجيل، بيروت، 1994م.
9. ابن منظور: محمد بن جلال الدين , لسان العرب، دار المعارف , مصر.
10. أبو عزيز: سعد، قصص القرآن دروس وعبر، دار الفجر، القاهرة، الأولى، 1999م.
11. أبو العينين: علي خليل , القيم الإسلامية والتربوية، مكتبة إبراهيم الحلبي، مكة المكرمة، 1988م.
12. أحمد: إسماعيل حسنين , غرس القيم الإسلامية في نفوس الناشئة، الدراسات الإسلامية، عدد72، سنة 2002م.
13. الأصبهاني: الراغب: مفردات ألفاظ القرآن، مصطفى البابي الحلبي , القاهرة.
(1/57)
14. أيوب: حسن , السلوك الاجتماعي في الإسلام، دار البحوث العلمية، الكويت، الثانية، 1979
15. البيضاوي: عبد الله , أنوار التنزيل، وأسرار التأويل، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الثانية، 1955م.
16. الجرجاني: علي بن محمد , التعريفات، شركة القدس، القاهرة، الأولى، 2007.
17. الجزائري: أبو بكر , أيسر التفاسير، مكتبة السنة، دمنهور، الأولى، 2002.
18. الجواهري: إسماعيل بن حماد , الصحاح، دار العلم للملايين , بيروت , الثانية , 1979.
19. الحلو: منار , آداب التعامل في ضوء القصص القرآني، رسالة ماجستير، مقدمة لكلية أصول
20. الدين، قسم التفسير، الجامعة الإسلامية، غزة، 2011.
21. حمودة: محمود , القيم التربوية المتضمنة في قصص المنهاج الفلسطيني , رسالة ماجستير , كلية التربية , الجامعة الإسلامية , غزة , 2009.
22. الخالدي: صلاح , مع قصص السابقين في القرآن، دار القلم، دمشق، الأولى، 1989م.
23. الخطيب: عبد الكريم , القصص القرآني في منطوقه ومفهومه، دار المعرفة , بيروت , الثانية , 1975.
24. الدارمي: عبد الله بن بهرام الدارمي، السنن , دار الفكر، بيروت، 1994م.
25. الرازي: مفاتيح الغيب، دار الكتب العلمية , بيروت , الأولى , 2000.
26. الرويلي: عبد العزيز , القدوة الحسنة في القرآن الكريم، مقال على شبكة الإنترنت بتاريخ11/ 1/2012م.
27. زاهر: ضياء , القيم في العملية التربوية، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، 1986م.
28. الزبيدي: محمد مرتضى , تاج العروس , مكتبة الحياة , بيروت.
29. زيادة: خليل , الحوار والمناظرة في القرآن الكريم، دار المنار، القاهرة، الأولى، 1986م.
30. السباعي: مريم , القصة في القرآن الكريم، دار نهضة مصر , القاهرة , 1987.
31. السعدي: عبد الرحمن , تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان , دار ابن القيم , القاهرة , الأولى , 2000
32. سند: غسان منير , القيم والمجتمع، دار صادر، بيروت، 1997م.
(1/58)
33. الشوكاني: فتح القدير، دار الفكر، بيروت، الأولى.
34. الشيباني: عمر, فلسفة التربية الإسلامية، المنشأة العامة للنشر والتوزيع، طرابلس، الخامسة، 1985م.
35. الطبري: محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار المعارف، مصر.
36. طنطاوي: محمد سيد , التفسير الوسيط للقرآن الكريم، نهضة مصر، القاهرة، الأولى، 1998م.
37. طنطاوي: محمد سيد , القيم التربوية في القصص القرآني، دار الفكر العربي، القاهرة، 1996م.
38. العاجز: فؤاد , القيم وطرق تعلمها، دراسة مقدمة إلى مؤتمر كلية التربية , جامعة اليرموك , الأردن, 1999م.
39. العطار: حسني محمد , الحوار في القرآن الكريم، بحث مقدم لكلية أصول الدين، الجامعة الإسلامية، 2011.
40. القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الثقافة، بيروت، الأولى.
41. القطان: مناع , مباحث في علوم القرآن، مكتبة وهبة , القاهرة , السابعة.
42. قطب: سيد , التصوير الفني في القرآن، دار الشروق , القاهرة , السادسة عشرة , 2002.
43. قطب: سيد , في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، السابعة، 1978م.
44. قطب: محمد , القصة في القرآن، دار قباء , القاهرة , 2002.
45. الكرمي: حسن سعيد, الهادي إلى لغة العرب، دار لبنان , بيروت, الأولى, 1991
46. المدني: محمد , القصص الهادف كما نراه في سورة الكهف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1964م.
47. الميداني: عبد الرحمن , فقه الدعوة إلى الله , دار القلم , دمشق , الثانية , 2004.
48. نقرة: التهامي , سيكولوجية القصة في القرآن ـ الشركة التونسية للتوزيع ـ تونس - الثانية ـ 1987.
49. الهاشمي: عبد الحميد , الرسول العربي المربي، دار الثقافة للجميع، دمشق، الأولى، 1981.
50. الهندي: علي بن حسام الدين المتقي , كنز العمال , دار الكتب العلمية , بيروت , الأولى ,
قائمة المحتويات
الإهداء ... 3
المقدمة ... 4
التمهيد: القصة القرآنية ... 9
المطلب الأول: حقيقة القصة. ... 10
(1/59)
المطلب الثاني: أنواع القصة القرآنية. ... 12
المطلب الثالث: أهداف القصة القرآنية. ... 13
المطلب الرابع: خصائص القصة القرآنية. ... 14
المبحث الأول ... 16 ... القيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف
المطلب الأول: التعريف بسورة الكهف , وحقيقة القيم التربوية. ... 17
المطلب الثاني: القيم التربوية المستنبطة من قصص سورة الكهف. ... 21
الفرع الأول: القيم الإيمانية. ... 21
الفرع الثاني: قيم أخلاقية. ... 24
الفرع الثالث: قيم تعبدية. ... 26
الفرع الرابع: قيم تعليمية. ... 27
الفرع الخامس: قيم جمالية. ... 33
المبحث الثاني ... 36 ... المجالات التوجيهية التربوية من خلال قصص سورة الكهف
المطلب الأول: توجيهات تربوية متعلقة بالعقيدة الإلهية. ... 37
المطلب الثاني: توجيهات تربوية متعلقة بالقضايا الحياتية. ... 39
الفرع الأول: موقف المؤمن من متاع الدنيا. ... 39
الفرع الثاني: حقيقة التكريم والإهانة. ... 40
المبحث الثالث ... 42 ... أهم الأساليب التربوية في قصص سورة الكهف
المطلب الأول: أسلوب التوجيه التربوي بالقدرة. ... 43
الفرع الأول: حقيقة القدوة وأهميتها. ... 43
الفرع الثاني: القدوة كما وردت في قصص سورة الكهف. ... 44
المطلب الثاني: أسلوب التوجيه التربوي بالموعظة ... 46
الفرع الأول: حقيقة الموعظة وأهميتها ... 46
الفرع الثاني: الموعظة من الأساليب التربوية. ... 47
المطلب الثالث: أسلوب التوجيه التربوي بالحوار. ... 50
الفرع الأول: حقيقة الحوار وأهميته ... 50
الفرع الثاني: الحوار من الأساليب التربوية. ... 52
الفرع الثالث: خصائص الحوار في سورة الكهف. ... 54
المبحث الرابع ... 56 ... استفادة الشباب من القيم الواردة في قصص سورة الكهف
الخاتمة: ... 60
الكشافات: ... 61
أولاً: كشاف الآيات القرآنية. ... 62
ثانياً: كشاف الحديث الشريف. ... 65
ثالثاً: ثالثاً: المصادر والمراجع ... 66
رابعاً: قائمة المحتويات. ... 68
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق